الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية المخملية

عدنان شيرخان

2009 / 8 / 12
المجتمع المدني



اثار تقرير التنميـة البشريـة العربية الذي اصدره المكتب الاقليمي لبرنامـج الامـم المتحدة الانمائي قبـل نحو اسبوعين الكثير مـن ردود الافعال المختلفة، التقرير الذي حمل عنوان (تحديات أمـن الانسان في العالم العربي) تحدث عن تداعيات عدم احترام الحريات وممارسات انتهاكات واهانة حقوق الانسان ومشاكل البطالة والفقر والتصحر على امن المواطن العربي، وحذر التقرير من تداعيات انعدام الأمن في البلدان العربية، وقال انه يزعزع خيارات 330 مليون مواطن عربي.
اعاد التقرير الحياة الى النقاش الدوري المتجدد عن سبب تخلف المجتمعات العربية؟ وهل تعود اسباب هذا التخلف الى امور داخلية تتعلق ببنية تلك المجتمعات، ام انه جاء نتيجة عوامل خارجية كالعدوان والحروب والاستعمار والاحتلال.
وفي عمود رائع متصل بالموضوع للكاتب الدكتور عبدالمنعم سعيد يقول فيه " مر قرنان منذ طرح التساؤل بشأن تخلف العالم العربي، عندما طرح لاول مرة في القرن التاسع عشر عندما اكتشف العالم العربي انه متخلف عن بقية دول العالم". وفي مقارنة احوال العرب بالغرب، يبدو اننا لانزال نقف عند نفس العتبة، وغالبا ما يستذكر المتحاورون ملاحظات رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الافعاني عن الحياة العصرية التي صدمتهما بعد سفرهما الى باريس.
فيما يتعلق بالتعكز على العوامل الخارجية فأن امما ودولا ذاقت ويلات الحروب والغزو اضعاف ما تعرضت له الدول العربية مجتمعة، وضربت بأبشع الاسلحة كاليابان، او دول كروسيا ومعظم الدول الاوروبية تعرضت لعدوان واحتلال دول لا تعرف جيوشها الرحمة، اومزقت ككوريا والمانيا، او تلك التي رزخت مددا اطول منا تحت نير الاستعمار كالهند، او حروب داخلية كالصين، تقف جميعا بثبات شامخة بعد ان تعدت تلك المراحل بنجاح.
المحزن والمسكوت عنه حفاظا على الروح المعنوية الخادعة، ان اسباب تخلف الدول والمجتمعات العربية داخلية، وتتعلق باسباب بنيوية اهمها تلك التي تتعلق بالنظام السياسي الذي يؤثر ويسير معظم مناحي الحياة، وهو الذي يحدد المناخ العام للدولة والاقتصاد، ويضبط ايقاع جميع الفعاليات. واهم ما يميز الانظمة السياسية العربية قاطبة هو غياب الديمقراطية الحقيقية، مع وجود ممارسات تبدو قشورا ديمقراطية مفرغة المحتوى كالانتخابات.
ما يميز العقد الحالي هو بروز ظاهرة الديمقراطية (المخملية) المفروضة من الخارج، او استجابة لضغوط قاهرة من الولايات المتحدة، والمتعدية لسياق النص عند مجتمعات متجمدة ومنبطحة راضخة لعقود طويلة لحكم شمولي متسلط، كما حصل في العراق، الذي رسمت له بعد تغيير العام 2003 خارطة طريق تؤدي به الى نظام حكم مبني على ديمقراطية مخملية داهمته فجأة بعد ان اسقطت القوات الاميركية نظام حكم صدام، في صدفة وظروف تأريخية غريبة للغاية، متحججة بأمتلاك ذلك النظام لاسلحة دمار شامل، ناسية انها شككت قبل نحو عشرين عاما بضرب ذلك النظام حلبجة باسلحة كيمياوية فتاكة.
لم يستطع العراقيون نزولا من اعلى هرم السلطات الى القاعدة استيعاب معنى الديمقراطية، لتصدق اطروحة ان للديمقراطية شروطا وتطورا اجتماعيا ايجابيا يؤدي الى قبول عام وايمان مطلق بها كآلية للحكم الرشيد يساندها مجتمع مدني فعال.
ولا يمكن تصور ان الديمقراطية زر تشغيل يمكن ان يدار بلحظة فيؤدي بأهل الزيتوني الذين اذاقوا الناس سوء العذاب ايام حكم صدام ليكونوا اخلص عباد الله واكثر حماسا للديمقراطية، انهم يعرفون قبل غيرهم ان هذه مسخرة يراد بها الضحك على ذقون الناس، انها خلطة عرفناها على مر عقود نفاق ودجل ورياء وتحول وتلون ورغبات جامحة للوصول تتخذ من التملق والتزلف سلما له، وهم يبدون دائما وكما يقال ملكيون اكثر من الملك نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة