الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة 14 تموز المغدورة

رديف شاكر الداغستاني

2009 / 7 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كان نضال الشيوعيين وتضحياتهم هو العامل الأساس في نجاح ثورة 14 تموز 1958 , لكن السياسة اليمينية الذليلة (كتلة الأربعة ) فرطت بهذا الانجاز العظيم وقدمت الثورة هدية للبرجوازية ؟ وبذلك أعاقت حركة الجماهير الشعبية التي ناضلت وذاقت ويلات السجون والمعتقلات وتعرضت للتعذيب بل والإعدامات التي طالت قيادات حزبنا ومؤسسه الشهيد الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد).
لقد انتهزت قيادة الثورة الوطنية البرجوازية فرصتها التاريخية في هذا الموقف المهادن فقامت بتهميش دور الشيوعيين وإبعادهم عن المشاركة في السلطة واستعانت بأشخاص لم يكن لديهم تاريخ نضالي قدر ما كانوا أبواقا دعائية أو من رموز الصالونات السياسية .وكان الاعتقاد السائد لدى القيادة اليمينية أنذلك إن إسناد حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم تحت شعار صيانة الجمهورية ومكاسب الثورة رغم كون الحزب خارج السلطة سيدفع بالحكومة الوطنية وحكمائها البرجوازيين نحو التجدر وبالتالي إقرار الديمقراطية والحياة البرلمانية وإجراء الانتخابات . بينما اتخذت تلك الحكومة في أول منعطف سياسي يواجهها موقفا متذبذبا مفتقدا للحسم في الوقت المطلوب أمام الحركات الرجعية والقومية المدعومة من الخارج والمعادية لثورة تموز باسم الدين والقومية.
وبما ان الشيوعيين هم الذين دفعوا ثمن النضال الشاق والطويل لقيام هذه الثورة صار من البديهي ان يلتزموا الدفاع عنها وعن مكاسبها التي تحققت للفئات الكادحة . وكان الزعيم عبد الكريم قاسم لا يكترث لنصائح حزبنا وما يقدمه من معلومات عن وجود تآمر كبير على الثورة بنفس الوقت الذي لم تكن فيه القيادة اليمينية قد حسمت هي الأخرى أمرها في مثل هذا الموقف الخطير .
لقد عبرت الجماهير عن موقفها حينما خرجت مسيرة عمالية مليونية رافعة شعارها المطالب بوجوب إشراك حزبنا في السلطة .و استفز هذا الشعار الحكومة الوطنية البرجوازية رغم انه كان مطلبا لجماهير ثورة تموز والحريصين عليها وهكذا اخذ قاسم يناور ويلعب على تناقضات القوى السياسية وصراعاتها . وفي الوقت الذي لم تحسم قيادة الحزب مسالة الاستيلاء على السلطة بشكل كامل فاثمرت المخططات المعادية عن نجاح الثورة المضادة في 8 شباط الأسود وتحققت رغبة الدوائر الامبريالية في تصفية الشيوعيين وجماهيرهم اذ لم يكن البعث ومعه القوى القومية والرجعية سوى أدوات لتنفيذ إرادة الولايات المتحدة تحت شعار يا أعداء الشيوعية اتحدوا وحقيقة الأمر يا أعداء تموز اتحدوا .
لقد شجعت الولايات المتحدة وساندت احزابا في العالم العربي والإسلامي ترفع شعارات الدين والقومية والوحدة العربية وتحرير فلسطين . كان ذلك جزءا من لعبة صراع الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي . وحين استلم البعث والقوميون السلطة بالتعاقب لم يعملوا لتحقيق شعاراتهم تلك التي طالما لوحوا بها ضد الشيوعية اذ حاربوا الوحدة حفاظا على الكراسي وسفهوا الاشتراكية ولم يقدموا للقضية الفلسطينية سوى التآمر عليها وهو الأمر الذي دفع اعدادا من البعثيين والقوميين وعبر مراحل الى التساؤل عن علاقة المخططات الامبريالية والصهيونية بما تقوم به قياداتهم وكيف انهم انساقوا الى أعمال لا يؤمنون بها فتحول هؤلاء الى مرحلة نقدية ولكن لا تخلو من التبرير . والان بعد الاطاحة بدكتاتورية البعث من قبل أسياده حيث أنجز ما رسم له منذ 17 تمز 1968 بتصفية اليسار اولا وافتعال حروب داخلية وخارجية وتبديد ثروات البلاد لمصلحة الشركات المتعددة الجنسية , ياتي الاحتلال واجندتة العراقية كجزء من ستراتيجية امبريالية شاملة وجديدة عقب انهيار المنظومة السوفيتية و إغلاق ملف الحرب الباردة واستبدالها بالحرب العالمية ضد الارهاب والخطر الاسلامي . لا يمكن للولايات المتحدة ان تتخلى عن مصالحها واهدافها الخاصة في الشرق الاوسط اذ لم تعد انظمة هذه المنطقة تتماشى مع السياسة الامريكية الجديدة . وكان نظام صدام حسين هو اول من نحر على مذبح اسياده . وعاثت قوات الاحتلال فسادا ودمرت المنشات تحت لافتة الحرية والديمقراطية ؟ تلك الافتة المزيفة التي ترفعها الجماعات التي جاءت مع الدبابات الامريكية وهي لا تؤمن بها اصلا . وقد اثبتت الاحداث خلال اكثر من ستة سنوات ان ارادة المحتل هي فوق كل شيء وله وحده القول الفصل . اما من قدموا معه وسوغوا مشروعه الامبريالي فليسوا اكثر من نجوم على شاشات الفضائيات العربية لا تحل ولا تربط .
ولا نستغرب نحن الشيوعيين , وفي اجواء الاحتلال الامبريالي ان تعود من جديد نغمة معاداة الشيوعية والتعددية وبشكل إرهابي و بأدوات جديدة هي منظمات وتشكيلات ينضوي تحت لوائها الكثير من زمر النظام السابق الذين يناغمون المحتل من اجل الحصول على موقع قدم في السلطة فهم الحرس القديم –الجديد للامبريالية (الحرس القومي ) وما زالوا مستعدين لاداء اي دور يكلفون به من قبلها اما الخائبون السياسيون فانهم يناغمون المحتل بالسير وراء مشروعه السياسي من خلال اسلوب التحاصص الطائفي والقومي ليمزقوا العراق ارضا وشعبا باسم العملية الديمقراطية ؟
ان التداعيات الكارثية التي تمر بها بلادنا منذ خمس عقود لم تكن الا نتيجة طبيعية لفشل ثورة 14 تموز بالدفاع عن ذاتها باعتبارها المرجعية الوطنية للشعب العراقي وحاملة اهدافه التحررية ضد القوى الرجعية المحلية والدوائر الامبريالية . ان الدرس الذي لابد ان نتعلمه من هذه التجربة المريرة انه كان على الشيوعيين ان يرفعوا شعار الثورة الاشتراكية مباشرة بعد نجاح الثورة الوطنية البرجوازية . وهذا ما قام به حزب البلاشفة الروسي بقيادة الرفيق لينين بعد نجاح ثورة شباط 1917 البرجوازية بقيادة كيرنسكي وكيف استحوذ البلاشفة بعد أشهر فقط على السلطة بقيام ثورة اكتوبر المجيدة فمهمة الطليعة العمالية الثورية هو انجاز مرحلتي الثورة البرجوازية والاشتراكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة