الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بطاقتي الشخصية كإلهي لاديني

تنزيه العقيلي

2009 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ككاتب جديد على موقع البحوث والدراسات العلمانية، أحببت في البداية أن أقدم نفسي للقراء الكرام، إذ لا بد من أن يعرفوا شيئا عن الهوية الفكرية لمن يقرأون له. وكنت في البداية أنوي نشر البطاقة الشخصية التعريفية كأول مادة أنشرها على الحوار المتمدن باسمي هذا، ثم عدلت إلى أن أبدأ بمقالة من مقالاتي، والتي كانت مقالة (مخالفة الأحكام الشرعية طاعة لله يثاب عليها مرتكبها)، والآن أحب أن أقدم نفسي للقراء الكرام. وقبل ذلك لا بد من مقدمة.

أقول ما زال ذلك الجزء من العالم ذو الأكثرية المسلمة، والمنعوت بالعالم الإسلامي، يعيش عصور القمع الفكري، والإعدام (المقدس) للحريات، لاسيما الحريات الدينية والفكرية والثقافية والاجتماعية. فالملحد والمرتد عن الإسلام، سواء كان ارتداده إلى الإيمان الفطري أو العقلي اللاديني، أو إلى دين آخر كالمسيحية أو البوذية أو البهائية أو سواها، أو المتحول إلى الإلحاد، وكذلك المنتمي إلى الديانات والمذاهب المحظورة في بعض دول العالم ذي الأكثرية المسلمة، هذا العالم الإسلامي الكافر بقيمة الحرية، ما زال كل هؤلاء المرتدون عن الموروث لا يتمتعون بحرية الإفصاح عن حقيقة ما يؤمنون وما يكفرون به. فمن يقال عنه أنه كفر، فهو إلم يكن معرضا للإعدام الفيزيائي تنفيذا لحكم المرتد عليه، سيُعدَم إعداما معنويا، عبر التسقيط الاجتماعي، ومقاطعة الأهل والأقرباء والأصدقاء، وإذا كان كاتبا فسيعدم ثقافيا، عبر حظر كتبه ومقالاته ورشقه بفتاوى التكفير، وإذا كان سياسيا، فسيكون ذلك انتحاره السياسي.

كل هذا وغيره مما لا يمكن الإفصاح عنه حاليا، دعاني أن أختار اسما مستعارا لنشر مقالاتي، وإن كنت غير متفرغ للكتابة بكثافة في الوقت الحاضر، حتى يحين حلول الظرف الذي يسمح لي بتكثيف كتاباتي في هذا المجال، وبالنسبة لاستخدام الاسم المستعار أقول حتى حلول وقت زوال أسباب التخفي وراء الاسم المستعار، لأسفر عن اسمي الصريح، وأفصح عن كل ما أستطيع الإفصاح عنه.

وقد اخترت (تنزيه) اسما، استيحاءً له من عقيدتي التي أسميها بعقيدة التنزيه، أي تنزيه الله عن مقولات الأديان، فإني أنزه الله وأبرّئه من مقولات الدين، وأدين الدين بما افترى على الله، وأربك حياة الناس عبر قرون وعشرات القرون، وما زال يربكها أيما إرباك، لاسيما عبر تسييس الدين، وما يسمى بالإسلام السياسي بالذات، وكذلك واستتباعا لذلك كل من التشيع السياسي، والتسنن السياسي. كما واخترت (العقيلي) لقبا، لاعتمادي المنهج العقلي، تمييزا له عن المنهجين الديني والعلمي. وفي البداية كنت أنوي اختيار اسم ذي صبغة شيعية هو من أجل الإشارة إلى خلفيتي المذهبية، التي لم أعد أشعر بالانتماء إليها، وذلك كي لا يتصور أن ما سأكتبه في نقد الفكر الشيعي بشكل خاص أنه منطلق من حساسية مذهبية لسني ذي نفس طائفي.



أما عقيدتي، فهي الإيمان العقلي اللاديني، المبني على أساسين، هما تنزيه الله عن مقولات الأديان، ورفض الدين فيما ينسبه إلى الله، ويربك به واقع الإنسان، ويتقاطع مع أساسي العقلانية والإنسانية، وألتقي على الأساسين المذكورين، مع الملحدين العلميين، ومع الدينيين العقليين الإنسانيين العلمانيين.

وأختلف مع الدينيين في اعتماد النصوص الدينية مصدرا لبحث موضوعة وجود الله، وتفصيلات العقيدة الإلهية، وما يترتب عليها في الدنيا من أحكام دينية، وفي الآخرة من جزاء وفق التصور الديني، لا الفلسفي، دون أن أنفي أن بعض مقولات الأديان لا تخلو من صحة، فالأديان، كنتاج بشري حسب ما وصلت إليه من قطع، تتألق سموا ورقيا في بعض جوانبها، وتهبط انحدارا وتسافلا في جوانب أخرى، ويبقى الصحيح والخطأ في عالم الإنسان نسبيين. كما وأختلف مع الأصدقاء الملحدين في اعتماد العلم التجريبي لبحث موضوعة نفي وجود الله، وتبني العقيدة اللاإلهية (atheism)، وأعتبر الفلسفة العقلية وحدها معنية بهذه البحوث، وليس الدين أو العلم، والمبررات التي يقدمها الماديون في تفسير لجوء الإنسان للدين، منها ما هو صحيح، ومنها ما لا يجوز تعميمه على الفهم الديني لكل الدينيين، أو لنقل كل الإلهيين بما فيهم اللادينيين، إذ ليست كل المبررات خرافية، أو عبارة عن تلبية لحاجات نفسية كالإحباط وغيرها، لأن قضية وجود الله قضية فلسفية، تثبت – أو لا تثبت – بالدليل العقلي، وليس بالنصوص الدينية، إلا ما يلتقي منها مع البحوث الفلسفية، ولا علاقة لها بحاجة الإنسان أو عدم حاجته للإيمان بثمة إله، آملا أن أعرض لذلك في مقالات مقبلة بشكل أكثر تفصيلا. وفي كل الأحوال أؤمن أن لكل إنسان وبمحض اختياره أن يكوّن لنفسه عقيدته وفلسفته في الحياة، فلا دعوة ولا تبشير، بل عرض وحوار واختيار حر، وتبقى هذه الأمور شأنا شخصيا محضا، إلا إذا كانت العقيدة تؤسس لمواقف تترتب عليها مما يفضي إلى الكراهة والعداوة والاحتراب، فهنا يجب أن تتدخل النظم الديمقراطية لحفظ المجتمعات من كل ما ذكر، وتحميها من الإيديولوجيات الشمولية والعقائد العدائية، والعدوانية بالفعل أو بالقابلية.

ومع كل ما ذكرت وما لم أذكر، فإن ما أتبناه وما يتبناه غيري، ما هو إلا رؤى بشرية نسبية، يختزن كل صواب من أي منها على ثمة خطأ، وكل خطأ على ثمة صواب، وأرفض مصطلح (الكفر) تعبيرا عما يمكن اعتباره خطأ هنا أو هناك، لأن مفردة (الكفر) هذه مثقلة بالتراكمات التاريخية لثقافة كراهة ومعاداة الآخر المغاير، المعبر عنها قرآنيا «قد بدت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة»، وذلك على لسان إبراهيم مؤسس ما تسمى بالأديان الإبراهيمية أو التوحيدية، سواء كان حقا هو المؤسس الحقيقي والفعلي، أو كان ليس إلا شخصية أسطورية، أو كان شخصية حقيقية حيك عنها الكثير من الأساطير، وسواء كان ما نسب القرآن إليه من قول حقيقة، أو هو من نسج خيال مؤلف القرآن، أو مما أخذه عن مصادر أخرى، مدونة أو شفهية عبر من يُعتقَد أنه تتلمذ على أيديهم قبل أن يعلن نبوته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مراتي
ابو محمد العراقي ( 2009 / 8 / 8 - 22:16 )
اكاد ان اجزم وبعد ان قرات لك المقال الاول والثاني انك قريب مني جدا وانا منذ حوالي السنة ومنذ اطلاعي على موقع الحوار المتمدن وما ينشر فيه وتركيزي على المقالات التي تبحث في مجال العقيدة 0فان عقيدتي بالاديان وخصوصا الدين الاسلامي علما انني شيعيا بدات تتزعزع وتتراجع بسرعة لا استطيع ان اوقفها0المسالة التي لم اجد لها جوابا حتى اللحظة والتي اصبحت بالنسبة لي الدليل المنطقي والعقلي الذي لا يقبل الشك وانتفاء وجود الجنة والنار هو ان جميع الاديان والمعتقدات والطوائف هي بنت البيئة اي انها تؤخذ بالوراثة جيلا بعد جيلا فانا اصبحت اثنا عشريا رغما عني وليس باختياري وهكذا حال كل اصحاب الاديان والمعتقدات السماوية كما يسمونها وغير السماوية 0شكرا لك وانا متلهف لرؤية المزيد0تحياتي


