الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضمير والشبق؟

محمد شرينة

2009 / 8 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قال لي أحدهم منذ مدة أنه سمع أن البرود الجنسي نعمة، وسألني هل أوافق على ذلك. ولما لم أجبه أكمل قائلا انه يظن أن ذلك صحيح. الطيب صالح في رائعته موسم الهجرة إلى الشمال قال غير ذلك.
بالطبع من عانى من الرغبة في مجتمع يفرض كبتا من المعقول أن يجد انعدام الرغبة أو ضعفها نعمة، فهل هو نعمة أم نقمة أم لا هذا ولا ذاك؟ لنترك الجواب ذلك أن أفضل ما يمكن أن يُقال هو أن أي قدرة يمنحها الله للإنسان هي نعمة وخاصة إذا عاش في زمان ومكان يحقق له الاستفادة من ذلك دون أن يضر بالآخرين. ولنفكر في قوانين الأحوال الشخصية في بلادنا، لنفكر بأننا كلنا عندنا بنات وأخوات وهلم جر . فكيف نوافق بل نطالب بحماس بقوانين تهدر حقوقهن وكرامتهن؟ فهل نخاف من أن يمتلكن قدرة أكثر مما نمتلك؟
بعيدا عن كل التحاليل والتفسيرات ومن الناحية القانونية البحتة، لا أجد غير واحد من جوابين:
إما أننا لا نعتبرهن بشر. فهن بالتالي كما كان العبيد في ثقافتنا تاريخيا في منزلة بين البهائم والبشر وبالتالي فمن المعقول أن يكون للبشر من الحقوق ما ليس لغير البشر. والواقع أنه في تاريخنا كان الأمر كذلك بدلالة واضحة وهي أن الرجل الحر إذا قتل عبدا أو امرأة كان عليه الدية وهي تعويض مالي ولا يقتل الحر بعبد ولا الرجل بامرأة. كذلك من يقتل دابة مملوكة لغيره يكون عليه أن يعوض عن ذلك بمقدار من المال، مقدار الدية أكبر من مقدار التعويض عن الدابة والفرق هو في المقدار فقط. بالطبع تاريخيا كان العبيد والنساء يميز ضدهم في معظم الثقافات. ولكن ذلك يدل بوضوح على أن تلك الثقافات بما فيها الثقافة الإسلامية قديما (للأسف هي الوحيدة التي لا زالت) كانت تعتبر المخلوق البشري كامل المزايا هو الرجل الحر، قد تضيف بعض الثقافات أوصاف أخرى كأن يكون أبيض أو ذو دين معين(كالإسلام حيث لا يقتل مسلم بكافر) أو من عرق أو قومية معينة. ولكن كل ذلك تهاوى تماما الآن وحتى إذا كان لا يزال هناك شيء من التمييز بين البشر فهو مرفوض قانونا وشرعا في كل العالم، ما عدا في شرعنا. وفرق كبير بين أن يحدث خطأ ما وبين أن يعتبر هذا الخطأ شرعي، فقتل الأرواح البريئة باق لم ينتهي من العالم ولكن المصيبة العظمى عندما يعتبره شرع معين مقبول أو مشرعن.
التبرير الثاني هو أننا نرغب في إعطائهن حقوقهن ومساواتهن بأنفسنا ولكننا نخاف مما قد يقود له ذلك وبالتالي لا بد من أن تُعامل بناتنا بطريقة تختلف عما تعامل به بنات الأخيرين. لنترك الفزلكة جانبا لا أحد يرغب في أن تكون ابنته زوجة لرجل متزوج من اثنتين أو ربما أربعة غيرها، اللهم إلا من تنطبق عليه صفات التبرير الأول أي الذي لا يعتبر ابنته من البشر أصلا. وبالتالي فلم يرضى ذلك لبنات الناس؟ أ لأنه عاجز عن التحكم بنفسه، وخائف من الطرف الآخر؟ يرغب في أن يستفيد من كل طاقته وبنفس الوقت خائف لدرجة الرعب من أن يفعل الطرف الثاني نفس الشيء!
من كل هذه القضية تعرف لماذا انك لو انتقدت أعظم المقدسات لتعرضت لهجوم معين ولكن ما أن تتحدث عن مساواة النساء حتى تفتح عليك كل النيران دفعة واحدة. فالمسام الشرقي يضحي بابنته من أجل شبقه. القضية لا علاقة لها بالبرود أو الحرارة بل بانعدام الضمير، فعندما قرأت ما يقوله احد المؤلفين الغربيين من أن الثقافة الإسلامية لا تعرف مفهوم الضمير، جفلت في البداية ولكنني في النهاية فكرت كالتالي: متى كان المسلم يعترف بالقاعدة الأخلاقية التي تغني عن كل ما سواها:
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ولا تفعل لغيرك ما لا تحب أن يفعله غيرك لك. هل يحب المسلم أن يقتل المسيحيون المسيحي الذي يتحول إلى الإسلام؟
هل يحب أن يطلقوا منه زوجته وأن يحرموه من إرثه؟ هل يحب أن يُبعد طفل المسيحية التي أسلمت عنها عندما يبلغ من العمر أربع سنوات، خوفا من أن تؤثر عليه عقيدة أمه فيصير مسلما؟ إذا كان لا يحب ذلك، فلم يفعل ذلك بالمسلم أو المسلمة اللذان تحولا إلى المسيحية؟ أو بالمسيحية التي تزوجت مسلم وأنجبت منه؟
إذا لم يكن هذا هو التمييز والعنصرية، فما هي العنصرية؟
من حقنا أن نفعل أي شيء نراه ضروريا حتى يظل نسلنا مسلما وحتى لا يترك أي فرد الإسلام، نقتله فهو مرتد أو على الأقل نحرمه من الإرث وحتى من أولاده. أما الأغيار فلا يحق لهم أن يفعلوا شيئا فهم كان يجب أن يكونوا مسلمين وعدم كونهم مسلمين يجعلهم بهائم.
يقفز المسلم ليقول لك: هذا غير صحيح فالإسلام يساوي بين الناس. أي مساواة هذه! هل يستطيع أي مسلم أن يقول بصوت مسموع أنه يرفض الأحكام السابقة. والأهم من ذلك: هل يرفض أن غير المسلمين في ظل الدولة الإسلامية مخيرون بين دفع الجزية أو القتل والسبي أو تغيير دينهم، وما اشطر الفقهاء بالتدليس، ذلك أن الإمام أو من يمثله هو الذي يقرر أي من الشروط السابقة يقبل وأي منها يرفض، فما أكثر ما رفض قادة الجيوش الإسلامية في فتحهم للشام والعراق شرط الجزية وخيروا الناس بين الإسلام أو القتل والسبي، بل كثيرا ما كان هناك خيار وحيد هو القتل والسبي. أليس النص واضح وقاطع في أن الأسرى مصيرهم القتل وأما الفداء فهو أمر ثانوي لا يتم القبول به إلا في أوضاع خاصة. هل قرأ المسلم العادي تاريخ الفتوح الإسلامية؟ هل قرأ مثلا تاريخ ابن جرير الطبري وغيره؟ فهل المسلم الذي يدعي أنه عصري مستعد للاعتراف بالظلم الذي وقع على سكان البلاد المفتوحة من غير المسلمين والاعتذار لهم؟ أم أنه يطالب الناس بالاعتذار له وفقط؟
بالتأكيد هو يطالب بأن يُعتذر إليه وفقط، فالقاعدة بسيطة وواضحة فما يفعله المسلم صواب مهما كان. ماذا تسمى مثل هذه القاعدة؟ أعتقد أنها أوضح أشكال التمييز والعنصرية.
هل يحب المسلم أن لو كان امرأة أن تعتبر شهادته نصف شهادة وإرثه نصف إرث وأن يكون أحد أربع شركاء جنسيين لشريكه؟ طبعا لا يحب؛ فلم يقبل ذلك للطرف الآخر؟ على الأرجح هو لا يعتبر الطرف الآخر إنسان. أو أنه فعلا لا يعرف معنى الضمير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العنوان يا معلم
خليل الخالد ( 2009 / 8 / 14 - 06:38 )
اخي محمد شرينة
مقال رائع وغني بالافكار و يهدي الى الحق,
لو تخيل اي مسلم بالعراق او بمصر او ,, عن كيفية اسلام اول جد من جدوده فسشعر بالظلم الذي سببه دين الله هذا لكل هؤلاء البشر.
الجد اسلم من بعد الخوف و الابن يخيف من اجد ان يسلم و العدوى تستشري وليس من متفكر.
الاسلام ابعد مايكون عن العدالة و الرحمة. حتى ان اله الاسلام لايتوانى في اهلاك عيسى و مريم فقط لانه يفعل ما يشاء. مثل محمد ممكن ان يهلك كل القبيلة من اجل ان ينكح صفية,,,,,,,
المقال غني اخي محمد لكن العنوان غير موفق


2 - شكرا
إرييل شارون ( 2009 / 8 / 14 - 09:04 )
المقال جيد والعنوان ايضا يعكس مضمون المقال شكرا

اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30