الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسماء: وآلية السرد الأسطوري للأديان

نادر قريط

2009 / 8 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقدمة:

لا أدري إن كان سقوط التفاحة باعثا لإكتشاف قانون الجاذبية، فكثير من الأمور تبدأ بسخرية لاذعة، تلتقطها عين ناقدة، ثم تؤول إلى حقيقة جديدة لا يأتيها الباطل..

قبل إكتشاف اللغة المسمارية لوادي النهرين (في القرن 19)، كانت أوروبا تنظر لأسفار العهد القديم بإعتبارها تاريخا حقيقيا للعالم. وما أن بدأت رحلة فك شيفرة ألواح بابل وآشور وأوغاريت، وما سبقها من نقوش مصرية، حتى تكشف غطاء القصص التوراتي وبانت عوراته ومدى إرتباط مقدسه بميثولوجيا الشرق القديم.

مع نهاية القرن العشرين وبعد قرن من التنقيب الأركيولوجي ونبش أرض فلسطين، رفع الكثير الراية البيضاء، فعلوم الأركيولوجيا أثبتت أسطورية عصر الآباء (بين 1800ق.م و970 ق.م ) وأثبتت تهافت روايته، التي حبكت خيوطها مع الأب إبراهيم ثم الخروج من مصر بقيادة موسى وإقتحام كنعان، وصولا للمملكة الموحدة لداوود وسليمان (يهودا والسامرة فيما بعد).

فكل هذه الأحداث أصبحت تراثا قصصيا أنتجته مخيّلة الكهنة والكتبة. لكن التعرف على التراث اللغوي القديم (الآكادي والمصري والأرامي ..إلخ) أدخل علوم اللسانيات في مرحلة معرفية شائكة. و أسقطها أحيانا في دوائر تأولية مغلقة.. وذلك بسبب مقدمات خاطئة فرضت نفسها على ذهنية البحث. فكثير من الباحثين الأوائل كانوا مسكونين بهاجس لاهوتي، لإثبات حقيقة الكتاب المقدس، وتأكيد جغرافيته أو حبيسين للنسق الكرنولوجي وهيمنة الحقب الزمنية المقدسة.. حتى نيوتن نفسه لم يكن قادرا على تحدي فكرة خلق العالم بستة أيام، ولا غاليله الذي إرتجفت مفاصله عندما واجهته المحكمة بقصة يشوع وإقتحامه لكنعان، وكيف أوقف الله الشمس في السماء. وهذا دليل على بطلان نظريته.

المهم أن علوم اللسانيات وبحوث المقارنة شقت طريقها بوعورة.. وإختصارا أود في هذه المطالعة التوقف عند محطات لغوية صرفة، تتناول ظاهرة المكونات والدلالات للأسماء المهمة التي تناولها تراث المقدس (اليهو ـ مسيحي والإسلامي) ففيها يقبع جزء مهم من آلية السرد الأسطوري، وربما يكشف بدون عناء كيف وَظّفت الرواية تلك الأسماء [أغلب الظن أنها ألقاب أطلقها الكتبة ( أو الحكواتية) أثناء بناء الدراما القصصية للأديان]

الأسماء في التراث اليهو ـ مسيحي:

النظر مليا في الأسماء التي أطلقها العهد القديم على الشخصيات المقدسة، تستحق بحثا طويلا لأنها كثيرة جدا وتغطي حقبا زمنية مختلفة، لكن روابطها اللغوية والدلالية (السيمانتية) مع لغات المشرق القديمة لا تحتاج عبقرية لتأويلها، فكثير منها أسماء مركبة منذورة للإله، أو ترتبط بمهنة أو بيئة جغرافية أو تقترن بصفات جسمانية أو معنوية. والكثير منها دُمج مع الإله البابلي الكنعاني “إيل” كإسرائيل وميخائيل.. والبداية تشير إلى سياق قصصي توليفي، ففي سفر التكوين نعلم أن الله أمر “ابرام” بتبديل إسمه ليصبح “إبراهيم” [أب (الكثيرين) أو الأمم] بالتأكيد نحن لا نملك وثائق دامغة حول هذا الإتصال الإبراهيمي بالإله

لكن الملفت أن إبنه ” إسماعيل” (سمع الله) تمت تسميته أيضا من قبل الملاك شخصيا، الذي سمع إستغاثة أمه “هاجر” المصرية في البرية، فرقّ قلبه عليها. بيد أن أمثال الهولندي راينهارد دوزي (1) وقفوا عند إشارة توراتية، تحدثت عن رحيل سبط شمعون ( أحد الإسباط الإثني عشر) أيام الملك شاوول وداوود، وإقامتهم في أرض الحجاز، وهذه الإشارات دعته للإعتقاد بأن قصة إسماعيل (أو إشمعيل) وهاجر التوراتية هي حشو تاريخي أحدثه مدوّنو التوراة متأخراً، لتبرير رحيل آل شمعون، وما دفعه لهذا الإعتقاد، التشابه اللفظي والدلالي بين ” إشمعيل وشمعون” كما أنه برأي البعض مؤشر لبزوغ نجم “العرب” وبالتالي كان على كتبة التوراة التودد لهم ومنحهم شرف القربى، فتركوا الملاك يقول للسيدة هاجر: قومي إحملي الصبيّ وخذي بيده فسأجعله أمة عظيمة. سفر التكوين (19, 21)

وإختصارا يمكن لقارئ التوراة أن يجد عددا لا حصر له من الأمثلة التي ربطت الأسماء بتطور النسيج الروائي للسرد، فإسحق (من ضحك) ويعقوب خرج من رحم أمه ممسكا بعقب توأمه “عيسو” وأيضا فإن عصر ماقبل الطوفان ربط أسماء آدم وحواء بدلالات حادثة الخلق في فردوس عدن (فردوس:لفظ يخص حدائق البيوت في فارس القديمة) ففي تلك الفترة المغرقة بالقدم إعتقد كتبة الأسطورة أن الإله لا يتحدث إلا العبرية ( بالحقيقة هي نفسها الكنعانية)

العهد الجديد:

هنا لا بد من وقفة طويلة، فنحن في حقبة تاريخية شديدة التداخل، تهيمن عليها الثقافة الهلينية (اليونانية الرومانية) ففلسطين، كانت حينها ولاية رومانية تابعة لأغسطس قيصر ومندوبه السامي هيرودوس (ملك اليهودية)، نحن أمام كيان ثقافي تمتع بنوع من الإستقلال الديني منذ أيام الحكم الفارسي لأرحششتا الأول، وتعيين ساقيه “نحميا” حاكما على يهودا. ومع السيطرة الهلينية بدأ هذا الإستقلال الديني يفقد تماسكه إثر إنشقاق طبقتي الصدوقيين والفريسيين. لكن هذه الإستقلالية الدينية اليهودية إستمرت بشكل متذبذب، وصولا للقرن الخامس ميلادي، حتى أن القيصر المسيحي المتزمت والورع تيودوسيوس الأول، أعدم نائبه (حاكم فلسطين) بسبب إهانته لبطريرك اليهود. (2)

لكن التناقض الجدلي والخفي في مفاصل هذا النسيج التاريخي، كان حضور اللغة الآرامية، فالتاريخ يُعلمنا أن يهود الحقبة الهلينية، كانوا يتكلمون الآرامية ويكتبون بعض أدبهم باليونانية (وهذا لغز محيّر، فلماذا تركوا لغة المقدس العبراني؟) لهذا وجب على المسيح أن يتحدث لغة آرامية، كانت قد إمتدت في العالم القديم لتصبح أيضا لغة الثقافة في المشرق القديم، وصولا إلى قصور الساسانيين.

إلا أن قارئ الإناجيل وأعمال الرسل والتراث الكنسي، سيصطدم مباشرة بنوع من المركبات اللغوية، التي تطرح كثيرا من علامات الإستفهام، تصل أحيانا إلى حالة من الإرتباك الشديد والتأويل القسري للأحداث والأسماء.. فلو إستعرضنا قائمة أسماء الرسل وآباء الكنيسة سنجد أنها تخفي هذا الواقع المركب لصيرورة الحدث المسيحي. وبإختصار شديد أقدم فيما يلي إطلالة فيلولوجية قد تساعد في فهم طبيعة السرد الروائي للحدث:

أسماء يشوع ومريم والرسل:

من المثير حقا أن نعرف أن مصادر الأنتيكا الرومانية، التي تناولت قصة “المسيح” كانت ضئيلة، واقتصرت على بعض الإشارات الهزيلة، التي تعرضت لحادثة صلبه دون سيرته وتعاليمه. فجوزيفيوس فلافيوس (3) ذكر مثلا إعدام “يعقوب” ووصفه بأنه أخو يسوع الملقب بالمسيح، بيد أن معظم الباحثين يعتبرون هذه الإشارة حشوا متأخرا (ناهيك عن النقد الحديث الذي يعتبر فلافيوس نفسه أحد مفبركات القرون الوسطى)

أما تيتوس فيُخبر في حولياته عام 117م أن القيصر نيرون إتهم مسيحيين بحرق روما عام 64 م وهؤلاء ينتسبون للمدعو Christus الذي أعدم في عهد تيبريوس بأمر الحامي بيلاطوس.

أيضا فإن سويتون يذكر عام 120م في سيرة القيصر كلاوديوس، أنه قد طرد من روما يهودا إتهموا بالتحريض على الشغب، وهم من أنصار شخص يُسمى Chrestos .. وفي كل الأحوال لا يوجد مصادر (غير كنسية) تؤكد القصة المسيحية..

1ـ أيضا أسم ” يسوع” كان هدية إلهية كما يصفها متى 1:20 في حلم يوسف إذ يخبره الملاك: يا يوسف إبن داوود، لا تخف إن مريم إمرأة لك، فهي حبلى من الروح القدس، وستلد إبنا تسميه يسوع، لأنه يُخلص شعبه من خطاياهم. (إنتهى) ولا أدري لماذا أسماه يسوع فنبوءة أشعيا 14:7تقول: ستلد العذراء إبنا يُدعى “عمانوئيل” أي الله معنا؟

وبالعودة للقاموس نستنتج أن إسم يشوع مركب من جذر”يهوا” والفعل” شوع” (أن تكون نبيلا، أو تطلب عونا ) أو ” يَشع” (خلّص، ساعد) وهكذا فإن تأويله يتطابق مع ما ورد في متى: الله هو المخلّص. وأيضا لا يوجد شهود عيان لتأكيد حلم السيد يوسف. فلا بد من إعتباره لقبا أسقطه عليه السرد الروائي.

2ـ “ماريا “ Maira“: اللفظ اللاتيني لمريم، وتشترك العربية والارامية واليونانية في تلفظه بصيغة “مريم” وهو إسم توراتي لأخت موسى وهارون، ومصدره غامض (البعض يعيده إلى جذر مصري Mry بمعنى: المحبوبة، والبعض إلى جذر عبري Mra بمعنى: سمّن علف (من تسمين العجول) وكإجتهاد شخصي أعتقد أنه يرتبط بالجذر الأرامي Mr وهو لقب للملك الآرامي بمعنى: سيّد، ولا تزال الكنائس الشرقية تطلق على القديسين لقب “مار” مثل مار مارون ومار تقلا.. وبهذا فإن الإسم على الأرجح، لقب تفخيمي أسقطه المؤلف بمعنى: سيدة. (سنأتي لاحقا بمزيد من التفصيل)

3ـ في إنجيل متى 10:1ومرقس 3:16ولوقا 6:12 نعلم بقائمة تضمّ أسماء تلامذة المسيح: أولهم سمعان (بطرس) وأخوه أندراوس ( وكلاهما من صيادي الأسماك قرب بحيرة طبرية) ويعقوب إبن زبدي وأخوه يوحنا وفيليبس وبرتولماوس وتوما ومتى جابي الضرائب، ويعقوب بن حلفى وتدّاوس وسمعان الوطني الغيور ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلم يسوع.

ومع الإختلافات في تلك القائمة، إلا أن سرد الأناجيل يُحدث إلتباسا في عدد من الشخصيات، فتدّاوس مثلا يظهر أحيانا بإسم “يهوذا” وهو غير يهوذا الإسخريوطي كما في إنجيل يوحنا 22: 14 وبما أن الإلتباسات والتفاصيل كثيرة، وبعيدة عن صلب الموضوع، سأقتصر على العرض اللساني وما يتعلق به:

ـ سمعان: أطلق عليه المسيح إسم “بطرس” والكلمة يونانية وتعنى: الصخرة؟؟ وتذكر بمقولة المسيح: بطرس أنت الصخرة وعليها سأبني كنيستي. وهو ينتمي لمنطقة الجليل والسؤال البديهي: لماذا يختار يسوع، الآرامي اللغة، لقبا يونانيا لتلميذه؟

ـ متى: من الأصل العبري ماتيتياهو ويعني: هدية الله، ولا يُوجد ما يؤكد أنه كاتب إنجيل متى

ـ أندراوس أخ سمعان (بطرس): الإسم يوناني، وأي عين بصيرة سترى تناقضا ما، فكيف لعائلة يهودية ذات طقوس توراتية معقدة، أن تطلق على أحد أبنائها إسما يونانيا وعلى الآخر إسما آراميا ـ عبريا؟ أم أن يهود ذلك العصر كانوا مودرن، ومقتنعين بالتعدد الثقافي والأثني ؟ أم أن الصورة التاريخية التي وصلتنا كانت مشوّهة ومستعصية على الفهم؟

ـ يعقوب ابن زبدي وأخوه يوحنا: لا يُوجد ما يؤكد أن الأخير هو صاحب إنجيل يوحنا المعروف

ـ أيضا فيليبوس، وبرتولماوس أسماء يونانية بإمتياز

ـ توما: مشتق من اللفط الآرامي “توأم”

ـ يهوذا الإسخريوطي: إسمه الأول يعود لأحد الأسباط الإثني عشر، أما لقبه فيعود لقرية في اليهودية إسمها إسخريوط، وهو الوحيد الذي ينتمي لليهودية بعكس التلاميذ (الرسل) الآخرين الذين أتو من الجليل.

