الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقفة قصيرة مع الحلاج

حسين شبّر

2009 / 9 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الحلاج الحسين بن منصور الملقب

احد مشاهير الصوفية رائد القول بالحلول والاتحاد نشأ في واسط بالعراق
احيل الى محكمة فقية شكلتها السلطة بقيادة محمد بن داود قاضي بغداد وكان الساعي بقتلة هو ابو عمر محمد بن يوسف المالكي ونفذت العقوبة على يد الوزير حامد ابن العباس تنفيذا لامر الخليفة المقتدر بالله العباسي في القرن الرابع الهجري، وتمت بحقة العقوبة , وهي ضربة الف سوط و قطع يداة ورجلاة من خلاف و حرق جثتة ورمي رمادها في نهر دجلة، و نصب راسة على جسر بغداد. اظهر الحلاج تجلدا وصبرا على يد قاتلية حين نفذ بة الحكم وتلك ميزة العظماء والطبقة النادرة على مر التاريخ.
عن الشيخ ابراهيم بن عمران النيلي انة قال: سمعت الحلاج يقول: النقطة اصل كل خط والخط كلة نقط مجتمعة فلا غنى للخط عن النقطة ولا للنقطة عن الخط وكل خط مستقيم او منحرف فهو متحرك عن النقطة بعينها وكل مايقع علية بصر احد فهو نقطة بين نقطتين.وهذادليل على تجلي الحق في كل ما يشاهد وفي كل ما يعاين ومن هذا يقول ما رأيت شيئا الا ورأيت الله فية.
ومن قولة
عقد الخلائق في الالة عقائد وانا اعتقدت جميع ما عتقدوه
ولة ايظا
سبحان من اظهر ناسوتة سر لاهوتة الثاقب
ثم يد في خلقة ظاهرا في صورة الأكل والشارب
قال لة المتصوف البغدادي الجنيد (انت فتحت في الاسلام ثغرة لا يسدها الا راسك)
ذكرة ابن الجوزي( انة كان مخدوما من الجن والشياطين ولة حيل في خداع الناس)
كان الحلاج يظهر لعوام الناس متلونا لا يثبت على راي لانهم لا يفهمون النظرة الفلسفية للحلاج التي تذهب الى جوهر الانسان وليس الى ظاهرة.

على اية حال لنا هنا أن تحدث عن المنحنى الشخصي لحياة الحلاج ولا ضير من ذلك ، فهذه الشخصية العرفانية الكبيرة التي مرت كالشهاب الثاقب في الفضاء الاسلامي والصوفي على التحديد، لم تكن كأي شخصية أخرى من الشخصيات الصوفية الكبرى . وذلك لأسباب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر الإشكالية السياسية التي خاض غمارها الحلاج ، فتذكر المصادر التاريخة على ضبطها السنية والشعية وغيرها أنه كان واحدا من كبار دعاة القرامطة. يذكر ابن الجوزي في تعليقة برسالته الشهيرة هذا الزعم ، الذي بنى عليه بعض الكتاب المعاصرين رؤيتهم التحليلية. كما ذكر ذلك ابن تيمية بعد أن شن هجوما كبيرا على الحلاج واصفا أياه بالزنديق الكبير وهذين هما من كبار علما أو ثقاة الخط الحنبلي السني المتشدد ، ثم تذكر مصادر أخرى كأبن سيد الناس في تاريخه الكبير أنه كان واحدا من دعاة المذهب الشيعي ، ويقول الغزالي أنه كان من كبار دعاة الباطنية ، كما أن الاسماعيلية يعتبرونه واحدا من دعاتهم ... الخ. إن هذا التضارب والتضاد بين المصادر التاريخية هو واحد من الاسباب التي خلقت هالة واسعة أحاطت بالحلاج وأضاعت الحقيقة ، ولنا أيضا أن نتبين أن تعدد هذه الأراء مرده الى شخصية الحلاج ذاتها. فهو لم يكن كغيره أبدا ، ويبقى السؤال مثار من هو الحلاج ؟ والى أية طائفة أو مذهب كان ينتمي ؟ هل كان موقفه سياسيا معارضا للسلطة وهو ما أدى الى مأساته الكبرى و بالتالي الى قتله تلك القتلة البشعة وكأنه يجسد مرة أخرى مأساة المسيح أو هو مسيح آخر. وثاني هذه الاسباب في رأي هو تلك الأفكار الخطيرة التي راح يعلن عنها ويبثها بين الناس وعلى الملأ دون خوف أو رهبة من السلطة الحاكمة أو السائدة، والتي كانت تعارض مثل هذا الخط والخلط في التفكير . إذ كان المذهب السني المتشدد هو السائد والمسيطر أو الفاعل في الساحة الاسلامية آنئذ. ثالث هذه الاسباب هو ذاتي اي طبيعة هذا الرجل أو شخصيته المتمردة التي تظهر جلية واضحة في أفكارة الجريئة التي تجاوزت كافة الحدود الممكنة للتفكير أو للتصور وحتى للتدين المتطرف. لم يغلف الحلاج افكاره وأراءه تلك ضمن الاطار الذي سبقه اليها غيره من الصوفيين اي ضمن الرمز والإشاره واللمحة والشطحة وادخال العام في الخاص أو ادخال الخاص بالعام والمجمل بالمفصل والمفصل بالمجمل ونقل المعاني من سياقها الدلالي المباشر الى سياق دلالي آخر . وفصل اللأفاظ عن الدلالات الممكنة والتلاعب بصيغ المنطق واشاراته ، بل نلاحظ أن بعض عباراته ورسائله جاءت واضحة بينة ولا تحتمل غير تفسير واحد أو تحليل واحد . يقول مثلا في كتابه الطاواسين وفي مقدمته تحديدا : إن الله ما كان له أن يعرف ذاته بغير خلقه، وإن أعظم الخلق مرتبة هو الانسان فالإنسان صفته الخلقية والكلامية والوجودية بل أبعد من ذلك صفته الذاتيه . فالله لا يتكلم إلا من خلالي فأنا منطقه وأنا كلمته وأنا بالتالي هو هو . ليس هناك ممكن للوجود بغير واجب للوجود وليس هناك واجب للوجود بغير ممكن للوجود . ثم في فصل الذات يقول أنا ذاتي لأني اتمثل ذاتي فكيف يتمثلها غيري فلو كان الله غيري لما تمثلت ذاتي . ثم يقول في موضع آخر القيمة للحياة هي أنا فكيف نعرف القيمة بغير وجود ممكن . ويقول إلي الي يا نفسي لا تتركيني فانا هو الذي كان صبا وجدك المكنون على ذاتي التي هناك فأبصر الشوق الذي لا يبصرني . ويقول ايضا لقد كان عقلي واجدا ذاته في كلامي والكلام صوت والصوت فضاء الذاهبين الغارقين في الزمان ولما كان الزمان وحدة الخلق كانت كلمة كن هي صوتي القديم . ثم قوله والله ما في الجبة غير الله ...... الخ . لم يحاول الصوفية أو الخط العرفاني بمجمله أن يجسد وحدة الوجود كما جسدها الحلاج بهذا الكلام الواضح الذي لا يحتاج الى تأويل أو صرفه الى معاني أخرى . فكبار الصوفية من أمثال ابن عربي وابي يزيد البسطامي و الكرخي والجنيد وابن الفارض والنفري.. وغيرهم كانوا إنما يعمدون الى اساليب اقل وضوحا وأكثر تعمية في مجتمع منغلق على فكر معين وفي ظل سلطة قمعية .
وعلى كل فالحلاج سيظل ذلك الرمز الكبير في فضاء الانسانية وعلى امتداد تاريخها
انني عند تناولي لبعض من اشراقات الحسين الحلاج فإنني لا أود الدخول الى تحليل بنية هذه الشخصية التي راحت تأثر في النسق العام لخطاب التصوف الاسلامي بشكله الناجز. إن هذه الشخصة التي شكلت لغزا محيرا وألهمت الكتاب والمثقفين على مدار التاريخ وعلى الاخص في الجانب التنويري العرفاني الاسلامي ظلت تحضى بتوتر خصب ورائع ينثر بهاؤه على الزمان والمكان لقد كان وترا مشدودا على حفافي الوجود
كان وترا مرهف الإحساس قرعته أنامل الوجود الغليظة فراح يئن أنين الجريح الذي غار جرحه وتعمق غوره ، ويصرخ من أعماق قلبه الى رب الوجود أو رب كيانه تلك الصرخة الي ذهبت كالشهاب الثاقب في أتاويه الزمان والمكان والتاريخ البشري بعامته .
إنني يا قتيل الظلم والجهل والخوف والتخلف ما ألبث أن أرتدد الى وجودك وشهودك فتتساقط روحك الثكلى كسفا على قلبي فأبكي عليك بدموعي حسرات أمه لا تقدر أمثالها الشامخة وققممها العالية .
هنا حيث تمرح انوارك في أرجاء المكان
هنا تشرق روحك في الزمان
هنا حيث يتمثلك كل نور
هنا حيث تسري كلماتك رقيقة كالسحر
هنا حيث أنت خلاص المدنفين التائهين ودليل الحيارى
هنا حيث انت ذياك الوتر الذي يفرق بين صرخة تتأتى من عمق الهاوية السحيقة فيها أنين المتعبين وبين النداء الروحي العذب الساقط من فوق. وفي كلتيهما كان ثمة بوح ندي زاه يلتمع في قلبك الوسنان وفي نفسك الثكلى وذاتك الجريحة .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لك عزيزي شبر
علي ( 2009 / 9 / 1 - 08:55 )
هنياء لك بحلاجك
أنني فقط او ان اذكر لك أن الشاعر أدونيس كان قد أعاد تراث الحلاج بأجمعه ولك أن تراجع اعماله الكاملة كما اعاد تراث النفري واني اشعر من خلال هذا السيال العذب للكلامات والعبارات الرائعة التي جاءت عفو الخاطر أنك قادر على تقديم قراءة في بنية هذه الشخصة القلقة على حد تعبير بدوي والتي أثارت دويا لا يهدأ ولن يهدا ابدا
ارجو منك أن تعيد قراءة الحلاج في بعدها المعرفي وليس السياسي لأن هذا ما بقي من الحلاج كأثر جميل ذلك أنه في رأي أدونيس كان قد قدم وحدة الوجود الهندية في ثوب اسلامي وأنا لست مع هذا الرأي فما هو رأيك؟


2 - عن الحلاج
عاقب الهاشمي ( 2009 / 9 / 1 - 18:07 )
التهاني الحاره لبو عليوي العزيز لقد نورتنا بمقالك الرائع عن الحلاج زدنا طربا بتحفك الرائعه

اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث