الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألا يؤمنون بآية -إقرأ-؟

شريف حافظ

2009 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بكيت الليل بطوله، ولم أقوى على شئ آخر، غير ما أقوم به دوماً، وعله الخطأ، الذي طبقته، كما أمرني الله. أفكر، كما قال الله، "قل هل يستوي الاعمى والبصير افلا تتفكرون"، وأتعقل كما قال الله، "ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون." إنه الخطأ، لأنني أتعقل وأتفكر في وقت، يحفظ الناس النصوص دون أن يدركوا روح النص!

فكرت في الهجمة الشرسة على المسلمين، التي توقفت لبرهة من الزمن، لجل ترتيب البيت الغربي من الداخل، وحتى تنتهي ولاية أوباما، ليأتي رئيس جديد للبيت الأبيض، من المعسكر الجمهوري اليميني المتشدد، المستغل للدين المسيحي في نسخته المتشددة البعيدة عن سماحة المسيح عليه الصلاة والسلام، ليعيد الحرب مرة أخرى في طريقها القديم ضد المسلمين وليس الإسلام. فللإسلام كما للكعبة، رب يحميه، ولكن المسلمين، يتم التعامل معهم، وفقاً لمدى عقلانية سياستهم. ولن يساعدهم الإنقسام الداخلي أو التجييش ضد من دونهم، في ذاك الوقت، في شئ!
فكرت في القضية المرفوعة ضد الدكتور سيد القمني والدكتور حسن حنفي، وصمت الكثير من "أبواق" الحرية في مصر والعالم العربي والإسلامي، ممن يخافون الدفاع عنهما، بسبب ما "يُقال" عنهما، دون أن يقرأوا حرف مما كتبا. والمصيبة الكُبرى، أن سيد القمني وحسن حنفي، لم يكتبا ما "يقال" عنهما، ولكن تم إجتزاء النص مما كتبا، لأن "الأخوة" "يريدون" تكفيرهما، بغض النظر عما نص كتاباتهما. وتلك هي المُعضلة التي فكرت فيها كثيراً ولم أصل فيها إلى حل، لإصرار من لم يقرأ، على عدم القراءة، وهو يقول، أن ما كتباه، لا "يستأهل عناء القراءة"! إن رفض القراءة في هذا الوضع، إنما تطبيق حرفي مُضاد، لآية الله عز وجل، "يا ايها الذين امنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". فهل لم يقرأوا تلك الآية الأخيرة أيضاً، أم تجاهلوها، أم أنهم يتعمدون عدم العمل بها؟!
لماذا، يفرق المسلمون بأنفسهم، سواء كانوا من التيار التكفيري أو ممن يدعون الدفاع عن الحرية، ما بين نصوص ونصوص من القرآن. أي أنهم يؤمنون بنصوص دون غيرها... لماذا؟ لماذا لا يرون في الآية القرآنية الأولى التي نزلت على محمد عليه الصلاة والسلام، فرض أو أمر إلهي، بينما يرون في أشياء أخرى، لم تنزل في القرآن أصلاً، فروض؟ أليس هذا بغريب، عندما نتكلم عمن يمسكون بالقلم، ويدعون الفكر؟ أليس هذا بغريب، عندما نتكلم عمن يقولون بأنهم جند الله على الأرض؟ هل تهمة التكفير وإهدار الدم بتلك السهولة؟ والغريب أن نفس هؤلاء، وفي النهاية، يطالبون بالديمقراطية! أني أندهش عند التفكير في هذا الكيل بمكياليين! اينتهكون الروح، دون سند من متن فكر الروح، ثم، يطالبون بالحرية؟! هل هذا منطق؟

ربما إنتقلوا، فتوقفوا، عند قرآة قصة نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم لأول مرة، عند رده"ما أنا بقارئ" ولكن، ألا يقولون أنهم يقرأون كلام الله، فكيف يتوقفون في وسط الرواية الأهم في نزول الوحي على الرسول عليه الصلاة والسلام؟ وكيف يكفرون رجل بأن يشوهوا نصٍ كتبه؟ أليست تلك مما يسمى في البحث، "بفساد المرجعية"؟ أم أن المسلمون يستطيعون، ووفقاً لمنطق إجتزاءهم النصوص، كونهم المثل الأعلى في التمثل لدين الله عز وجل، أن يتوقفوا عن الصلاة كمسلمين، لأنهم بامكانهم، أن يقتطعوا نص الآية الكريمة، "يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون"، بأن يعتمدوا على نصفها الأول، " يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة"، والعياذ بالله، كما فعل التكفيريين مع نصوص كتابات سيد القمني وحسن حنفي، بغرض التكفير؟؟؟ هل يجوز هذا في الإسلام؟ إن جاز هذا، فان تكفيرهم، يمكن وأن يتم بالأسلوب نفسه، وبمنتهى السهولة! لأن الجني عندما يخرج من القمقم، لا يمكن إدخاله مرة أخرى. وهم لديهم نصوص كثيرة محل شك!