. بولس: إسمه القديم “شاول” وقد إستبدله، بُعيد إعتناقه المسيحية إئر حصول معجزة أصابته بالعمى، أثناء مطاردته للمسيحين، قرب دمشق. وبولس : كلمة يونانية Paullos وتعني: الصغير

ومن الضرورة بمكان التوقف عند مرقس ولوقا، كونهما من كتبة الإنجيل.

ـمرقس: إسمه مشتق من اللاتينية Mart cosوتعني المنذور لمارس (إله الحرب الروماني) وهذا الإسم كان يُطلق على مواليد شهر مارس

ـ لوقا : إسم لاتيني مشتق من Lucanus، ويطلق على القادمين من منطقة لوكانا في جنوب إيطاليا، ويقول الموروث أن لوقا ولد في أنطاكيا وإعتنق المسيحية على يد بولس وتوفي في اليونان.

بعد هذا الموجز، وبالنظر للإلتباسات الكثيرة في الأسماء ومرجعيتها اللغوية، إضافة إلى تداخل مريمات عديدة في الأحداث (مريم الأم، والمجدلية، وأم يعقوب الصغير)، فقد إستوقفني إسم التلميذ (الصحابي الكبير) يهوذا الإسخريوطي، بإعتباره رمز الخيانة، فهو الذي سلّم المسيح للصلب، مقابل قبضه ثلاثين من الفضة، والغريب أنه الوجيد الذي يرجع بأصوله لمنطقة اليهودية، ناهيك عن إسمه اليهودي الخالص، أما المؤسسون والواعظون الكبار كبولس وبطرس فقد إتخذوا ألقابا يونانية، كذلك هو الحال مع الإنجليين مرقس ولوقا، الذين تدرّعا بأسماء لاتينية؟..

وهذا يوحي بأن التوليف الراوئي للإناجيل تعمد تجريم وشيطنة اليهود، من خلال رمزية الأسماء التي خلعها على أبطال الرواية. ويبدو أن الأمر قد حدث أثناء إعتناق الدولة الرومانية للمسيحية، فكلنا يتذكر كيف أن الوالي بيلاطوس غسل يديه من دم الصديق (يسوع) وكأنه يُعلن براءة روما من دمه، في حين تُركت غوغاء اليهودية المدفوعة من الكهنة وسدنة الهيكل تصرخ: أصلبه أصلبه!!

وفي هذا السياق أنقل نقدا صارما مثلته آراء بالداوفBaldauf كامماير Kammeier الذيّن كانا على قناعة، بأن تأملا عميقا للأناجيل وأعمال الرسل يمنح إنطباعا بأنها كُتبت من أناس لم يعرفوا فلسطين جيداً ولا اليهودية وطقوسها المعقدة، ولم يُلموا باليونانية إلا كلغة أجنبية، مع جهل مطلق بالآرامية!!

الأسماء في التراث الإسلامي:

بداية لابد من التأكيد ان الدراسات الإسلامية عموما، وقعت بين الفينة والفينة ضحية لدوائر تأولية مغلقة، لعدم وجود علوم قاموسية تصلنا بالمرحلة السابقة لعربية سيبويه الكلاسيكية، وأحيانا ظهرت ميول مفرطة لدى بعض الباحثين بإعتماد تأويلات تعتمد مرجعيات لسانية أخرى. إن تأخر التدوين والخط العربي، لايعني مطلقا حداثة اللغة العربية وأسبقية اللغات الكتابية الأخرى عليها، فالعربية كانت أداة مهمة لتفسير لغات الأركيولوجيا، وعليه لا يمكن تجاهل أقدميتها.. إن المؤشرات العامة تدل على أن قاموس (لغة سيبويه) قد إبتلع فيضا هائلا من مفردات وكلمات اللغات القديمة، ووطنها داخل لغة متطورة ذات طاقة حركية عالية.

الملاحظة الثانية تتعلق بطبيعة السؤال عن الأسماء المؤسسة للتراث الإسلامي، فكاتب السطور يعتقد بوجود ثقب زمني يفصل الأحداث المبكرة للإسلام عن مرحلة التدوين، فكلنا يعلم أن سيرة إبن هشام أو تاريخ الواقدي أو الصحاح الستة قد دونت بعد مرور مرحلة طويلة سادها النقل الشفهي. مما جعل تلك الأحداث عرضة للتساؤل التاريخي.خصوصا بوجود صمت للمصادر اليهودية والنسطورية واليعقوبية والقبطية والبزنطية، التي أغمضت عيونها عن لحظات تشكّل الإسلام. وهذا أمر محيّر جدا ؟

وقد جرت محاولات عديدة لرصد التقاطعات اللغوية، عبر دراسات مقارنة، لكن مواجهة مباشرة مع القاموس العربي قد تبدو مفيدة، لتفسير أسماء الشخصيات المؤسسة، وعلاقتها الدلالية بظروف وآلية السرد الروائي..

قبل سنين قرأت “في مدارات صوفية” للراحل هادي العلوي، بأن لفظ محمد مجرد صفة وان إسمه الحقيقي “قثم”.. ملاحظة عابرة لا تحرك عقيرة البحث، ثم تكررت الحالة أثناء مطالعتي للأسباني انطونيو غالا، الذي إعتقد أن إسم طارق بن زياد (فاتح الأندلس) هو حديث العهد في قائمة الأسماء العربية، ومن المستبعد أن يُكنّى به قائد بربري، إذ إن بعض الدراسات النقدية الحديثة تشكك أصلا برواية فتح الأندلس، وتعتبرها حكاية أسطورية لماضي ضبابي، لذا إقترح أن يكون طارق هو تصحيف لإسم قائد قوطي منشق: تاريكس، على وزن رودريكس (لذريق: آخر ملوك القوط)

هذه الإفتراضات دفعت كاتب السطور لإلقاء نظرة على لسان العرب لإبن منظور (ل.ع) والقاموس المحيط للفيروزآبادي (ق.م)، ومقاييس اللغة لأحمد بن فارس (م. ل)، وهو معجم يضم بين محتوياته كتاب العين للفراهيدي، وهو أقدم محاولة قاموسية عربية. وفيما يلي خارطة لبعض الأسماء الإسلامية المؤسسة:

1ـ محمد: مشتق من “الحمد”: الشكر، الرضى والجزاء وقضاء الحق (ق. م) والحمد عكس المذمّة (ل.ع) ويرد أيضا أن: محمد وأَحمد: من أَسماء المصطفى، والمحمد الذي كثرت خصاله المحمودة؛ قال الأَعشى:

إِليك، أَبيتَ اللعنَ، كان كَلالُها ــــــــــــــــ إِلى الماجد القَرْم الجَواد المحمد

قال ابن بري: ومن سُمي في الجاهلية بمحمد سبعة (أشخاص) (4)

أما فولكر بوب (5) فينقل أن أرشيف أوغاريت تضمن أشعارا طقوسية وميثولوجية كنعانية، تحتوي مصطلح “مهمد” الذي إرتبط إستخدامه بالذهب ويعني: الأفضل، في إشارة إلى نقاء الذهب. وقد إحتفظ اللفظ الأوغاريني “محمد” على محتواه الدلالي بمعنى: المنتخب، المختار حتى بداية الإسلام.

2ـ قثم: إسم محمد كما ذكره المرحوم هادي العلوي، وفي اللسان نقرأ مايلي:

وقُثَم اسم رجل مشتق منه، وهو معدول عن قاثِم وهو المُعطي.
ويقال للرجل إذا كان كثير العَطاء. وفي حديث المبعث: أَنت قُثَم، أَنت المُقفَّى، أَنت الحاشر؛ وهذه أَسماء النبي. وكذلك يرد في الصحاح في اللغة: يقال للرجل إذا كان كثير العطاء: مائحٌ قُثَمٌ. وفي كل الحالات نحن أمام ألقاب أو صفات معنوية تُعلي من شأن حاملها

3ـ خديجة: الخديج هو المولود قبل أوانه، ففي القاموس
خَدَجَت الناقةُ أَلقت ولدها قبل أَوانه لغير تمام الأَيام، وإِن كان تامَّ الخَلْق (ل.ع)

4ـ سودة بنت زمعة: السواد نقيض البياض، أما الزمعة فترد كما يلي
ُ الهَنَةُ الزائدةُ الناتئةُ فوق ظِلف الشاة (ل.ع) الزَّمَع: وهي التي تكون خَلف أظلاف الشّاء.
وشبّه بذلك رُذَال الناس (م.ل)

ويخبرنا الموروث أن محمد تزوجها بعد خديجة وكانت إمرأة كبيرة وواعية وجاوزت صباها وخلت ملامحها من الجمال، وبعد زواجه من عائشة إنقبضت لكنها رفضت التسريح وآثرت البقاء. (روي عنها خمسة أحاديث) والخلاصة أنها منحت إسما كئيبا، إضافة لإسم والدها الذي بدا مرذولا !! وكأن الموروث حرمها من الفتوة والجمال، وربط ذلك بإسمها؟ ليبقيها زوجة ثانوية (كومبارس) ؟

5ـ عائشة بنت أبي بكر: وهي أشهر زوجات محمد، نُسب إليها رواية الحديث والفقه، ومصدر إسمها من “العيش” ويقال: عَيْش بني فلان اللبَنُ إِذا كانوا يَعِيشون به، وربما سمَّوا الخبز عَيْشاً. والعائش ذو الحالة الحسَنة، وعائشة اسمُ امرأَة (ل.ع)

وربما يكون الأهم ذكر المصدر العبري للفظ” إيشه” فهو إسم حواء (الأم الميثولوجية للبشر) وعلى العموم فالإسم يتضمن دلالات إيجابية، وأمومة للإسلام المبكر، يناسب ما أناط بها الموروث من مهمات تاريخية كبيرة.

وفي نفس السياق فإن لفظ “بكر” يرد بمعنى فتيّ: البكر من الإبل، ما لم يَبْزُل بعد(م.ل) وفي الحديث: استسلفَ رسولُ الله، من رجل بكرا: وهو الفَتيُّ من الإِبل بمنزلة الغلام من الناس (ل.ع) وبهذا يُمنح أبو بكر إسما محايدا كما الحال مع خديجة.

6ـ حفصة بنت عمر: إحدى زوجات محمد، والحفص يرد في القواميس : حَفَصَ الشيءَ جَمَعَه.
وحَفَص الشيءَ: أَلْقاه
والحَفْصُ زَبيلٌ من جُلودٍ، وقيل: هو زَبِيل صغير من أَدَم (ل.ع) ويقال للزَّبِيل من جُلود حَفْص. (م.ل) وبلمحة بسيطة، يستذكر القارئ القصة الشهيرة أثناء جمع القرآن أيام عثمان، وما روي عن نسخة القرآن التي كتبها عمر على رق، وأودعها بيت حفصة (6) وهذا التماهي بين دلالة إسم حفصة، وقصة الجمع، إشارة مبهرة، لآلية السرد الروائي

وهنا تجدر الإشارة إلى أن إسم عمر، لم ينل حظا من التحليل المعجمي (مع أن الباحث أحمد داوود يربطه بالجذر “مَر” بمعنى سيّد، ولقبه الفاروق يذكر باللفظ الآرامي فاروقا: المخلص) وبكل الأحوال فإسمه يشير إلى مكانته المهمة في التاريخ الإسلامي.

7ـ زينب بنت جحش: إحدى زوجات محمد، عرفت بجمالها، وقصة تطليقها من “زيد” هي أهم مايرد عنها في الموروث. أما القواميس فتخبرنا :
والزَّنَب: السِّمن. الزَّيْنب شجر حسن الـمنظَر، طيِّب الرائحة، وبه سميت المرأَة (ل.ع) والأَرنب: السَّمين، وبه سُمّيت المَرْأةُ زيْنَبَ، أو من زُنابى العَقرب لزُباناها، أو من الزَّيْنب، لشجر حسنِ المنْظَرِ طَيِّب الرّائحة، أو أصلها: زَيْنُ أب (م.ل)

8ـ صفيّة بنت حيي: إحدى زوجات محمد، وهي سبية من بني النضير، يخبرنا الموروث بأن محمد إصطفاها حين ألقى عليها عباءته، وفي باب “صفو” في مقاييس اللغة نجد: والصَّفِيُّ ما اصطفاه الإمام من المَغْنم لنفسه، وقد يسمَّى بالهاء الصَّفِيَّة، والجمع الصَّفَايا. قال:
لك المِرْبَاعُ منها والصَّفايا وحُكمُكَ والنَّشيطةُ والفُضُولُ

والصفو نقيض الكدر، وصفوة كُلِّ شيء: خالصه من صفوة المال (ل.ع)

9ـ عليّ: من العلو، وبإضافة أل التعريف يصبح من أسماء الله، وقد منحه الموروث مقاما يليق بإسمه

10ـ عثمان: وهو الخليفة الثالث، تنسب لعصره نشوب الفتنة ومصرعه وبداية الإنشقاق بين المسلمين، وإسمه “عثم” يرد بمعنى: إساءة جبر العظام، ففي اللسان: وعَثَمَ العظمُ المكسورُ إذا انجَبر على غير استواء (ل.ع) وفي هذا السياق نتذكر لفظ “نعثلة” إذ كان أَعداءُ عثمان يسمونه نَعْثَلاً وفي حديث عائشة: اقْتلوا نعثلاً قَتل اللهُ نعثلاً تعني عثمان
والنّعثلُ: هو الشيخُ الأَحمقُ. (ل.ع)

11ـ أبو سفيان: يقول لسان العرب: السَّفَا: الخِفَّةُ في كلّ شيء، وهو الجَهل. سَفا إذا ضَعُفَ عَقْلُه، وسَفا إذا خَفَّ رُوحُه، وسَفا إذا تعبَّد وتواضع لله، وأَسْفى إذا صارَ سَفيّاً أَي سفيهاً، وسَفاءُ وسِفيان وسَفيان وسُفيان: اسمُ رجل، يُكْسر ويفتح ويضم

12ـ معاوية: من العويّ، وفي نفس الباب نجد: والمُعاويَة الكَلْبَة المُستَحرِمَةُ تَعوي إِلى الكلاب إِذا صَرَفَتْ ويَعْوينَ، وقد تَعاوَت الكلابُ (ل.ع) وببساطة فإن معاوية بن أبي سفيان، قد تلقى طعنة نجلاء من الموروث جعلته، كلبا عاويا وإبن سفيه، ولا حول ولا قوة.

13ـ ماريا القبطية: إحدى زوجات أو سراري محمد. ونظرا لما يحمله الإسم من تقاطعات لسانية وثقافية، أجد من المفيد أن نتوقف عنده مليا، وكما أسلفت أعلاه فإن Maria هي الصيغة اللاتينية، التي ترد في العربية والعبرية والآرامية واليونانية بصيغة “مريم”، وقد إكتسب الإسم قداسة عالية في الإسلام، وأفردت له إحدى سور القرآن..وهناك إجتهادات عديدة لتأويل هذا الإسم (كما أسلفنا)

لكن الملفت والمثير للدهشة، أن المسيحية بدأت بإستخدام إسم “ماريا” في القرن السادس عشر م.، حينها بُدأ بإطلاقه، على أسماء الإناث، وعلى النذور المقدسة والكنائس.

والسؤال الموضوعي: لماذا إستخدمه الأقباط بالصيغة اللاتينية، عند تسمية الإناث، وقبل أوروبا بعشرة قرون؟؟ (على إفتراض أن ماريا القبطية كانت هدية من المقوقس) ولماذا لم تستخدمه بصيغته المعتادة في المشرق “مريم”؟

في الحقيقة لا أملك صورة عن كيفية وروده في المخطوطات القديمة؟ لكن أستغرب تداوله بصيغة “ماريا”؟ والأمر الملفت عدم تواتر الإسم في الفترة المبكرة، وإستبعاده من أسماء الرعيل الأول (7) رغم ما تمتعت به مريم من قدسية. وأعتقد أن البحث في هذه الإشكالية يكشف بسهولة أنماطا من الحشو المتأخر، الذي تعرضت له الرواية أثناء رحلة التأليف

ومن خلال هذه اللمحة السريعة، لخارطة الأسماء والأعلام، يمكن للنقد والعين البصيرة أن تخمّن كيف نُسجت الأحداث الدينية المبكرة، وكيف غُزلت خيوطها، وكيف خلعت على أبطالها مسميات وألقاب وصفات، تناسب أدوارهم المُتخيّلة.

ختاما لا أدري إن كنت بهذا الموجز، قد لمحت سقوط تفاحة نيوتن؟ فكثيرون لمحوا سقوطها قبلي، لكن المعري سبقنا وقال:

لنفسي خلاصٌ من نوائبها … ولا لغيري إلا الكون في العدم

نشر في موقع الأوان


الهوامش:

R. Dozy 1ـ الإسرائيليون في مكة

2ـ إسرائيل شاحاك: التاريخ اليهودي الديانية اليهودية

Antiquitates Judaicae3ـ

4ـقال ابن بري: ومن سمي في الجاهلية بمحمد سبعة: الأَول محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي، وهو الجد الذي يرجع إِليه الفرزدق همام بن غالب والأَقرع بن حابس وبنو عقال، والثاني محمد بن عتوارة الليثي الكناني، والثالث محمد بن أُحَيْحة بن الجُلاح الأَوسي أَحد بني جَحْجَبَى، والرابع محمد بن حُمران بن مالك الجعفي المعروف بالشُّوَيْعِر والخامس محمد بن مسلمة الأَنصاري أَخو بني حارثة، والسادس محمد بن خزاعي بن علقمة، والسابع محمد بن حرماز بن مالك التميمي العمري

5ـ الإسلام المبكر: نقلا عن ـ Cyrus H. Gordon: Ugaritic Manual

6ـ روى أبو نعيم عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: ” لما أمرني أبوبكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر رضي الله عنه- أي : توفي – كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده- أي: على رق من نوع واحد – فلما هلك عمر كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي،

7ـ في كتاب أعلام النساء نعثر على: مريم بنت طارق، التي ترد في طبقات ابن سعد، وهي تُحدث عن عائشة، وهناك مريم الفهري التي شيّدت جامع الأندلسيين في فاس عام 245م، ومريم المدنية (مغنية وردت في أغاني الأصفهاني) ومريم الأنصاري (شاعرة من أشبيلية) إضافة إلى أن التراث الشيعي يلقب “فاطمة” بمريم الكبرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرحبا سيد نادر
علي ( 2009 / 8 / 9 - 19:58 )
كدت أن تكون قاثما هذه المرة فزد قليلا


2 - نافـــــورة افـــــكار
كنعان شماس ايرميا ( 2009 / 8 / 9 - 20:35 )
تحية للاستاذ نــــادر قريع على هذا الجهد الكبيــر والذي يستفز العقل ويحرك الافــــكار ويليق بالحوار المتمدن الواقع بالامكان تاليف كتب على كل سوال اثرتـــــــــه تحية محبة


3 - شكراً
بلاسم ( 2009 / 8 / 9 - 20:37 )
الاستاذ نادر تحية
هذه فكرة جديدة بالنسبة لي وعسى ان تكون حقيقة فاللغة وبأعتقادي هي الماستر كي لكل هذه الدهاليز المقدسة


4 - الشعوب السعيدة هي التي لا تاريخ لها
أبو هاجر: الجزائر ( 2009 / 8 / 9 - 20:42 )
الأستاذ نادر لقد لاحظت بام عيني شوارع وأزقة الشرق مكتظة ومزدحمة بأديانها ومقدساتها إلى درجة الاختناق . صدقني،وقد تستغرب إذا قلت لك، لم اكتشف انني مسلم سني مالكي إلا في المشرق ، نعم الأشقاء هناك اخبروني انني مسلم سني
.اما بخصوص طارق بن زياد فبعض المصادر تقول ان الرجل كان اسود اللون وهذا يعني الكثير.
أيها النادر العربي لك ألف تحية


5 - بعض الاجابة
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 8 / 9 - 21:02 )
صديقي الاستاذ نادر
تحية طيبة
انت تجيب عن جزء من سؤال محير ابحث عن اجابة له باستمرار:
:
الاسماء التي تكتشف في شقف الاحجار واطيان الاثار تحتوي على اسماء ملوك وامراء وكهنة وقادة جيوش بل وحتى عبيد وعاهرات ...
لكن ما من قطعة اثرية تشير مجرد اشارة لاسم نبي من الاف الانبياء الذين تذكرهم الكتب المقدسة لمختلف الديانات !!
لماذا لم يتركوا اثرا ان كان لهم كل هذا الاثر والزخم الروحي في التاريخ ؟
ام انهم موجودين في حنايا الرقم الطينية وخطوط الصلصال باسماء مستعارة اخرى ؟
ولم اسماءهم في الكتب -المقدسة- هي غير الاسماء في الموروث الاركيولوجي؟
ام ...؟
لا ادري كيف اتخلص من صداع هذه الاسئلة ...
حبة باراسيتول واحدة لا تكفي !!
مع محبتي


6 - نصيحتي ان تبتعد عنا
عدنان عاكف ( 2009 / 8 / 9 - 21:24 )
الأستاذ نادر قريط المحترم
أرجو ان تسمح لي بالسؤال التالي : هل المعلومات التي استندت اليها موثوق بها ويمكن اعتمادها في البحث الجاد في حالة ظهور الحاجة اليها، أم هي مجرد شطحات خيال لأصحابها ؟ بمعنى : هل ان هذه المعلومات نتاج لدراسات علمية منهجية ؟
لدي ملاحظتين ليست في صلب الموضوع:
بشأن تفاحة نيوتن : المعلومات المتواضعة لدي تشير الى ان تلك التفاحة قد فجت رؤوسا كثيرة قبل ان تسقط فوق رأس نيوتن، لا بل هناك من اتهمه بالسطو العلمي. وبالمناسبة كنت قبل نحو 15 سنة قرأت لباحث عراقي ( لم أعد أذكر ان كان الأستاذ صادق أطيمش أو رشيد الخيون – مع تحياتي واعتذاري لهما ) ان نفس قصة تلك التفاحة وبنفس المدلول العلمي تقريبا قد وردت في رسائل اخوان الصفا. لو استطعت العثور على تفاحة اخوان الصفا فلك مني طن من التفاح الشامي الطازج.
الملاحظة الثانية تتعلق بنيوتن أيضا واشارتك الى انه - لم يكن قادرا على تحدي فكرة خلق العالم بستة أيام...-. أعتقد سيكون من الظلم ان نلوم نيوتن بسبب عجزه عن التصريح برأي مخالف للرأسي السائد، لو عرفنا ان الفرنسي بوفون، وهو من كبار علماء الطبيعة والجيولوكيا في القرن الثامن عشر ( مدير للمتحف التاريخ الطبيعي في باريس لبضعة عقود ) أشار في كتاب من كتبه الجديدة الى ان عمر الأرض 70


7 - بنظرة اخرى للموضوع
خليل الخالد ( 2009 / 8 / 9 - 21:40 )
تحية للسيد الكاتب:
بنظرة اخرى للموضوع و توفيقا مع القول العربي القائل لكل من اسمه نصيب نجد ان هذا القول ما جاء جزافا.
اما لو سلمنا بصحة ماورد في المقال نجد: ان النقل التواتري ولضرورة الربط و لسهولة الحفظ يستوجب ان يكون الاسم متوافقا مع الفعل واجب التواتر للحفظ ولا اعتقد ان يعاب الاسم في هذه الحالة لضرورة لزومه.


8 - إيضاحات لازمة
المعلم الثاني ( 2009 / 8 / 9 - 22:08 )
مقالة اليوم جادة تتميّز بالمصادر المعترف بها…شكرا للأستاذ نادر قريط

…..دعني أحاول إيجاد بعض التفاسير لمسائل طرحت….

1. (((سمعان: أطلق عليه المسيح إسم “بطرس” والكلمة يونانية وتعنى: الصخرة؟؟ .. لماذا يختار يسوع، الآرامي اللغة، لقبا يونانيا لتلميذه؟ )))

اللقب (أو بالحري الاسم الجديد) الذي اختاره يسوع لسمعان كان (صفاة أو كيفا Cephas ) باللغة الآرامية التي كانا يتحدثان بها... كما يمكنك أن تقرأ في انجيل يوحنا 1:42 حيث يقول (أنت سمعان بن يونا ، وسأدعوك كيفا (أي صخر))…أما (بطرس) فجاءت في الانجيل باليونانية كترجمة للاسم


2. جاء بالمقالة
(((أندراوس أخ سمعان (بطرس): الاسم يونانيّ، وأيّ عين بصيرة سترى تناقضا ما، فكيف لعائلة يهودية ذات طقوس توراتية معقّدة، أن تطلق على أحد أبنائها اسما يونانيا وعلى الآخر اسما آراميا ـ عبريا؟ أم أنّ يهود ذلك العصر كانوا -مودرن-، ومقتنعين بالتعدّد الثقافي والأثني؟ أم أنّ الصورة التاريخية التي وصلتنا كانت مشوّهة ومستعصية على الفهم؟)))

لا شيء غريب في ذلك فإننا وباجماع المؤرخين،نعرف أن اليهود تهلّن جزء كبير منهم واتخذوا أسماء وعادات يونانية وذلك منذ اجتياح الاسكندر للشرق…ونعرف منهم في الاسكندرية (فيلون) و(فلافيوس) يوسفوس ذو


9 - وقفه للتوضح رجاء
مصلح المعمار ( 2009 / 8 / 10 - 03:27 )
تحياتي للأستاذ نادر وبلا شك فهذه المقاله المفيده هي مثال البحث للأستفاده وأفادة الآخرين ، ولي وقفه قصيره مع قولك يا استاذ نادر :
( ولا أدري لماذا أسماه يسوع فنبوءة أشعيا 14:7 تقول : ستلد العذراء إبنا يُدعى “عمانوئيل” أي الله معنا ) ، الحقيقه هناك نبؤتين عن هذا الموضوع للنبي اشعياء ، احداهما التي ذكرتها ، وآخرى تشرح الأولى برقم ٩ : ٦ ويقول فيها اشعياء : ( يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسه على كتفيه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام ) ، لاحظ في الآيه الثانيه اختفت عبارة عمانؤئيل وحل محلها اسما عجيبا ، حيث في الأولى ذكرت ( يدعى) للأستدلال على اللقب وليس الأسم نفسه اما الثانيه فتركت التسميه الى حينه ، ومن هذا نستنتج ان النبي اشعياء كان يتكلم بآلرموز بوحي ولم يكن يعني الأسماء لأنه عاد وشرح معنى عمانوئيل ، كما تكررت كلمة يدعى مرة اخرى وتحققت فيها نبؤة ايشعياء في الآيه ١ : ٣٤ لوقا حين قال يدعى ابن الله وهي تنصب في معنى عبارة عمانؤيل (الله معنا) كلها دلالات تحققت ولا يوجد اي تضارب ، مع التحيه


10 - توجه طيب
جورج خوام ( 2009 / 8 / 10 - 04:30 )
كل الشكر للباحث والناقد الفذ، فهذه الإسقاطات اللسانية تلقى ترحيباً على الأقل وتساعد على الوقوف عند الأسئلة المحرجة المطروحة، ومنها مثلا القلب في نعثل بينما الاسم عثمان.


11 - ردود
نادر قريط ( 2009 / 8 / 10 - 08:24 )
أشكر للأساتذة علي وكنعان إيرميا وبلاسم وجورج خوام على الثناء والتكريم
وللأستاذ أبو هاجر الشكر : مع أني رميت بالمثال عن طارق بن زياد لفت النظر إلى طريقة أنطونيو غالا في التنبيه إلى ندرة إسمه في قائمة الأسماء العربية المبكرة ، وبالمناسبة الطارق بالعربية إسم لنجم، لكنه عمليا يعني للعرب ذكر (الحيوان) الذي يُستخدم في التلقيح .. ويقال : طرق الناقة أي أتاها؟ ولحد الآن تستخدم الصيغة في اللهجات الشامية، لذا فهو يعني النكّاح .. وأستغرب إستخدامه على البشر.
الأستاذ إبراهيم البهرزي: أتفق معك بأن تاريخية الأديان البابلية والمصرية موثقة باللقى الأركيولوجية أكثر من ديانات يهوى (البدوي) الذي لم يكن يقرأ ويكتب بل كان حكواتي يروي تاريخ العطش الصحرواي والنزاع على آبار المياه. مع الود
للدكتور عاكف: عطفا على ماذكرت، أخبرك بأن خشية علماء النهضة كانت مبررة لأنهم واجهوا كاثوليكية عنيفة، إستمرت بحرق الهراطقة حتى القرن18 ، لكن بالنتيجة إستطاع تيار العقل أن يتغلب على الأسطورة بسبب إقدام وشجاعة الكثيرين، وبسبب طبيعة خاصة في المسيحية، كونها قابلة للهزيمة، بعكس الإسلام الذي إمتلك دينامية خاصة للهيمنة الشمولية على العقل.. أما قريط فلم أبحث عنه جيدا قربما أتى من اللهجة كما قيل لي: بمعنى قرط ثوبه: أي شد ح


12 - مقال رائع
الجوكر ( 2009 / 8 / 10 - 09:49 )
شكرا لك


13 - تقدير
متابع ( 2009 / 8 / 10 - 11:18 )
ارفع قبعتي احتراما لهذا الجهد المعرفي الرصين
تحيح لك ياسيدي الكريم


14 - تحية
almotachail ( 2009 / 8 / 10 - 12:04 )
كما دائما تتحفنا بالجديد و الطريف.مجهود علمي رصين.
لي تساؤل بسيط لم ركزتم علي الاسماء الشخصية للبعض و الاسماء الشخصية و الالقاب للبعض الاخر؟
لي رجاء ان تضعوا لافت بدل ملفت فربما هو الاصوب.
تقبلوا تحيتي و شكري...


15 - فلافيوس يوسف وفيلون
المعلم الثاني ( 2009 / 8 / 10 - 13:44 )
سيدي
كتبت في تعليقي رقم 8

(((ونعرف منهم في الاسكندرية (فيلون) و(فلافيوس) يوسفوس ذوي الأسماء اليونانية الرومانية …)))

نعم فيلون
Philo
اسم يوناني

كما أن فلافيوس
Flavius
اسم لاتيني

وقد وضعتهما بين قوسين في تعليقي على الحور المتمدن لتفهم الاسم المقصود من كلامي فقد لاحظت أنك رددت في (الأوان) بأن يوسف اسم عبري وهذا لا خلاف عليه وليس هو المقصود بالطبع !




عن تغيّر أسماء البشر وأسماء المدن والقرى

في (كفر البلاص) نجد (نورا) و(ناديا) و(ماجدة) و (سوزان) وكلها أسماء غربية دخيلة على اللغة العربية...بينما قلما نجد تغيّرا في أسماء الأماكن....فكفر البلاص لم تتحول إلى
Pot Village !!!


كذلك
لا تزال أغلب مدن والقرى في مصر والشام تحمل أسماءها القديمة فرعونية و سامية (طنطا طلخا دمنهور بحمدون مجدل شمس بقعاتا...) لكن الناس لم تعد تتسمى بأنوبيس ومنقرع و حتب حرس أو أهيرام و أكاد و أحاز بل يحملون أسماء عربية

فأسماء الناس تتغير بسرعة بخلاف أسماء الأماكن
تقول :(((عندما تكون كل أسماء القرى والمدن القديمة في سورية ذات منشأ آرامي فهذا يعني أن الحديث عن الهللنة أمر مبالغ به)))

بنفس هذا المنطق أقول ....(ي


16 - أسف للسهو
نادر قريط ( 2009 / 8 / 10 - 14:43 )
فيلو لفظ يوناني ويعني - مُحب- أسف للسهو ، لكني قصدت يوسيفيوس وهو - يوسف - ولم أتعرض لإسمه الثاني.. على كل ، تأوليك لتغيير الأسماء لا يحدث عمليا إلا أثناء تحول اللغة والثقافة لأمة من الأمم ) فالعرب حافظوا على حسن وحسين وعباس وطه منذ 1400 سنة ولم تتغيير بوجود السلاجقة والمغول والمماليك والأتراك والفرنسيين، بسبب إستمرار الثقافة السائدة وحاضنتها اللغوية
ويبدو مفيدا لو تتعرف على كتابات أستاذ اللسانيات المصري كرم خلة ـ للأسف كتبه متوفرة بالألمانية فقط ـ وحسب رأيه فإن لغة التواصل اليونانية القديمة
Lingau Franka
يعود ثلثا مفرداتها إلى المصرية والساميات الغربية.. مع الشكر


17 - مقال ممتع
رشا ممتاز ( 2009 / 8 / 10 - 15:06 )
البتحث المتألق نادر قريط
أستمتعت بقراءة بحثك الشيق

دمت بخير
تحياتى


18 - دراسة أعمق
فضيلة يوسف ( 2009 / 8 / 10 - 16:05 )
تحياتي استاذ نادر
المقالة ممتعة كنت اتمنى ان تكون الكتابة عن الاسماء في التاريخ الاسلامي اكثر عمقا ليستفيد منها غير المتخصصين او المهتمين بتاريخ الاديان مثلي


19 - تعقيب إضافي
نادر قريط ( 2009 / 8 / 10 - 16:29 )
شكرا لمرور الأستاذتين رشا ممتاز وفضيلة يوسف وتفضلهن بالتعليق، وكما أسلفت فالمسح اللساني جاء سريعا وموزعا على حقبة طويلة وبإقتضاب ، وآمل أن تتاح الفرصة لتعميق الرؤية داخل السياق الإسلامي لأن الفضاء اليهو ـ مسيحي قد أشبع بحثاعلى المستوى اللساني وعلم الأثار. مع التحية والتقدير


20 - تعقيب أخير
نادر قريط ( 2009 / 8 / 10 - 16:53 )

وقعت أثناء كتابة تعقيب 2 بخطأ قواعدي (( أرجو المعذرة))

وشكر للسادة الجوكر ومتابع والأستاذ العزيز المتخيّل، وأعلمه بأني ركزت على الأسماء الأكثر شهرة في تعريف الشخصية فأسماء أبو بكر وخديجة كانت محايدة ..أما الأخرى فهي مصاغة ضمن ما أسميته ألية السرد الأسطوري، لتمنح صفات تتناسب مع دورها القصصي ..وأشكره على لفت نظري إلى مشكلة : اللافت والملفت ـ ولا أعرف الفرق الجوهري بينهما ـ

الحقيقة فوجئت وذهلت وأنا أقوم بهذا المسح القاموسي ـ الإيتيمولوجي ـ السريع فقد كنت أتوقع قبل سنتين أن الإسلام يحتفظ بتاريخية معقولة ـ على الأقل في الخطوط العريضة للرواية ـ
وصلني تعقيب مهم وقيم من الأستاذ المعلم الثاني ، ولا أعرف السبب لتعطيل نشره .. بكل الأحوال بلغت الفكرة .. وأتفق جزئيا مع رؤيتك النقدية لكاتابات الدكتور القمني ـ وأفهم دوافعها النفسية والمعرفية ـ ، كما أسجل بنفس الوقت تضامني معه في مواجهة التعصب الديني وضمان سلامته وحريته وحقه في النقد.
مع التحية


21 - مثقف بحق
أبو هزاع ( 2009 / 8 / 10 - 18:04 )
على عكس مثقفي عصر الفلافل يقودنا الأستاذ نادر نحو النور بحرفنته المعهودة ولكن ياأستاذ نادر سؤالي هو حول مدى أهمية اللسانيات مع الأركيولوجيا لفهم الماضي، وهل بإمكاننا وضع يدنا على نبض الحقيقة إذا تتبعنا السيمانتكس فقط؟ مع التحية من معجب دائم...


22 - أستاذ نادر
أبو هزاع ( 2009 / 8 / 10 - 18:06 )
لاأدري إذا وصلك سؤالي حول مدى أهمية اللسانيات مع الأركيولوجيا لتفسير الماضي وهل نحتاج لتعلم معظم اللغات الشرق أوسطية للوصول إلى الحقيقة مع التحية من معجب دائم ومتتبع لفكرك النير...محمد أبو هزاع


23 - للأستاذ أبو هزاع
نادر قريط ( 2009 / 8 / 10 - 19:06 )
شكرا على الإهتمام والسؤال.. بالطبع هناك تكامل بين علم الأركيولوجيا ووعلوم اللسانيات ، لكن المشكلة في تأويل اللقى الأركيولوجية . وبإختصار فغن النقد الحديث لأمثال توماس تومسون ونخبة من النقاد الألمان يقولون إنسوا التاريخ وتعالوا لنبدأ من جديد .. لأن دروس الفلولوجيا الكلاسيكية لأمثال فلهاوزن وتأويلات الأركيولوجيا لمتعصبين توراتيين مثل اولبريت ودو فو لم تعد تنفعنا لأنها تحمل أحكام مسبقة. إنسوا التوراة والإنجيل فهي ليست كتبا للتاريخ بل للإيمان .. ووظيفة العلم ليس إثبات نزول المن والسلوى ,, .. ونفس الشيئ ينطبق على الإسلاميات
وإستكمالا للموضوع ضحكت وأنا أقرأ عن القصة التي يكررها البعض عن أم قرفة التي شقها محمد نصفين .. وتساءلت لماذا دُعيت -أم قرفة- ولماذا تم ربطها بالقرف ؟؟ هذا سؤال يمكن إعتباره تتمة للموضوع وشكرا..


24 - yella
agmir nujenna ( 2011 / 6 / 2 - 00:23 )
youjad fi lugha amazighia kalimet YELLA (ILA) wahia ta3ni alwoujoud fi ma3nah almujarrad, wa hadhihi alkalima qad takunu intakalet ila fer3unia thuma alyahudia watahawal ma3na alwujud ila ma3na ilu- -il- -allah- ka chakhs umathil alwujud fi hed dhatihi famina alma3ruf anna amazighia qadima wa qed ta athar alfara3ina biha waadmajou alkatheer min aliha amazighia fi fer3unia ka AMun Zius, Tanith(athena) inda al ighriq,,,

اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف