الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص الشعري عند ظبية خميس

فاطمة الشيدي

2009 / 8 / 6
الادب والفن


مدخل مفتتن:
أن تجرد قلمك للكتابة عن ظبية خميس؛ فهي حالة تشبه حالة الاستعداد للمشي على الماء أو على النار، أو كلاهما معا وفي ذات الوقت، فتلك الـ(ظبية) الفارة من تخوم القبيلة إلى حواف الفكرة، إلى منتهى الرفض اللغوي والشعري والثقافي والفكري، هي حالة جديرة بالتأمل أكثر منها بالكتابة، المرأة الذاهبة بكلها باتجاه اللغة والإبداع والثقافة والفكر.
"ظبية خميس" التي ضربت بأجنحتها كيمامة لتفر من قيد مسبق الصنع في مجتمعات قطيعية لا تؤمن بالمختلف، مجتمعات عمياء لا ترى من وظائف المرأة إلا الوظائف الجسدية بمختلف تجلياتها وحضورها، "ظبية خميس" المتوهجة في الكتابة، والتحصيل الأكاديمي، والعمل في مختلف مجالات الفكر والثقافة والسياسة والأدب، والتي أصدرت -وهي لا تزال في قمة عطائها الإبداعي- ما يربو على ثلاثين كتابا منها ستة عشر ديوانا شعريا وهي:(خطوة فوق الأرض 1980- أنا المرأة الأرض كل الضلوع1982- صبابات المهرة العمانية1984- قصائد حب 1985-السلطان يرجم امرأة حبلى بالبحر 1988 -جنة الجنرالات1993- موت العائلة 1993 - انتحار هادئ جداً 1994-القرمزي1994-المشي في أحلام الرومانتيكية 1995 –تلف 1996- البحر، النجوم ، العشب في كف واحدة 1997- خمرة حب عادي 2000 - درجة حميمية 2002 - شغف2005 - روح الشاعرة 2005).
ظبية خميس التي تتقدم شاعرة(بكل قيمتها ومكانتها) مجاورة للجميع، ومنتمية للمشهد بشكل طبيعي خارج مطاولة القامات، فلا تأنس بالقمم، بل وتقدم الآخر، وتهاجم الشللية وعصبة المتجمهرين، ولا تؤمن بالأبراج والقواقع لذا تجد نصوصها وحواراتها في المنتديات والمدونات (مدونتها الخاصة وصفحة الفيس بوك) بكل تواضع ومحبة.
وفي هذه السطور أستحضر ظبية خميس -وهي المتعددة- الشاعرة فقط؛ لأساءل نصها الشعري المتمكن من شعريته، وأحفر مكنوناته الموغلة في الصورة والحلم والمخيلة، وأحاور تجلياته الذاهبة نحو الذاتي والإنساني بذات النسق واليقين.
إن الشاعرة التي تصنع نصها (بامتداح الصنعة) بحرفية صانع متمكن من مزاوجة الثنائيات النقيضية، من القريب والبعيد، ومن المتخيل والواقعي، ومن الحسي والمجرد معا، تستحضر فيه تجليات الروح، وتستلف مفرداته وحنينه من تفاصيل الحياة اليومية، ومن ذاكرة حبلى بالأرض والوطن، ومن مغريات الشفهي اليومي، من المطارات والحنين المتربص، لتذهب به إلى أقصى آفاق المخيلة في البناء والتجريب، ثم ليصب في فكرة الانتصار للإنسان، ولليومي، وللهامشي من الحياة، ولكأنه الحياة ذاتها..
فلسفة النص:
يصدر نص ظبية خميس عن فلسفة عميقة، وإحاطة جذلى بالأعمق من الأشياء، بالنقطة اللامعة في بؤبؤ الحقيقة، وصدر المتصدر منها، ولب البذرة الموغلة في التخفي والركون، إنه النص الأركيولوجي الذي يحفر بؤرة الكامن والتاريخي والبعيد، بشهوة النفض والفض، وبمبحثية الموغل في تاريخ الفكرة والكتابة والميثولوجيا، والذاهب نحو التربص والبحث والتنقيب عن الأبعد والأشهى والأصدق من المعاني والأفكار، فهو نص لغة وفكرة ومعنى، وهو بذلك نص إنساني حميمي وثوري ومتعدد، ولا يصلح أن يكون نصا حياديا أو جزئيا أو ثابتا أو متكررا.
تقول في نص.. شجرة التين
جاء السد إلى الباب
فكسرته.
بعد ذلك دخلت السيول
سيلاً ، سيلاً
خلفت الندوب وراءها
اجترحت الطوب والصخور
أخذت معها كائنات وبشر
وتركت وراءها الكثير من الوحل والطين.
إن هذه الكتابة التي تناوش الفكرة واللغة، وتسير في فلسفتها الخاصة نحو هدم السائد من التقديم للمعنى، تفصح عن شاعرية لا جاهزة، وتخاطر بخلق جلبة تعددية في ذهن المتلقي للشعرية بحساسيتها الجدية والجديدة، ولا نبلها في تقديم السريع والمباشر من المعاني، وبث بعض القلق الذي يؤهل المتلقي المجازف لتتبع مفاد الفكرة البعيدة، والسعي نحو تأسيس وعي قرائي جديد، أو قارئ جديد، يستشعر ضعف الإنسان في هذه المتاهة الكونية، بغاباتها ووحوشها وحروبها، وبداياتها ونهاياتها، كل شيء يذهب بهذا الكائن نحو الضعيف منه، ونحو رعب طافر وحتمي.
تقول أيضا:
صفقت للنادل كي يجيء
وبدلاً منه
جاء قطيع من الأسود
يبحث عن سرب من الظباء.
لا تحتمل المسألة كثيراً من
النقاش
بين أن تختار أن تكون
القاتل أو المقتول.
إن المعنى الذي يقشّر المعتم من الدلالة، ويسرف قي تقصي الإحالات الدافعة نحو بلاغة القراءة الحادة، والجارحة، يجبرك أن تمضي حافي الروح، مستفز الوعي في مناطق السؤال والبحث.
ماذا يريد أن يقول النص؟
هذه لك! أيها القارئ المختلف، أيها الحامل إزميل المعنى، وشمعة التدبر لتسقط الكلام عن عروشه الثقيلة والهشة، وتبحث عن مناورة ألذ، ومعنى أكثر خمولا، وركودا في مخيلة العام، وأكثر استباقا وانتصارا للشعرية في مخيلة الشعر، فـ"الأسود" في كل مكان، و"الظباء" معنى مناسب لنحمّله كل جمال محاصر، والنقاش حلبة الصراع المستعرة، و"القاتل" و"المقتول"، قصة ملتبسة منذ الغراب وهابيل وقابيل.
وتقول في نص.. دار غربة، مستفيدة من المعاني الدينية التي تستند عليها ذاكرتها في بدئية تكوينها المعرفي الجمعي، وموغلة في صناعة معانيها الجديدة من الفلسفة والمنطق، إلى العبثية واللاجدوى.
الدنيا دار الالتهام
الصخر يلتهم الحجر
والبحر يلتهم النهر
الريح تلتهم النسيم
والفيضان يلتهم الكواكب والنجوم.
لا شي على حاله
الحروب من الدغل إلى ناطحات السحاب
والجثث .... الجثث في كل مكان
تحت الأرض ، وفوق الأرض
وفي النفوس ، والأحلام ، وفي
أرصدة البنوك.
دار غربة هي الدنيا
بعوضة تقتل فرعوناً
وبشر يقتل أمماً
وأمم تندثر إلى ما وراء المغيب.
قناص يطارد فريسته
وفريسة تلتهم قناص.
إن هذا النص الذي يجبر القارئ (الذي هو أنا) على عدم اجتزاءه ليشهد القارئ(الذي هو أنت) على انفلات المعنى من قبضة الكلام، ومن سطور اللغة المخاطبة، إلى الحضور الصادم، وإلى المعاني المتوالدة والمنشطرة في لجج وقحة وفجة تجبرنا (أنا وأنت) على متابعة تلك الولادات الحرائقية السريعة والمتداخلة، والعميقة في سيرورتها التشابكية نحو رحم الفكرة المشتقة والخارجة على مدلولات الكلام.
الصورة التي لا تحتفل بالمنطقي، ولا تتورع في بث مرموزاتها في أثير الهواء الرطب الحافل بالشر والشرر، لتقول وتقول، إنها لا تكتفي من التأمل والتأويل، ولا تشبع من فتح الجراح، ولا يرعبها حزن القارئ على ماتبثه من صور غرائبية، تشعل خوفه من الموت والهزيمة والانكسار والرعب الكوني في الغابة البشرية.
الصورة المؤنثة غير النمطية:

