الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة من صميم علمانيتنا - اي من صميم دنيانا-!

جمال محمد تقي

2009 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



اكثر من 300 مليون انسان ينطقون بالعربية ، كم من هؤلاء يقرأون ويكتبون ؟ كم من هؤلاء لهم علاقة حميمة بالكتاب ؟ كم من هؤلاء له صلة بالانترنيت ؟
قبل الاجابة على الاسئلة اعلاه تنط عليً اسئلة اخرى لا تقل نوعية عنها بل لا غنى عنها عندما نريد التخصيص لا التعميم ، وعندما نريد من الاسئلة ذاتها ان تقطع نصف الطريق نحو معرفة الاجابات المحايدة ، او لنقل الاجابات المتخصصة ، او الاجابات التي تثير بدورها سلسلة مترابطة من اسئلة اخرى لا نهاية لها الا في تفكيك العقد المترابطة والمتراكمة كيفيا والتي تشكل معالم للمشهد برمته ، هذا المشهد الرمادي في صبغته والحامض بطعمه والمعتق برائحته غير الزكية !
كم كتاب تنتجه مطابع دولنا مجتمعة ؟ كم صحيفة ومجلة متخصصة ؟
كم هي نسبة اعداد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية بالنسبة لمجموع من يفترض ان يدرسون فيها ؟ كم هي اعداد الجامعات والمعاهد ؟ كم هي اعداد مراكز البحوث والدراسات ؟ كم هي نسب التخصصات العالية في جامعاتنا ومعاهدنا ومراكز بحوثنا ؟
كم هي نسبة الكتب المترجمة من والى ؟ كم هي اعداد الكتب المتخصصة والمنتجة سنويا من مطابعنا ؟
كم هي نسب الهجرة او نسب الراغبين بها ؟
كم هي نسب بناء الجوامع والحسينيات والمساجد ، كنسبة وتناسب بالمقارنة مع بناء المدارس الابتدائية على اقل تقدير !
كم وكم وكم هي نسب المطبوعات الدينية ـ من القرآن الى كتب الفقه وشروحاته الى كتب السيرة والدعوة الى كتب التعبئة العامة والمذهبية الخاصة ـ من مجموع ما يطبع سنويا ؟
كم هي نسب الانفاق على التسلح والامن بالمقارنة مع نسب الانفاق على التعليم ومراكز البحوث والمختبرات العلمية ـ الطبية والصناعية والزراعية والثقافية ـ ؟
الكهرباء والماء الصالح للشرب هما من ابرز معالم المدنية كم هي نسبة انتشارها ، كنسبة وتناسب ايضا مع الانتشار السكاني ؟
المواصلات وبكل اشكالها ـ وسائل ووسائط وطرق ـ هي شرايين الحياة المتطورة ، المواصلات هي طرق للتواصل الحضاري الانساني ، كم هي نسبة الطرق المعبدة لغير المعبدة ، كم هي اعداد المطارات المدنية ؟ كم هي تشعبات السكك الحديدية التي غالبا لا تخرج عن مسارات الانهار الكبيرة ـ النيل ودجلة والفرات ـ ؟
"السفر من امريكا الى استراليا يستغرق حوالي 14 ساعة حاليا ، وهي اقل من مدة السفر من الصعيد ـ الجواني ـ الى القاهرة ، احسب النسبة والتناسب " !
قد يدخل الموبايل لقرية ليس فيها شبكة للتلفون الارضي ، وقد يدخل القرية الستلايت وهي محرومة من الكهرباء فتلجأ لتشغيله عبر بطاريات السيارة او المولدات الفردية ، لكن القرية ورغم هذا الدخول الجاهز والعملي ستبقى متخلفة عن التفاعل المنتج مع منتجات الحداثة المعدة للاستهلاك في سوق متحركة بقوة والقرية بعيدة عنها كل البعد ، بحيث لم يعد حتى انتاجها التقليدي ـ المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية ـ قادرا على الصمود بوجه قلة كلفة انتاج وبالتالي اسعار المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية المستوردة ، مما جعلها ركن شبه ميت في لوحة شديدة التغير ، وصار التقهقر والهجرة بحثا عن مخارج خارج نظام القرية ملمحين اساسيين من ملامحها ، وصار المتشبثون بها كالغرقى الذين تتوفر فيهم كل الاستعدادات للتسليم باي شيء يمكن ان ينجيهم من الاشيء ـ الانقراض ـ ، وهنا يتزايد التشبث بالموروث الديني وكانه هو المسؤول الاول عن قيام نظام القرية الاول والذي كان يتمتع باستقرار نسبي مريح في علاقات مطمئنة نسبيا ، والذي تهدده رياح عاصفة ليس لها جذور في القرية وما حولها ، انه الحنين الذي يشوبه الخوف من المصير المجهول !

من يملك المطابع ؟ من يملك المدارس ؟ من يملك القدرة على تمويل اجهزة الامن والتسلح ؟ من يملك القدرة على تمويل البنى التحتية للمدن والقرى ؟ من يملك ان يمول مشاريع الترجمة المنظمة والعلمية ؟ من يبني الجوامع والمساجد والتكايا والحسينيات ؟ من يطبع القرآن وبكميات وصلت مجانيتها الى اوروبا وامريكا ؟
من يكتب ويؤلف ويترجم في المعارف اللا دينية وفي علوم العلمانية ؟
من ينشر لهم ومن يشتري منتجهم اذا كان سعر الكتاب يساوي مصروف يومي لعائلة فقيرة ؟
احيانا تلعب وزارات الثقافة والاعلام على الحبال فتنشر وتدعم المنتج العلماني ولكن لتشغل به المتشددين ، متبجحة بدورها ومدعية لنفسها حكما فوق وبين الجميع تخيف القديم من الجديد وتستفز الجديد بالقديم دون حراك فعلي عمودي نحو الجديد ، وياريت تكون كما تدعي ، اي بمعنى ان تكون دولة مؤسسات ، ومواطنة ، للكل حقوق وعليهم واجبات وبالقانون ، انها دول علمانية الراية وفاسدة المضمون ، ووجودها المشوه هو بحد ذاته اكبر اساءة للعلمانية المجربة تاريخيا كنتيجة حتمية لنهوض قوى انتاج جديدة بعلاقات جديدة واخلاق جديدة في مجتمعاتها ، ويشكل وجودها عائقا يصب بالنتيجة لمصلحة اصحاب الرجعة الدينية والنزعة المعاكسة ـ لهروب الدولة من الدين ـ وذلك بالاصرار على وضعها في احضانه المدنسة بكل قذارات السياسة قديمها وحديثها !
كان العلمانيون اكثر قدرة على التفاعل والتاثير، كانت الطبقى الوسطى سندا وكذلك اغلب الفئات المتعلمة ، كانت بيروت والقاهرة وبغداد ودمشق تكتب وتطبع وتقرأ لهم وبتزايد ، كان القطاع العام باشد قواه وكان القطاع الخاص في اغلبه ليس بطفيلي او كمبرادوري ، كانت العلمانية اشد باسا في الخمسينيات والستينيات من وقتنا الحاضر !
البترو دولار يمول التسليح واجهزة الامن ومعاهد الدعوة وبناء الجوامع ويطبع ما غلى طبعه ، البترو دولار يعاضد امبراطور العالم المتغول ليتجاوز اعراض نوبات مرضه المزمن ، البترو دولار حل الطبقة الوسطى واقام محلها شرائح طبقية طفيلية وتابعة للراسمال المتغول عالميا ، اي ساهم بتدمير اكبر قاعدة اجتماعية يمكنها ان تسيد العلمانية في مجتمعاتنا !
هل تضاعفت اصدارات بوزن نقد الفكر الديني ، والنزعات المادية ، والنقد الذاتي للهزيمة ، واليمين واليسار في الاسلام ، هل ظهر من اخذ مكانة سلامة موسى مثلا ، هناك كثرة نعم ، ولكنهم جميعا محاصرون وباكثر مما كان سلامة موسى محاصرا به رغم مرور اكثر من خمسين سنة على وجوده!

تحالف البترودولار العربي الاسلامي وتكامله مع مشروع العولمة الامريكية ومنذ ايام مابعد الحرب العالمية الثانية ثم اندماجه الكلي في الصيرورة التاريخية للاحتكارات الامريكية تحديدا اثناء الحرب الباردة وتجلياته المثيرة في حرب الجهاد المقدس ضد الشيوعية في الشرق الاوسط الكبير وبروز الثقب الاسود الافغاني كتجلي متقدم ، قد اسس قاعديا لحالة الانتعاش التي نلمسها جميعا للتيارات الدينية على حساب التيارات العلمانية في هذا الشرق الاوسط الذي لم يعد كبيرا بحكم تقزمه وانحطاطه وتبعيته !

هذه اسئلة وهناك اخرى تنتظر وكلها تصب في بوتقة تحرير علمانيتنا بمعنى حياتنا وعالمنا ودنيانا من عبودية الاخرة التي نعيشها في الحاضر حتى قبل مجيء الاخرة غير المنتظرة حتى عند اصاحب عقول نقل احكام الاخرة الى الدنيا ، ليحكموا الدنيا بها ، حكما لا اخرة له !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 8 / 29 - 12:45 )
أخي جمال ، موضوعك هام جداً . نحن في عصر تسطيح العقل في المنطقة العربية .لا أدري أين تقيم ، لكن دعني أقول أن في مكان إقامتي هناك نظام الصحافة الشعبية المجانية من كافة الالوان سواء سياسة أم آدب أو حتى في تخصصات معينة .القانون يعطي الحق لكل فرد بإصدار نشرة ما ، ضمن مراعاة قانون التسامح الديني . وإحترام الآخرين . في المترو غالباً تجد البعض يقرأ كتاباً أو يتصفح جريدة . بمعنى أن العقل لا يركن الى الخمول . سألت إحدى المرات شركة التوزيع عن نسبة مبيعات الصحافة العربية تلك التي يتصدى أصحابها ويتمخترون في الفضائيات من لندن وسواها . كانت الإجابة مفجعة . ترى كيف تتمكن هذ الصحف من سداد مصروفاتها ، هل الإعلانات لوحدها أم البترودولار السياسي.؟

اخر الافلام

.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran


.. 95-Ali-Imran




.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة