الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النصوص المعاملاتية جسر عبور للعلمانية العالمية ..؟

مصطفى حقي

2009 / 9 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلام ليس حكراً على المسلمين إن كان ديناً إلهياً ، وليس خاصاً بفئة معينة من البشر ، العبادات علاقة خاصة بين العابد والمعبود ، شؤون المعاملات من بيع وشراء واقتصاد والتنظيم الاجتماعي وسن القوانين المدنية والعقابية وتنظيم القضاء والأسرة وحرية الأفراد والجماعات كذلك تنظيم حقوق المواطنين وحقوق المرأة ، وكل العلاقات الأخرى المنظمة لشكل الدولة وارتباطها بالمواطنين هي بالمجمل شأن عام يخص كافة المواطنين للذين يعبدون ولغير العابدين أو كان من دين وقومية الأغلبية أو الأقلية وان تلك المعاملات هي خاصة بين كافة المواطنين دون صفة دينية أو قومية ... وان من ينظم هذه المعاملات الشعب ذاته ، ويشرف على إقراره وتنفيذه مندوبون ينتخبون من الشعب ويعملون باسمه وتحت رقابته بواسطة أجهزة إعلامه ... ومما تقدم فإن الأمور المعاملاتية والنصوص الدينية المنظمة لها هي نصوص قابلة للإجتهاد والتغيير والتبديل وفق ألية الزمن والمكان وتغير العادات ورقي المجتمعات واختلاطها واستيراد الأصلح تقليداً وحاجة ، مثلاً الحرب والنضال ضد العبودية في العالم الذي انطلق من أمريكا وبعد حرب طويلة مابين الشمال والجنوب بين محرري العبيد وبين المؤيدين للعبودية وكمٌ كبيرٌ من الضحايا سقطوا إلى أن صدر قانون تحرير العبيد في أمريكا وتسلل إلى باقي العالم وألغيت العبودية والرق سلمياً وبدون حروب ، وسارت عليه الدول الإسلامية وتغاضت عن العمل بالنصوص الدينية التي تقر العبودية ، وذلك تبعاً لتشريع عالمي ، ومن هنا تنطلق العلمانية التي تخص الإنسان وحريته ، وقد فهم المعتزلة روح النص الاسلامي وقابليته للتطور والحركة خلاف جمود النص المعاملاتي وخشبيته التي تعلق بها أعداء العقل والتفكير وكون المسلم مردد ببغاوي وقد حرم نعمة التفكير التي حباها الله للإنسان خلاف الحيوان .. وقد أعجبني ماجاء في مقال الأستاذ ابراهيم علاء الدين في هذا المجال في متن مقاله المؤرخ في 318 مايلي : كما ان ابن رشد مسلم واتهم بالكفر والضلال والرازي مسلم ومن اكبر فلاسفة المسلمين ومع ذلك له رسالتان احداهما في نقد الاديان والاخرى في مخاريق الانبياء (أي نقد كا سميت بالمعجزات او الاعمال الخارقة للانبياء .. كما ان محمد عبده ليس مسلما ازهريا بل مفتي الديار المصرية واحد رواد عصر النهضة والتنوير وكذلك طه حسين مسلم ومحمد شحرور ونصر حامد ابو زيد وحسن حنفي والاف غيرهم يناضلون ويكافحون في كل الساحات والميادين للقضاء على الفكر المنعلق المتخلف الذي يشيعه رجال الدين خصوصا ممن ينتمون للتيارات السياسية وكلهم مسلمون وكلهم في نفس الوقت اما شيوعيين او ليبراليين او علمانيين او يساريين . وكل هذه التيارات الفكرية والتي ينضوي فيها الاف وربما عشرات الالاف وربما ملايين في بلاد العرب هم مسلمون. وملاييين السيدات المسلمات في الاسواق وفي مؤسسات الحكومة والخاصة موظفات لا يلبسن الحجاب، وملايين المسلمين لا يصلوا ولا يصوموا .. وملايين الملايين لم يحجوا الى بيت الله وليست لديهم النية، وملايين الملايين من المسلمين ادائهم لفروض العبادة هي عادة اكثر منها عبادة .. وملايين المسلمين والمسلمات يتزوجون بعد قصص حب وغرام عاصفة .. وملايين الملايين من المسلمين يشربون الخمر ويتعاملون مع البنوك "الربوية" وملايين المسلمين والمسلمات يحنفلون باعياد ميلاد ابنائهم وبناتهم (انتهى ) وبالمناسبة لقد تعرضت إلى عتاب قاسٍ من الكاتبة رشا ممتاز عندما علقت على بعض مما جاء في مقال السيد ابراهيم حول السيدة وفاء سلطان ، وقد اعتذرت من الكاتبة وان هناك سوء تفاهم ..؟ ، واليوم أثني على المقال الأخير للسيدة رشا بعنوان (الإسلام صديق العلمانية )المؤرخ في 308 وهي تنقل من فكر حامد أبو زيد في معرض الجواب على سؤال : هل تتعارض مبادئ العلمانية مع مبادئ الإسلام ؟

: ليست العلمانية في جوهرها سوى التأويل الحقيقي والفهم العلمي للدين وليست كما يروج لها المبطلون على أنها الإلحاد الذي يفصل الدين عن المجتمع والحياة فالخطاب الديني يخلط عن عمد وبوعي ماكر خبيث بين فصل الدولة عن الكنيسة أى فصل السلطة السياسية عن الدين وبين فصل الدين عن المجتمع والحياة الفصل الأول ممكن وضروري وقد حققته أوروبا بالفعل فخرجت من ظلام العصور الوسطى إلى رحاب العلم والتقدم والحرية أما الفصل الثاني فصل الدين عن المجتمع والحياة فهو وهم يروج له الخطاب الديني (أضيف إليه الخطاب المتعلمن ) في محاربته للعلمانية وليكرس اتهامه لها بالإلحاد ومن يملك قوة فصل الدين عن المجتمع والحياة وأية قوة تستطيع تنفيذ القرار إذا أمكن له الصدور؟ وعن الهدف من وراء هذا الخلط المتعمد يقول ابو زيد : الهدف الذي يسعى له الخطاب الديني من ذلك الخلط الماكر الخبيث يقصد خلط العلمانية بالإلحاد واضح بين لا يخفى على أحد وهو رغبة أصحاب المصالح فى الجمع بين قوة الدين وقوة الدولة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية(بمساعدة المتعلمنين ) ويزعمون فوق ذلك كله أن الإسلام الذي ينادون به لا يعترف بالكهنوت ولا يقبله ولكن عجائب الخطاب الديني لا تنتهي فيناقض نفسه ويحدثنا عن أسلمت العلوم والآداب والفنون وهل فعلت كنيسة العصور الوسطى أكثر من ذلك .. أدرك على ابن أبى طالب تلك الخدعة الماكرة عندما أحتج عليه الخوارج قائلين وما الحكم إلا ل الله فرد عليهم ردا في غاية البلاغة والحكمة والعقل قائلا:

((القران بين دفتي المصحف لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال))



معنى تلك المقولة الحكيمة أن العقل البشرى يتفاعل مع النص الإلهي محاولا فهمه وبالتالي لا يجوز تقديس الافهام البشرية والخلط بينها وبين النصوص الإلهية ونسبتهم معا إلى مصدر واحد وهو الله ( انتهى).. وكانت الكاتبة رشا قد ردت على عدة تساؤلات حول فتوى مفادها: (((على العلماني أن يختار بين الإسلام والعلمانية ولا يجوز الجمع بينهما)))..؟ هذا ما أعجز عن فهمه واستيعابه! فهل تصطدم العلمانية بالإسلام ؟ حقيقة لا يمكن مقارنة العلمانية بالإسلام لان العلمانية لم تكن يوما عقيدة أو دين لتصطدم بدين آخر ولكنها خرجت لمواجهة طبقة الكهنوت الدينى أوالسلطة الكنسية الناطقة بأسم الله و المهيمنة على السياسة والاقتصاد ولم تلغى يوما الديانة المسيحية أو غيرها من الديانات.

إذا ولنكون أكثر دقة يمكننا القول أن النظام العلماني الداعي لفصل الدين عن السياسة يصطدم بالنظام الثيوقراطى الداعى للتوحيد بينهما . هل يمكن تطبيق العلمانية في دوله غالبيتها من المسلمين ؟ الجواب :نعم والدليل وجود نماذج لدول علمانية غالبيتها من المسلمين مثل تركيا وتونس رغم بعض التحفظات كذلك وجود جاليات إسلاميه متنامية في بلدان الغرب العلمانية . هل يمكن أن يكون المسلم علمانى ؟ الجواب : نعم يمكن أن يكون المسلم واليهودي والمسيحي والملحد علماني ما داموا يحترمون مبادئ العلمانية من حرية وعدالة ومساواة ويحترمون القانون ..(انتهى) فالعلمانية ليست ديناً ، العلمانية فكر عالمي عادل تقرب الانسان مع مثيله في كل مكان وزمان من أجل حرية وسعادة الانسان وبذلك لا يخالف ارادة الخالق وأما رأي الآخرين المشبع بثقافة دينية مخالفة لمصلحة وخير الإنسانية هو رأي الآخرين ويجب أن نحترمه ونحاوره ، وبالنتيجة البقاء هو للأصلح ..؟ وشكراً أستاذ إبراهيم البهرزي ....؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وشكرا استاذ حقي
علي محمد ( 2009 / 9 / 2 - 17:54 )
مقالة ممتزة تجمع بين الحجة القوية والتواضع والعلم, ومعرفة الهدف وسهولة الوصول له بالمعاني والحجج
شكرا


2 - الموجز الوسيط!!
ابراهيم البهرزي ( 2009 / 9 / 2 - 19:23 )
تحية استاذي الكريم ..ولا شكر على واجب التعبير عن الراي
ملخص القول الذي عنيته:
اننا نرث الافكارونزاوجها بالموروث الاقدم ونورثها لمستجدات الافكار...
والمعاملات (او الدين الاجتماعي كما اسميه )هي موروثات تشربت بالكثير من الثقافات الوافدة غزوا على بلد مثل العراق (ميزوبوتميا)كثقافات السومريين الوثنية والبابليين والاكديين والاغريق والفرس والترك والعرب بفكرهم الاسلامي وقد تترك كل ثقافة وشما دالا (قد يكون لغويا او طقوسيا او معاملاتيا-كما اسميته)ويتسرب هذا الارث في النسيج الاجتماعي والثقافي من خلال الذاكرة الجمعية للشعوب,فطقوس عاشوراء مثلا هي من مخلفات الطقوس البابلية القديمة حيث كانت مواكب العزاء والندب تسير عبر شارع الموكب(لاحظ بقاء مفردة الموكب )حتى بوابة عشتار حزنا على موت -تموز-الذي استعيد واستعيض بالحسين,كما ان اكثر مفردتين يتم ترديدهما يوميا عند العراقيين وهما (شكو)و(ماكو) هما من بقية ارث السومريين الذي اندثر قبل سبعة الاف عام يضاف لذلك الكثير من الطقوس المندائية والمسيحية التي يمارسها مسلمو العراق مثل عادة صوم زكريا (صوم الخرسان )وتقديم النذور (للخضر )وغير ذلك ,وعليه فمن الطبيعي ان تتبقى في العلاقات الاجتماعية والطقوسية شعائر الحضارة الاسلامية التي حكمت العراق مئات السنين,تب


3 - خطورة المياه المالحه
مصلح المعمار ( 2009 / 9 / 2 - 21:40 )
ولماذا نستعمل طريقة ( تراي أند أرر) ما دمنا نعرف النتائج مقدما ، قد يضن البعض ان النظام العلماني في البلدان الأوربيه قد فصل الدين عن سياسة الدوله تماما ، وهذا بأعتقادي ليست الحقيقه ، فطبيعة النظام العلماني الذي يسمح بالديمقراطيه والتعدديه الحزبيه يسهل صعود الأحزاب الدينيه الى برلمانات هذه الدول ومن ثم لا بد وان تنعكس التربيه الدينيه لهؤلاء الأعضاء على اتخاذ القرارات ، وكلنا اطلعنا كيف ان الأحزاب المتخفيه بعباءة الدين في اوربا كيف كانت تصوت ضد قوانين السماح بآلأجهاض وقوانين زواج الجنس الواحد او التصويت مع قوانين الرأفه بقبول المهاجرن المضطهدين بغض النظر عن دياناتهم وآلمساعدات الأنسانيه الأخرى ..الخ ، اذن الدين لا بد وآن يزج انفه بآلسياسه مهما حاولنا تلميع وجه النظام العلماني
( فقط للتوضيح انا من انصارالعلمانيه )، ونأتي للمفيد ، قلت في اعلاه من يعتنق اي ديانه ويصعد كعضو برلماني فلا بد وان يلقي ظل تربيته الدينيه على القرارات وخاصة الأجتماعيه منها ، وتصوروا ما سيفعله الرجل المتشدد المسلم الذي يرتدي العمامه في المسجد ويخلعها ويرتدي بدله ورباط عندما يفوز في البرلمان ، يا جماعة
( الحجي بيناتنا نخاف لا يرفعوا العرق الزحلاوي من السوق ثم ينفخوا بآلعلمانيه ويقرأوا بيان رقم واحد (آية الس


4 - سوء تفاهم
رشا ممتاز ( 2009 / 9 / 2 - 21:57 )
السيد اامحترم مصطفى حقى
اعتذر منك لو كنت شعرت بقسوة فى ردى ولكن ربما الهجوم الشديد و محاولات البعض الاستفزازيه الغير مبرره فى تحوير المكتوب ورسائل ا لشتائم البريديه التى انهالت على فجأه قى وقتها كان لها اثر سلبى على ردودى فى تلك الفتره
ولكن لا أخفيك سرا الان قد اعتدت على هذا الاسلوب ولم يعد له تأثير يذكر.
مرحبا بالاختلاف إذا كان الاحترام يجمعنا
تحياتى لك على مقالك الجامع وسلامى للاستاذ ابراهيم والسيد على
محبتى وتقديرى

اخر الافلام

.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع


.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية




.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا


.. 161-Al-Baqarah




.. 162--Al-Baqarah