الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحضارة ...عربية ؟ أم اٍسلامية ؟

الطيب آيت حمودة

2009 / 8 / 15
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


هناك من يصر على أن الحضارة التي بلغها العالم الإسلامي أيام زمان ، كانت حضارة عربية خالصة ، وأن العرب أسبق من الإسلام وجودا ، فلهذا كان لزاما علينا أن نقدم العرب على الإسلام …؟ فنقول الحضارة العربية الإسلامية . أي بمعني حضارة العرب المسلمين …..؟ وتعميقا للفهم أن كل الإبداعات التي قام بها المسلمون بشتى نحلهم وأعراقهم هي إبداعات وانجازات عربية بحكم اللغة والدين ، إذا يمكن القول بأن الإسلام لا تقوم له قائمة ٍ إلا بالعرب لأن النبي محمد منهم واللغة العربية لغتهم .. هذه اللغة التي تحولت في نظر البعض اٍلى سلالة ، بالرغم من كونها لسان من الألسن ، تعلمتها الأقوام لفهم الإسلام . وتعدد الألسن على مستوى الفرد أو المجتمع له مزايا ، مثل ما أورده الشاعر العراقي صفي الدين الحلي الذي كان كثير الترحال والذي قال :
بِقَدْر لُغَاتِ الْمَرْءِ يَكْثُرُ نَفْـعُه ===== وَتِلْكَ له عِنْدَ الشَّدِائِدِ أَعْوَان
فَبَادِرْ إِلَىٰ حِفْظِ اللُّغَاتِ وَفَهْمِهَا ا===== فَكُلُّ لِسَانٍ فِي الْحَقِيْقَةِ إِنْسَان
في البداية كان كفار قريش ، وبانتشار الإسلام واتساعه داخل شبه الجزيرة في عهد الرسول وخلفائه كان التطابق واضحا بين الإسلام والعرب ، (المسلم = العربي) أي أن الإسلام في البداية كان دينا قوميا في مقابل قوميات الفرس والرومان …، ثم تراجع بعدها المد العربي باتساع رقعة الإسلام ، وتحولت الهوية العربية إلى هوية ثقافية بفعل لغة الضاد ، ، ثم اتضح فيما بعد أن اللغة وحدها ليست كافية لتحديد ملامح الهوية ، وأصبح التمايز جليا بين العرق ، والدين واللغة ، وغدت المفاهيم أكثر وضوحا ودقة في الأذهان ، فالعربي يقابله التركي والفارسي والقبطي والأمازيغي ، والمسلم يقابله اليهودي والمسيحي والملحد ، ، واللغة العربية تقابلها الانجليزية والفرنسية والصينية …… القاسم المشترك الواحد الموحد هو الإسلام الذي هو مصدر اعتزازنا وفخرنا .
الأمر ياسادة فيه إجحاف …؟ لأن العروبة تحمل في طياتها مفاهيم عدة أولها ، الاثنية ( العرقية ) وثانيها اللغة ، وثالثها البعد الهوياتي بأبعاده ومشمولاته المتفرعة .
العرب واٍ ن تحملوا عبء الجهاد في الأول ، وكونوا دولة عربية خالصة استندت على ركيزة العصبية ، والجهاد ، والاحتفاظ بالسلطة أيام الأمويين ، اٍلآ أن زمام الأمر أفلت من أيديهم بعد نشوء الدولة العباسية التي قامت على ركائز مغايرة تماما ، إذ أصبح الحكم في أيدي الموالي ، والإبداعات في شتى المجالات كانت لهم ، بعدما حرموا من الوصول إلى السلطة في عهد بني أمية ، فبرع من هؤلاء الموالي العديد في المجال الديني والسياسي والأدبي والعلمي ، ……… أي بعبارة أدق كان منهم البخاري ومسلم ، و ابن سينا ، والخوارزمي ، والإمام مالك، وابو حنيفة النعمان ، و صلاح الدين الأيوبي ، و الظاهر بيبرس ، وابن طولون ، ويوسف بن تاشفين ، وطارق بن زياد وأسد بن الفرات و محمد الفاتح …..الخ……. الخ. ولو أعددتهم جميعا لما سمحت الذاكرة على تخزين أسمائهم ، فما بالك مجهوداتهم التى بذلوها في خدمة الإسلام وبلغة الإسلام .
اٍذا قلنا الحضارة العربية الإسلامية فإننا هضمنا حقوقهم في الانتماء إلى أصولهم ، وفتحنا المجال من( حيث ندري أو لا ندري) للعصبيات الأخرى في البروز والظهور ، فمن قائل يقول بأن الحضارة إسلامية فارسية ، وآخر يقول بأنها حضارة إسلامية هندوسية ، وثالث حضارة إسلامية قبطية ، ورابع حضارة إسلامية تركية ، وخامس حضارة إسلامية أمازيغية ، بدعوى أن هذه العصبيات جميعها شاركت بنصيب وافر في بناء صرح هذه الحضارة .
والإسلام بمعانيه السمحة سوى (بتشديد الواو) بين الجميع ، ووضع التقوى والإيمان أساس التفاضل بين البشر، فأين لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى؟ ، وأين إن أكرمكم عند الله أتقاكم؟ ، وأين إن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم؟…. ، أين… ؟ أين ..؟
التعقل يفرض علينا أن نعطي للمفاهيم معناها ، وأن نزن الحقوق بمعاييرها الدينية الإسلامية ، وأتذكر في هذا المقام كتاب المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة الذي عنونته أساسا ( شمس العرب تسطع على الغرب ) وبعد إفهامها وتفهمها للأمر تحول العنوان إلى (شمس الإسلام تستطع على الغرب ) وشتان من ذا وذاك .
المنطق يرجح القول بأن الحضارة التي بلغناها بالأمس( وليس اليوم) هي حضارة بنيت بجهد جميع المسلمين، فارسيهم وعربيهم ، قبطيهم وأمازيغيهم ، تركيهم وزنجيهم ، هنديهم وبنغاليهم ……
فالقول أن الحضارة عربية إسلامية قول مردود …. الحقيقة الساطعة أن الحضارة حضارة إسلامية والعرب جزء من الأمة الإسلامية ، وليست كل الأمة الإسلامية …. وبدلا من الوقوف على الأطلال والتغني بأمجاد الماضي ، فلنعمل ونكد لاسترجاع ما فاتنا من سبق حضاري ، تداركه يستدعي شد الحزام ، وشحذ الهمم ،وترويض العقل ، لضمان نوع من المواكبة النسبية لعالم متهيج ومتسرع في جميع مناحي الحياة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية خالصة
مفتي الجبهة ( 2009 / 8 / 15 - 10:25 )
كثر الله من أمثالك فقد أفضت و أوفيت و ما ٌ قلته كله صحيح إلا أن الإسلام اليوم أصبح مطية للعديد من القوميين حيت أصبحو يستغلون الإسلام بعدما كانو يربطون الأشياء الجيدة بالعروبة و لما فقدو الشرعية أصبحو يضيفون لها الإسلام كقولهم في أول الأمر نهضة عربية و حضارة عربية وأما الآن أصبحو يقولون حضارة و نهضة عربية إسلامية و قد وقع بعض كبار المسلمين في الفخ


2 - اين الحضارة الاسلامية؟؟؟
فراس سعيد ( 2009 / 8 / 15 - 18:56 )
انا اتعجب من الاخوة الذين يقولون بانة توجد حضارة اسلامية ,,, اين هى ؟؟؟ اعطنى نظرية علمية واحدة اة قانون او اى مجال ابدع فية المسلمون ؟؟؟؟؟؟ الا اذا انكم تعتبرون البرقع والحجاب وتعدد الزوجات والجوارى وقتل المرتد - حضارة ؟؟؟ الاسلام وحضارتة المزعومة هى عبارة عن مساجد وقصور وفقط
مساجد وقصور
اذا كان عندك غير ما عندى الرجاء ان تشرح لى
انظر الى اسبانيا حيث كان المسلمون , سوف تجد المساجد والقصور باقية ليومنا هذا -- وغيرها من البلدان التى دخلها الاسلام

وشكرا


3 - Civilisation
APULEE ( 2009 / 8 / 15 - 19:26 )

La civilisation arabe na jamais éxistée dans tout les temps et même dans celle des musulmans. Larabe
na rien donné en tant que tel comme dautres peuples de lIslame, tel les Peres, les Turcs, les anciens peuples de moyens orient, les Egyptiens et les Amazighs dAfrique du Nord, ainsi les peuples dAsie centrale.
Example; les Amazighs ont donné Ibn Khaldoun, Ibn Ruchd, Ibn Toufail, Ibn Bitar, Ibn Battouta
Ibn Baja, Ibn Mandour, Ibn Malik, Abbas ben Fernas, Eljerroumi et dautres
pourtant on parle jamais des amazighs et leur apport dans la civilisation musulman hélas.

Merci pour vous Mr Ait Hamouda




اخر الافلام

.. القط لاري حارس مكتب رئيس الوزراء في بريطانيا • فرانس 24


.. رئيس الوزراء البريطاني الجديد يبدأ زيارة إلى أجزاء المملكة ا




.. وجه فرنسا يتغير.. زلزال سياسي بعد اقتراب أقصى اليمين من الحك


.. هل يعاني نجوم إنجلترا مع ساوثغيت؟ ولماذا انهار الأتراك في ال




.. حزن يخيم على عائلة مقدسية أثناء هدم الاحتلال منزلهم