الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضايا التعليم بين الطلاب والمعلمين فى مصر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 7 / 28
التربية والتعليم والبحث العلمي


قضايا التعليم شغلت ومازالت تشغل الرأى العام والمثقفين فى مصر وربوعها وسوف نتناول فى هذا المقال موضوع نظام الثانوية العامة الذى ترغب الحكومة فى تعديل بعض عناصره خاصة فيما يتعلق بالتقويم الشامل والاعتماد على امتحانات القبول فى الكليات الجامعية. أما الأمر الآخر الذى يشغل المهتمين بالتعليم فهو يختص بكادر المعلمين والوسائل المتبعة لتحديد المستحقين للانضمام لهذا الكادر.

الثانوية العامة والالتحاق بالجامعات
لا شك أن امتحانات الثانوية العامة فى مصر تعد من الامتحانات التى تعبر نتائجها بصدق عن المستوى الحقيقى للطلاب.. صحيح قد حدثت بعض الأزمات فى الفترة الأخيرة كتسرب الامتحانات وخلافه ولكنها فى الواقع لا تخرج عن كونها أحداثا استثنائية لا تعكس ظاهرة تستوجب تعديل النظام القائم.. قد يتفق معى الكثيرون بأن نزاهة هذه الامتحانات تكمن فى مركزية وضع الأسئلة والتصحيح وهذا بدوره يرفع الحرج عن سائر المعلمين ويفوت الفرصة على أباطرة الدروس الخصوصية وخبراء توقع أسئلة الامتحانات.. ومن الواضح أن امتحان الثانوية العامة لن يكون المعيار الرئيسى للقبول بالجامعات ولكنه سيبقى عنصرا من عناصر التقييم والقبول.. وبالتالى فإننى لا أعتقد أن الأمور سوف تتحسن لو ترك الأمر لمعلمى المدارس لتحديد درجات المواد المتقدمة تحت مسمى "التقويم الشامل" أو لإدارة المدرسة لتحديد درجات الانتظام والأنشطة بل من المؤكد أن هذا الأسلوب فى التقويم سوف يفتح المجال لفساد الذمم وبيع الدرجات وتفاقم ظاهرة الدروس الخصوصية.. فالمعلمون سوف يكيلون الدرجات لزبائن الدروس ويحرمون التلاميذ الذين يحجمون عنها. وقد يردد أحدهم على مسامعنا ما قاله وزير التعليم الدكتور يسرى الجمل بأن شهادة الثانوية العامة لن تكون وحدها هى المؤهلة للالتحاق بالجامعات وأن الالتحاق بالجامعات سوف يتطلب امتحان قبول تعد له الجامعات "الاختبار القطاعى".. والتخوف هنا يكمن فى انتشار ظاهرة الوساطة وكروت التوصية والمكالمات الهاتفية وهى وسائل دأب الشعب المصرى على الاستعانة بها لتحقيق أبسط المطالب كاستخراج بطاقة تموين أو بطاقة الرقم القومى فما بالك بمستقبل الأبناء، ومن ثم فسوف يلتحق الطالب المحظوظ بالكلية التى يرغب الالتحاق بها ويحرم الطالب الفقير الذى لا وساطة له.

وقد يقول قائل إن النظام الجديد للثانوية العامة قد يكون مفيدا إذا اختار الطالب أن يتوقف عن مواصلة الدراسة والسعى للبحث عن عمل أو كما قال الوزير فإن الحاصل عليها يستطيع التقدم لسوق العمل، باعتبارها شهادة مفتوحة الصلاحية.. ربما كان هذا الطرح مقبولا لو أننا مازلنا فى الثمانينيات وما قبلها حيث كان الخريج لا يحتاج إلى مساعدة فى الحصول على وظيفة.. لقد كان يتلقى خطاب القوى العاملة الذى يحدد له طبيعة الوظيفة التى أسندت إليه. أما فى الوقت الحالى وخاصة بعد إلغاء القوى العاملة فقد أصبحت الواسطة هى السبيل الوحيد للحصول على فرصة عمل.. وهذا الوضع الشاذ هو نتاج مرحلة انتقالية حيث التحول البطىء من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الحر وحيث يعانى المجتمع من سلبيات اجتماعية وفوضى أخلاقية وتفتقر إلى الأسس الاقتصادية ومن هنا فإن تبنى هذا النهج سوف يؤدى إلى ما نحن فيه الآن من بطالة وتدنى الأداء فى مؤسساتنا المختلفة.

كادر المعلمين ومستوى التعليم
لعل المعلمين نادمون على المطالبة بكادر خاص، كادر من شأنه أن يرتقى بالمستوى المعيشى للسواد الأعظم. ومنبع الندم هنا هو أن الحكومة لجأت لفرض معايير وظيفية بعد أن قضى المعلمون عشرات السنوات فى مواقعهم حيث تفتق ذهن العباقرة عن فكرة جهنمية مفادها أن هنالك ثمة ارتباط وثيق بين الجودة وزيادة الأجور.. ولقياس الجودة ارتأى المسئولون أن يجتاز المعلم الذى لديه رغبة فى زيادة الدخل امتحانا من حوالى 300 سؤال فى مجال الكفاءة التربوية واللغة العربية ومادة التخصص. من المعروف أن الامتحان—أى امتحان— يجب أن يسبقه اطلاع الممتحن على مادة علمية وخاصة فى المواد التى تقع بعيدا عن دائرة التخصص غير أن الوزارة لم توزع كتبا لمساعدة المعلم فى التزود بمعلومات يختبر فيها فيما بعد.. لقد أدى الآلاف من المعلمين الامتحان الأول فى أغسطس 2008م فى الإدارات التعليمية التى تولت الإشراف على مراحل الامتحان.. أما الامتحان الثانى والثالث فقد تم عقدهما فى كليات الجامعة فى عام 2009م. لا نبالغ إذا قلنا إن نتائج هذه الامتحانات لا تعكس المستوى الحقيقى للمعلمين ولاسيما أن هذه الامتحانات شابتها مظاهر الغش والفوضى بصرف النظر عن مكان الامتحان.. من السذاجة أن يظن المرء أن زيادة مرتب المعلم سوف يؤدى بالضرورة إلى ارتقاء العملية التعليمية وأن المعلم سوف يلقى جانبا أفرول الدروس الخصوصية ويصبح شخصا مختلفا ذا ضمير حى يعطى كل وقته لتلاميذه.. ولا أظن إنه من الصواب جرجرة المعلمين إلى قاعات الامتحانات إذ إن المعلم الذى يرسب فى الامتحان سوف يتعرض للسخرية والغمز واللمز فى المدرسة.. لا نبغى سوى الحقيقة حين نقول إن الأمر يتطلب البحث عن وسائل أخرى تقيس المستوى الحقيقى للمعلم قبل الانخراط فى مجال التدريس ووسائل لتقويم الكفاءة بعد شغل الوظيفة. روز اليوسف، عدد 1237، 27 يوليو 2009م، ص9.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امتحان الثانوية العامة
عامر خضير ( 2009 / 7 / 28 - 18:26 )
اعتقد ان اعتماد امتحان الثانوية كمؤشر وحيد لتقويم مستوى الطالب وبالتالي قبوله في الجامعة يعد ظالما وغير موضوعي بسبب تدخل عوامل كثيرة منها الوضع النفسي والصحي للطالب خلال وقت الامتحان المحدد فضلا عن واقع التصحيح وذاتية المصحح والوضع المكاني له ومدى توفر الراحه فيه مثلا عدم توفر الكهرباء في هذا الجو اللاهب وعوامل اخرى لامجال لذكرها،ان اعتماد ذلك للحكم على تاريخ دراسي للطالب دام اكثر من اثني عشر سنة اذا اضفنا لها مرحلة رياض الاطفال يحتاج لمراجعة وهناك حلول كثيرة لها لانظلم فيها الطالب كما حاصل الآن

اخر الافلام

.. نبض فرنسا: هل يتجه المشهد السياسي نحو قطبية ثنائية على حساب


.. مقتل أكثر من 100 جندي من بوركينا فاسو في منطقة قرب الحدود مع




.. شخصيات فنية رياضية تدعو إلى منع فوز اليمين المتشدد في التشري


.. إسماعيل هنية في كلمة لأهل غزة: تضحياتكم تصنع النصر




.. البرهان يؤكد ثقته بالنصر ودقلو يتهمه بالانسحاب من المفاوضات