إن بدء تلك الحرب والحرب المضادة بين المسلمين في الأمة، تعني أشياء مهمة للغاية:
1. إعداد الأرضية التي ستمكن أعداءنا من النيل منا بشكل أكثر سهولة، وخلق الذريعة لكل هذا، بالتدخل للوقوف إلى جانب الأقليات.
2. التنازل عن حريتنا، وأن نكون لقمة سائغة للتقسيم فيما بيننا وشن حرب أهلية بداخل كل مجتمع.
3. خروج المدارس التفسيرية المختلفة للدين ذات نفسه، وتحول مصر لعراق أخرى.

أكبر مصيبة في مسألة تكفير كل من سيد القمني وحسن حنفي، هي أن الذين بكفرونهما، يعترفون بأنهم لم يقرأوا كتبهما!!! أليست تلك مصيبة؟ إنهم يبنون أحكامهم على الإشاعة أو السمع، دون تحقق. فهل هذا من الإسلام في شئ؟

أرجو من الجميع، أن يتريث ويفكر في أمر أحكام كبت الحرية، وتأليه نفسه على الأرض، لأن تلك من التهم، التي بها الكثير من الكهنوت، الذي لم يُشرعه الله في الإسلام. كما أن تلك التهم، سرعان ما ترتد على صاحبها، وربما يتذكر الكثيرين ما كان من أمر الدكتور عبد الصبور شاهين في قضية الدكتور نصر حامد أبو زيد عام 1995، وتكفيره إياه ورفع قضية الحسبة ضد الدكتور أبو زيد ومحاولة تفريقه عن زوجته لكفره المزعوم، فكان مصير الدكتور عبد الصبور شاهين التكفير بعد ذلك بزمن وجيز، بعد أن كتب كتابه "أبو آدم"!!

أطالب بالحكمة والنظر إلى ما أبعد مما نحن فيه اليوم، وإطلاق حرية تجديد الخطاب الديني، دون التعرض للأديان ولكن مستغليها، كما فعل الدكتور القمني والدكتور حسن حنفي، في نصوصهما التي لم تُقرأ من قبل من إتهمهم بالكفر. أرجو أن نلتزم أيضاً بأمر الله الأول، في أن نقرأ ونترك، الجهل والتجهيل جانباً، وأن نعيد قراءة كل النصوص التي بحوزتنا، بما فيها كتب الأولين من علماء الإسلام، ربما إذا ما قرأ البعض نصوص الأولين بتمعن، ستصيبه الدهشة، أكثر مما تصيبه من قرآة نصوص دجالي اليوم، من المتاجرين بالدين! وأطالب من يطلقون على أنفسهم، من أنفسهم، "جنود الله" بالكف عن إستغلال الدين، لأن تلك اللعبة وعلى مدى التاريخ، قد أسالت الكثير الكثير من الدماء، وفي النهاية توصلوا إلى تغليب الفكر أيضاً.

ولذا، ألا يُفضل، أن نغلب الفكر والقراءة والتبصر في دين الله، دون تضحيات، ستزهق بها أرواح، ليس لها ناقة ولا جمل في كل هذا الجدل، الذي يُمكن أن يُحل أمره، بالحوار الهادئ والقراءة المتأنية، فنكف عن البكاء والتباكي، ونكون قوة إنسانية، من خلال التعاون، لا التناوش والقذف والتكفير وإهدار الدم، وأن نوحد الصفوف من أجل فكر مستنير بامكانه الوقوف في وجه من يستهدف ثرواتنا، والدخول في أمتنا، بذرائع تُمنح له مجاناً من أصحاب الفكر التكفيري، رغم أن هؤلاء الأعداء، لا يؤمن بتلك الذرائع وإنما يستغلها فقط للسيطرة علينا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماأشبه اليوم بالبارحه
Red W ( 2009 / 7 / 27 - 00:59 )
ماأشبه اليوم بالبارحه
كلنا يذكر مهذله تكفير سلمان رشدي والايات الشيطانيه وهاهوا التاريخ يعيد نفسه والمهذله تتكرر... لم يقرء المتأسلمون ايات سلمان رشدي وان كانوا قرئوها لما فهموا منها شئ وهاهم يعيدوا نفس الجهل والتخلف والارهاب الذي هو جزء لايتجزء من دينهم الاجرامي
بدون قرائه او فهم لكتابات وفكر عمالقه كالاساتذه سيد القمني وحسن حنفي

بالنسبه لي فواضح تماما من هم ا لكفره والجهله بكل القيم الانسانيه وبكل ماوهبه الرب للبشريه التي اشك في انتمائهم لها


2 - Red W أختلف معك
شريف حافظ ( 2009 / 7 / 27 - 10:08 )
التداخل بين الدين والسياسة حدث يوماً في أوروبا أيضاً، وكان يمكن إطلاق نفس تلك المقولة لك، على المسحية! القصة ليست قصة دين ولكن إستغلال له. أشكرك


3 - لن تجد جواباً
مايسترو ( 2009 / 7 / 27 - 11:41 )
أستاذ شريف أعتقد جازماً أنك لن تجد جواباً لسؤالك المطروح في عنوان مقالك، فاذا كان النبي محمد بنفسه أمياً ولايقرأ كما ذكر التاريخ، فمن أين تريد أن يقوم أتباعه بالقراءة، ولك الشكر.

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah