الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتي لا نخسر - ذاتنا - السياسية

عصام عبدالله

2009 / 8 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



في عام 1913 بدأ عالم النفس " سيجموند فرويد " - Freud في نشر سلسلة من المقالات عن " الطوطم والتابو " ، حاول فيها إثبات وجود تشابه بين حياة الإنسان البدائي النفسية والمصابين بأمراض نفسية . ورأي أن الأب هو أساس " عقدة أوديب " ، حسب الأسطورة اليونانية .
فقد صوّر الأب البدائي علـى أنـه إنسان عنيف ، شديد الغيرة ، يحتفظ لنفسه بكل إناث القبيلة ، ويطرد أبناءه عندما يصبحون في سن الشباب . فما كان من هؤلاء ( الأخوة ) المطرودين الذين عانوا من القمع الجنسي ، إلا أن تجمعوا وقرروا محاربة التسلط الأبوي، فقتلوا والدهم وأكلوه (يعتبر فرويد أنه خلال عملية الابتلاع حقق الأبناء تماثلهم مع والدهم بإمتلاك كل منهم جزءا من قوته) .
وبعدما تخلصوا منه وحققوا تماثلهم معه، شعروا بعقدة الذنب، وبالرغبـة فـي التكفير عن خطأهم ، فاتخذوا قرارا بمنع قتـل الأب فــي القبيلة (الطوطم) ومنع قيام علاقات جنسية مع نساء الأب (المحرّم).
وقد لعبت فكرة " الأخوة " دورا مهما في نشأة الديموقراطية اليونانية ، علي أنقاض النظام ( الأبوي ) التسلطي ، ونشأة الأحزاب وفكرة الجماعة السياسية ، التي تنتمي إلي برنامج واحد وهدف واحد واستراتيجية واحدة ، فضلا عن الألتزام الحزبي . كما ساهمت في ميلاد مفهوم ( المواطنة ) بالمعني الحديث ، وأصبحت أحد مبادئ الثورة الفرنسية عام 1789 : الحرية ، الأخاء ، المساواة .
ففي عصر النهضة الأوروبية أو الرنيسانس - Renaissance، " أصبح الخيار المطروح أمام الأوروبي العادي، هو خيار بين ( الأخوة ) في الدين كما كانت تبشر الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطي ، أو ( الأخوة ) في الوطن كما كان يبشر أكثر مفكري النهضة ، وحسم هذا الخيار في حرب المائة عام ، من القرن الخامس عشر وحتى القرن السادس عشر، بين إنجلترا وفرنسا، بانفصال كل منهما عن الأخرى بوصفهما دولتين، ولغتين متمايزتين " ، كما يقول الدكتور لويس عوض في كتابه " ثورة الفكر في عصر النهضة الأوروبية " ص - 104.
المرحلة الثانية " للمواطنة " بدأت من إعلان حقوق الإنسان والمواطن في عصر الثورة الفرنسية عام 1789 وحتي انهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية عام 1989 ، لتبدأ المرحلة الثالثة منذ أوائل التسعينيات من القرن العشرين وتستمر معنا إلي اليوم ، وهي مرحلة " المواطنة العالمية " التي يحذرنا منها الفيلسوف الفرنسي المعاصر " جاك دريدا " ، فما هي حجته ؟

يقول : " الأخوة " العالمية ، لا يمكن أن تتحقق عمليا ، إلا بوجود " أعداء " محتملين ، أيا كان اسمهم ورسمهم ونوعيتهم . والمشكلة هي أن القضاء علي هؤلاء ( الأعداء ) هو ( في الوقت نفسه ) قضاء علي هذه ( الأخوة ) المزعومة نفسها . إذ لا توجد " أخوة " في غياب " الأعدء " . و " حين نفقد العدو – في مجال السياسة - نخسر ( ذاتنا ) السياسية أيضا " .
إن ما يقصده " دريدا " هو : علينا أن نتعامل مع " الآخر " – The Other بوصفه ( آخر ) وليس بوصفه صورة مطابقة للذات ، كما هو الحال مع فكرة ( الأخوة ) بمختلف تجلياتها ومراحلها ، وهي فكرة لا تسود الفلسفة الغربية وحسب ، وإنما كل المجتمعات الأخواتية والقبائلية والعشائرية أيضا ، التي تمجد " الاخ ". يقول " أبو حيان التوحيدي " : " الصديق آخر هو أنت " ، أي نسخة كربونية من الذات وليس (آخر) في اختلافه ، على العكس تماما مما يدعو إليه " دريدا " .
وفي كتابه " مارقون " ، يحذرنا " دريدا " أيضا من خطورة الديمقراطية القادمة ، يقول : " لا خطر علي الديمقراطية القادمة ( في عصر العولمة ) إلا من حيث توجد ( الأخوة ) ، ليست بالضبط ( الأخوة ) التي نعرفها بالمعني البيولوجي ، ولكن حين تصنع ( الأخوة ) القانون ، وتسود ( دكتاتورية سياسية ) بإسم الأخوة ... فالدعوة الي( الأخوة ) العالمية ) اليوم ، سوف تلغي الخصوصية والهوية والاستقلال ، وكل حق في الاختلاف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر