الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم الرسمي اللبنانية واستنهاض مناهجه التربوية

فدى المصري

2009 / 8 / 19
التربية والتعليم والبحث العلمي


استطاعت المؤسسات الرسمية التربوية من أن تخطوا خطوة جبارة عبر مسيرتها النهضوية لتحرير التعليم من الفساد والاستغلال والتقاعس عبر عدة خطوات وإجراءات تم اعتمادها من قبل المسئولين السياسيين والوزارة المسئولة عن تنمية هذا القطاع وإعادة تأهيله وقد مرت المنهاج التعليمية اللبنانية بعدة خطوات كبيرة لم تخلوا من الصعوبات الكبيرة التي أثرت سلبا؛ نوعا ً ما عن الأداء بسبب الروتين الإداري حينا ً ، وأحيانا ً بسبب الظروف السياسية والأمنية التي واجهها لبنان منذ عام 2000 ، لعل فوز لبنان بالمرتبة الثالثة من الامتحان الدولي لمادة الرياضيات عبر الامتحان العالمي الذي خُضع إليه طلاب الثانوي الثالث لفرع العلوم العامة ،وفق ما أعلنت به رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء د. ليلى مليحة فياض بأنها فوز لبنان في المرتبة الثالثة عالمياً في الرياضيات بناء على مشروع Tims للقـــياس الـعـــالمــي للرياضيات والعلوم ،وقد تم امتحان الطلاب عبر عدة خطوات ابتدأ بقراءة مفصلة للتعليمات المستوجبة عليهم ، قبل الشروع بالاختبار الذي دام 3ساعات والذي ضم أكثر من جانب يطال المنهاج المتعلق بالمادة ووسائل المساعدة بها من قبل الطالب ليتم اختتام الاختبار برأي الطلاب وتصوراتهم عبره وتدوين صعوباتهم المتعلقة بهذه المباراة . والجدير بالذكر هنا أن المشاركة اللبنانية قد تمت للمرة الأولى بهذه المسابقة الدولية على مستوى تلامذة المرحلة الثانوية في ظل غياب أي مشاركة للدول العربية بهذه المباراة، وكانت مشاركة لبنان من تلامذة القطاعين الرسمي والخاص. وقد هنأت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري لبنان بهذا الفوز، معتبرة أن "طاقات أبنائنا تصل إلى المستويات العالمية وعلينا دائما أن نحسن رعايتها وتوفير الظروف الملائمة لنعزز قدرة أبنائنا على التفوق".
مع العلم أن الواقع التعليمي اللبناني عبر قطاعيه الخاص والرسمي قد تعرض لعدة إصلاحات ولعل اعتماد المنهج التعليمي الجديد عام 1995 الذي أرسى قواعده المعاصرة من حيث مضمون المنهاج وهيكلته وبرامجه عبر الحلقات التعليمية الأربعة ما قبل الجامعية ، من مرحلة الروضات إلى الحلقة الأولى والثانية من التعليم الأساسي ، والحلقة المتوسطة التي تنتهي بالشهادة الرسمية قبل أن ينتقل الطالب للمرحلة الثانوية التي تُختتم بالشهادة الثانوية العامة قبل انتقاله للمرحلة الجامعية .وقد تم تبني أربع فروع للثانوية العامة عوضا ً عن ثلاثة فروع في النظام التعليم القديم وهي الفرع العلوم العامة SG ، الفرع العلوم الحياة SV ، الفرع الاجتماع والاقتصاد SE ، الفرع الآداب والإنسانيات LH ، وبالتالي فأن فرع الجديد الذي تم تبنيه فرع الاجتماع والاقتصاد عبر ما يحتوي من تخصص فرض نفسه على حيز التعليم وأوجب اعتماده تبعا للحاجة التي فرضها تطور التعليم لدى فرع العلوم الاجتماعية الجامعية والخدمة والاجتماعية وإدارة الأعمال التي باتت من مستلزمات المعاصرة للتعليم المستجد. ويتم توجيه الطلاب وفق مستوياتهم العلمية الذهنية والفكرية ، مع العلم أن ثمة تطور مواز ً للتعليم المهني مع العليم الأكاديمي ، بحيث أن الطالب الذي يجد صعوبة تعليمية في النظام الأكاديمي فإن أبواب المنهج المهني يؤطر تواجده المدرسي عوضا ً عن الترسب المدرسي أو التسرب .
رغم هذه التطورات التي آلت إليه هيكلية ومنهجية النظام التربوي اللبناني ، إلا أن هذا التغيير لم يُكتب له النجاح إلا بفضل عدة إجراءات قانونية عززت من موقع المدرسة وهيكليتها البشرية ، حيث أن سلسلة المشاريع القوانين التي تم تنفيذها لتثبيت أساتذة التعليم الثانوي والقضاء على بدعة التقاعد ، ساهم بتحقيق الاستقرار المهني للجسم التعليمي ، خاصة بعد خضوعهم لامتحان مجلس الخدمة المدني عام 2003 ، تم بموجبه تثبيت أساتذة التعليم الثانوي ،وخضوعهم للتدريب لمدة عام عبر جامعة "كلية التربية والتعليم اللبنانية " ، على أسس التعليم ومستوجباته وآلية استخدام الطرق التعليمية ، واستخدام المشاريع اللاصفية في سبيل خدمة المادة وفق منهاجها المعتمد وما تساهم من تحفيز الطالب على المشاركة كمحور أساسي للعملية التعليمية في ظل دور للأستاذ كمرشد في الصف عوضا عن الدور التلقيني السابق .
رغم هذه التعديلات المنهجية في عملية التعلم والتعليم قد استكمالها بورشة إعداد الكتاب المدرسي ، تعديل الكتب ومحتواها بما يتوافق مع مستجدات العصر والانفتاح الثقافي حسب طبيعة وتخصص كل مادة من مواد الدراسة ، كما تم تنظيم ورش تدريبية للأساتذة لدى كافة المراحل في جميع المحافظات اللبنانية حول الكتاب المدرسي ، المنهج التعليمي ، الطرق الناشطة ، معايير التقييم ، خطط مواجهة الصعوبات التعليمية من ترسب صفي وفشل في استيعاب الأهداف المرجوة من الحصة الدراسية .
بالرغم من هذه الإجراءات الفاعلة التي حققت نتيجتها التنموية للمؤسسات التربوية لدى القطاعين الخاص والرسمي ، إلا أن ثمة ثغرات لم يتم لها العلاج للوقت الراهن ومن هذه الثغرات نوجزها فيما يلي :
أولا ً ، عدم تطبيق مراسيم القانونية كافة المتعلقة بالمنهج التعليمي الحديث وذلك بالشق المتعلق بالتجهيزات المدرسية ووسائل الإيضاح وذلك لعدم توفر الميزانية المالية المناسبة لتغطية نفقاتها .
ثانيا ً ، استغلال الأوساط السياسية في جسم التعليم وما تفرضه من محسوبيات ووساطة تتفاعل في تشكيل الجسم الإداري والهيئة التعليمية ، وفق طبيعة كل منطقة وخاصيتها ، وهذا ما فرض سوء في توزيع الأساتذة في المدارس المرافقة للتشكيلات التي تمت خاصة مع مراحل التثبيت الأخيرة للأساتذة التعليم الثانوي .
ثالثا ً ، خضوع التفتيش التربوي للتدخلات السياسية والوساطة وهذا ما امتدا لتسجيل بعض الغطاء على الجسم التعليمي المتهرب من أداء واجبه التربوي بصدقية المهنة وواجباتها .
رابعا ً ، تعرض الجسم التعليمي لعدم استقرار نفسي ناجم عن تدهور في مستوى الأجور وتسلسل الرتب والرواتب وانخفاض في التقديمات الاجتماعية المناطة بالجسم التعليمي ، بما حدا بالمعلم إلى اللجوء إلى عمل إضافي أو تعاقد إضافي لحصص أسبوعية ، وبالتالي يمتد عمله إلى 30 حصة أسبوعيا ً ، وكل هذا يستنفذ قدراته وصحته ، ويقع عائق أمام مستوى آداه التربوي وينعكس سلبا ً على مستوى الطالب وطرق تحفيزه التعليمي.
خامسا ً ، معاناة تقع في البناء المدرسي ، وخاصة البناء التعليم الرسمي الذي يمتد بناءه لأكثر من ربع قرن في بعض المناطق اللبنانية النائية والذي يخالف متطلبات المنهج التربوي الحديث ، بما يتمتع من صغر حجم الصف ووضع أكثر من 35 طالب في الشعبة الواحدة رغم أن المنهج التعليمي الحديث يشير إلى وضع 25 تلميذا ً فقط في الشعبة الواحدة وذلك بما يخدم العملية التربوية ، خاصة أثناء تنفيذ نشاط تربوي صفي ، وما يخدم الأستاذ من قدرته على تتبع حالات الطلبة جميعا ً دون إغفال أي عنصر من عناصر صفه ،في سبيل تقدير صعوباتهم التعليمة ومعالجتها في وقتها .
رغم هذه الثغرات ما زال النظام التعليمي اللبناني يستطيع أن يواجه تحديات العصر ومتطلباته وفق ما يتم من تحديث القوانين وتطوير الإجراءات التي تعمل على معالجة هذه المشاكل ضمن خطة تربوية تستحدثها الوزارة كل عام مع بداية العام الدراسي ، وعسى هذا العام استكمال النهوض التربوي بالتعميم التكنولوجي إلى المدارس كافة ، واستكمال الدورات التدريبية للجسم التربوي عبر مراكز الدور المنتشرة في المناطق اللبنانية كافة تحضيرا لمرحلة يستبدل بها الطالب حقيبة الكمبيوتر عوضا عن حقيبة الكتب المدرسية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من أجل رؤى علمية تعليمية راقية
تانيا جعفر الشريف ( 2009 / 8 / 19 - 05:59 )
جهد مبارك قدمتيه أخيتي الطيبة تستحقين عليه كل التقدير.

تانيا........


2 - قراءة ناضجة
احمد السيد علي ( 2009 / 8 / 19 - 12:47 )
قراءة عميقة وتحليلية جيدة للواقع التعليمي والتربوي في لبنان، أتمنى المزيد من هذه الدراسات الجادة لتسليط الضوء على السلبيات والايجابيات لغرض تتطوير هذا الواقع.
محبتي واعتزازي


3 - التعليم مفتاح التقدم
رشا ممتاز ( 2009 / 8 / 19 - 13:08 )
الكاتبة العزيزه استاذ فدى شكراعلى المقال الذى يسلط الضوء على ضرورة النهوض بالعملية التعليمية وإعادة هيكلتها منهجيا واداريا
نظام تعليمى قوى = دول متقدمة وفى أخر تقرير امنظمة اليونسكو حول ميزانيات التعليم فى العالم كانت الولايات المتحده الاكثر انفاقا على المؤسسة التعليمية
فميزانيتها المخصصة للتعليم الحكومي تقارب ميزانيات حكومات في ست مناطق مجتمعة من العالم هي: الدول العربية، أوروبا الوسطى والشرقية، آسيا الوسطى، أميركا اللاتينية والكاريبي، آسيا الجنوبية والغربية، وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى


4 - شكرا
فدى المصري ( 2009 / 8 / 19 - 16:19 )
اشكر مرور كل من الاخوة على هذا المقال

بالنسبة للتعليم يشكل الركن الاساسي لبناء الدولة في رصد وتعزيز الوعي الفكري ، وربما لبنان يعتبر من البلدان التي تهتم بهذا النظام ويشكل بناء هام في تعزيز التربوي عبر مؤسساته التعليمية ، ولكن للاسف ، بسبب ما يشهده هذا البلد إما من الناحية السياسية ، أو الأمنية ولل الحرب المتوالية على اراضيه منذ عام 2003 شكلت اعاقة فعلية لما يتم للوزارة التربية والتعليمان تحققه من انجازات واستكمال خطة النهوض التربوي . رغم ان هذا المقال سوف يستتبع بمقال آخر عن ما تم وما سوف يتم انجازه من هيكليته للجسم البشري التعليمي .

مع التحية

اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو