الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجلاف الصحراء وانتكاسة النهضة المصرية

محمد رجب التركي

2009 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ليس من قبيل الصّدفة أن بدأت أعراض التخلّف و الانحطاط تظهر على أهل مصر و بالتّحديد مع بدأ حملة الأسلمة الّتي بدأها شيوخ الوهّابيّة في عصر الاغتناء و كثرة الأموال البتروليّة...؟!

هل من قبيل الصّدفة أن يتوافق حجم و درجة و نسبة تخلّف الامة المصر ية العظيمة (سابقا) مع سرعة و قوة التّرويج و الانتشار للعقيدة السّلفيّة الّتي بدأت و انطلقت فور اكتشاف النّفط و صعود الثّروة من باطن الصّحراء إلى سكّانها من الأعراب و الرّعاة...هل من قبيل الصّدفة أن بدأت شمس هذه الأمّة في الأفول فور شروق شمس الإسلام عليها...لماذا تقدمت كوريا و ماليزيا و الهند و دول أخرى أصغر و أقلّ عراقة و بقيت مصر و الجزائر و المغرب و تونس و ليبيا...لماذا بقيت هذه البلدان كلّ هذه القرون راقدة تغطّ و تضرط في نومها...لماذا ظلّت تُراوح مكانها منذ تقريبا زمن بني يعرب لها...؟!!
الملاحظ أنّه قبل زمن النّفط الخليجي كان النّاس في مصر لا يسمعون عن الحجاب و لا اكياس الزبالة السوداء التي يلتف بها نساء صحراء البداوة .. كما لا يعرفون و لا يدركون أهمّية اللّحية و تقصير الثّوب... و الأعجب من كلّ ذلك أنّ عقيدة القتال أو فكرة الجهاد كان لها مفهوم مختلف و مغاير تماما لما أتت به آلة البترودولار الجبّارة لآل سعود...؟!

في الخمسينات و السّتينات كان النّاس في مصر أقرب بكثير من أيّامنا هذه إلى روح العصر..كانوا أكثر أداءً و أكثر إبداعا...لم يكن هناك تمييزا بين مسلم او مسيحي ..الكل مصريون ..ولقد حاول الاستعمار الانجليزي التفرقة بي المصرين علي اساس ديني لاحكام سيطرتهم ولكنهم فشلوا تماما ..حتي ان تقرير اللورد كرومر قال فية انة لم يسنطيع ان يجد اي رقا بين المسلم والمسيحي الا عند ذهابهم الي دور العبادة قد كانوا متلاحمين تماما ....لم يكن للتجهّم و لا للبشاعة مكان...كان المصريون والي عهد قريب يقدرون الفنّ و الجمال و كانت عقيدتهم المحبّة و البساطة... كانوا فضلا عن ذلك أبعد ما يكونون عن التكلّف و الابتذال و النّمطيّة و التنطّع... و جميعنا يستطيع أن يميّز ذلك من خلال رصيدهم السينمائي و التليفزيوني و حتّى من خلال المشاهدين الّذين كانوا يحضرون حفلات قدماء المطربين أمثال ام كلثوم و عبد الحليم و غيرهما...النّساء في ذلك العصر كنّ يلبسن لباس عصرهنّ و من النّادر أن ترى فتاة أو إمرأة مثلا تغطيّ رأسها... كما من المتعذر رؤية إحداهنّ و هي تلفّ نفسها في كيس زبالة كما يحدث اليوم...أمّا موضة اللّحية و تقصير السّراويل و الجلابيب فكانت منعدمة في أوساط الرّجال...؟!
كلّ هذا و النّاس كانوا يدينون بدين الإسلام... بل كانوا إلى حدّ ما على انسجام و توافق مع دينهم و دنياهم و لا يوجد تعارض صارخ بينهما و إن بقوا كما يراوحون مكانهم منذ الغزو الإسلامي لبلدهم...غير أنّ الأوضاع زادت سوءا منذ أن أخرجت صحراء السّعوديّة أثقالها من الذّهب الأسود و أطلق مشايخها حملتهم الوهابية العالميّة المشهورة إلى كلّ البلدان العربيّة الإسلاميّة...الأمر حينها بدأ يواكب التّغييرات و يستجيب رغما عنه للأثار و الأبعاد المترتّبة الّتي مسّت مباشرة مجتمعاتنا و حياة شعوبنا و أهالينا....
فبدل أن يتنبة المصريون وتتنبة حكوماتنا ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات وروابط ونقابات ونوادي ..بدلا من ان تتنبة و توجّه مجهوداتها إلى مشاريع التّنمية و النّهضة... بدل أن تستفيد من تجارب و خبرات باقي الأمم و الشّعوب القريبة و البعيدة.. نراها تنتكس و ترتكس و يتنكر اقدم شعوب الارض ( المصريون ) لتاريخهم و موروثهم الحضاري الزّاخر و اللاّمع ثم يستهل المصريون في بناء مستحثّات دينيّة و قوالب فكريّة رجعيّة ظلاميّة غيبيّة أبدعتها المشيخة النّفطيةالوهابية من أهل جهل و دجل بلاد الرّمال...!
فالي متي يعود المصريون الي وعيهم الذي فقدوة في خلال ربع قرن مضي تخلفوا فية وتقدمت امم اخري اقل منهم شأ نا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النهضة المجهضة!!!!!؟؟
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 8 / 17 - 22:22 )
لو سمحت سيدي رجب ان ابدي بعض الملا حظات اراها داعمة لمقالك:


بداية الإنحدار انطلقت مع ((ثورة )) عبد الناصر الدي ادخل مصر


في دوامة الحروب القومية ضد اسرائيل استنزفت طاقات مصر فتراجع اشعاعها (الثقافي) في الشرق الأوسط وشمال افريقيا واتسعت دائرة الفقرفي المجتمع فوجدت الوهابية فيما بعد الأرض خصبة لزراعة بذورها وجني المحاصيل الوافرة الى اليوم وهي تستثمر الآن في السودان
وايضا في المغرب واوربا
اشكرك سيد رجب على مقالك الرائع واتمنى الا تغفل دور الإنقلاب الناصري في اجهاض النهضةالليبرالية في مصر

اخر الافلام

.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah


.. 178--Al-Baqarah




.. 170-Al-Baqarah