الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الرابع)

سامر أبوالقاسم

2009 / 8 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هي كلها رهانات، لا يخضع ترتيبها لمنطق الأولوية، بقدر ما هي تعبير عن الانخراط الفعلي في سياقات الممارسة السياسية، المندمج بعضها في البعض الآخر، والمكمل بعضها للبعض الآخر، لتشكل في نهاية المطاف تلك الإضافة النوعية المطلوبة للرقي بالأداء السياسي للفاعلين، ولخلق شروط الرغبة في الاهتمام والمتابعة والمشاركة في العمل السياسي بالنسبة لعموم الناس، ولترسيخ المفهوم الحقيقي ـ لا التنظيري ـ للنضال الديمقراطي على أرض الواقع، وذلك بالانتقال الواعي من الثقافة الكسولة المرتبطة بالشعار والخطاب والسجال، أو الثقافة "المجتهدة" المتصلة بالنزوعات الانتهازية والوصولية، إلى واقع الفعل السياسي الجاد والمؤثر والمتأثر بالمحيط.

إن حزب الأصالة والمعاصرة ـ كما رأيناه قبل التأسيس إلى الآن ـ هو عبارة عن مشروع سياسي وحدوي بسيط في منطلقه (فعاليات من حركة لكل الديمقراطيين + خمسة أحزاب صغرى)، متشعب في مسارات تحركاته (توسيع تمثيليته السياسية داخل البرلمان بغرفتيه) وتنسيقاته (فريق التجمع والمعاصرة بالبرلمان) وتحالفاته السياسية والتنظيمية، وذلك بالنظر إلى حجم القضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية، التي نعتقد جازمين أنها لا تزال مطروحة للمزيد من التحليل والتدقيق والتمحيص في أفق المؤتمر الثاني للحزب، لمدها بالمزيد من الشحنات الحرارية، وللمزيد من التعبير عن أن المسافة الفاصلة بين حزب الأصالة والمعاصرة، وبين إنجاز مهامه ومسؤولياته تجاه تأهيل الحقل الحزبي والتواصل الجماهيري عن قرب والانخراط الواسع للمواطنات والمواطنين في الاهتمام والتتبع والمشاركة في الشأن السياسي والرفع من نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية ... كما يأملها ويطمح إليها كافة المناضلات والمناضلين، قواعد وقيادات، هي نفس المسافة التي تفصل الحزب عن أخذه لوقته الكافي واللازم للبناء التنظيمي على أسس الجهوية الموسعة.

وليس هذا تهربا من المسئولية، أو تقليلا من حجم حضور الحزب في الساحة السياسية في هذه المرحلة المرتبطة بالاستحقاقات الجماعية المقبلة، التي نوليها اهتماما خاصا بالنظر لما تشكله من أهمية في مسار الحزب على مستوى التنظيم والتمثيلية، بل على العكس من ذلك، فهو مجرد لفت للانتباه بحذر شديد لتلك النسب المائوية المغرضة، التي طرحتها بعض وسائل الإعلام نقلا عن وزير الداخلية، والتي تتكهن للحزب باحتلال المرتبة الأولى على مستوى التمثيلية على الصعيد الوطني بـ % 10.

لأن مثل هذه التكهنات عادة ما تكون، إما لتثبيط عزائم المناضلين والمناضلات العاملات في مجالات الاشتغال التنظيمي والسياسي، محليا وإقليميا وجهويا. وإما لتأليب مختلف الأحزاب المتنافسة على الحزب، وما أكثرها، بل وما أكثر هجوماتها منذ التأسيس إلى الآن، والتي تعاملنا ـ لحدود الساعة ـ بنوع من النبل والحلم في التعاطي والتفاعل معها، والصبر والتحمل لأذى العديد من الأطراف المغرضة المحركة لهذا الحزب أو ذاك، واللين والكياسة في الخطاب والممارسة. وإما لدفع الحزب إلى الانتشاء والغرور اللذين يصيبا العمل السياسي في المقتل جراء ما يولدانه من تباعد بينه وبين مهامه في التنظيم والتمثيل للمواطنات والمواطنين في مجال العمل السياسي.

وفي جميع الحالات، هي تكهنات غالبا ما توظف للحد من قدرة الحزب على المزيد من الانتشار التنظيمي والسياسي على امتداد التراب الوطني، وللحد من اتساع دائرة التعاطف مع الحزب في كافة المدن والقرى، وداخل مختلف الأوساط والفئات والشرائح الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، بما يحول دون تحقيق غاياته وأهدافه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وبما يؤثر سلبا على تمثيليته الحقيقية المستمدة من قدرته على القرب من المواطنات والمواطنين والتواصل معهم على قاعدة احتياجاتهم ومتطلبات عيشهم اليومي.

لذلك وجب لفت انتباه جميع الأطر الحزبية بالأصالة والمعاصرة، إلى أن حدة الهجومات المتتالية لخصوم مشروعنا السياسي، ولجوء بعض الأطراف السياسية الأخرى إلى الصمت المتواطئ مع الحملات المعادية للحزب في الساحة السياسية، وارتباك البعض الآخر واتخاذ موقع المتفرج لما يقع في مثل هذه اللحظات السياسية الحاسمة، وانشغال البعض الآخر بالمشاكل والأعطاب التنظيمية الداخلية التي يعيشها بشكل يومي، كل هذا إذا انضافت إليه ممارسات بعض رجال السلطة التابعين للداخلية في تدبير ملف الانتخابات الجماعية القادمة، وتواطؤات بعض الولاة والعمال وبعض المنتخبين المفسدين في مجموعة من المدن المغربية لطبخ لوائح المرشحين للتحكم في نتائج الاستحقاق الجماعي القادم. فإن الحزب، إن لم يتعامل مع مثل هذا الوضع المنفلتة خيوطه بنوع من الذكاء السياسي المتيقظ، سيعرف العديد من المشاكل على مستوى استثمار تحركاته السياسية والتنظيمية، والتي كانت محكومة بإرادة المساهمة في إعادة الثقة والمصداقية للعمل السياسي ككل، وتخليق الحياة السياسية، والمشاركة في التعبئة من أجل الرفع من نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية على وجه الخصوص، وبناء ذات حزبية قوية ووازنة ومؤثرة ومنافسة في المشهد السياسي المغربي، وذلك من أجل ترسيخ ودعم المشروع التنموي الديمقراطي الحداثي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