الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى نكون على بينة المشكلة الحقيقية ليست مع الاسلام !

جمال محمد تقي

2009 / 7 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انما مع من يريد اشغالنا به وحصرنا به وخوض حروب دونكيشوتية معه وتصويره وكانه كتلة صماء تغلف المجتمعات العربية والاسلامية التي لا يمكن لها ان تتحرر منه الا اذا كسرته وسلمت نفسها وعقلها ومصيرها وبيضها الى رسول الحرية ومنقذ البشرية صاحب الدين الليبرالي الذي لا دين فيه غير دين الدراهم المدورة مع دورات راس المال التي لها وحدها الحرية المطلقة في تنظيم حياة الناس ، فالناس احرار حتى الثمالة وكاملي الحقوق حتى التخمة ، فقط عندما يكون الراسمال وسوقه هما من يقودان حركة المجتمعات ونموها ولا شيء اخر ، وان هذا الدين هو الذي يجب ان يسود ، انه دين العولمة الذي لا يرحم من لا يعتنقه بل انه قادر على جعله خارج التاريخ ، فالليبرالية خاتمة كل الديانات و لا دين بعدها حتى نهاية التاريخ هذا ما تريده اجندات العولمة الامريكية ومن يتجند لها جهلا او بالدفع المنظم مدفوع الثمن ـ دينكم دنانيركم ـ !
العكس صحيح مشكلتنا مع من يستثمر جهده وامواله مباشرة او بالواسطة في الاسلام وتسيسه لجعله شماعة ليسقط عليها كل غسيله الوسخ ، نابشا بالقبور ومتجزءا للحقائق في الموروثات العقائدية والروحية لمجتمعاتنا من اجل مزيد من الخلخلة والتفكيك وذلك بجعلها فعلا ـ ناقصة عقل ودين ـ وذلك يتكريس عقد وهمية بالنقص والدونية لتهرب من نفسها مرتمية باحضان من استعد مسبقا لتلقفها وتركها تدور حول نفسها ودون انقطاع لتدوخ ويغمى عليها ليفعل بها ما يشاء !
طبيعي جدا ان يكون هناك سلفيون ومتشددون وتكفيريون وهم قلة ، ان كانوا مسلمون او مسيحيون او يهود او سيخ او هندوس والتاريخ حافل بهم كما هو حافل بالاكثرية العادية في تطلعاتها الايمانية والسياسية !
الغير طبيعي ان يقرأ الدين من وجهه المتشدد والعصبوي فقط ، الغير طبيعي ان يستثمر الدين ومعطياته التاريخية وتأويلاته لاغراض سياسية داخلية وخارجية ، الغير طبيعي ان تتعاطى مخابرات ومراكز البحوث الاستراتيجية التابعة للبنتاغون والسي اي اية والحلف الاطلسي مع التنظيمات الدينية المتشددة بشكل انتهازي مقيت ، امريكا كانت حليفة استراتيجية للاسلام المتشدد في افغانستان ، وهي لم تكن بمعزل قبلها عن دعم الحركات المتشددة بالضد من الحكومات المعادية لها ، كما في تجربة عبد الناصر وعبد الكريم قاسم !
الم يتضح بان ابن لادن وعائلته كانوا اصدقاء صدوقين لعائلة بوش وتشيني ؟
اسأل هنا المتشدقين بالسياسة الليبرالية الامريكية : ما الفرق بين طالبان والسعودية كنظام ديني ؟
واذا كان الجواب يقول الفوارق بسيطة ، اذن لماذا تصمت امريكا صمت القبور ازاء السعودية ، بل لماذا تحمي النظام فيها من كل مكروه حداثوي لا يصب بمصلحة بقاء تبعية السعودية للامريكان ؟
نعم هناك انتقادات شكلية هنا وهناك لذر الرماد في العيون لكن المصلحة الامريكية تقتضي بقاء هذا النظام قائما حتى لو رفضته اكثرية الناس وهو لن يقوى البقاء لولا القمع المزمن الذي لا يضير الحرية الامريكية في امتصاص سوائل الذهب الاسود في ارضها !
تجاوز تخلفنا لا ينجز الا بتنمية حقيقية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ، التعليم والتعليم العلمي ، والبناء العلمي للبنى التحتية ، والدفع قدما بالراسمالية الوطنية وخاصة الصناعية والخدمية ، وتعزيز دور القطاع العام الى جانب الخاص والمختلط ، ومحاربة الفساد بكل اشكاله ، والسعي لحماية المنتوج المحلي الزراعي والصناعي مع التخطيط الاستراتيجي للاكتفاء الذاتي ، واستثمار عائدات الثروات الطبيعية لاصلاح التشوه الحاصل بالاقتصاد وهياكله الارتكازية ، السعي لانجاز تكاملات اقتصادية وسياسية بينية ، وقبل كل ذلك بناء دولة المواطنة دولة المؤسسات الدستورية ـ تكافوء الفرص والتداول الديمقراطي للسلطة ـ !

اثناء صعود نجم حركة التحرر العربية واتساقها مع الصراع العالمي الى جانب قوى السلام والعدالة الاجتماعية واليسار في العالم لم يكن وقتها للاسلاموية السياسية ثقل يذكر ، الاخوان والمتشددون ومجالس الافتاء السعودي وهيئة النهي عن المنكر كلها كانت موجودة والازهر موجود والنجف ومرجعياته موجودة ، ولكن حركة التحرر العربية بمختلف روافدها كانت هي صاحبة زمام المبادرة ، صاحبة مشروع تحرري حداثوي اخذ بيد الشارع نحو افاق تتطلع للتنمية والحداثة التي لم تكن تالفها مجتمعاتنا !
ففي فترة الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي شرعت قوانين متقدمة للاحوال الشخصية ، وبعضها منع تعدد الزوجات ، وساوى بين المرأة والرجل في المفاصل الاساسية ، ومجتمعاتنا تقبلت ذلك رغم وجود الاصوات المتشددة ، ولكن بعد ان تراجعت حركة التحرر العربية واصبحت سمة العصر العولمة الراسمالية بنسختها الامريكية ، تراجعت اغلب المكتسبات المتحققة وارتفعت اصوات التشدد الديني بل مكنت من ان تكون هي صاحبة زمام المبادرة !
هذا الواقع لن يطول ابدا لانه واقع شاذ فيه ما يكفي من التناقضات لتجعله لاحقا هزيل متاكل ومنزوي ، مثله مثل العولمة الامريكية ذاتها والتي لا بد لها ان تهزم امام اصرار الشعوب بما فيها اكثرية الشعب الامريكي من اجل سيادة القيم الانسانية بالضد من سياسة التوحش الامبريالي تلك السياسة التي تغذيها الاطماع وحب التملك والبحث عن الارباح والغنائم دون الالتفات حول العالم للمليارات المتزايدة فقرا وجوعا ومرضا وحاجة ، والى مخاطر تهوراتها على البيئة وعلى مصير الانسان على هذه الارض !
مشكلة الانسانية جمعاء ليست الاديان التي مر على قيامها ازمان ودهور واحقاب وعصور ، مشكلة الانسانية جمعاء تكمن بالاستغلال الراسمالي الذي وصل لمرحلة لا تطاق بحيث يستغل فيها كل شيء ودون اي واعز اخلاقي او انساني ـ الدماء والارحام وجسد المرأة والرجل والطبيعة والبيئة ـ ولا يتورع عن الابادة الشاملة وباكثر الاسلحة فتكا من اجل مزيدا من الارباح والفوائد التي لا يتمتع بها سوى قلة قليلة من السكان !
الارض والانسان ومنذ الازل متصالحان بغزارة الانتاج ، ولكن ومنذ ظهور الملكية الخاصة وانقسام المجتمع طبقيا تعاني الارض والانسان معا من سوء في التوزيع هذه هي المشكلة ، وما عدا ذلك تفاصيل هامشية بعضها مضلل وبعضها تكرار وبعضها انتقائي وبعضها عصبوي !










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لما دائما نتهم الامبريالية وكل البشرية بانهم سبب ما نحن به
blind bercem ( 2009 / 7 / 27 - 22:10 )
السيد جمال مع كل احترامي لقلمك اود سؤالك بما انك مطلع على تجارب مجتمعات الصر الحديث لما المثقف والامي في واقعنا العربي والاسلامي لايختلفان في تشخيصهم لحالة ما او مرض ما او اي مشكلة يجب علينا دوما ان نحكم على النتائج لا على ما تشاهده اعيننا من مشاهد لما لم نفهم ونستفد من علم الديالكتيك ومن نظريات داروين ..,والبقاء للاصلح فكل مرض له اسبابه الانسان عندنا مريض حتى الذين تنتقدهم مرضى انا مثلك وكلانا نعاني من الام هذا المجتمع المريض اريد ان اسالك ما الصح في حياتنا لما وصلنا الى ما نحن عليه كلانا ننتمي الى هذا المجتمع والمجتمع يتكون من تجمعات اسر فالاسرة نواة المجتمعات والاسرةتتكون من العلاقة الزوجية بين الذكر والانثى ولو قمنا انا واياك بدراسة صغيرة باحصاء بسيط بين هذا المجتمع الذي ننتمي اليه فهل ستجد نسبة 10/100زواج ناجح وهل الراسمالية لها دور في اهم قرار يتخذه هذه النسبة البقية ام ان الاسلام والماذون لها الدور في ذلك فكر جيدا في اهم قرار يتخذه الانسان في حياته فالمعادلة الولى في حياتنا يا سيدجمال يتم في مخبر الاسلام


2 - Blind Bercem الى الاخ صاحب التعليق رقم واحد
جمال محمد تقي ( 2009 / 7 / 27 - 23:56 )


اخي العزيز التساؤل الذي تثيره ليس منطقيا لانني على سبيل المثال وليس الحصر لم اتهم الامبريالية وكل البشرية بكونهم سببا لما نحن به انا قلت ان اي مجتمع اسلامي وغير اسلامي يمكن ان يتحول الى الحداثة اذا نجح في تغير نمطه الاقتصادي اي ان الاقتصاد هو جوهر المشكلة وكما يقول ابن خلدون فان اسلوب المعاش هو العصبية الاولى في تكوين العمران البشري وبما ان اقتصادنا يدور حول نفسه ـ ريعي واستهلاكي ـ فان الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية تجتر نفسها بدورة التخلف التي تتكلس فيها الفكرة وتصبح نمطية ثابتة والمتحول فيها فقط سيكون ربما اسلوب الاستهلاك وتعاقب الاجيال التي تحسن من اشكاله لا غير صدقني عزيزي الدين يمكن تكتيفه وبالتالي يمكن توظيفه لخدمة النهضة وتحييده انا ارى ان مصر مثلا يمكن ان تكون كتركيا وهي قادرة على ذلك ان تجارب الاحزاب الشمولية في الوطن العربي ورغم استبدادها ولكنا نستطيع ان نكتشف قدرتها على تكتيف الدين ادرس تجربة الناصرية والبعثية وتجربة الحزب الاشتراكي في اليمن الجنوبي عزيزي في السبعينات في بغداد مثلا كانت الافاق مفتوحة للتطور الاجتماعي في الجامعات وفي المدن تصور ان تتزوج مسلمة مسيحي او العكس الزواج مدني وليس ديني اريد ان اقول ان التغير الاجتماعي مكن ليس الدين من يمنعه ول


3 - نعم للنظام آلأشتراكي
مصلح آلمعمار ( 2009 / 7 / 28 - 02:22 )
صدقت يا اخ جمال عندما قلت :
(مشكلة الانسانية جمعاء تكمن بالاستغلال الراسمالي الذي وصل لمرحلة لا تطاق بحيث يستغل فيها كل شيء ودون اي واعز اخلاقي او انساني ) ، يا آخ جمال لو احسن آلأنسان استخدام آلنظام آلأشتراكي وحاول آلمشاركه في تقوية اقتصاد وطنه فجميع مشاكل آلأنسان تحل وتنتهي ، وهذا لا يتعارض مع وجود آلأديان ، فعندما يعيش آلمواطن بكرامه بآقتصاد متين فآلتشدد آلديني يقل حينها ولا احد سيبالي لأي فتوى دينيه ، تحياتي لك وبآلموفقيه


4 - اللى تغلب به .. العب به
Zagal ( 2009 / 7 / 28 - 03:35 )
قديما قالوا -اللى تغلب به .. العب به -..

وبما ان التدين هو الشئ الذى يجلب الاموال الان فلماذا لايلعب المشايخ بالاسلام .

ولكن المشكل هو ان القران يعطى الحق لكل مسلم فى القتل والسلب والنهب لكل من هو غير مسلم...وهذا مايستغله الاسلاميين المتشددين لتحريك الجهال ..(وما اكثرهم) ... لمكاسب ما ... تدخل فى جيوب اصحاب اللحى


5 - السؤال والرد
محمد البدري ( 2009 / 7 / 28 - 03:37 )
لقد تساءلت في اول المقال ورددت بنفسك علي السؤال في طيات المقال. الاسلام فعلا هو المشكلة ولولا ذلك لما استغلته امريكا لصالحها منذ الخمسينات وحتي لدغها هو في 11 سبتمبر.
عد الي اقوالك مثل: ابن لادن وعائلته كانوا اصدقاء صدوقين لعائلة بوش وتشيني . وغيرها كثير فاين المرض إذن؟


6 - ردود سريعة مع الاعتذار
جمال محمد تقي ( 2009 / 7 / 28 - 11:11 )
الاخ مصلح المعمار
نعم والله الحل هو في الاشتراكية نظام علمي متماسك للتكافل الاجتماعي عندها ستتوارى كل الافاعي النازلة والصاعدة
Zagal الاخ
عزيزي الصراع على السلطة والنفوذ في مجتمعات طبقية متكلسة يدفع بالمتشددين والوصوليين والمدعين او الجهلة المتعصبين لاسقاط ما يريدوه على اي شيء وكل شيء على القران وعلى الله وعلى الناس حتى على انفسهم ولكن ليست العلة في القران او الله او الناس العلة بانفسهم فحتى في جمهورية افلاطون هناك اسياد وعبيد ولكن ذلك لا يمنع من النضر باعجاب لتلك الجمهورية القران ابن تاريخي لزمنه مثله مثل التوراة والاناجيل كلها حمالة اوجه وكلها تعكس مستوى التطور الفكري والاقتصادي الاجتماعي والعلمي لمراحل التي خرجت منها وليس منطقيا ان نكون اسرى لها لان الذي يبقى فقط ما هو صالح للاستخدام البشري نحو الامام
الاخ محمد البدري
كيف استنتجت ان الاسلام هو المشكلة بدلالة استغلاله من قبل امريكا
فهي تستغل التطور العلمي التكنلوجي مثلا فهل يعني هذا ان المشكلة في التطور العلمي التكنلوجي انها تستغل الغرائز فهل العلة فيها ؟
اما حول ابن لادن فاردت القول انه ليس للراسمالية الحالية قيم ومباديء غير مصالحها وان وجدتها عند ابن لادن فانها سوف تتقرب منه وان وجدتها


7 - Religion and capitalism
Talal Alrubaie ( 2009 / 7 / 28 - 13:29 )
Dear Mr. Jamal
Thank you for this article. However, I take issue with you conclusion that capitalism, rather than religion, is to blame. I have some brief comments here.
1. Religion, as we know, is not a unified theoretical construct and each religion and its holy book is subject to many historical interpretations. We witness that in Christianity and Islam for example.
2. There is undeniably firm connection between religion and capitalism, which Marx had already detailed. On the US dollar, we read “IN GOD WE TRUST’.
3. Religion, or at least in its name, humanity has witnessed many dreadful wars and tortures, that is even before the capitalist era.
4. Socialism is not the solution if it does not uphold human rights. A communist dictatorial regime, as in North Korea, is as equally bad as the Taliban in Afghanistan.
Have a great trip*.

اخر الافلام

.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة


.. ناريندرا مودي... زعيم هندوسي في هند علمانية -اختاره الله للق




.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8