نص ظبية الذي يخرج بعسر وليونة من رحم الأنثى الأكثر مرحا من الحياة، والأكثر مكرا من طفلة مدللة، والأكثر محبة من السماء عندما ينزل المطر، ويفيض بالرغبة في السرد والحكي والغناء كالأنثى المشتعلة بالعشق، أو المكتحلة بمهد صغيرها لأول وهلة، يحكي عن الطفولة المتعثرة في أهداب السقوط بفستان أطول من الخطوة، وعن رعشة الموج تسري في الجسد فيخضرّ الربيع على أحراشه وموانيه، وتفتح أدراج الذاكرة بقسوة، وتفض أقفال الفراغات بلا حذر ولا مواربة، وكأنها لم تكن إلا لهكذا دور مفتوح النهايات خلقت..
تقول في نص .. أصداف ــ رنين ــ وقطيع ماعز
(3)
أجهل ما أصبو إليه
أحلامي ساذجة وبسيطة
معقدة ومركبة
وأتخلى عنها مثل فراشة
كل ما لامست النار - تحترق.
(4)
لوحدتي صهوتها
وجوادها ولجامها
ولوحدتي
براري تركض فيها - ولا تتوقف.
(7)
عبثي أن أبني تماثيل رمل
لبشر حين يمرون عليها
لا يدركون أنها هم.
(9)
كيف يمكن
أن لا تكون الروح
مجرد الروح
كل شيء !
(13)
أريد قطيعاً من الماعز
وصحراء شاسعة
وعصى أرعى بها.
وأن أسير وأسير
حتى أعرف الرسولة تلك
التي كانت تنثر من جوفها
كل ذلك المطر.
هكذا تخرج الكلمات من ذات أنثى مؤمنة بالذات بالوحدة، مجروحة بالوعي القابض على منابت الروح، إلى مناطق الرفض والإنكار المنكّهة بالسخرية والعبث والرغبة في العودة للبدائي من الإنسان، للروح وللمراعي وللذات المتأملة الصامتة فقط.
الهم الإنساني صرخة النص:
يشكل نص ظبية خميس في الواضح منه وفي الموارب من معانية، صرخة حادة لظلم الإنسان وظلمته، صرخة ضد العنصرية والتحيز، وضد القهر والفقر، حتى أشد القضايا إيغالا في المصير لتجعل النص قيمة وقضية، وصرخة علنية لا تقبل الهدنة والصمت أو المساومة والرضوخ، وليس أدل على النزعة النصية القتالية ضد القهر والظلم من نص "الزنزانة" الذي تصور فيه الشاعرة باقتدار وصف السجين في الليل والنهار منطلقة من الخاص والداخلي نحو الحميمي الجارح في الذاكرة، ونحو الخارجي الآخر (السجان) بقسوته وظلاميته ، في نص منونودرامي، ورسم متكامل للمشهد..
تقول: "في الليل.. أكاد أجن.. تماما أطفىء الأضواء.. أتغطى جيدا.. أضع المخدّة على رأسي.. ولكن كل شيء يستيقظ ويحيل ذلك السبات.. إلى كابوس أشعث.
أحتمل الجدران في النهار.. أحتمل الصمت.. أحتمل (( أبو بريص )) وهو يتنزه في الغرفة.. أحتمل اللون البني.. أحتمل تلك القضبان لنافذة زجاجها بني هو الآخر.. وستائرها كذلك. أستطيع أن أستمع إلى العصافير التي لا أراها.. وأتخيل الشمس التي لا أحسها.. وأنسى كل شيء آخر.
في الليل تستيقظ الأسئلة.. وفي النهار تصمت الأجوبة.. وبينهما.. أمضي وأجيء.. أخربش على الحيطان.. وأرسم بقلم الكحل وجوها على الدولاب.. وأغطية السرير.. والمخدات.."
إنها ظلال الحكمة الداخلية، وفروضات التأمل المتسامقة الظل في التيه، والغروبات المتكررة التي احترفتها ظبية وعلمتها معنى وقيمة الإنسانية، والغيابات الآثمة التي أخذتها نحو الغربة الإنسانية المستفحلة الوهج والوجع، بمعايشة جميع أطياف الظلم الاجتماعي في المجتمعات العربية وغير العربية.
وهي صبوة الكتابة، وصبابة الروح القائمة على الهدم ونزعة التفكيك، ثم البناء والترميم بالقريب والمستحيل من الرمزي واللغوي في صنعة شعرية مدهشة واستحضارات تشكيلية جمالية وتعاليات شعرية مبدعة.
تقول:
قل للغريب في جوف أرضه
تموت بين غدين وبين زمنين
وتأكلك الأرض ، ولا تأكلها.
أودعت الخزائن أسراري
وأوسدت جثماني التابوت
وحين ختم الصمت على شفاهي المطبقة
ذهب السر الأكبر معي
تاركاً لهم أهداب خيوط تذوب
بين الدهور وبين كلماتهم.
أن في موتي، موتهم
وإن يدفنوني بالأمس
لا يدفنون في موتي، موتهم.
إنها الكتابة الذاهبة نحو النفي والموغلة فيه، والمدشنة لحالة تضامن قصوى مع الكائن بإقصاءاته حتى من قبل ذاته، والمنتبهة بالحس الواعي لفردانية الذات في خضم الجمع، ولخصوصية الصوت وسط الضجيج المتعالي.
الكتابة القائمة على قيمة الحلم في مواجهة الواقع، وقيمة الشعر في تجسير اللغة نحو اللاأيدلوجي، مع ربط حثيث وضمني للشعري مع الأنثروبولوجي والاجتماعي والسياسي والبعد عن غلواء التهويم واللامنطقي من المعاني.
المكان الأرض والوطن:
ولأن الشعر هو حالة إفصاح الذات عن مخزونها العاطفي والثقافي والوجدي والوجعي والشهوي، وكل ما يعتمل في تلك الذات المتجالدة على خارجها، المنسابة مع نصها يأتي نص ظبية خميس مفعما برائحة الذات، والأرض في تناسقية كلية، والتحام ممتزج وكأن لاشيء يقف حاجزا ضد ألم الغربة، إلا الوعي بقيمة الذات، وتهوين حالة الغربة بالوعي بقيمة الأشياء حتى في أبشع أبعادها، فالفلسفة التي تعطي للحجر قيمته، تعلي من قيمة الاغتراب في رسم ملامح الذات المراهنة على الاختلاف أصلا، ولكن الوجد لا يجد مبرراته الكافية للحالة ..
تقول في نص بضاعة النفس
أتراها الأمكنة
تلك التي تفضح شحوبنا
ورغبتنا في الإياب
أتراها الأمكنة
تلك التي نتوق للانعتاق منها
التي تتخذ طعماً ما في حلوقنا فيما بعد
عندما نتذكرها
الأمكنة تصنع أشواقنا ، تكشف خبايانا
تعرفنا على من نحن بقسريتنا
المفاجئة ، وميولنا التي لم نعترف بها ،
انتماءنا المحدد للأشياء ، والأماكن ،
والأصدقاء.
بضاعتنا القديمة التي ردت لنا عبر
الرحيل.
إنها الذات المخلصة للإنصات، وللتأمل الحميمي للداخل والخاص، مستفيدة من الوحدة والفراغ، ومستثمرة كل وظائف الحواس في قراءة تلك الذات، وموظفة كل أدواتها في التدقيق فيما يعتمل في معملها لإنتاج نصها المختلف ..
في نصها (المخالصة) تقول..
أن تملأ الفراغ بالثرثرة
أصوات تسمعها ، تحدثها
أصوات في الرأس
أصوات في الأذن.
أن تفر من لحظة المخالصة
اللحظة تلك
بلا صوت يمتلكك أو تمتلكه.
الإدراك اللحظي للفراغ الكوني الكبير
للصورة ووهمها
للصور المتحركة للعارض ، والمتحول ،
وللزوال كما يحدث لك في كل يوم.
إنها حالة الجني لثمار التأمل، ولحصيلة التجربة في حكمة الكائن التي يسرف تقصي الذات، وتغيراتها، وثباتها ورعونتها، وحالة قسوتها على ملامح الفرح الداخلي، والدهشة الحميمة لصالح الصمت والركون..
نتجنب أقوالنا المكررة ،
بالصمت
نتجنب حركاتنا التي تضرب في الهواء
بالثبات مثل صنم شرقي.
لا يصبح للماضي وجود
ولا للمستقبل
فقط اللحظة ، اللحظة التي تعبر سريعاً
إلى مصيرها.
إنها تهرّب للنص كل ذلك الخوف المريع من تلبس الكائن بذاته، وانفصاله عن كل ما هو خارجه، الخوف من الغربة القصوى، بأن تصل لحالة تجريد ذاتك عن ذاتك، ومخاطبتها ككائن خارجي منفصل، يرعبك بصمته، ويفضحك باستجلاء حالته خارجك ..
نراها أشباحنا ، آئنذاك
تلك التي كناها
وهذه التي تتلبسنا في موقف التبديل.
ومثل قمر يضيء لليلة واحدة
نكتشف أنه نحن
ومثل شهاب ولد للتو
نكتشف أنه نحن.
لا ضوء في القنديل
يخبرنا عن حيواتنا ، الآتية.
إنها حالة حميمة وشهية من السرد الخارجي المنفصل عن الكائن، وكأنها الكتابة من مرآة شقية تعكس صورة الذات في حزنها وغربتها خارج الكائن نفسه، مرآه قاسية تضع التفاصيل الدقيقة للكائن الداخلي في مستوى النظر، ثم تعمد لتجسيرها مع صورته الأخرى الخارجية ضمن مجتمعه لتشعره بالخيبة والهزيمة، وهل الكتابة إلا ذلك؟؟
صمت
عندما نقضم الغضب نجده مراً
وقاسياً كالحجارة.
لاشك أن إخراجه من أمعائنا
يكون صعباً، أيضاً.
ولكي لا نمضغ حجارة الغضب
يتوجب علينا التنفس عميقاً
وتذكر أن "هذا سوف يمضي، أيضاً ".
هكذا تسير قصيدة ظبية خميس محفوفة بصوت الذات المتهدج في صلاة داخلية حميمة، وبـ"الصمت" و"الغربة" و" الغضب" ، "الحزن" و"العشق"، موازية في نصها بين حالات الكائن الداخلية والخارجية، وبين امرأة حكيمة تسير بوعيها بثقل التجربة، وطفلة فراشة تطير بخفة فوق ينابيع الماء لترتوي من جماليات الحياة التي لم ترتوِ منها، ولن تفعل، بين كائن مشغول بكتابة ذاته بمواجدها وأحلامها الصغيرة والكبيرة، وكائن يسمع ويرى استفحال الغابة والشر والجوع والموت المجاني؛ فيحمّل نصه عبء صرخة غصة مستديرة في حنجرته.
وأخيرا لعلها فقط إنها الكتابة بالدم التي يحبها نيتشه إذ يقول:"من كل ما يكتب لست أحب ألا ما يكتبه الإنسان بدمه, اكتب بالدم تجد أن الدم هو الروح" (هكذا تكلم زرادشت)
إن نص "ظبية خميس" الشعري نص عميق ومستفز، فهو نص تأويلي؛ يطرح على كل قارئ مداخله الخاصة للقراءة البعيدة النصية أو الماورائية، ويجبره أن يستكشف بؤرته الباطنية الأعمق، وغاياته غير المباشرة، وتفاصيله المتشعبة ليبلغ لب المعنى، ويتحرك منه في إدراك الفهم، إنه نص جدير بقراءات هرمينوطيقية وأنطولوجية عديدة، تبحث في خصائص هذا النص الجاذبة للمتلقي، واقتراح قراءات متعددة له.

**النصوص من مدونة الشاعرة، ومن دواوينها المنشورة الكترونيا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #شاهد فنان بولندي يحتجّ منفرداً أمام سفارة الاحتلال في بولن


.. بتعرف تعد لحد كام؟! .. حريفة الكورة اتجمعوا على ريد كاربت في




.. نور ا?يهاب تتا?لق على ريد كاربت العرض الخاص لفيلم الحريفة 2


.. في ذكرى وفاته.. أعمال لا تُنسى للفنان القدير صلاح قابيل




.. فنان بولندي يحتج مكبلا ومعصوب العينين أمام السفارة الإسرائيل