الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام البوهيمي … والإسلام المحمدي

باسم السعيدي

2004 / 5 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حين تتصدى لموضوعة الإسلام السياسي تجد انك تلعب بالنار ،كون ثقافة العرب والمسلمين المتأخرين تنتمي لمدرسة (المقدّس) وبالتالي فان ما كان يفعله أسلافنا في عصر المأمون من نقاش حر لمدرسة العقل المستوردة من المدرسة الأرسطية اليونانية لن تجده عندنا (كشعوب لا كمفكرين) .
واللعب بالنار هنا لأنك تراوح بين خطين أحمرين :-
الأول – هو الشطط والوقوع في مطب الاغتراب الفكري وبالتالي انتهاج النظرة المنسلخة عن الجذر الانتمائي للإسلام كفكر لا كعقيدة فإنها (العقيدة) تكاد تكون من العصمة أقرب فلا خوف عليها .
والشطط هنا يعني التخلي عن مبادئ حياتية (ممارساتية) وأخلاقية ليست بالضرورة مخالفة للغة العصر لكن أثر الوقوع المذكور يوحي بالخلاف.
وإذا ما أتينا بأمثلة تتضح الصورة … فالعقدة الكبرى لدى الإسلاميين عموما هي العقدة الجنسية …نعم ان خوفنا من الحضارة الحديثة ينبع من تخوفنا من الانفلات الجنسي وهذا وإن أنكره الكثيرون الا انه يتحرك داخل الرجل الشرقي وان لم يعيه . والعقدة الأخرى لدينا هي أننا أسرى الماضي (العريق) كوننا أمة تقدمت بكل العلوم وبالجانب الاقتصادي والاجتماعي والعسكري ، والتخوف من التبعية للغرب (إذا ما استوردنا) بعض القيم الغربية ،وربما هذا مما لا صحة له كون متبنيات الحضارة الغربية الحديثة قد يكون معظمها مبادئ إسلامية ان لم نقل كلها ..فالاقتصاد الحر … وكلمة الحق ولو على النفس والاعتراف بالخطأ وكلمة حق عند إمام جائر والاستفادة من علوم المخالفين كلها قيم كانت فاعلة على الأرض منذ قرون لا أقل من عشرة .
ومن هنا نلاحظ أن تلك المتبنيات الغربية هي ممارسات إسلامية وعربية قبل أن تصبح غربية .. بل ربما تبنّاها الغرب بعد أن أطّلع عليها عندنا .
وحتى في المعضلة الجنسية تجد ان الحرية الجنسية ليست ببعيدة عن حضارتنا الإسلامية ولكن بشروط بسيطة تحد من الانفلات الذي يعاني منه الغرب ، وإذا ما درسنا (زواج المتعة ، ويسر إجراءات الزواج عند المسلمين كما هو حاصل في الزواج المدني في الغرب )تجد اننا حللنا مشاكل اجتماعية تنبه الغرب إليها في القرن العشرين فقط .
إذا فهذا التخوف بكل أركانه هو تخوف بسيط وليس مركّبا ..والفرق واضح فالتخوف المركّب يجعلك تغوص في تحليل المشكلة المتوقعة وبمبضع جراح تعالج واقع الخلل وتبني على أسس متينة .. اما التخوف البسيط فيجعلك ترفض الأمر جملة وتفصيلا مما يضطرك للعيش في شيزوفرينيا لا تنتمي للواقع فتقع في فخ أدهى وهو الرفض للتقدم .
الثاني – هو الاتهام بالوقوع في الكفر والإلحاد وأقول الاتهام لأن من يتصدى لتلك المواضيع يعلم عن الأرض التي يقف عليها لكن المشكلة تكمن في من ينتمي لمدرسة (أصفاد المتوارث) والذي يختار من الحلول أسهلها وهو التكفير ، ومن هنا ظهرت الى العلن المدرسة التكفيرية والتي تعني (في الواقع ) الإفلاس الفكري وحتى العقيدي . اننا في عصرنا الحالي نعاني من هذا الوباء الذي يعصف بمقدراتنا وهو بمنهجه الـ(إلغائي) يهاجم نقاط القوة عند كل أمة وهي مفكريها .
أظننا أمام إسلام (جديد قديم في الوقت نفسه) وهو سليل المدرسة السلفية التي نشأت (أساسا) كرفض لمبدأ تطوير الأمة …فالتطور بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وهذا الإسلام (اليميني المتطرف لو صح التعبير) يحاول النهوض بالأمة عسكرياً والانغلاق فكرياً واجتماعيا بينما تراه يستفيد اقتصاديا من ثغرات المنظومة الاقتصادية الغربية (كسرقة بطاقات الضمان ومساعدات الجمعيات الإنسانية واللتان تعدان ممولا رئيسيا) وهذا التناقض هو العقدة الأساسية والمطب الذي وقع فيه المتأسلمون البوهيميون ، بمثل تلك المنهجية الغريبة تصدى هؤلاء للحديث باسم الإسلام وهذا ما لم يخولهم به أحد (وافتراض التخويل الإلهي ساقط جزما بسبب عدم الإجماع ) فمسألة تصدي قلّة قليلة لحمل (راية الإسلام ) وإلغاء كل الأطراف الأخرى أمر مرفوض سياسيا واجتماعيا وأخلاقيا وعقليا مما وضعهم في صدام مع كل الآخرين (سواهم) وبالأخص النخب المفكرة وكمثال على هذا ما جرى في إيران من تهديدات للإصلاحيين وحكم الإعدام بحق آغاجاري .
ان الإسلام البوهيمي صار وباءاً وتعدى التيارات (السلفية) الى تيارات أخرى هي سلفية بالمعنى الآخر ومثاله تيار السيد مقتدى الصدر في العراق الذي لجأ الى لغة التخوين وعمالة من يخالفه الرأي او الوسيلة لنيل المطالب ذاتها وهذا من غرائب الأمور …وللحديث بقية
بغداد
باسم السعيدي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran