الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع العراقي ليس بأسلامي وبشهادة الارقام

شمال علي

2004 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليسوا بقلة من يتهمونا وعلى الدوام بأننا وبدافع أيدولوجي نطلق الحكم المذكوراعلاه، و يعتبرون اصرارنا على أن المجتمع في العراق ليس اسلامياً، هو وليد تصوراتنا الفكرية و السياسية.
حين أعلنت الشيوعية العمالية وقبل سنوات، مخترقة المحرمات "التابوهات"، هذه الحقيقة كان المثقفون من غير الشيوعيين الذين ايدوا هذه الاطروحة يعدون على الاصابع. ليس فقط المرتزقون من تصوير المجتمع في العراق كمجتمع اسلامي، بل لا زال عدد كبير من الكتاب الجهلة يعتبرون تسمية المجتمع "باللااسلامي" استفزازاً لما يعتبرونه "الاحاسيس والعواطف الدينية للجماهير".

ولكن هذه المرة ليست الشيوعية العمالية ولا جريدة (الشيوعية العمالية) من اقترف جريمة "الكفر"، بل هو استطلاع مستقل للرأي من قبل مؤسسة الزغبي اجرتها لحساب مجلة (امريكان انتربرايس) يكشف النقاب عن هذه الحقيقة و يعلنها بلغة الارقام. تقول نتيجة الاستطلاع بأن 60.3% من العراقيين لا يرفضون حكومة دينية فحسب بل يطالبون بترك أمور الدين للأفراد. وهذه الدراسة التي اجريت على عينة عشوائية مؤلفة من 600 شخص لا تترك مجالاً للشك، حين تعلن بان 31% فقط من العراقيين يقيمون الصلاة. وجدير بالملاحظة بأن استطلاع الآراء جرى في مدن كركوك، الموصل، الرمادي والبصرة. المدن الثلاثة الاولى لم تتخلص بعد من آثار سياسة الأسلمة و تدليل الوهابيين المتبعة من قبل النظام البعثي، اما الرابعة فقد أصبحت و بفضل بركات "حرب التحرير" الامريكية مرتعاً لارهاب العصابات الاسلامية والمخابرات الايرانية. واخيراً فإن الدراسة تكشف عن أن العراقيين يفضلون نظاماً غربياً مثل أمريكا اكثر بعشرين مرة على نظام الجمهورية الاسلامية.

من الواضح إن هذا الاستطلاع لا يعكس الصورة الواضحة و حتى نصف الواضحة عن علمانية وحداثة المجتمع في العراق. هذه النسب تشكلت على الرغم من الحملة الايمانية للبعث و التي استمرت لسنين، و تأتي بعد 13 سنة من الحصار الاقتصادي وثلاثة حروب مدمرة و تداعياتها الرهيبة على ثقافة ومعنويات وأمال الجماهير بمستقبل أفضل. ولاتزال تلك الارقام اسيرة القوانين و القرارات السياسية و تهديد سياطها، و تقف وراءها المؤسسات الدينية المتشعبة والاخطبوطية بأموالها وإمكاناتها الهائلة، وتدين الى التهديدات المستمرة للأرهاب الاسلامي وتجار أفيون الدين وفتاويهم ومزج الاسلام بالتعليم ودروس الاطفال. فليفسحوا المجال ولو قليلاً وليخففوا من وطأة هذه الكوابيس عن كاهل الجماهير ليتكشف الوزن الحقيقي للعقائد الاسلامية.

و أخيراً يجب أن لا نتوهم بأن تلك الارقام تستطيع إسكات الاصوات التي تنكر لا أسلامية المجتمع في العراق. لأن صناعة الوهم تلك مربحة ومجزية لمن يقف في وجه الحركات اليسارية و التحررية، فهو سلاح زهيد التكاليف وعملي وسهل الاستخدام، وهي وسيلة فاعلة لأبقاء المجتمع متخلفاً ومكبلاً. فحين تفرض هذه الاكذوبة الفاضحة على الجماهير كمسلمة و حقيقة بديهية، تتراجع كل قيم الحداثة والاشتراكية والتقدم والحرية وسعي الانسان إلى التخلص من الفقر والجوع والمصائب "السماوية" الاخرى ويهنأ المستبدون والطبقات المالكة بنومهم. ولكن هاهي النسب والارقام تقض مضاجعهم، فليستعدوا لدفن عالمهم القديم. إن الارقام رغم محدوديتها تظهر جانباً من حقيقة هذا المجتمع، اليوم الذي تنكشف فيه كل الحقائق بفعل الإرادة الواعية للجماهير وفي طليعتهم الشيوعيون ليس ببعيد.

06-11-2003








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah