الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل المحاماة فطرة ؟

ياسمين يحيى

2009 / 8 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يحيرني شيئ كل ما أتذكره استغرب وفي نفس الوقت أفرح وهو : أنني عندما كنت في المرحلة الأبتدائية وكانوا يسألونني ماذا تريدين أن تصبحي عندما تكبرين ؟ كنت اقول بعفوية وبلا تردد : (محامية) وكأن هذه الكلمة واقفة على طرف لساني تنتظر من يخرجها ، رغم أني لا أعرف شيئا عن المحاماة ولايوجد في عائلتي محامي، وكنت اقولها اعتباطا بدون وعي وبدون قصد لمعناها وهو الدفاع عن المظلومين ،كنت دائما اتسائل لماذا كنت أنطق بهذه الكلمة ؟ لماذا لم أقل معلمة كباقي الاطفال او دكتورة ؟ ولم اكن أعرف الاجابة ولكن بعدما عرفت نفسي عرفت لماذا كانت كلمة محامية تخرج من فمي بلا فهم لما تعني هذه الكلمة وماذا تخبئه ورائها من مكنونات نفسي . العدل والمنطق هما أهم صفات المحامي وهذه الصفتين هن من عرفني على سبب اختيار لساني كلمة محامية دون غيرها لأن العدل والمنطق هما أهم مايميز شخصيتي ، أن هذا السبب بسيط ومن السهولة معرفته ولكني لم أكتشفه الا بعد رجوعي الى عقلي السليم لأن عقلي السابق العقيم كان ضد فطرة نفسي الحقيقية التي تنبض عدلا ومنطقية لذالك لم اكن ادرك لماذا كنت اقول سأصبح محامية، والسبب هو أن المنطق والعدل اللذين في داخلي غير ماهو موجود ومحسوس في واقع الحياة التي أعيشها بل هو نقيضهم، لذا كان من الصعب علي معرفة أن هذا الاحساس الفطري بهذه المهنة الانسانية نابع من صفات شخصيتي وأن الذي حرمني من اكتشافها وصقلها هو عدم تطابق منطقها وعدلها مع منطق وعدالة المجتمع الذي أعيش به فتخيلت أنها شيئ رومانسي وليس حقيقة يجب أن تكون .

لا أريد أن ادخل في موضوع الدين الذي هو السبب الرئيسي في اخماد هذا النور الذي يسكن اعماقي ، واعود الى موضوعي الاساسي وهو المحاماة .
أعتقد أن كل انسان في الدنيا عند ولادته تولد معه مهنته التي تناسب روحه وشخصيته وقدرته على ممارستها ولكن ليس الكل تسنح لهم فرصة التعرف عليها ومزاولتها لأن ظروف الحياة قد تبعدهم عنها وترمي بهم في مهن اخرى لاتناسبهم ولاتنطبق على شخصياتهم او بسبب عدم اكمال الدراسة او عدم التعليم كليا.
هناك من يعمل سائق مثلا ولكن لانستبعد أن يكون في داخله مهندس كمبويتر او دكتور فهذا شيئ طبيعي سببه عدم أتاحة فرصة دخول مجال موهبته التي تولد معه.

المحاماة هي ما اتصوره أنها مهنتي الحقيقية التي ولدت معي فمثلا انا اجد بنفسي دافع قوي يجعلني ادافع عن المرأة وعن العدل أينما كان، لا أدري لماذا ولكن الذي اعرفه هو أن هذا الشيئ يشعرني بالراحة والسعادة والاحساس بكياني وهذا الشعور ينبع من احساسي بأني قمت بأداء واجبي في الحياة .
أن مهنة المحاماة او أي مهنة اخرى هي موهبة مرافقة لكل انسان كي يقوم بأداء عمله بدون ملل وتذمر لأنها تكون متناسبة مع ميوله وشخصيته، فمثلا مهنة البناء المتعبة والشاقة للغاية نرى بعض من يمارسها لايشعر بهذه المشقة التي نراها نحن في عمله والسبب أنها موهبة لديه ويملك القدرة على تحملها اكثر من غيره الذي لايملك تلك الموهبة، لأن هذا دوره الذي هيأته له الطبيعة في هذه الحياة.

انا لم امارس مهنتي الطبيعية التي زودتني بها الطبيعة لعدة اسباب منها عدم اكمال دراستي بسبب ظروف اجتماعية ولكني حاليا قدمت اوراقي على كلية وانتظر القبول بها. وايضا مهنة المحاماة غير مسموح بها للمرأة في بلدي بسبب السلطة الوهابية، ولدى عائلتي طبعا بسبب اختها سلطة العادات والتقاليد فكيف لأمرأة ناقصة عقل تدافع عن كامل العقل او عن امرأة مثلها وهي انسان قاصر في نظرهم.

مادفعني لكتابة هذا المقال هو مقال آخر قرأته للمحامي السعودي الشجاع عبدالرحمن اللاحم ‏الذي منحته منظمة هيومن رايتس ووتش (حقوق الانسان) جائزتها الدولية للمدافعين عن حقوق الانسان لعام 2008. وكان عنوان المقال هو ( اخرجوا بن عاقول من محاكمنا ) تحدث فيه عن بعض المتطفلين على مهنة المحاماة في المحاكم السعودية والذي يسمح لهم بممارسة هذه المهنة بدون شهادة محاماة،

والمقصود بأبن عاقول هو شخصية قام بأداءها الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا في مسلسل قديم ابيض واسود اسمه (درب الزلق ) (ابوي يحب هذا المسلسل كثير) حيث قرر حسين بن عاقول في هذا المسلسل أن يصبح محاميا بدون الدراسة وتعبها وبدون شهادتها ومارس المهنة بالفطرة بفضل بعض الصفات التي يمتلكها والتي تشبه الى حدا ما صفات المحامي ولا ادري أن كان نجح بها او فشل ولكن يكفيه شرف المحاولة.
وهذا ما جعلني افكر في أن كل انسان يملك مواصفات تناسب مهنة ما تجعله يحبها ويفضل الدخول بها. انا افضل أن اكون محامية ولكني لا افضل أن امارس هذه المهنة بدون دراسة وشهادة لأمتلاكي بعض صفاتها فقط مثل ابن عاقول حتى لا اكون متطفلة على مهنة المحاماة ولكني سأمارسها في الكتابة وهذا الشيئ لايجعلني في خانة المتطفلين والدخيلين على مهن غيرهم حتى وأن كانت ‏تجري في دمي .

واخيرا أود القول أن اول محامية سعودية ظهرت في هذا القرن من الزمن وهي السيدة سعاد الشمري التي عانت الكثير في حياتها مما جعلها تقرر أن تصبح محامية لتدافع عن المظلومات في بلادها بعد أن درست المحاماة ولكن غير مسموح لها العمل كمحامية بشكل طبيعي مثل جميع المحامين في العالم والسبب هو أنها (امرأة ) فقط لاغير .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا حياة بلا نضال
سردار أمد ( 2009 / 8 / 13 - 20:14 )
أشكر فيك روح العمل والنضال لتصلي إلى غايتك في أحلك الضروف المحيطة، أشكر فيك روحك التي تطالب بحقوقها من الإسلام والمسلمين.
أرجو أن تتيسر لك كلية الحقوق في الجامعة التي تريدينها.
وأتمنى لك النجاح والتوفيق.


2 - zahrat algoulnar
T. khoury ( 2009 / 8 / 13 - 22:35 )
THIS IS A VERY NICE ARTICLE THAT SHOWS YOUR REVOLUTIONARY SPIRIT. I REALLY ENJOYED IT.

AS DR NAJAR SAID THANK YOU ZAHRAT ALJULNAR


3 - شهادة فخريه بأمتياز
مصلح المعمار ( 2009 / 8 / 13 - 22:42 )
سيدتي الفاضله ياسمين ، انا احد آلمدمنين على قرآءة مقالاتك التنويريه الشريفه التي احس فيها الأمانه الصادقه التي يتحلى بها المحامي الصادق النجيب الذي يدافع عن المظلومين ولا يدافع عن المجرمين ، لذا اهيب ببقية قراءك المحترمين ان يضموا صوتهم الى صوتي لأجل منحك شهادة فخريه للمحاماة تقديرا لدفاعك الأنساني المستمر ووقوفك بوجه الظلم بكل اشكاله ، ودمت بسلام


4 - مقالة رائعة
صلاح يوسف ( 2009 / 8 / 13 - 23:24 )
كل التحية لجهودك النيرة
دمت سالمة


5 - بالتوفيق ياسمينا
رعد الحافظ ( 2009 / 8 / 13 - 23:34 )
عقبال البكالوريوس والماستر والدكتوراه ياوردة الحوار المتمدن
أنت قوية بما فيه الكفاية لتنجزي ما تقرريه بنفسك تحياتي لك


6 - صوتك اليوم أحق بأن يسمع
تانيا جعفر الشريف ( 2009 / 8 / 14 - 06:56 )
رغم إختلافي معك في كثير من الآراء إلا إنني أجدني اليوم ملزمة بالثناء عليك والدعاء لك بأن تحققي أمنيتك قريبا
ألحقوقية/ أختك تانيا


7 - ما اكرم خلق المسلم
محمد علي ( 2009 / 8 / 14 - 07:52 )
تحية للاستاذة تانيا
ومعك ندعو لياسيمن برغم اختلافنا معها نحن ايضا


8 - التوجه الوجودي
مصباح الحق ( 2009 / 8 / 14 - 08:00 )
عزيزتي ياسمين: عندما يحس المرء بالغبن الوجودي، يطر لتأجيل تحقيق الكثير من أحلامه، والعبرة في الاستمرار، وأشد على يدك لتحقيق ما تطمحين إليه كحق في حياتك الشخصية والنبيلة.

وما نيل المطالب بالتمني******** إنما تؤخذ الدنيا غلابا.
تحياتي


9 - مبروك لك موهبتك
السيد سلام ( 2009 / 8 / 14 - 10:04 )
اتمنى ان تحققي احلامك وأن يكون محيطك العائلي متفهم لقابلياتك وبدوري اشجعك الى تحقيق طموحتك؛
مع تحياتي


10 - أعتذر عن خطأ
مصباح الحق ( 2009 / 8 / 14 - 10:38 )
عذرا ياسمين على الخطأ في يطر وأقصد يضطر وذلك بسبب سرعة الطباعة والبروكسي اللعين الذي لا يسمح أكثر من دقائق معدودة.
أتمنى لك كل الخير في تطلعاتك الطموحة.


11 - كيف حال احتنا ياسمين
سارة ( 2009 / 8 / 14 - 13:28 )
ياسمين في صحراء جافة كيف نبتت؟
انا احس بمعاناتك يا ياسمين وبقية الاخوات هنااااااااااااااااااااااااااك
فاليكن الله تعالى في عونكن
اريد ان انام واصحى على خبر انتهاء السلطة الدينية في السعودية


12 - تانيا جعفر الشريف , محمد علي
T. khoury ( 2009 / 8 / 14 - 13:53 )

Tanya. Madam Yasmin is always great and not only today unlike you.

Ali. do not talk about something does not exist in the Muslim. Just read the summary of Islam in Mr khaled Khalil artivle in this issue and after that tell me about the virtue of Muslims.

this is the link
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=181192

اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah