الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خروج أبطحي على -المخمل-

هوشنك بروكا

2009 / 8 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وصف البعض ممن تابع السبت محاكمة البعض من أركان المعارضة الإيرانية(أبرزهم نائب رئيس الجمهورية الأسبق محمد علي أبطحي نجل آية الله حسن أبطحي، ووزير الصناعة الأسبق بهزاد نبوي، ومحسن أمين زادة وكيل الخارجية الأسبق، والناطق بإسم الحكومة الأسبق عبدالله رمضان زادة، والنائب الأسبق محسن ميرد عمادي) الذين مثلوا أمام "محكمة الثورة" السيئة الصيت، وصف البعض المراقب "اعترافات أبطحي" ب"القنبلة السياسية" التي هزت الشارع الإيراني من أقصاه إلى أقصاه.

ففي الوقت الذي قلّل البعض من تأثير هذه الإعترافات على مسار "الثورة المستمرة في مخملها" وحراكيتها، التي يصر قادتها الإصلاحيين(مير حسين موسوي وكروبي وخاتمي ورفسنجاني) على ضرورة التغيير والإصلاح في إيران، وبالتالي إحداث ثورة داخل ثورة، بالغ آخرون من إمكانية تأثير تلك الإعترافات على القادم من مصير هذه الثورة ، ورموزها وأنصارها "المخمليين"، إلى درجة تمكّنها من إجهاض الثورة، أو وأدها، أو تفكيكها كأضعف الإيمان.

ولكن قادة المعارضة، حسموا هذ الجدل بُعيد انتشار "أعترافات" أبطحي في الشارع الإيراني كالنار في الهشيم، بأكثر من تصريحٍ، أكدوا فيه على "ضرورة الإصرار على المعارضة تحت سقف الدستور"، وكرروا دعواتهم لشارعهم الإيراني المعارض، لمواجهة حكومة أحمدي نجاد "اللاشرعية"، في القادم من الزمان، إلى أن يتم الإذعان لرأي الشعب، على حد قولهم.

المعارضة الإيرانية شكّكت في "شرعية" مجريات المحكمة، لأنها اعتمدت في اجراءاتها على اعترافات اخذت من المتهمين في ظروف معينة لا يمكن الركون اليها"، عليه فإنّ "هذه المحاكمات ستهدم الثقة بالمؤسسة الاسلامية الحاكمة في ايران"، حسبما جاء في بيان للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.

والجدير بالذكر، كبادرةٍ أراها إيجابية، هو أنّ المعارضة الإيرانية لم "تخوّن"(كما هو العادة في الشرق السياسي) أبطحي بإعتباره واحداً من رموزها المخمليين، الذي أدلى ب"إعترافاتٍ خطيرة"، انقلب فيها على الثورة ومخملها، و"كذّب" البعض من رفاقه(على رأسهم خاتمي ورفسنجاني ومير حسين موسوي)، الذي اتهمهم ب"التحالف الإنتقامي" ضد الثورة، بأنهم "اختلقوا كذبة تزوير الإنتخابات التي لا أساس لها، لتمرير انتقامهم وتحقيق ما تحالفوا وأقسموا عليه"، حسب اعترافه. وإنما اعتبرته المعارضة "مكرهاً"، للإدلاء بإعترافات ترضي القائمين على رأس النظام، تم انتزاعها منه تحت ظروف قاسية ومكرهة تعرّض لها مع زملائه الآخرين.

ومن يعرف ما تسمى ب"محاكم الثورة" التي أنشئت بعيد الثورة الخمينية سنة 1979، خصيصاً لضرب وتصفية كل من يقف بوجه "مبادئ الثورة" و"وليها الفقيه"، سيدرك أنّ "وراء هذه المحاكم ما وراءها"، وأنّ من "يده في النار ليس كمن يده في الماء".

هذه المحاكم التي نفذّت، قبل ثلاثين عاماً، حكم الإعدام على المئات من المسؤولين الكبار في الدولة زمان الشاه(حوالي 550 مسؤولاً)، وذلك بأمر من "قاضي الثورة" آنذاك المعروف ب"القاضي الأحمر" صادق خلخالي، بذريعة "الخيانة العظمة"، و"العداء للثورة"، و"الإخلال بالأمن القومي الإيراني"، و"العمالة للخارج"، و"الإفتراء على مؤسس الجمهورية الإسلامية"، هي ذاتها اليوم، التي تحاكم بإسم "الثورة الخمينية" ذاتها، إصلاحيي إيران اليوم، الذي يريدون إيران أكثر انفتاحاً، وأكثر مخمليةً، وأكثر حواراً مع الذات ومع الآخر.

فالتهم التي كانت توجه قبل ثلاثين عاماً إلى الخارجين على الخميني و"آياته" وثورته، فرساً وأكراداً وعرباً وبلوش، وآذريين، وتركمان...إلخ، هي ذاتها التي توجه اليوم إلى إصلاحيي إيران، الخارجين على "النظام الإيراني"، الذين يواجهون أحكام الإعدام والقتل والرجم ذاتها.

ما نطق به محمد علي أبطحي، بالقول: "أنّ تزوير الإنتخابات هي مجرد كذبة ركبتها رموز المعارضة، لضرب الشرعية في إيران"، هو كما يبدو لأي عقل بشري بديهي، نتيجة بديهية، لما يمكن أن تقوم بها أجهزة الثورة السرية من "إجراءات ضرورية ممكنة"، وبالتالي لما يمكن أن تركبه أو ترتكبه من أسباب ومسببات، دفعت بأبطحي إلى قول ما يجب أن يقوله أي "معترف مكرَه"، مهدد تحت التعذيب بحكم الإعدام الممكن.
هذا فضلاً عن أنه أجبر على تناول "عقاقير مجهولة" أثناء احتجازه على خلفية الإحتجاجات على نتائج الإنتخابات، حسبما جاء في تصريحٍ سابق لزوجته.

ما سكت عنه أبطحي، كما يبدو من سيرة "محاكم الثورة" السيئة الصيت، هو بكل تأكيد أعظم بكثير مما نطق به.
فهو سكت عن الكثير الكثير مما جرى له ولزملائه "المخمليين" المئة الآخرين، وراء "قضبان الثورة" و"أحمر أياتها"؟

فهو لم يخبر أقرباءه المقربين، عن أسباب فقدانه لأكثر من 25 كغ من وزنه خلال أسابيع!
هو لم يخبرنا، نحن البعيدين أيضاً، عما مارسته أجهزة الثورة السرية من تعذيبٍ وتهديدٍ ممكنٍ بالإعدام وفتحٍ مبينٍ لملفاته الشحصية، من ألفها إلى يائها.
هو لم يخبرنا عن "الصفقات السرية" الممكنة، التي عقدتها معه "آيات الثورة"، لإنقاذ حياته، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الثورة الباقية، والباقي من "رأسها الأقدس" الخميني، وآياته وفقهائه، و"ولايته المقدسة الأبدية الخالدة"؟
هو لم يخبرنا عن "خوفه البشري"، كأي إنسان من لحمٍ ودم، من أن تأكله الثورة، كما هي عادة كل الثورات على امتداد الزمان والمكان في هذا العالم، التي تتخصص وتجتهد في قضم وأكل أبناءها، وتقتل من ثم، وتصفّي وتنهي نفسها بنفسها!
وأخيراً وليس آخراً، هو لم يخبرنا، ما سوف تتفتق بها قريحته، إذا لم تخونه بالطبع ذاكرته، حين يباشر بكتابة مذكراته، عن إيران الثورتين، السابقة واللاحقة،؛ ثورة الخميني "الآياتية"، وثورة الإصلاحيين "المخملية"!

لا شك، أن أبطحي قد أنقذ ب"إعترافاته" هذه و"سكوته" عن "آيات الثورة" المسكوتة عنها منذ ثلاثين عاماً، حياته كإنسان، من ظلام السجن الطويل الممكن، وحبال مشانق الثورة الممكنة، التي أكلت الكثيرين من أبنائها ولا تزال، ولكنه قضى في المقابل، على حياته، سياسياً، ك"زعيم مخملي إصلاحي"، تاركاً المشهد السياسي في إيران، يغلي بين أبناء الثورتين؛ "ثورة الآيات الثابتة"، و"ثورة المخمليات المتحركة".

ولكن السؤال الذي يبقى من خروج أبطحي على المخمل، هو:
هل سيذكّر أبطحي في القادم من مذكراته، إيران وشعوبها، ب"حديد ونار" ثورتها التي "ترفض كل أبناءها الصادقين كإسمه"، كما جاء في مذكرات القاضي الأحمر صادق خلخالي، أم أنه سيسكت عن "إيران المسكوتة عنها" منذ عقودٍ ثلاثة، كسواه من المنزوين في صمتهم و"سكوتهم الذي من ذهبٍ"، المنسحبين من "إيران السياسة"، إلى ال"إيرانات الأخرى"، وما حواليها من أشياء أخرى كثيرة، إلى الأبد؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال


.. القوى السياسية الشيعية تماطل في تحديد جلسة اختيار رئيس للبرل




.. 106-Al-Baqarah