الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباب اليوم والانتماء للأحزاب

مثنى كاظم صادق

2009 / 8 / 27
المجتمع المدني


لا تزال الأحزاب منذ أن ظهرت في العراق إبان العهد الملكي , وانصهارها في حزب واحد حكم العراق في العقود السابقة بالنار والحديد , أقول لا تزال هذه الأحزاب بآيدلوجيتها المتنوعة , تؤدي دورا تقليديا رتيبا في السياسة العراقية ولاسيما في انتعاشها مجددا بعد سقوط الحاكم الذي قمعها طيلة عقود طويلة ونكل بمنتميها وعوائلهم شر تنكيل , وبأثر رجعي , وهذا الدور التقليدي بمستواه العام , تمظهر من خلال فتح المكاتب لهم في كل المحافظات والأقضية وإصدار جريدة ناطقة بلسان حالهم , والسؤال هل الحزب أو الكيان السياسي , عبارة عن مكتب وجريدة ؟ أم أن همه وشغله الشاغل تجديد دمه وأفكاره بانتماء الشباب له واستقطابهم إليه ليس لبغية تعيينه هنا أو هناك , بل لغاية أكبر وأهم هو إيمان عقائدي بهذا الحزب أو ذاك , من يتتبع الحركة الحزبية في العراق في العقود المنصرمة تجد أن الشاب العراقي فيما سبق ( رومانسي مؤدلج ) فهو بالنتيجة عاشق لحبيبة ما ويسمع من أجلها عبد الحليم حافظ , ومتحزب بآيدلوجية قد آمن بها من دون مقابل سواء كانت هذه الآيدلوجيا الحزبية يسارية أم يمينية أم إسلامية , فنجد منهم الشيوعي والبعثي والإسلامي , وفي ضوء ذلك وعندما سيطر حزب البعث على السلطة , بدأ بسياسة القمع لهذه الأحزاب وطردها إلى الخارج بحجج شتى , الغاية منها جعل الشعب العراقي كله منتميا له , حتى أصبحت كلمة الحاكم السابق ( العراقيون بعثيون وإن لم ينتموا ) هي الواقع المعاش , فحتى الفلاح البسيط , وصلته استمارة الكسب الحزبي , وأصبح بعثيا , وربما أصبح بعد سنوات في موقع المسؤولية , يأمر وينهى , وهو لربما لا يعرف شيئا عن حزب البعث سوى أساسيات بسيطة , فقد أصبح الحزب والتحزب والثقافة الحزبية , هي الشغل الشاغل للعراقيين , بل أن حضور الأجتماعات , بمواعيدها المنصوصة هي من المقدسات الواجب عملها , فضلا عن الخفارات وما إلى ذلك من المهام , حتى مل البعثيون أنفسهم من كثرة الضغوطات الحزبية في ظل الحصار ولهاث الكثير منهم لتوفير لقمة العيش والقوت اليومي للعائلة , وبعد السقوط أتت الأحزاب من جديد , وفتحت مقراتها , إلا أن جيل الشباب بدا غير جاد في الإنتماء إليها وهذه ظاهرة , فالملاحظ أن معظم مقرات الأحزاب بمنتسبيها بل حتى القادة السياسيين في هذه الأحزاب من كبار السن و لربما بموت هؤلاء ستنتهي كثير من الأحزاب ؛ لعدم التجديد بطاقات شبابية وأفكار تتماشى مع العصر الجديد , وهذا الأعراض من الغرابة بمكان ؛ لأن الناس ينتخبون ممثلهم في هذا الحزب أو ذاك , أو ينتخبون هذا الحزب , إلا أنهم يعرضون عن التسجيل فيه , ومن أسباب ذلك هو الخوف من المستقبل , ولاسيما أن الذاكرة الجماعية تحتوي على صور كثيرة للتعذيب والتنكيل والمعاقبات الجماعية , لشباب ليس ذنبهم سوى أنهم انظموا إلى هذا الحزب أو ذاك , فضلا عن عدم تقدم ألأحزاب إلى الناس وترغيبهم بالانتماء إليهم عن طريق الكسب الحزبي ولاسيما طبقة الشباب , ولم تعي الأحزاب أهمية الشباب فيها الشباب الذي يجيد الحاسوب والنت ويحمل معه شهادة عالية فضلا عن أنه يمثل الثقافة الجديدة في البلد , والتي تساهم في البناء وديمومة الفكر في هذا الحزب أو ذلك الكيان أو تلك المؤسسة فشباب اليوم ( واقعي عملي ) , وعليه نجد الكثير من أبناء الشهداء , شهداء هذه الأحزاب الذين قضوا نحبهم في سجون ومعتقلات التعذيب وأعواد المشانق , من أجل ( المباديء والقيم ) لم يواصلوا مسيرة آبائهم , كما يجري العرف والعادة , بل هم ليسوا ميالين إلى أحزاب آبائهم وكنت أتوقع أن أبناء ( المعدومين ) من النظام السابق سيشكلون لبنة جديدة في الأحزاب المتعددة الاتجاهات والمشارب , ولاسيما أن جلهم من حملة الشهادات , ويمكن الإعتماد عليهم إذا وجهوا الوجهة الصحيحة , لكن أملهم قد خاب عندما رأوا هذه الأحزاب تعرض عنهم وعن عوائلهم , وتحتظن الذين نكلوا بالشهداء وكتبوا عنهم التقارير من المخبرين , ليمارس هؤلاء المخبرون وكتاب التقارير العمل الحزبي الجديد مع أحزاب كانوا في السابق يكتبون التقارير ضدها وضد من يشتبه بالإنظمام إليها , بل أن أبناء الشهداء الذين لا يعرفون من آبائهم سوى الصور المعلقة على الحائط لم يسلموا من المضايقات الأمنية والحزبية والأستفسارات والتي تصدر عن هؤلاء . إن الشباب مقياس حيوية الأحزاب ؛ لأنهم يعيشون الأفكار بكل معانيها المتجددة , فهم الوحيدون القادرون على التعبير والتغيير وفقا لمتطلبات الواقع المعاش , وهم ألأقدر على العطاء , فضلا عن أن الطبقة الشابة هي الأقل تأثرا بالأفكار السابقة ومعتقدات العهد السابق , لأنهم لم يتأثروا بما تأثر به الغير في عقلهم اللاشعوري , فلديهم شعور عال في الوعي بالذات والوعي بالجماعة , ولا قيمة عند الشباب إلى المباديء الحزبية والشعارات الملونة المنمقة المثالية إلا إذا انتقلت إلى حيز التطبيق , ولا تطبيق بدون احتظان الطبقة الشابة ؛ لأنه من العسير على الطبقة الشابة أن تتقبل ثقافة حزبية ما مرتبطة في عقلها بسياسة التهميش المتعمد لطبقتهم المهمة , وسياسة عدم التجديد والتبديل بالقيادات الحزبية الكلاسيكية بقيادات شابة لها عمق فكري ثقافي رصين يتجدد بتجدد العصر لكي لا يبقى ( أسيادنا في الجاهلية أسيادنا في الإسلام ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة




.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا