الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاماً لمجدكِ يا شمس تموز

وسام محمد شاكر

2009 / 7 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تحل علينا بعد أيام الذكرى الواحد والخمسون لثورة الرابع عشر من تموز الخالدة ، ثورة الفقراء والخير والعطاء ، هذه الثورة التي نقلت العراق من الحكم الملكي الطبقي الإقطاعي المقيت الى الحكم الجمهوري الذي يستمد قوته من الشعب وجماهيره ، فبدلاً من ان يخضع العراق ( للملوك المستوردين ) وجدنا شمس تموز تحمل في طياتها للعراق ابناء بررة لقيادة دفة الحكم فيه ، فلقد كانت هذه التجربة التموزية 1958 - 1963 نتيجة لنضال الشعب العراقي وكفاحه وصراعه الطويل من أجل الإستقلالية والوحدة والرفاه وتأسيساً لدولة العراق الوطنية ، فهي لم تنتج بمحظ صدفة أو لحركة قام بها بعض العسكر كما أراد ان يفسرها بعض الإعلام القومي العربي بل هي تفاعل جماهيري بين الشعب والقوى السياسية الوطنية والجيش على واقع بائس ومزري كان من مظاهره الداخلية الفقر والمرض والتخلف والإستغلال اما الخارجية فتمثلت بالتبعية السياسية وبأحلاف وأتفاقيات مجحفة ، لقد كانت ثورة الرابع عشر من تموز الإمتداد الطبيعي لثورة العشرين وتتويجاً لكل الدماء الزكية التي سالت ضد الإحتلال البريطاني ومطلباً شعبياً عراقياً قد وصل ذروته في عام 1958 بعد أن بانت الحبال البريطانية في عرش المملكة الهزيل وما تمثل من الخذلان للجهود الجبارة لقادة ثورة العشرين وأنعدام الثقة وظهور الطبقة البرجوازية والإقطاعية ( موديل العوائل ) وتحكمها المفرط بالحياة السياسية والإقتصادية في البلد التي كانت من المسببات التي دفعت بالكثير من الوطنيين في العراق بالتخلص من النظام الملكي ، فكان يوم الرابع عشر ن تموز هو الفاصل التاريخي لنهاية حقبة زمنية قاسية لم يستطع من خلالها البلاط الملكي بوزاراته الكثيرة من تقديم الحل البلسمي لأوجاع الفقراء والمعدمين في العراق وبداية حقبة زمنية وطنية خالصة ، فقادة الرابع عشر من تموز كانوا من بسطاء الشعب وفقراءه ومن اللذين أدقع الفقر حياتهم لذا كان للزعيم عبد الكريم قاسم عبارة يرددها بين الحين والحين ( جئنا للحكم بهذه وسوف نخرج بها ) وهذه حقيقة شاخصة أكدها التاريخ فيما بعد عن عفة ونزاهة قائد الرابع عشر من تموز التي أمست كالشمس في رابعة النهار ، إن للأربع سنوات التي حكم بها الزعيم أثراً وتغييراً كان يردده الزعيم بعبارة ( لنا في كل شهر ثورة ) فتارة ثورة على المرض وأخرى على الأمية وأخرى على الإقطاع كل هذه سلسلة إصلاحية إستطاعت الى حدٍ جيد من تحقيقها قياساً بقصرالفترة الزمنية التي حكمت بها و رغم الوضع السياسي الداخلي المشحون بالفوضى والوضع الإقليمي الناقم الى حدٍ ما على الثورة متمثلاً بالمواقف السلبية لبعض الدول العربية والغربية والمحاولات الرامية لإجهاظ الثورة وإضعافها تارة عبر الإعلام الموجه وتارة عبر التهديد بالسلاح ، لكن المسيرة كانت أكبر من موجات إذاعة صوت العرب وأسلوبها السيء الصيت في التعاطي مع مجريات التغيير في عراق 14 تموز وأسمى من سماسرة شركات البترول الغربية التي وجدت من الثورة سداً منيعاً امام أطماعها وجشعها في الثروة النفطية العراقية .
اليوم وبعد مرور واحد وخمسون عاماً على ثورة الرابع عشر من تموز كيف يمكن ان ننظر لها وكيف نقيمها رغم المحاولات الفاشلة لبعض الأقلام المشبوهة التي خرجت من فوهة البعث المجرم لطمس حقائق الثورة وتزييف سيرة قائدها المملؤة نقاءً ووطنية وإنسانية ، ولعل هذا الوقت الذي نمر به هو من أكثر الأوقات التي تجبرنا الى إعادة قراءة أحداث ثورة 14 تموز وأحوجها لبلورة رؤيا سياسية وطنية مستوحاة من السياسة الوحدوية والإصلاحية المعتدلة التي إنتهجها الضباط الأحرار ومحاولة لترسيخ قيمها الوطنية التي كانت تصبوا الى غرسها في الروح العراقية التي نجد اليوم الكثير من المحاولات الرخيصة لتفتيتها من خلال تحديدها بلباس الطائفية أو القومية على حساب روح المواطنة العراقية ، إن النزعة العراقوية إن صح التعبير كانت من اساسيات التوجه والبناء في أجندة ثورة 14 تموز حيث كان المواطن ( الفقير ) هو الأرض الخصبة والقاعدة الأساس التي تسعى الثورة الى تفعيلها و نموها بالشكل الذي يواكب المسيرة الحضارية في العالم ، فلا وطن بدون سكن ولا عائلة بدون عمل ولا إبداع بدون علم ولا جمال بدون رفاه ولاقانون بدون عدل هكذا كان عقل وطموح 14 تموز أكبر من العقول الفئوية والنفوس الفاسدة والشخوص الوصولية والسياسيين التوابع ، هذا هو سر خلودها في ضمائر الوطنيين حتى أصبح يوم ذكراها يوم وطني يوم للتوحد تذوب فيه كل الفوارق المختلقة في المجتمع العراقي الأصيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شرف
سلمان النقاش ( 2009 / 7 / 27 - 09:15 )
كان مقدرا لنا يا وسام ان نثمر في على اغصان الشجرة النقية التي زرعتها ثورة تموز ... واحد وخمسين سنة تخيل لو لم تثلمها بد الغدر ماذا عسانا ان نصيح .. اغاني اتنة اتنة وحاسبينك والمكير وجدارية جواد سليم وشعر السياب والنساء العفيفات بلا حجاب .. وسام نشكر القدر لانه وضع في ايامنا القا نراه على الدوام 14تموز
تحياتي

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل