الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامرجوع عنه في وعي المثقفين العرب

حسين شبّر

2009 / 9 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


إنني عند قراءتي المتأنية للعديد من للدراسات الاسلامية المعاصرة كما جاءت في كتابات المثقفيين المعاصرين الذين يتحركون في الفضاء الاسلام الآني وينشطون في داخله بشكل كبير، وبرغم من تلك السياقات التي جاءت مختلفة أو متأثرة بنمط الانفتاح المعرفي الكوني، وتأثير الغرب ومناهجه في وعي هؤلاء المثقفين، فإن ذلك لا يمنع من أن نراجع بعضا من المسائل المهمة التي وقف عندها كثير من هولاء وغيرهم. ولنختار على سبيل المثال مسالة الانقطاع التاريخي التي راح يهلل لها هؤلاء المثقفين ويقعون تحت اسرها المرعب . ولنا أن نستعيد الكثير من هذه القراءة على وجه الخصوص لما لها من أهمية بالغة ، لنلاحظ الى أي حد يمكن أن تؤدي هذه الى نتائج يمكن ان يكون لها أثر ما في بلورة روية مغايرة تماما للواقع . و يمكن تكثيف آرائهم في الصياغة التالية ـ لقد حدث في بنية المجتمع الاسلامي حركة تطور معرفي وثقافي كان يحكمها ويوجه حركتها النص القرآني ثم الحديث ثم الفهم الذي استند الى هذين الأصلين وما بني عليه الى أن وصلنا الى العصر الذي أخذ ينبثق فيه العقل المكون (بضم الميم وكسر الواو ) على حد تعبير الجابري الذي ساد ، ومن هنا صياغة المعارف بشكلها النهايئ وتأبيدها ، ثم لم تحاول هذه المعرفة فيما بعد تجديد نفسها ولم تتأثر برياح تغيرية تهب عليها، لقد توقف الزمن والتاريخ ولم تعرف هذه الثقافة حركة الانقطاع التاريخي ولن تعرفها ابدا .وهنا راح يصوغ بعضهم او جلهم رؤى لكيفية احداث هذه النقلة . كنت قرأت تعليقات هنا وهناك عن هذا الموقف وتراوحت هذه التعليقات بين الاتهام وقلة البضاعة الى غير ذلك ، ولسنا هنا معنين بستعادة الأدبيات تلك أو الردود عليها على رغم أهميتها , لكنني معني بموقف القراءة المعاصرة للمثقف المتنور لمسألة هي في غاية الحساسية والأهمية . ( وهي لا يمكن لهذا الفكر أن يتطور في المنظور القريب والبعيد الا اذا شهد ثورة الانقطاع التاريخي ) اي عملية فصل التاريخ عن الواقع المعاش بكل تجلياته الممكنة وغير الممكنة ، والمقصود بالتاريخ هنا التراث بأجمعة فكيف يمكن عملية الفصل هذه ؟ كيف يمكن أن تحدث؟ ، وكيف يمكن أن نفصل المؤمن أو المسلم عن وجدانه المتشكل والذي يغذى باستمرار من هذا التراث . أننا نتحدث عن مجتمعات لها ايمانها المستقر في وعيها، اننا نتحدث عن ممارسة شعائرية يومية تصوغ الفكر والوجدان وتفعل افاعيلها في الذات المؤمنة ، كيف يمكن أن ننجز هذا الانقطاع التاريخي وعلى أية شاكلة؟ هنا هو التحدي الأكبر الذي يظهر جليا. ما هي الآليات الفكرية التي يمكن اتباعها وتفعليا داخل بنية هذا المجتمع ؟ . لقد قال طه حسين في الأدب الجاهلي إن الأمة الاسلامية تخصع لهيمنة التاريخ بشكل سحري، يمكن أن نقبل هذا العبارة أما عملية التحول نحو مسألة استعادة المثال الغربي في تعامله مع الدين المسيحي وعلى هذا النحو المغرق في التجريد في عالم اسلامي ما يزال يعيش في ظلامه وضلاله الحضاري والانساني وعلى هذا الشاكلة فأعتقد أن ذلك بعيد المنال في الوقت الراهن .
على كل لأضع هذه المسألة في سياق آخر ، إنه لكي نتفحص مسألة الأنقطاع التارخي في السياق الإسلامي ونموضعها داخل إطارها العام، ينبغي أن ننطلق من المعطيات التراثيه المكملة عن طريق معطيات الصياغة أو الصياغات اللاحقة ، من حضارية وفكرية والتي لم تتعرض لأي دراسة نقدية الى الآن، لا لاأننا نرفضها ونقطع معها على هذا النحو ، ونحن نعرف أن التراث الإسلامي تميز باستمرارية لغوية وثقافية تسترعي الأنتباه ، أقصد استمرارية تواصلية فيما يخص نقل النصوص المقدسة التأسيسة وتأويلها والعيش عليها ، وهذه الاستمرارية كانت متواصلة حتى الآن فيما يخص الأدبيات العقائدية المكتوبة كلها باللغة العربية، مما أثر هذا على التراث برمته ، ولكنه أصيب للأسف بانقطاع سلبي فيما يخص المجالات الفكرية والثقافية والسياسية التي انتشرت فيها كل المسائل المرتبطة بالاعتقاد، هذه المسائل التي لم يتم التفكير فيها أو على الأقل طمست داخل نطاق التاريخ ، إن القطيعة الأكثر ضررا ليست فقط بالنسبة للفكر الديني ، وإنما أيضا بالنسبة للتطور العام للمجتمعات الدينية الإسلامية اي طبيعة فكرها المصاغ بنمط معين أي كظاهرة دينية ، بصفتها مرجعية إجبارية للسياسة والأخلاق والاجتماع والتفسير ، ثم تمثلت بضرب الفلسفة ، فقد رفضت الفلسفة ثم حذفت كليا وبشكل دائم بعد موت ابن رشد. هذا الفكر الذي تحول الى تيار طويل عريض دعي بالفلسفة الرشدية اللاتينية في الغرب ، وهذه القطيعة السلبية أصابت بالتدريج كلا من الفكر الديني والتفسير والفقه وعلم التاريخ، والفكر السياسي. إن الجهود التي بذلها الباحثون والمثقفون المعاصرون كانت مشتته ومبعثرة أكثر من اللزوم وكانت خجولة واستسلمت في الغالب للماحكة الجدالية وبالتالي كانت عاجزة عن احياء ه ، وذلك لأن هذا الفكر قد ضعف كثيرا وفقد عصارته وروحه بسبب قرون وقرون من التكرار والاجترار المدرسي العقيم، وكان هذا الفكر التسليمي التواكلي ، لقد كانت هذه الجهود عاجزة عن مواجهة التحديات المتمثلة بضغط الثقافات المهجورة . وكانت عاجزة كذلك عن مواجهة تحديات العقلانية القادمة الى العالم الإسلامي عن طريق النظام المعرفي الجديد الذي أدى الى بعثرة التراثات المحلية، ضمن هذه الظروف التاريخية تمت نشأة وتغذية خيال من نوع خاص، إن أنظمة الانساق المعرفية التي يصوغها هؤلاء المثقفين هي أنظمة لاهوتية وتفاسير وتواريخ ، انهم يستمدون من هنا وعيهم التغيري وليس في مقدورهم ، أن يحولوه الى ورشة عمل. يفكك فيها التاريخ قبل أن يقطعوا معه على هذه الشاكلة ، ، راحوا يدخلون هذا المنظور الواسع والعريض في كل ما ينتج أو يكتب من دراساتهم ، إن الخيار هنا يتمثل في قلب المفاهييم بالصيغة الموجودة عليها حاليا ، اذ لا تزال هذه الانظمة او المفاهييم هي المستمرة والمعاشة بشكل واسع وعريض و هي السائدة وهي التي تشكل التصور وتغذي الايمان الدائم إنه نظام الاعتقاد الذي لم تجرى معه حسابات معرفية رصينة .
هناك اعتراض ينبغي أن نأخذه بعين الاعتبار هنا ، وهو ذو جوهر تبجيلي وهو كذلك جدير بالتوقف عنده لأنه صادر عن تيار الرافضين الأصوليين وأقصد هنا كل أؤلئك الذي يشكل الأصل لديهم قدسية ترقى فوق كل قدسية وهم يمثلون قاعدة اجتماعية كبيرة في الجبهة المؤمنة، وهذا التيار الرافضي يدعو الى رفض كل هذه الافكار ، والفكرة الأساسية هنا أن الإسلام ليس فقط نظاما من العقائد الثابتة، المتلقاة المطبقة بشكل عام ، وإنما هو ايضا مزود بكل المبادئ والمناهج الايمانية القادرة على العيش والدوام الى الأبد ، التراث الاسلامي في وعيها تراث حي دائم الحياة . وبالتالي فهو لا يختزل الى أي نظام آخر سابق أو لاحق ولا علاقة له بأي معرفة خارج المعرفة التي يتضمنها هذا التراث الأمثل والأعلى ، ولا يمكن للنظام المعرفي الاسلامي أن يتأثر بأي نظام معرفي آخر أو يسمح له بأن يحرفه عن وجهته السديدة. كيف يمكن تحييد وجهة هذه النظر واسقاطها بجرة قلم؟ .
إن التحديد القسري الذي يفرضه هذا التصور هو الذي يمكن الوقوف عنده طويلا ويمكن تحليله بشكل آخر مختلف .
إنني لا أود هنا تحديد وجهات النظر فيما يخص هذا النمط من الفهم لدى كتابنا ومثقفينا في العالم الأسلامي وضبطها على وتيرة المعرفة السابقة ولا أنعي عليهم جدليتهم في بناء تصوراتهم الفكرية وطرائقهم المنهجيه ولكن هي مشكلة الإمكان المعرفي وبناؤه بشكل سليم يحقق الفائدة ويسعى الى تحقيقها عبر التاريخ المتحرك صعدا .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانغلاق والمفارقة عن الواقع
محمد البدري ( 2009 / 9 / 2 - 14:34 )
من طبيعة الفكر العربي والاسلامي انه منقطع الصلة باي تغيير. نصوص القرآن التي حركت العرب قديما هي ذاتها مغلقة علي نفسها. مما ادي لانغلاق كل من يفكر بها ومنها. الاكثر مرارة ان تشبث المسلم بما هو ايماني لا يعني فقط انغلاقه النصي انما ايضا كمغادرته الواقع الي ما هو متوهم داخل العقل من الهه او كائنات مساعدة فيما يسموه الملأ الاعلي. فهل هذا كاف لشرح لماذا كان العقل العربي والاسلامي عازفا عن كشف قوانين الماده ومعرفة كيف تتشكل الوقائع والاحداث. من لا يزال الشك في قلبه عن غيبوبة العقل العربي والاسلامي عليه بمراجعة كيف ان اي خلاف هو فتنة وان كل جديد هو بدعة وان اي تغيير هو من عمل الشيطان لان سنة الله التي اسس العرب عليها اسلامهم لن تجد لها تبديلا حسب قول الفرآن دستور الاسلاميين.


2 - حصار النص
سلام طه ( 2009 / 9 / 2 - 20:03 )
اخي في دجلة والفرات, بعد التحية , اصبحت مدمنا على متابعة شذراتكم الفكرية المكنونة, اتحفونا اجلكم الله...................... بادئ ذي بدئ ثرثرتي هي كصمت الحملان قبيل لحظة التضحية .... في البداية كان الكلم.... وكان الله الكلم... الكلمة طاقة والفكرة رحمها والرب اصل كل فكرة لانه الطاقة الازلية المحركة لكل باطن وظاهر ما كان ويكون لان النقط المتصلة تشكل الحدث المرئ...والله هو هذه النقطة الازلية على حد وصف الحلاج التائه اذا , نحن محاصرون بمجال الطاقة الربوبي..ولا مجال للهروب او التنصل منه لاننا نعيش منه وبه. اخترع العقل البشري بسذاجته المتشكلة فكرة الدين للاقتراب ومنح لجوء انساني لفكرة التواصل الزمني النسبي مع المجال الازلي المطلق, هل ان الاسلام هو الخاتم المطلق لكل هذه الكوميديا الالهية والكونية بانغلاقه النصي و صرامته الفلسفية ؟ الاسلام دين نرجسي لايقبل بغيره وهذه علة العلل, قبل الاسلام ب اربعة الالاف عام كانت مدينة اريدو السومرية هي مكة العالم القديم ... دامت عبادة ربها انكي 1500 عام وكانت عبادة واعية طقوسية مقتربة من واقع وحال من عاشوا حينها بتلكم الظروف التي لو سألت فلاح او راعي بسيط لقال لك هذه هو العالم وهذا هو الدين ولا تبديل عنه وزقورة اريدو هي كعبة العالم بنفس ثقة مسلم الحاضر


3 - لك الله
علي ( 2009 / 9 / 3 - 05:39 )
اشد على يديك واتمنى ان تواصل هذا الحهد المعرفي الرصين نحن على احرمن الجمر لقراءة مقالتك القادمة وان تتباع هذا الموضوع االمهم جدا


4 - الناس ودين ملوكها
سلام طه ( 2009 / 9 / 3 - 20:07 )
كانت لحظة اشراقة عند الملك امنحوتب الرابع ( نور اتون) الذي بفعل هجمة القلق على روحه الطفلة وهو في الثامن عشر من عمره غير دين شعب عريق ومتشدد في مفاهيمه الدينية والسلطة المطلقة للاكليورس المحيط بمن سبقه من فراعنة وادي النيل, قام هذا الملك الشاب القلق بفرض فكرة التوحيد لاول مرة في تاريخ البشر المسجل الذي وصلنا لحد الان, اذا لم يكن المثقفون القلقون هم من قاموا بالتغيير وانا على ثقة بوجود حزب القلق في كل عصر , لكن الذي قام بعملية التغيير هو اعلى الهرم وليس القاعدة, هل تقبل الشعب هكذا تغيير, تحكي رقائق البردي ان الشعب لم يتقبل الفكرة ويهضمها بسهولة ربما لقصر فترة التطبيق,انت لن تهد ارث -تاريخاجتماعي- بجرة قلم ولكن الرجل حاول وربما واقول ربما كانت هذه الحركة الصوفية الاخناتونية هي منبع ما اقتفى اثرها في قصة -موشي بتاح المصري( موسى العبراني), انقلك الان الى دهاليز الفاتيكان السرية واقبيتها المظلمة المرصوصة بكتب صفراء لا يمسها الا ذو علم عليم, ماذا يقول اتباع بولص عن ( محمد والاسلام)و بداية لايوجد مفهوم اسمه اسلام في لغتهم بل ( المحمديون- الموريسكو- وتعريفها: حركة سياسية قام بها محمد القريشي من جزيرة العرب باسم الفقر والعدل واعلانها العقائدي توحيد الديانات بدين واحد يدين به الناس لرب محمد ال

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي