الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب دواء الحرب- -

سندس سالم النجار

2009 / 8 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


" الحب دواء الحرب"
( ايريـــك فــروم ) !

ــ هل يحب القادة شعوبهم ؟ وهل لديهم القدرة على الحب ؟
ــ هل يرتقي الانسان في الحب ، كما ارتقى في كل شئ ؟
ــ هل ان الحضارة بحاجة الى ناس يتحابون اكثر مما يتناسلون ؟
ــ هل هناك حب جماهيري ؟
ــ هل يعرف الحكام واصحاب السلطة وذوي الامتياز، الحب ؟
الحياة الحب ~ والحب الحياة ، هذه العبارة قالها امير الشعراء على لسان اخر الفراعنة ، هل كانت الحياة كلها حبا عند تلك الملكة التي صورها المؤرخ القديم ( بلوتارك ) على انها في قمة المقدرة على استخدامه كسلاح للاغراء .!
وراح شكسبير مصورا لها من كتاب ( حياوات ) وجعلها تخدع انطونيو بوصفها له على انه ( اعظم جندي في العالم ) مع انه لم يكن بالتاكيد هكذا .وقال عنها" أينوباربوس" في مسرحيته : " لا يهنْ منها الهرم ولا ينال الاعتياد من قدرتها التي ليس لها حد على التنوع " ..
اما " برناردشو " فصورها على انها فتاة بلهاء عندما ااعتلت عرش مصر وهي في سن السابعة عشرة ، وبقيت على هذا الحال حتى لقيت مصيرها المأساوي بعد عشرين عاما حيث كان " الاغواء "سلاحها مع انها لم تمتلك الجمال بذلك المقياس . والتساؤل يبقى ـ هل كانت هذه الملكة الاغريقية قادرة على الحب ؟
مما تجدر به الاشارة الى ان الملوك في تلك الحقبة تغلب عليهم صفة الآلوهية ، ولا يمكن للحب ان يقع بين الآلهة وعامة الناس ، حتىى ان حكام هذا الزمن يسبغونها على انفسهم .واتخذ الفراعنه هذا السبب ليبرروا زواجهم من اخواتهم وبناتهم على ان لا يجوز للآلهة الانجاب من امهات من صنف البشر . اذ كانوا يتقاسمون العروش وما لها من ابّهة وسلطة . والحب بذات الطريقة كان احدى الوظائف التي يمارسها الكهان على طريقة ( راسبوتين ) . ويؤكد الباحث ان امرأة في دهاء" كيلوباطرة" وداهيتها كانت بمقياس الحب على الاقل وهي تجيد لغات عديدة لا يمكن ان تكون دماؤها اغريقية بحتة ، والكل يعرف انها تزوجت اخاها وقطعت رقبته وعندما رأت ان روما هي العدو راحت معاشرة ( بومبي الاب ) ومن ثم ( يوليوس القيصر ) وانجبت منه صبيا كانت تأمل ان تجعل منه امبراطورا فرعونيا ، وبعد ان خسر يوليوس حياته ثمنا لطموحه فجاءت لمصر بفرعون روماني هو ( انطونيو ) الذي لربما كانت خيبته في الحب افدح من نكسته في الحرب ! فراحت كيلوباطرة مراهنة على " الحصان الخاسر" هذه المرة بعد ان انجبت منه ثلاثة اولاد ، فيجعلها شكسبير ان تظهر الحزن على انطونيو وتعلن انها تنحدر الى العالم الادنى هاجرة عنصريها الاخرَين " النار والهواء " هل هذا يعني انها كانت قادرة على الحب ؟؟
يبقى التساؤل كما يراه الفيلسوف والعالم النفساني الشهير " ايــريك فــروم " ، ان الحب ليس فقط الارتباط بالحبيب ، ويعرفه في كتابه ( فــن المحبــة ) ، الحب سلوك انساني سامي ، وليس بالضرورة ان يحدد بشخص ما ، بل انه توجه يدل على علاقة الفرد بالعالم ككل ، وان احب الفرد شخصا بمفرده واستبعد العالم فهذا لم يكن حبا ً ، بل انه تضخيم للذات والأنــا . وراح مسترسلا في تعريف الحب ، على انه " الحس بالمسؤولية والاحترام اتجاه كل كائن ، اي انه الحب الاخوي الذي يتبادله الاكفّاء . والأكفاء ايضا ليسوا متساوون . فلكوننا كائنات آدمية فنحن بحاجة الى العون ، والحب يُوَجَه الى مَنْ يحتاجه . والحب الحقيقي هو الذي ياتي خالصا من حاجة الفرد اليه .
ويعلق " فــروم " على سلفه ( سيجموند فرويد ) : ان اعتراضي عليه ليس من مبالغة في واقعية الجنس ، وانما لم يستطع ان يستوعبه ويفهمه !
ولو فُسّرَت مفاهيم فرويد بحيث لا تنحصر ضمن وظائف الاعضاء ، وانما امتدت الى دائرة الوجود والحياة .
" فهل يمكن للقادة بتلك المفاهيم ان يحبوا شعوبهم " ؟ ضمن نظرية " فرويد " في التعويض التي تقول ان الحرمان هو ما دفع " حمورابي وبختنصّر وهانيبال " الى نشر الدمار والعنف ، وفي مسرحية الطريق الى روما للكاتب المسرحي الامريكي ( روبرت شيروت ) يصور فيها ان ان هانيبال سحب جيشه من اوروبا بعد ليلة قضاها مع زوجة القائد الروماني ( فابيــوس ) والاثينية التي رأت " أن الحب خير دواء للحرب " ..
اذن هل كانت " كيلوباطرة " تحب شعبها ؟ ام مجرد ( حب الانا ) ؟
حقيقة لو كانت هذه الملكة قادرة على الحب لما حولت الشعب الى ببغاء ، عقله في أُذُنيه ، ولما جعلته يملأ الدنيا هتافا ً بحياة قاتليه ، ويقلب هزيمة " اكتيوم الى نكسة ". وقد رأى ( أينوباريوس) فيها السلطة وما صاحبها من ظواهر وبواطن الأبّهة والبذخ ، اي امتيازات السلطة او الوظيفة تجعل الحكام والقادة واصحاب الأمتياز ان يفقدون القدرة على الحب مما يحتم ان يقع لهم ما جرى لثلاثة رؤساء امريكيين في قرن وربع القرن وامتدت عصا الـتأديب الى دول الفلبين واندونيسيا . فلو تعلم الحكام ( فن المحبة ) لانحلت مشاكل الكون كلها من الأيدز حتى سخونة الكوكب ..
لابد لكل منا قد عرف بعض الشئ عن واحدة من الاساطير الكثيرة التي ابدى اجداد كيلوباترا وصنعوا منها اجيالا من الدراما . وهي قصة الأمير ( أوديب ) .. صُنعت واجريت منها تجارب عدة على العواطف البشرية حتى اصبحت مدرسة للدارسين فيما بعد . ولا زالت احداثها قابلة ان تحدث ، كتلك القصة التي حدثت مع ( ليوس ملك طيبة ) الذي رزق طفلا بعد انتظار طويل ولكن الوحي جاء به على ان هذا الوليد سيقتل اباه ويتزوج امه عندما يكبر ،والملك غير مُلام عندما صدق هذه النبوءة ، ولكن كيف لم يخطر في باله انه لو قتل المولود فان امكان التخلص منه هو دليل قاطع على فساد هذه النبوءة وعلى عدم ضرورة هذا الأجراء .
ما نود الوصول اليه هو ان الفظاظة عند الحكام هي توأم الغباء والجهالة ، والسلطة والتحكم في مقدرة الشعوب ليس ما يفسدهم وانما الحاكم يكون بهذا القياس بهيمــا ً لا يندفع الاّ وراء غرائزه ، ومثلث الغريزة عنده يتكون من ضلع واحد فقط وهو ( الغريزة ) اما ال ( عقل ) فبليييد ، وال ( عواطف ) شوهاء منحطة ..
كازانوفـــا ، الذي عُرف بملك ملوك الغرام ومضرب المثل في كل زمان ومكان ، وزير النساء في كل انحاء اوروبا طوال القرن الثامن عشر، تقابل مع قتاة لاول مرة فوقع في حبها ، واحس انه يعرفها من زمان ! وعندما اقدم الىى امها لطلب يدها صاحت به معشوقته القديمة ( جاكومو ! هذه ابنتك ) !
الى هذا الحد يرتبط الحب بالوعي عند بني الانسان حتى عند كبار المحبين ..
اذن بمــاذا نحب ؟
وهل الحب قوة ام ضعف ؟
وهل بامكاننا ان نرتقي بالحب ؟
الحلقة (2) ...
عن ــ عمانيات
الفيلسوف والعالم النفساني الالمانـــي " أيـريــــك فـــروم "

اعـــــداد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سندس سالم النجار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 8 / 4 - 17:16 )
السيدة المحترمة، المادة لطيفة وجميلة إسمحي لي فقط بتعليق قصير جداً : نعم الرؤساء يحبون ومن الحب ما قتل. هنا جوهر أزمة الرئيس أو الفرعون الحب القاتل للشعب.سئل أحد الرؤساء مرة سيدي هل أنت متزوج قال نعم أنا تزوجت القضية. ومن الحب ما قتل.

اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا