الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة والمجتمع

ناظم الزيرجاوي

2009 / 8 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما يلقي الباحث او الدارس او حتى من لديه ادنى تحصيل علمي النظر، فانه يرى ان القفزات العلمية وفي شتى المجالات الحياتية والتي امتاز بها الغرب انما هي في الواقع نتاج الثقافات المتباينة بتباين العقول البشرية من الناحية المعرفية التحصيلية واستغلال الفكر الفلسفي الذي لا يحده حد ولا يقيده قيد، ولسنا هنا في معرض الرد على اشكالات البعض الذي يرى ان الحياة ابسط من هذه التعقيدات والتي يراها غامضة بعض الشئ ،انما المقصود هنا من الفلسفة الحياتية هي تلك القواعد العقلية المتفق عليها بين العقلاء بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية او الدينية او المذهبية فهي في الواقع بالنسبة الى فائدتها للإنسان كالمرشد والدال للآخرين الى ما خفي عنهم .
وبهذا يتضح ان الفلسفة الحياتية ليست مقتصره على اهل الاختصاص من الفلاسفة القدماء اوالمعاصرين وانما هي نمط حياتي يسير الإنسان نحو كماله المنشود من الناحية المعرفية والانسانية . وبذلك هي تشمل كل اطياف المجتمع الإنساني وبمختلف مداركهم ومستوياتهم العلمية .نعم يمكن ان يكون الفارق بين الفيلسوف وبين دون ذلك هو ان الاول يعي ما يحركه و الاخر لعله لا يعي او لا يتفق الى ما يحركه ومن هنا نصل الى كل ما خلقه الله تبارك وتعالى من نظم وقوانين وسنن كونية هي متاحة الى كل انسان من الناحية المعرفية وذلك لاننا نعرف ان الوصول الى المعارف انما يتم عن طريق معرفة اصول القوانين وكيفية تطويعها وتسخيرها لنا علماً ان الوصول الى معرفة هذه القوانين والسنن الكونية لم تقتصر على مجموعة معينة من الناس بل هي متاحة لكل من يريد ان يتعرف عليها.ومن هنا نصل الى هذه الحقيقة وهي ان العقلية المعرفية التي توصل اليها الغرب اليوم لم تأتِ عبر الجينات الوراثية مثلا ، بل العكس من ذلك هو الصحيح فبعدما كانت المجتمعات العربية والاسلامية تمتاز على نظائرها من المجتمعات الاخرى بكثير من العلوم والمعارف والتي اخذ الغرب الكثير منها لهو دليل على ان العقل المعرفي عند المجتمعات العربية والاسلامية سابقاً يختلف اختلافاً كلياً على ما هو عليه الان واسباب ذلك تعود الى النكبات والانتكاسات التي مرت على تلكم المجتمعات والتي لا يسع ذكرها وبحثها في هذا المقال لكن الجدير بالذكر ان من جملة تلك النكبات والانتكاسات هي ان البعض وفي القرن الواحد والعشرين الذي نعاصره اليوم ينظر الى الفلسفة على انها من المحرمات المحظورة التي لا يمكن الخوض في مبانيها المعرفية بذريعة اصلها يوناني متجاهلاً ذلك البعض ان الفلسفة عبارة عن قواعد كلية عقلية توصل الإنسان الى المعارف الغامضة ، وهذا بالطبع غير مقتصر على العقلية اليونانية وذلك لان العقل هو العقل سواء كان عقلٌ يونانيا ًاو عقلٌ اسلامياً وبناءاً عليه يتضح ان الفلسفة نظام معرفي يوصل الإنسان الى ما خفي عنه ولذلك ينقل عن الفيلسوف اليوناني المعروف (ارسطو طاليس) كان يقول ان الدهشة هي التي تدفع الناس الى التفلسف وبالطبع ان مراد ارسطو من الدهشة هنا لا ترتبط بصنف معين من العلوم بل تشمل كل اصناف العلوم بل كل الجوانب الحياتية للإنسان وعوداً على بدء فان الفلسفة حسب التحليل الغربي لها انها تأخذ الأطار التقني اكثر من الأطار البحثي ، ان جاز التعبير فهي تركز على المنطق والتحليل المفاهيمي وبا لنتيجة فان مواضيع اهتماماتها تشمل نظرية المعرفة والاخلاق وطبيعة اللغة وطبيعة العقل. ولا يخفى بان هناك اتجاهات ونظرات اخرى ومن هنا يصبح جل اهتمام الفلسفة عندهم هو كيفية الوصول الى الحياة المثالية وليس كيفية فهم ومعرفة تلك الحياة مع الفارق بيننا وبينهم في تلك النظرة الى الحياة المثالية ، فالسؤال المطروح اليوم هو هل تغير حآلنا، او سوف يتغير؟ يبدو ومن خلال المعطيات الواقعية المعاشة ان الجواب على هذا التسائل سلبي وسلبيته راجع الى تصور البعض على ان الفلسفة ما هي الا استمرار للفكر اليوناني بل اكثر من ذلك . اننا نجد في مرحلة من المراحل ان الفلسفة يكاد ان يقضى عليها كما في الفترة التي عاصرت زمن الغزالي والفخر الرازي الى عصر الطوسي الذي استطاع في الواقع ان يبني ويؤسس المباني الفلسفية الرادعة . ومن هنا اصبحت الفلسفة مولّدة وليست مستهلكة فقط. ولذلك كثيرا ً ما نجد استعارة علم الكلام للمباني الفلسفية ولهذا اصبح المتكلم يفكر بعقل الفيلسوف لا بعقلهِ كمتكلم وبناءاً عليه نستطيع ان نزعم ان الإنسان اذا اراد ان يتبنى مصطلح الفلسفة من الحياة فلا بد ان يصل الى غايتهِ المنشودة والى كمالهِ اللائق كإنسان معمّر لهذه الارض ويدرك غاية وجوده ، وبالتالي سوف يكون هكذا إنسان إنساناً واقعياً منتجاً يستطيع ان يواكب متطلبات العصر الحديث ويتحول من كائن مستهلك الى كائن فعال منتج ،فالفلسفة اذن ليست عيباً او فكراً يناقض الدين لكي يعارضها البعض ويعتبرها من المحرمات ويخرج صاحبها من الدين لمجرد انه انطلق من منطلق علمي يتعارض مع تلك المنطلقات التي يتبناها البعض فان التفكير الفلسفي وقواعده هو الذي جرّ واثرّ اثراً كبيراً في تدّين الكثير وخلاصة القول ان المجتمعات التي نهظت واحدثت تلك الطفرات العلمية وعلى اكثر من صعيد مع تحفظنا على بعض الجوانب التي تتبنّاها انما نهظت لايمانها بتعددية الافكار وتلاحقها وايمانها بان حقول المعرفة ليست حكراً على احد وان العقل المعرفي لا يحدّه حدّ وبالتالي فان هذه النظرة هي فلسفة الحياة التي كثيراً ما صدع بها الاسلام وبضياعها ضاع العقل المعرفي لفلسفة الحياة ولهذا ظلت مجتمعاتنا وللأسف الشديد تندب حضّها تارةً وتارةً اخرى تتغنّى بامجاد غيرها من الماضين لا امجادها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح