الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الأديان

بطرس بيو

2009 / 8 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



إن الصفة الوحيدة التي تميز بني البشر عن المخلوقات الأخرى هي العقل. فبخلاف الحيوان يتطور الإنسان بعقله من حالة بدائية إلى حالة متحضرة.

فالكنيسة الكاثوليكية مثلاً تطورت مع تطور المستوى الحضاري للبشر. فكانت هي المؤسسة المسيطرة على النواحي الدينية و الدنيوية في القرون الوسطى ثم حصل الإصلاح الديني و إنحسرت سيطرة رجال الدين عن الأمور الدنيوية مما أدى إلى تحرر العقل البشري من االسيطرة الدينية و إنطلق دون قيد أو شرط و بحرية مطلقة إلى الإبتكارات التي رفعت مستوى البشر إلى ما هو عليه الآن.

فكان القداس مثلاً في الكنائس اللاتينية الكاثوليكية يقرأ باللغة اللاتينية حتى عام 1970 عندما شعر البابا بندكت السادس عشر أنه من غيرالمعقول أن تجري الطقوس الدينية بهذه اللغة التي لا تفهمها الأغلبية الساحقة من الناس لذا سمح الفاتيكان للقساوسة أن يترجموا القداديس إلى اللغات المحلية. علماً أن القداديس في الكنائس الشرقية كالكلدان و السريان و الأرمن كانت تقال باللغة المحلية من قديم الزمان كما أن القسيس كان يقوم بإداء مراسيم القداس و ظهره متجه نحو المصلين فسمح له أن يتوجه نحوهم بوجهه. أما الكتاب المقدس فقد ترجمه القديس جيروم من اليونانية إلى اللاتينية عام 405 و بقي يقرأ بهذه اللغة حتى جاء مارتن لوثر الذي قام بالإصلاح الديني و ترجمه إلى اللغة الألمانية عام 1534 ثم سمح الفاتيكان بترجمته إلى اللغات المحلية. فالكتاب المقدس مترجم الآن إلى أكثر من ألف لغة.

أمافي الدين الإسلامي فالقرآن الكريم مكتوب باللغة العربية و الصلاة تقال باللغة العربية علماً أن ما يقارب الثمانون بالمائة من المسلمين ليسوا عرباً و قليل منهم يفهم اللغة العربية. صحيح أن القرآن الكريم ترجم إلى لغات غير عربية و لكن بخلاف الكتاب المقدس يفقد القرآن كثيراً من تألقه بعد الترجمة. فإحدى ميزات القرآن الكريم الذي يعتبر إعجازاً هي اللغة الشبه شعرية التي كتب بها. و هذايعني أن ما يقارب الثمانون بالمائة من المسلمين يقرأون القرآن الكريم كالببغاوات لا يفهمون حرفاً واحداً منه و هذا أيضاً ينطبق على صلاتهم مما يتنافى مع ما جاء في سورة الحجر:

"ألم تلك آيات الكتاب و قرآن مبين". (سورة الحجر آية رقم واحد)

فكيف يكون قرآناً مبينأً إذا لا تفهمه ألأغلبية الساحقة من المؤمنين؟

مما لا شك فيه أن الأوضاع المادية و المعيشية قد جرى عليها تطور مضطرد خلال الأربعة عشر قرن التي مضت منذ نزول القرآن الكريم حتى يومنا هذا فالقوانين و الشرائع التي كانت تتلائم مع الأوضاع و العادات و التقاليد التي كانت تسود في حينه لا تصلح أن تطبق في يومنا هذا و قد حان الوقت في تصوري أن يجري تطوير جذري على الدين الإسلامي أسوة بالدين المسيحي. فالقوانين التي سنت في عهد الإمبراطويبة الرومانية مثلاً قد جرى تعديلها والإضافة إليها و حذف بعض نصوصها لتتطابق مع الأوضاع الحالية.

فآيات العنف في القرآن الكريم أنزلت في زمن كان الدين الإسلامي لا يزال فتياً و محاطاً بأقوام كانت تحاول القضاء عليه في مهده و في زمننا هذا بلغ عدد المسلمين في العالم ما يزيد عن المليار، الملايين منهم في العالم الغربي، و لم يعد بحاجة إلى وسائل العنف للدفاع عنه. و قد يقول قائل أنه مهدد بالدول الإستعمارية. أرأيتم دولة إستعمارية إحتلت بلداً إسلامياً و أجبرت أهله على ترك دينهم؟ إن عملية الإستعمار عملية إقتصادية- سياسية و ليست دينية كما كانت فتوحات المسلمين.

إن النظرة المتعالية التي ينظر بها المسلم إلى غير المسلم على أنه كافر يتعذر معها إندماجه و تعامله مع الغيرً الأمر الذي يؤدي إلى التفرقة بين الإنسان و أخيه الإنسان و حشو عقلية الطفل بالكراهية وا لحقد تجاه الغير قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى خلق إرهابيين

من المؤسف ان نرى طفلة بريئة في إحدى قنوات الإنترنيت تتلفض بعبارات تنم عن الحقد و الكراهية كوصف اليهود و النصارى بأحفاد القردة و الخنازيرو طفل آخر يسب و يدعي على اليهود و النصارى بالويل و الثبور و عظائم الأمور ثم يهنئه رجل دين على نباهته و ذكائه. إن كلام كهذا يجرد الطفل من برائته.


أمنيتي أن تسود المحبة و يسود الوئام بين بني البشر بإختلاف أجناسهم و معتقداتهم و تزول الإطماع الإستعمارية و التسلطية و يبقى الدين علاقة بين الفرد و ربه و يتآخى الإنسان مع أخيه الإنسان.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah