الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


د.سيد القمني شجاعة الحقيقة امام دهاليز الخرافة

فاطمه قاسم

2009 / 7 / 29
المجتمع المدني


ما أن تهدأ عواصف الرمال حتى تثور مرّة أخرى، وما أن ينبلج ضوء النهار حتى تبدأ كائنات العتمة في الصراخ والعويل، هكذا هو الحال في السنوات الأخيرة التي يكابدها الكاتب والباحث والمفكر الذائع الصيت الدكتور سيد القمني، الذي لاحق الخرافة اليهودية من جذورها ففضح أستارها الزائفة، والذي يدعو بلا كلل أو ملل إلى عودة العقل العربي والإسلامي من غيبته الصغرى وغيبته الكبرى، حيث مازلنا في هذه البلاد، وبعد مضي أكثر من ألف واربعمائة عام على الثورة الإنسانية الكبرى، التي قادها رسولنا العظيم محمد بن عبدالله "صلى الله عليه وسلم" نتنافس في النكوص إلى الخلف، فنطفيء قناديل العقل والروح الواحد تلو الآخر، عبر الإغراق من جديد في الإسرائيليات التي احتاجت العديد من كتب التراث، وصفحات التاريخ المنقول، بل وحتى كتب السيرة، والشروحات المطولة في كتب التفسير، لدرجة أن كل ما أنجزه رسولنا العظيم وصحبه الأوائل بجهدهم، وقدح زناد عقلهم البشري، وإخلاصهم لدعوتهم وثورتهم الكبرى، ومواجهة الدنيا بقوانينها، وتغيير الواقع بمعاييره نفسها، جاء البعض ليرجع كل ذلك إلى الغيب، وكأنهم يصنعون قطيعة بين الله والبشر الذين خلقهم ليكونوا ورثته في الأرض، ويعمروها ويطوروها، بما وهبهم من عقل، وما منحهم من جوارح وصفات وجينات.

الدكتور سيد القمني، واحد من كثيرين عبر التاريخ الإسلامي، وهب نفسه للدعوة إلى عودة العقل بدلاً من طغيان النقل، واختار لذلك وسيلة هي الشجاعة بعينها، أن يقرأ من جديد كتب التراث نفسه، وأن ينظر من جديد فيما يلوح به في وجوهنا أهل الانكفاء والنكوص على الأعقاب، فهو لم يعتمد مراجع جديدة، ولم يبحر في بحار أخرى، وقد اكتشف – ويا لهول ما اكتشف – أن الذين يحكموننا وهم موتى في قبورهم ومن ينقل عنهم بتكرار ممل لا جديد ولا إبداع فيه سوى تغيير اغلفة الكتب السميكة، انهم ينتقون من التراث ما يناسب هواهم، ويشرعن عماهم، ويغفلون ما عداه، إنهم ينقلون عن صفحة ويعتبرونها مقدسة، ويتجاهلون الصفحة التي بعدها ويرونها كفراً مباحاً، ولم يكن من الممكن السكوت على ذلك إلى ما لا نهاية، فتنادت الأصوات منذ زمن بأن الإسلام يستحق الأفضل، والأكفأ الذين يضيئون مساحاته الكبرى ودوره في الحضارة الإنسانية، فكان جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، الكباريتي، وزكي مبارك، وكان العقاد وطه حسين، وعبد الهادي أبو طالب، وكان الشيخ الغزالي، وعبد الحليم محمود، وكان سيد القمني، وخليل عبد الكريم، وسيد العشماوي، وفرج فودة، وحامد أبو زيد، وكان باحثون كثيرون، ومفكرون يواصلون تمزيق الملابس الزائفة التي ألبسها البعض للإسلام سواء من أهله او المحسوبين عليه والمتعيشين من لحمه، أو من اعدائه الذين يناوشونه جهاراً نهاراً.

الدكتور سيد القمني، في مجموعة كتبه وأبحاثه التي شكلت "فجة" ضوء ساطعة، وصوتاً قوياً، وجهداً غير مسلوق، جعلت أهل العتمة يرتجفون خوفاً وذعراً، كأن هؤلاء عيونهم لا تحب النور، وطرائدهم تتحرر منهم إذا أشرق النهار، وهكذا بدأت معاناة الدكتور سيد القمني، الاتهامات من العيار الثقيل بالكذب والتحريف، وتقويل المفكر ما لم يقله، ونصب المحاكمات التي جعلوا من أنفسهم خلالها قضاة وجلادين في آن واحد، بل وصل المر إلى حد التهديد بالقتل، دون رادع من وعي او رادع من ضمير.

الدكتور سيد القمني، هذا الكاتب والباحث والمفكر الكبير، وهبه الله سبحانه وتعالى، قدرة على بذل الجهد الذي لا يكل ابداً، وتحمل اعباء هذه المهمة الكبرى – ويا لها من مهمة صعبة – من أجل ان ينحاز إلى الحق والحقيقة، وينحاز إلى الوعي الفردي والجماعي، فكان أن اهدى المكتبة العربية والإسلامية والإنسانية أيضاً هذه الأبحاث والكتب عالية القيمة، التي انتشر صداها في كل ارجاء العالم العربي، والعالم الإسلامي، ووجدت لها مكاناً إلى جانب الإبحاث والكتب القيمة في المكتبات العالمية، وهل يوجد اليوم شريحة من المثقفين أو الدارسين أو الباحثين لا تعرف سيد القمني؟

نور على نور، هذه فضيلة العقل الذي دعانا الله سبحانه لكي نحتفي به، ولذلك فنحن نقول، اليوم للدكتور سيد القمني، عندما يعلو نعيق الغربان، تذكر أن عقولاً كثيرة في ارجاء الأرض، وأرواحاً كثيرة في كل مكان، استضاءت بما كشفت من حقائق، واستدفأت بيقين ما بينته للناس، وهذا هو مجد المفكرين.

هذه تحية من الأعماق، ونتشوق إلى كتاب جديد لك يضيء لنا عتمة أيامنا الصعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مغبون من تساوى يوماه
جعفر الطائ ( 2009 / 7 / 28 - 23:59 )
سيدتي شكرا لجهودك --- ما هو الجديد ؟؟؟ الكل او الغالبيه العظمى من افكار القمني هي مخاطبه العقل وهذه مدرسه واصل ابن عطاء شيخ المعتزله -- هذه ناحيه اما الناحيه الاخرى فهنالك خلط كبير يدور في مصر بين السياسه والدين والعلمانيه -- القمني ليس علماني وليس متدين --- انه افراز مرحله جديده وستليها مرحله لاحقه قد تفوق تصور العامه
لك تحياتي


2 - شجاعة الحقيقة
محمد الخليفه ( 2009 / 7 / 29 - 10:24 )
نشكر لك حماسك في الدفاع عن مفكر يعز الزمن أن يأتي بأمثاله وكل قلوبنا معه وهو يصارع كل فكر متخلف حملته وصاغته كل الأديان ، بما فيها الدين الإسلامي فهو إن كان قد هلهل خرافة الدين اليهودي فهو قد فعل الشيء نفسه تجاه الدين الإسلامي ، فهو لم يقول أن الإسلام ثورة إنسانية كبرى قادها محمد فالقاريء لكتبه المحترمة والتي بذل فيها جهده الفذ يثبت أن الاسلام ثورة دموية عنصرية كبرى ، إلا إذا كانت قراءتنا لكتبه وفهمنا لها تختلف عن فراءتك أنت وفهمك أنت لها، أظن أن مقالك يحتاج القليل من الشجاعة لقول الحقيقة التي ناضل ولا يزال يناضل من أجلها السيد القمني ، ثم مالذي حشر الغزالي أمام هولاء المفكريين التنويريين الذين ذكرتيهم في مقالك هذا


3 - سيد القمنى
كريم طوسون الشريف ( 2009 / 7 / 29 - 16:01 )
شكرا جدل لمجهودك لتعزيز شخص جعل من نفسة هبة لتخليصنا من موروثات خاطءة واظهار ما يسمون انفسهم حراس الدين على حقيقتهم

اخر الافلام

.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة بعد قرار منح فلسطين ا


.. كلمة مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة | #عاجل




.. كلمة المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة | #عاجل


.. 143 دولة صوتت لصالح قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم




.. كلمة المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة | #عاجل