2 - ربما تكون صديقي ضاع مني في زمن العتمة
ابو سلام ( 2009 / 8 / 8 - 22:29 )
كنت مذهول في زمن ما في القرن الماضي في الفلسفة دراسة وتدريس وامسيت بلا فلسفة ولا تدريس تحياتي لكل من يحطم وهم تمكن من العقل


3 - بدايه موفقه
مصلح المعمار ( 2009 / 8 / 9 - 04:26 )
مقاله ممتعة احتوت عدة محاور وكانت كمن يطبخ طعام على نار هادئه ، تحيه لقلمك المستنير يا اخ تنزيه والى المزيد


4 - احسنت...........
أماني ( 2009 / 8 / 9 - 04:42 )
راااااائع جدا موضوع المقال - إلهي لاديني -
وجدتك تقرا كثيرا من افكاري ...انا كنت اسلامية متشدده جدا جدا وتعمقي في الدين وخصوصا في مجال الاسماء والصفات وفقه المراة والتعامل مع المخالف جعلت قناعاتي بهذا الدين تتزعزع كثيرا ...اعلنت تنصري بيني وبين ربي ثم قرات كثيرا عن المسيحية فوجدتها لاتختلف عن الاسلام كثيرا وان كانت افضل منه كثيرا ..اما اليهودية فلا تستاهل حتى الحديث عنها فهي دين القتل وفقط

ولكن مايؤلمني حقا وجعلني اضع يدي تحت خدي من الحيرة واتساءل ببراءة : هل هذه هي الاديان السماوية التي هي رسالة الله لنا؟؟؟

هل الاله الموجود في هذه الاديان الثلاثة هو نفس الاله الذي سنعود له في الاخرة ونحن نرجوا رحمته بنا؟؟؟

هل هذا الاله الذي يعشق قتل خلقة ويميز بين ذكرة وانثاه هو من ساعود له في النهاية؟؟؟

اذا كان هذا هو الاله الحقيقي للكون وهو الاله الفعلي المذكور في الاديان الثلاثة اي ان هذه حقيقة لامفر منها .... فلا املك سوى ان ابكي على حالي ليلا نهارا لاني اعرف كيف ينظر هذا الاله الى الانثى في جميع الاديان السماوية الثلاثة...فكيف احب الهي الذي يعاملني بهذه النظرة الدونية الظالمة القاسية ومن تريد ان تعرف ظلم الاسلام للمراة وتعيشة يوميا فلتعيش في السعودية......ولو ار


5 - Excellent Article
Ahmadinajad ( 2009 / 8 / 9 - 09:33 )
Great piece. we need more of this stuff .


6 - هي خطوة
مختار ملساوي ( 2009 / 8 / 9 - 09:52 )
هي خطوة يجب أن تتلوها خطوات في مسيرة العقل السائر دوما نحو رفض القناعات الملقنة.
هذا الإيمان العقلي لا يضر ولكنه يبقى إيمان، والإيمان غير العلم. الإيمان تسليم بدون برهان يتبناه من يعوزه البرهان. بحثك عن الحقيقه لا بد أن يفضي بك إلى مزيد من الاكتشافات المحررة.
تحياتي


7 - أهلاً بك صديقاً لادينياً
مصباح الحق ( 2009 / 8 / 9 - 10:28 )
حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً على ربوعنا اللادينية.
تحياتي لك


8 - صحيح
مايسترو ( 2009 / 8 / 9 - 12:16 )
أستاذ تنزيه، في البداية أشكرك على مقالتك الثانية هذه والتي فيها أسلوب المقالة المتمكن، لكن يا سيدي على افتراض أن الله موجود ، فإن الأديان الابراهيمية قد نسفت فكرة وجود الله من أساسها، وذلك بسبب التعاليم الخرافية التي التي احتوتها هذه الاديان.


9 - العرب
عقله ( 2009 / 8 / 9 - 14:53 )
العرب متخلفون مائة عام في الوصول إلى الإلحاد


10 - welcome
issa Abujudeh ( 2009 / 8 / 9 - 16:49 )
i send you greetings ,hope that the discussion in this site will help in the battle for progress

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah