الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة فاشلة: كيف أساء نادي شالكه الألماني لنبي الإسلام؟

أحمد حسو

2009 / 8 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الثامن والعشرين من الشهر الماضي نشر الكاتب الألماني من أصل تركي الدكتور يافوز أوزوغوز Yavuz Özoguz مقالة على موقعه الأليكتروني المعروف بـ“Muslim-Markt“ بعنوان: هل يسخر فريق شالكه من النبي محمد؟
وقد استهل أوزوغوز مقالته بهذه الجملة: " لقد اعتاد المسلمون في ألمانيا على تلقي الإهانات والسكوت على التحريض ضدهم في بعض وسائل الإعلام وحتى من قبل السياسيين؛ لكن أن ينضم إلى هذه الجوقة فريق كرة قدم عريق، له جمهور كبير بين المسلمين، فهذا أمر محزن، لكنه ليس جديدا!."
هذه المقالة كانت الشرارة التي أوشكت أن تنتج أزمة بين المسلمين والغرب شبيهة بكارثة الرسوم الكاريكاتورية التي لايزال الطرفان يعانيان من تبعاتها. وقد أعد أوزوغوز العدة جيدا لما خطط له واستهل مقالته باتهامات قدمها كأمور بديهية كي تجد آذانا صاغية وكأن مؤامرة كونية تحاك ضد المسلمين وألمانيا ميدانها: المسلمون يتلقون الإهانات في ألمانيا وهم اعتادوا عليها!؟ كيف؟ لا أحد يعرف؟ وسائل الإعلام والسياسيون يحرضون ضد المسلمين؟ كيف هذا؟ ومن هم هؤلاء السياسيون؟ هل هم قادة الأحزاب الديمقراطية الممثلة في البرلمان أم النازيون الجدد، الأقلية المكروهة في ألمانيا أصلا؟ لا جواب أيضا. ولماذا الجواب أساسا، فمثل هذه الاتهامات لا تحتاج إلى براهين وهي تجد طريقها بسهولة. صحيح أنّ هناك بعض وسائل الإعلام في ألمانيا، التي تتحكم بها جهات يمينية، لاتقدم صورة وردية عن المسلمين لكن يصعب الحديث عن قيامها بتحريض ممنهج ضدهم. وحتى لا تبدو الاتهامات وكأنها من بنات أفكاره وحده كان لا بد لأوزوغوز أن يجد من يشاركه فيها. وقد وجد ضالته المنشودة في "بعض الإخوة المسلمين من مشجعي شالكه" الذين ساهموا معه في هذا الجهد "الإيماني" لإنصاف نبي الإسلام. فلولا جهود هؤلاء لكانت "الحقيقة" بقيت مدفونة ولكان مشجعو شالكه (من مسيحيين ومسلمين) واصلوا ترديد النشيد الذي "يسخر" من الرسول!! فهؤلاء الإخوة انتبهوا إلى هذا الأمر "الجلل"، وهو المقطع المتعلق بالنبي محمد في نشيد النادي المعروف بـ"الازرق والأبيض ..كم أحبك". وقد أضيف هذا المقطع إلى نشيد النادي قبل حوالي خمسين عاما حين جدده الموسيقار هانز .ج كونيغ. والمقطع المشار إليه، والذي أثار حفيظة أوزوغوز و"بعض الإخوة من مشجعي فريق شالكه"، لعد خمسة عقود من الصمت، يتألف من أربع أبيات قصيرة ترجمتها الحرفية:
"محمد كان نبيا
لم يكن يفهم في كرة القدم شيئا
لكنه ومن بين الألوان البهيجة
فضل الأزرق والأبيض".
وبالرغم من أن أوزوغوز يقر بأن هناك جانبا إيجابيا في هذا المقطع وهو أن شالكه أول فريق في تاريخ كرة القدم الألمانية يقر بنبوة الرسول محمد إلا أنه (شالكه) يسيء إليه حين ينسب إليه اختياره اللونين الازرق والأبيض، لوني زي لاعبي الفريق، مع أنه من المعروف أن "ألوان النبي كانت الأخضر، الأبيض، الأحمر والأسود" كذا. ويرى أوزغوز بأن الإهانة تتجلى أيضا في ذكر النبي في هذا السياق (كرة القدم) ونعته بعدم الفهم.
ويطالب الدكتور أوزوغوز المسلمين بأن يتوجهوا إلى نادي شالكه ويطالبوه بـ"وضع حد لهذه الإهانة وحذف هذا المقطع". وبالفعل انهالت مئات الرسائل المطالبة و"المهددة" على إدارة النادي ما دفع بالأخير إلى طلب الحماية من الشرطة خوفا من أن يكبر الموضوع ويستغله البعض للقيام بأعمال عنف خصوصا أن ملف مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة بدريسدن على يد متعصب ألماني لم يطوَ بعد. ولم يكتف النادي بالشرطة بل طلب المشورة من لجنة من العلماء برئاسة أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة أوسنابروك البروفسور التركي الأصل بولنت أوجار. ولم تجد لجنة أوجار صعوبة لتؤكد أن النشيد لا يحمل أي إساءة أو عداء للإسلام؛ وهو ما ذهب إليه أيضا المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا إذ طالب أمينه العام أيمن مزيك المسلمين بأن بأخذوا الموضوع بروح مرحة وبأن النشيد "لا يتضمن أي إهانة أو إساءة لنبي الإسلام".
إذن أين المشكلة؟ ولماذا انشغل الإعلام الألماني وجزء من الإعلام العربي (قناة الجزيرة الفضائية القطرية، برنامج ما وراء الخبر، الخميس السادس من آب/ أغسطس) بهذا الموضوع؟ يمكن فهم دوافع الإعلام الألماني للاهتمام السريع، وربما المبالغ فيه بهذه القضية؛ إذ ربما أراد التعويض عن "التقصير" الذي اتهم به حين تأخر في تغطية مقتل مروة الشربيني. أما الإعلام العربي فأمره مختلف خصوصا وأن ما بين السطور كان يوحي بأن هناك من يريد تضخيم الموضوع بعد أن هدأ ملف مقتل الشربيني وفشلت محاولات بعض الدول (إيران) في استغلاله لأغراض سياسية لا تخفى على أحد.
وربما يتساءل القارئ لماذا إقحام اسم نبي الإسلام في نشيد من أناشيد فريق ألماني لكرة القدم؟ وللجواب نحيل القارئ إلى الأرشيف الألماني للأغنية الشعبية في فرايبورغ الذي كشف أن مصدر هذا المقطع هو أغنية شعبية تعود إلى فترة الشاعر الألماني الكبير غوته حين كانت نظرة الغرب إلى الإسلام تختلف كثيرا. وهي تعود (الأغنية) بالتحديد إلى عام ألف وسبعمائة وسبعة وتسعين وتحمل مديحا للرسول ونصها الحرفي:
"محمد كان نبيا
وبالألوان كان عالما
ومن بين كل الألوان البهيجة
اختار الأخضر الزاهي".
وتقول رواية شالكه إن كل ما فعله النادي، أو الموسيقار كونيغ، حين جدد النشيد عام 1963، هو أن استبدل الأخضر باللونين الأزرق والأبيض ليستقيم اللحن معه وللتقرب أيضا من العمال المسلمين ذوي الأصول التركية الذين أخذوا يشكلون، في ذلك الوقت (مطلع الستينات) نسبة كبيرة لجمهور ومشجعي الفريق. فأين الإهانة أو السخرية من نبي الإسلام؟
ولفهم مصدر الإساءة تماما والأسباب التي دفعت بالدكتور أوزوغوز لشن هذه الحملة ما علينا إلا أن نزور موقعه على الإنترنت Muslim-Markt . ومن المعروف أن الدكتور أوزوغوز أسس الموقع في عام 1999 مع أخيه غورهان ليكون منبرا، للمسلمين الناطقين بالألمانية، مخصصا للمذهب الشيعي. وإذا علمنا أن الدكتور أوزوغوز يرأس، بالإضافة إلى إدراته للموقع الأليكتروني، جمعية "الطريق الإسلامي" التي كان الألماني من أصل إيراني محمد علي رامين قد أسسهها سابقا باسم "الجماعة الإسلامية في كلاوستهال"، ستزول دهشتنا. فرامين هذا ممنوع من دخول ألمانيا منذ عام ألفين وثلاثة، وهو يعمل مستشارا للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصور معاكس
رعد الحافظ ( 2009 / 8 / 11 - 01:05 )
لنتصور الحال معكوس
مهاجرين ألمان في بلد مسلم يعترضون على نشيد نادي فيه ذكر ل هتلر مثلا
جيد او سيء , ماهي النتيجة؟


2 - مثل عربي موجه للمسلمين في الغرب
ج ح ( 2009 / 8 / 11 - 04:23 )
لسان الغرب يقول للمسلمين القاطنين في ديارهم-----قاعدين في حِضْنِنا وتنتفون بذقننا ----إ

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب