الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قناع الدين سوف لن يستر العورات الفاضحة لاصحابه !

جمال محمد تقي

2009 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اللا معرفة تاريخيا كانت تقود اصحابها الى احتمالين لا ثالث لهما اما الخنوع والسجود حتى لظل سعفة نخيل تحركها الهواء بقوة ، او الى التهور الذي يقود صاحبه الى التهلكة !
هكذا كان الانسان الاول الانسان الذي تحول للتوـ عبر سلسلة معقدة من التطور المورث والذي غذته قفزات وراثية نتيجة تحولات نوعية في العلاقة الخاصة والعامة بين الانسان والانسان وبين الانسان والطبيعة وداخل الانسان نفسه ، منفقة في طريقها هذا مئات الالاف من السنين اذا لم نقل بضعة ملايين ـ من معشر الحيوانات غير الناطقة الى حيوان ناطق ـ انسان له خاصية نوعية جديدة هي خاصية التفكير التي جعلته بحق سيدا على هذه الارض!
الان اللا معرفة علاوة على انها تحتوي الاحتمالين اعلاه فانها يمكن ان تجعله وقودا لتدمير الارض وما عليها وتدمير نفسه بطبيعة الحال !
اذن المعرفة هي اهم ادوات التطور واللامعرفة هي اهم ادوات التخلف والتراجع والتقهقر ، من هنا كان ومايزال الحرص الشديد لدى الطبقات السائدة على تعمد تجهيل العامة او ما نطلق عليه اصطلاح الجماهير الغفيرة ، ومن هنا ايضا كان تاكيد النخب الثورية والطلائع الداعية للتطوير والتنوير والتقدم والتي تنوعت اهدافها بين اقامة مجتمع العدالة والمساواة او المجتمع الفاضل او الديمقراطي او الاشتراكي ومن ثم الشيوعي ، على ان المعرفة هي السلاح الماضي للتفوق على المحافظين والداعين الى تقديس الملكية وتقديس توريثها وتقديس راس المال وتقديس الدولة وتقديس الخرافة التي اصبحت دينا والتي تقول ان الله هو الذي اعطى وانه لا غيره من ياخذ !
هناك تناقض عويص اشارت اليه الماركسية بتمعن يقول ان الراسمالية اثناء عملية الدئب على زيادة استثماراتها وفي كل شيء ستنتج لا اراديا معرفة ، ومعرفة عالية المستوى رغم انها حريصة كل الحرص على ان تحتويها لخدمة استمرارها فقط ، لكن الامر لا يتوقف على رغباتها فالانتاج الاجتماعي هو قانون راسمالي مفروغ منه وهو يفضي حتما لانتشار المعرفة بين اعداد متزايدة من الفئات المنتجة
ـ الراسمالية تحفر قبرها بنفسها ـ !
الان وبعد ان تحولت الراسمالية الى عملاق عولمي استطاعت ان تحيد فئات واسعة من منتجيها في بلد المنشأ بسبب زيادة عوائد فائض القيمة القادمة من وراء البحار مما جعلها تخفف من وطأة التمايز الداخلي طبقيا ـ نظام التامينات الاجتماعية ـ بحسابات الربح والخسارة البعيدة والقريبة والتي تعوض باضعافها عند حساب فرق العملة بين المنقول من عوائد فائض لقيمة القادمة من البلدان المتخلفة !
هذا الحال جعلها تستعيد شيء من القها المفقود داخليا لكنها خارجيا تزداد قبحا ونهبا وجشعا ، وهي بذلك تركز على جعل هذه البلدان خارج سياق المعرفة ، بل تعمل على امتصاص النخب العلمية والموهوبة لتحولها الى اسلحة معرفية مضادة لنزعات التذمر المتصاعدة من تلك المجتمعات !
الراسمالية تصدر التبشير الديني للخارج ولكنها داخليا تمكنت منه تماما ، هي لا تمانع بقيام دول دينية تسير عكس اتجاه المعرفة بشروطها هي ، انها مع قيام دولة يهودية خالصة في اسرائيل ، دولة دينية لا علمانية ، من نتائجها العنصرية طرد الغير يهود الى خارج اسرائيل !
وهي لا تمانع من قيام انظمة ثيوقراطية متخلفة تراعي شكليا ديكورات الحداثة بشروطها هي كما في بعض الدول الاسلامية كالسعودية وحتى ايران ان تجاوبت مع دعواتها !

عليه فان المعرفة واستثمارها لمصلحة تقدم وتطور الشعوب وخاصة شعوبنا التي تصنف ثالثة او رابعة بين شعوب العالم يتطلب اول ما يتطلبه اعادة الثقة بانساننا وتوفير فرص تنميته لجعله انسانا منتجا وليس مستهلكا للمعرفة ذاتها ، ومن اجل ذلك كله علينا التخلص من رواسب قرون الظلام السابقة لمواجهة من يعرقل سيرنا المعرفي في الداخل والخارج ، اما المعرقل الخارجي فهو معروف لدرجة الابتذال ، واما الداخلي فهو بيت الداء لانه يتلبس لبوس القدسية الدينية ، انهم دعاة الحكم الاسلامي ، اي اصحاب الملل والنحل وما ملكت ايمانهم ، ومن الحكمة التصدي لهم وبنشر المعرفة العلمية اولا ، والعمل على فرض البدائل المجربة ، نعني بها فصل الدين عن الدولة وتجريد رافعي رياته من اي وصاية على المجتمع ، ولا يمكن النجاح في هذا المسعى الا اذا قام اوسع حلف اجتماعي سياسي بين المنتجين والنخب العلمية والسياسية والثقافية وكل فصائل اليساريين والعلمانيين والقوميين التقدميين وكل القوى الديمقراطية والليبرالية الوطنية وحتى من الدينيين المتنورين انفسهم ، لمواجهة حلف الارتداد والنكوص الذي يلبي بنظامه اللامعرفي رغبات ـ الشيطان الاكبرـ في الخارج ، لانه يحتقر المعرفة ويهاجمها في الداخل وكانه ـ شيطان صغيرـ !

الدين اي دين كان هو صناعة بشرية صرفة ، وكما قيل ماركسيا بانه كان للعمل الدور الحاسم في تحول القرد الى انسان فان لعقل الانسان الدور الحاسم في تحول هاجس الخوف من فتك قوى الطبيعة العمياء عند بداية تشكل خلايا المعرفة لديه الى نوع من الدين الاول ـ عبادة المجهول بدافع الخوف منه ـ اذن فالعبادة هنا هي صنو لتميمة اللاتقاء ، اي اتقاء شر القوى الخارقة ، فكان الانسان الاول يعيد تحويل ارتجافات الخوف التي كانت تسيطر عليه الى تعاويذ وايقاعات واثناء تزايد نمو خلاياه المعرفية اخذ يعبد الظواهر المكررة ـ البرق ، الرعد ، المطر ، القمر ، الشمس ـ ، ثم تطورت الحالة المعرفية بمستوى تطور العمل والانتاج وادواته حتى توحدت الالهة فكان الله الواحد الاحد ، وكان ماكان وحتى الان من استخدام طبقي للمعتقدات في سبيل تيسير السيطرة وتمييع فورات الشعوب المقهورة ، وبالتطفل على المعرفة بانعاش هواجس الخوف الكامنة في مساحات الغموض التي مازالت تكتنف الكثير من اسرار هذا الكون !

قوى الاسلام السياسي التي تريد الهيمنة المطلقة على الشارع كوسيلة من وسائل الوثوب للسلطة المطلقة لا تتوانى عن التضحية بتراث الدين نفسه خدمة لاجندتها السياسية ، ومن هنا فان تعريتها ونزع قناع القدسية الزائفة عنها هو مهمة ملحة لكل القوى المناهضة لها بنفس الوقت الذي يتوجب اسقاط من بين يدها ذريعة ان من يناصبها العداء بالضرورة هو حليف للغرب واسرائيل ، وذلك من خلال التشديد على التمسك بالهوية الوطنية والنضال ضد كل اشكال التبعية قولا وممارسة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال قيم كالعادة
رشا ممتاز ( 2009 / 8 / 19 - 22:41 )
أستاذ جمال حقا ولا أجامل تمتعنى مقالاتك وتضيف لى لتسلسل افكارها و منطقها العقلانى الذى ينم عن وعى عن وعى ونضج كبير
شكرا على نفحاتك التنويريه


2 - شكر على المتابعة
جمال محمد تقي ( 2009 / 8 / 20 - 17:21 )
سيدتي رشا ممتاز متابعتك تجعلنا اكثر عزما على المواصلة تسلمين للحوار البناء

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran