الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأصالة والمعاصرة والتموقف السياسي غير الحذر (الجزء الأول)

سامر أبوالقاسم

2009 / 8 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا شك في أن الفاعلين السياسيين، بجميع أطيافهم ومشاربهم المذهبية والسياسية والاجتماعية، ومن موقع المسئولية الوطنية، التي تعلو على كل الحسابات الجزئية الضيقة بفعل الانتماء والمصير المشتركين، اعترتهم حسرة كبيرة على نتائج الاستحقاقات التشريعية للسابع من شتنبر 2007.

وهي حسرة، على الرغم من أهميتها السياسية في هذه المرحلة من مراحل تطور التجربة السياسية في حالتنا الوطنية، من حيث كونها فتحت العديد من المجالات والإمكانات لافتراضات التفاعل الإيجابي الممكن والمحتمل، إلا أنها لن تشكل عزاء لكافة المواطنات والمواطنين، الذين عانوا طيلة العقود السالفة من كافة أنواع التهميش والإقصاء وانعدام الضمانات الاجتماعية وفقدان الأمل بخصوص آفاق بناتهم وأبنائهم المستقبلية.

ولعل الاهتمام السياسي اليوم الراسخ في أذهان المغاربة قاطبة، هو ذاك الذي يدور في فلك هذه الطينة من الأسئلة: هل كان ضروريا أن يقع "الفأس في الرأس"، وتحصل كارثة السابع من شتنبر لكي يقعد الفاعلون السياسيون لائمون متحسرون على نتائجها، التي ولا شك أنها تعكس أداء مختلف الفرقاء، ابتداء من الدولة إلى آخر فاعل في أصغر موقع من مواقع الفعل السياسي والاجتماعي؟ وهل كانت أطراف "الصراع السياسي" بالمغرب في حاجة إلى كل هذه المآسي الاجتماعية، سواء في فترات المواجهة العنيفة، أو في لحظات التوافق الودي، لكي تصل إلى محطة السابع من شتنبر 2007، ليس لفتح الأفق في اتجاه الطموح الشعبي المأمول، بل لتعميق الهوة والانتقال من مرحلة "العزوف الانتخابي" إلى مرحلة "الرفض السياسي العام"؟

والسؤال الأساسي، الأكبر من هذا وذاك، هو المتمثل في: هل من مصلحة المغرب والمغاربة أن يظلوا في وضعية "صراع سياسي" مدى الحياة، بعدما تحقق من دحر للمستعمر بفضل المقاومة على قاعدة التضامن الشعبي والسياسي؟ هل من الحكمة أن تتعطل آليات التفكير السياسي والتوافق الوطني إلى حد التراجع عن غاية بناء مغرب التنمية والديمقراطية والحداثة، ويبقى المغرب عرضة لمثل هذا "الصراع السياسي" الداخلي، على حساب تقوية قدراته وإمكاناته لمواجهة انعكاسات التحولات الجارية في المدارين الإقليمي والدولي؟

المؤكد مع مرور الوقت، هو أن ملامسة الإجابة عن مجموع هذه الأسئلة، التافه منها والمهم والأكثر أهمية، تكمن في مدى القدرة على صياغة أجوبة حزبية تنظيمية وسياسية مراعية لضرورة فسح المجال للجيل السياسي الجديد، القادر على استلهام الدروس والعبر من التاريخ السياسي المعاصر للمغرب، والقادر على التفاعل مع المكونات والأحداث والوقائع السياسية، بمقاربات لم يتأت للجيل السابق ملامستها، ولا إدراك طبيعة وشكل خيوطها الناظمة، لا لشيء سوى أن التاريخ علمنا أن هكذا يحصل التطور.

فحزب الأصالة والمعاصرة لم تكن ولادته عبر تلك العمليات السياسية القيصرية التي عرفها التاريخ السياسي المغربي الحديث، ولم يكن نتاج الانشطارات السياسية المصلحية التي فجرتها العديد من الخلافات الحزبية الداخلية للعديد من الإطارات السياسية، ولم يكن خلاصة عمليات الاستيراد الهجين للتصورات السياسية/الدينية المتخلفة كما هو واقع حال بعض مكونات المشهد السياسي الحالي، والمؤكد جدا هو أنه لن يكون حاضنا ولا مطية للفاسدين والعابثين بمصير شعب بأكمله. وقد يكون هذا المعطى المرتبط بالنشأة ـ والمنعكس حتما على الطرق والأساليب والوسائل الجديدة في ممارسة العمل السياسي ـ من بين العوامل التي جعلت العديد من الفاعلين والمهتمين تستعصي عليهم عملية تصنيف هذا الفاعل السياسي المعبر عن نزوع جديد خارج مدار التصنيفات التقليدية المعتادة في الساحة السياسية المغربية.

فالحزب إذا، هو خلاصة مجهود لعمل تشاركي شاق ومعقد للعديد من الفاعلين السياسيين والمدنيين، تمحور بالأساس على نوع من التفكير المغاير في سبل العمل على تحقيق شكل من أشكال الارتباط بين الإطار الحزبي والمواطنات والمواطنين، وتبليغهم ـ عبر استراتيجية تواصلية آخذة بعين الاعتبار التراكم الحاصل، لكنها مغايرة للمألوف والمتعارف عليه في الحقل الحزبي المغربي ـ طروحات وأفكار ومواقف الحزب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفتح فضاءات للحوار والنقاش السياسيين حول كل القضايا الوطنية والجهوية والمحلية، والتأثير السياسي الإيجابي في اتجاهات وميول المواطنات والمواطنين السياسية، للمساهمة في تمكينهم من التصرف والممارسة والتمسلك وفق طروحات وأفكار ومواقف سياسية أكثر التصاقا بالواقع، وأكثر ارتباطا بالمعيش اليومي للناس، في المحطات السياسية التي تعرفها بلادنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ملك يسود و يحكم يحتاج دائما الى من يدافع عنه
وسيم المغربي ( 2009 / 8 / 9 - 23:49 )
السيد سامر ابو القاسم
تحياتي لك
دعني اذكرك بما يلي
1) سبب العزوف الكبير عن انتخابات شتنبر 2007 هو يأس الشعب من انتخابات لا تاتي بجديد ولا تؤسس لقرار سياسي جديد و لا تؤثر في صناعة القرار
الناس لم يشاركوا لانهم يعرفون ان هناك برنامجا وحيدا هو البرنامج الملكي
بماذا جاء حزب الاصالة و المعاصرة ؟؟؟ جاء بفكرة تطبيق البرنامج الملكي ...
هل الديمقراطية هي ان نتنافس من اجل تطبيق البرنامج الملكي؟؟؟؟؟
2) في نظرك يا رفيقي السابق هل الاجابة المنطقية على عزوف المغاربة و ياسهم من امكانية اصلاح نظامهم السياسي عبر المشاركة في الانتخابات ... هل الاجابة هي تاسيس حزب ملكي جديد ؟؟؟ ماذا سيكون اثر الحزب لو لم يكن مؤسسه و محركه هو صديق الملك ؟؟؟ ماذا سيكون وزن الحزب لو لم يتم استقطاب الاعيان و المفسدين اليه ؟؟؟؟
3)الحزب لم يكن خلاصة حاجة مجتمعية و لا سياق تاريخي ولا سيرورة سياسية و انما كان امرا سلطانيا و حاجة مخزنية ...
خذ مني هذه يا سيد سامر ابو القاسم
ملك يسود و يحكم يحتاج دائما الى من يدافع عنه
هذا ما تقومون به
تحياتي


2 - ننتظر
بو طارق ( 2009 / 8 / 10 - 01:36 )
والمؤكد جدا هو أنه لن يكون حاضنا ولا مطية للفاسدين والعابثين بمصير شعب بأكمله. وقد يكون هذا المعطى المرتبط بالنشأة ـ والمنعكس حتما على الطرق والأساليب والوسائل الجديدة في ممارسة العمل السياسي ـ ان غدا لنظيره قريب

اخر الافلام

.. طبيب يدعو لإنقاذ فلسطين بحفل التخرج في كندا


.. اللواء الركن محمد الصمادي: في الطائرة الرئاسية يتم اختيار ال




.. صور مباشرة من المسيرة التركية فوق موقع سقوط مروحية #الرئيس_ا


.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي




.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط