الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام و ظواهر المجتمع ( 4 )

مصطفى العوزي

2009 / 8 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا شك أن التربية كانت و مازالت تلعب دورا هاما و جوهريا في أي نهضة و قومة محتملة للحضارات البشرية ، و لا شك أن تطور المجتمعات و قطعها أشواطا هامة في درب التقدم و الازدهار متوقف أشد التوقف على التربية كعملية يتم من خلالها بناء قدرات الفرد العقلية و البدنية بما يجعله مواطنا ناجحا و فاعلا مهما داخل مجتمعه . و لما كانت للتربية كل هذه الأهمية فان كل الحضارات البشرية أولت لها كامل العناية و كل الاهتمام ، و عملت على جعل التربية جزء لا يتجزأ من مسؤولية القائمين على تدبير شؤون البلد و المدينة ، و كان الفيلسوف اليوناني أفلاطون قد أولى عناية خاصة للتربية سواء في جمهوريته الفاضلة و التي يكون معيار اختيار و تصنيف الناس فيها من عمال و جنود و مسئولين كبار و حكام هو التربية و التعليم ، أو من خلال إنشائه لما سمه ب ( أكاديموس ) و هي مؤسسة للتربية و التكوين أسسها أفلاطون و كتب على بابها عبارة " لا يدخلن اليوم علينا من لا يجيد الرياضيات " . وكان سقراط أشهر فلاسفة اليونان يعلم الناس في الساحة( أغورا ) و يربهم على تزكية النفس و التبصر للحقائق الكونية و عدم تضييع الوقت في تفاهات الحياة البسيطة ، و اهتم فلاسفة الأنوار بدورهم بالتربية جاعلين منها مفتاحا نحو تجاوز العقلية الكلاسيكية الخرافية التي كانت الكنيسة تزكها آنذاك . و يرى الباحث السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو أن التربية و التعليم هما رأسمال رمزي يضمنان لصاحبهما مستوى رفيعا و راقيا داخل المجتمع رغما انه يربط بين هذا الرأسمال و الرأسمال المادي ، حيث غالبا ما يتمكن أبناء الطبقات العليا في المجتمع من إتمام تعليمهم و بلوغ درجات عالية فيه .
و منح الدين الإسلامي للتربية عناية و مكانة خاصتين ضمن خطابته للفرد المسلم ، و قد جاءت العديد من الآيات الكريمة مزكية لأهل العلم و مرغبة في التربية و التعليم ما أمكن ، يقول تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (فاطر28 ) ، و قوله تعالى " و قل رب زدني علما " ( طه 114 ) ، و قوله عز و جل " قل هل يستوي اللذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " ( الزمر 9 ) ، هذه آيات كريمة تبين فضل العلم و التربية في المجتمع و درجاتها العظمى عند الله عز و جل ، يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع " ، و كذلك قوله عليه الصلاة و السلام " من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة و إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، و انه ليستغفر للعالم من في السموات و الأرض حتى الحيتان في الماء و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وان العلماء ورثة الأنبياء ، و إن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه اخذ بحظ وافر " .
و إن كانت اغلب النصوص الشرعية من القران الكريم و السنة النبوية قد ركزت على الجانب الروحي و العقلي في التربية فإنها ، لم تغفل الجانب البدني إذ أعطته هو الأخر ما يستحقه من عناية فرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " علموا أولادكم السباحة و الرماية و ركوب الخيل " ، و عليه فقد أعط الإسلام للتربية المكانة التي تستحقها من مجمل القضايا و الظواهر التي تناولها ، و ما كل هذا الاهتمام و الرفع من درجات العلماء ( أهل العلم و التربية ) و الحث على بذل الغالي و النفيس في سبيل التمكن منهما ،الا دليل واضح على ذالك .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال




.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري


.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة




.. تعمير- د. عصام صفي الدين يوضح معنى العمارة ومتى بدأ فن العما