الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمن نؤمن؟*

سعدون محسن ضمد

2009 / 9 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بأحزاب الإسلام السياسي؟ وهي التي أمسكت بخناق البلد منذ 2003 ولم تفعل له شيئاً غير أن تنزل به من سيئ إلى أسوأ. أم بالأحزاب العلمانية؟ وبمن من هذه الأحزاب مثلا؟، بالحزب الشيوعي، الذي تبخرت قاعدته الجماهيرية إلى درجة أنها لم تعد قادرة على إحراز ما يكفي من الأصوات لتحقق عتبة المقعد الواحد في البرلمان القادم؟ أم بالمؤتمر الوطني.. وهو الحزب العلماني اللائذ بعبائة الدين والطائفية في سابقة تاريخية خطيرة. أم بالوفاق الوطني الذي تخلى عنه حلفاؤه بسبب استبداد قيادته وإصرارها على التضحية بجميع الأهداف من أجل هدف العودة لرئاسة الوزراء حتى ولو عن طريق التمسك بأسمال الشعارات البعثية البالية. أم بالأحزاب اللبرالية وهي العاجزة عن تشكيل جبهة تعرضها كخيار أمام الناخب، وسط غياب للثقة، متبادل، بينها وبين هذا الناخب الذي يبدو عليه (للأسف) أنه لن يبرح فخ الطائفية.
هذا بالنسبة (للجبهة الشيعية)، أما (الجبهة السنية) فلا نستطيع أن نميز إن كانت أحزابها علمانية أم إسلامية، فهي أحزاب متلونة الآيديولوجيات بشكل لافت للنظر وعجيب.. الحزب الإسلامي (مثلاً) تحول إلى تشكيلة (بعث إسلاموية)، حاول أخيراً الخروج من ضائقتها ولكن دون جدوى. وهذا طبيعي لأن حزب البعث نفسه تلحف بالإسلام، في تحول (قرقوزي) من الإيمان بالقومية القافزة على الأديان، إلى الإيمان بالدين القافز على القوميات.. أما بالنسبة للكيانات السنية الأخرى والتي تشكلت بعد السقوط فتاريخها (القصير) وتجاربها الفقيرة لا تسمح لها بأن تقف على قاعدة آيديولوجية محددة، وهي لذلك تجد نفسها في حل من الثبات على مبدأ (سياسي/ فكري) محدد..
وهنا نعود للسؤال الجوهري، بمن نثق إذن؟ وعلى من نعول في الانتخابات القادمة من أجل إنقاذ البلد من حفلات حصد رؤوس الأبرياء وهدم وتخريب بنى البلد التحيتة؟ ما هي فرص التغيير المتاحة أمام الناخب؟ خاصة وأن معارضي النظام السابق ممن تمكنوا من الوصول إلى السلطة تحولوا إلى عفاريت مال وقوة، ما يمكنهم من المحافظة على مكاسبهم السياسية حتى ولو تدخلت المعجزة الإلهية ضدهم.
عاتبني زميل لي على تصاعد وتيرة التشاؤم بمقالاتي، وعندما راجعت هذه المقالات وجدت أنه محق وأن تشاؤمي يتصاعد بشكل محزن.. لكنني من جهة أخرى عذرت نفسي، وحسدته هو على تفاؤله إن كان متفائلاً.. كان هناك أمل بإئتلاف دولة القانون، تمثل هذا الأمل بالنجاح الذي حققه هذا الإئتلاف من خلال انتخابات مجالس المحافظات، وهو النجاح الذي تَرجم فرح الناخب بالمنجز واحتفائه به.. لكن حماية هذا الإئتلاف للفاسدين وفشله ـ وهو الماسك بزمام السلطة التنفيذية ـ بمحاسبة المقصرين وإقصاء الفاشلين، والقضاء على الإرهابيين، وسعيه المثير للريبة اتجاه احكام قبضته على جميع مفاصل الدولة، أضاع هذا الأمل مع شديد الأسف، ما أعاد الناخب لمربع اليأس والإحباط.. من هنا أجد أن فرص الإيمان ضئيلة، وخيارات التغيير المتاحة أمامنا تكاد أن تكون معدومة، أما فرص التفاؤل فأجدها مخجلة ومثيرة للسخرية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* هذا هو عمودي الاسبوعي الذي يفترض أن ينشر في جريدة الصباح العزيزة يوم الأربعاء 2-9-2008. لكن الصباح اعتذرت عن نشر المقال، لأسباب من أهما أنه يتهم بعض الأحزاب بتهم غير حقيقية، (كتهمة البعث اسلاموية) الموجهة للحزب الإسلامي، أو أنه يحشر بعض الأحزاب ضمن توجهات لا تتبناها، كحشره الحزب الشيوعي ضمن الأحزاب الشيعية. وهذه الملاحظات تعبر عن رؤية تحريرية جادة ومحترمة. لكنني مع ذلك أعتقد بأن المانع الحقيقي من نشر المقال هو عقبة يجب على الصباح أن تتخطاها، وهي عقبة تسمية الأحزاب بأسمائها ومواجهتها بأخطائها، بالذات منها الأحزاب الماسكة بالسلطة، فهذا التابو يجب أن نتعاون على تخطيه كاعلاميين. ليس لأننا نريد أن نصل بمستوى حرية الرأي للدرجة المثالية، بل لأن مستوى الانهيار (السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني والأخلاقي) الذي أوصلتنا إليه هذه الأحزاب بالغ في انحطاطه ووضاعته. الأمر الذي يجعل من مجاملتها من قبلنا أمرا لا أخلاقيا البتة. بالتأكيد هناك لياقات يجب احترامها في النقد والنشر، وأعتقد أنني في مقالي هذا لم اتجاوز هذه اللياقات. أما بالنسبة لجملة (البعث اسلاموية) فهي ليست تهمة، خاصة وأن الكثير من المراقبين يعلم بأن الحزب الإسلامي تعرض لهزة في الفترة الأخيرة بسبب اختلاف وجهات النظر حول إقصاء أو عدم إقصاء بعض قادة الحزب من ذوي الميول البعثية. أما بالنسبة للحزب الشيوعي فلم أحشره في الخانة الشيعية جزافاً ولكنني شخصياً وفي أول زيارة لي لمقر هذا الحزب، قبل سنتين تقريباً، وجدت أن غرفة الاستعلامات الخاصة به محتفية بسجادات الصلاة التي تتقدمها (الترب الحسينية) الأمر الذي أثار استغرابي، فنعم من حق الإنسان أن يمارس طقوسه لكن ليس في غرفة الاستعلامات الخاصة بحزب يعتبر نفسه عابر للقوميات والأديان والطوائف!! ثم أن الحزب نفسه لم يرفض وضعه في (الخانة) الشيعية خلال المحاصصة الطائفية في مجلس الحكم، كما أتذكر.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقة الأحزاب في العراق
سلام فؤاد ( 2009 / 9 / 2 - 13:56 )
على الصعيد الموضوعي، فإن الواقع العراقي، الطبقي والثقافي والسياسي، لم ينضج بعد بحيث يمكن أن تنشأ فيه أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة. ذلك أن التشوه الطبقي وعدم تبلور الطبقات بصورة واضحة لا يساهم في تشكل أحزاب متبلورة وفاعلة على الساحة السياسية. ما هي محصلة ذلك كله؟ المحصلة هي أن ما نسميه أحزاباً سياسية لا تعدو أن تكون تجمعات سياسية مصلحية أو تكتلات لأفراد ذوي نزعة إرادوية حركية. فالأحزاب السياسية العراقية - العربية والكردية - هي مجرد غطاء لنزعات قبلية أو دينية - طائفية أو جهوية أو لزعامات شخصية. والحال هذا لا عجب أن يكون الحزب شيوعي بالإسم، وديني - طائفي أو مصلحي أو إنتهازي في الجوهر.


2 - لست مجبراً على أن تثق بأحد يا صديقي
الناصري كما يسمي نفسه ( 2009 / 9 / 2 - 15:46 )
صديقي العزيز (أبو غيث)..
تحية محبة..
عندما أفتح موقع (الصباح) أفتحه لأبحث عن اسم (سعدون محسن) ولا أقرأ فيها لغيره، مع إحترامي للبعض اللذين يكتبون فيها. إلا أن مزاجي من طراز خاص مع الأسف! وتفاجأت أنك لم تكتب فيها هذا الأسبوع. وعندما فتحت (الحوار المتمدن) وجدت السبب الذي شرحته في هامش مقالتك. وهذا أمر متوقع، ولا أخفيك سراً عندما أقول لك أنني لم أرغب بأن أقرأ لك فيها فيما سبق ولكنني لا أقدر عليك مع الأسف!!
ما ذكرت من فقدان الثقة بجميع الأحزاب والجهات السياسية في الساحة العراقية صحيح، وكان بودي أن أقدم لك البديل الأصلح ولكن لا يوجد مع شديد الأسف. وذكرتني مقالتك بكلمة قالها يوماً صديقنا العزيز (أبو سجاد): (لتكشف جميع الأحزاب والجهات الدينية والسياسية في العراق عن قطعة القماش التي تحمل دماء بكارتهم ولنكشف نحن عن قطعتنا! ولنرى بعد ذلك من الباكر من الثيب).
قد يكمن الحل بطغيان التشاؤم لتنبثق بعد ذلك ولو على المستوى البعيد من وعي الشعب البائس بعض ملامح الأمل.
تقبل مروري مع الحب.


3 - السلام والرحمة
اشراق محسن الجعفري ( 2009 / 9 / 2 - 19:09 )
استاذي العزيز ايها العراقي الشجاع الشهم المفكر اسمحلي ان اقول انك لم تكون متشائم بمواضيعك وخاصة اني من المتابعين لكتاباتك التي تتحدث دائما بصلب الموضوع وانما بالعكس اغلب العراقيين قد تعبوا من الحديث ولايوجد غير الكلاك والكلام والعراق ينتهي ولايوجدد غير الكلام تعبت الناس من الكلاك الذي لا ياتي بجدوى ابدا وانما بالعكس الامور تسوى يوم بعد يوم وجميع ماذكرته هو صحيح ويفهمه كل عاقل متابع للحركة فالاحزاب مجرد اسماء تختلف لكن الاشخاص جميعهم يتشابهون وكانهم نسخه واحدة وحتى مصالحهم واهدافهم واحدة لكن ماهو الحل على مااعتقد الحل هو معجزة من الله الكريم ان يخلصنا منهم ويرحمنا منهم اسفة على الاطالة وادعو من الله ان يحفظك ويرعاك استاذي ودمت بالف خير


4 - شكرا لكرمكم
سعدون محسن ضمد ( 2009 / 9 / 2 - 21:35 )
الصديق سلام فؤاد.. ما ذا ازيد على جملتك الصغيرة التي اختصرت بها محنة السياسة فنعم وكما قلت اخي الكريم: الأحزاب السياسية العراقية - العربية والكردية - هي مجرد غطاء لنزعات قبلية أو دينية - طائفية أو جهوية أو لزعامات شخصية. وهذه هي المحنة، محنة أن تلتهم العائلة أو القبيلة أو الشخصية الفردية للكيان الحزبي، ومن ثم الدولة.. ما يعني بأننا كمجتمع نراوح في مراحل مخجلة من التخلف السياسي.. شكرا لمرورك صديقي.

صديقي العزيز جداً الناصري.. لا أعرف ماذا أقول لكن شكرا لاعتنائك بمقالاتي في الصباح وشكرا لتذكيرك لي بالنكتة التي قالها يوماً صديقنا المشترك والتي اسكرتني من الضحك، الضحك على حالنا طبعاً.. نعم تبين للجميع بأن أحزابنا مخترقة جداً، بل لا تكاد أن تكون بعضها غير ممرات تنزلق من خلالها شرور الدول الأخرى الى العراق. دمت لي صديقا وشكرا لاهتمامك البالغ في محبته.

الاخت الكريمة اشراق الجعفري .. شكرا على مرورك واهتمامك يا اختي لكنني فعلا اشعر بالفشل واليأس، وكنت قبل أشهر ارفض الاعتراف بهذا الياس في مقالاتي احتراماً لآمال القراء المعقودة على عراق ما بعد التغيير.. لكن ماذا أفعل ومجزة الأربعاء الاخيرة لم تبقي لي مجالاً للتفاؤل.. بالنسبة للمعجزة الإلهية لا أعتقد بأنها ستعالج فخ الأحزاب الذي و

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah