الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعذرني أيها السومري سلام طه فأنا لم أفهمك

حسين شبّر

2009 / 9 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كنت أحسب أن صديقنا العزيز سلام طه وهو يتجشم عناء الرد على مقالتنا اللامرجوع عنه في وعي المثقف العربي أن يعمق أراءنا التي نثرناها على عجل، وان يذهب بها الى أقاصيها البعيدة، كونه واحد من المثقفين الذين نحترمهم ونعتقد أن لهم تصورات مغايرة عما هو مألوف داخل دائرة الوعي السائد في الساحة الثقافية العربية اليوم من مشكلات واشكالات كبيرة ، كنت في الواقع قد ناقشت موضوعا هو في غاية الحساسية والأهمية يطغى على العقل الثقافي العربي في العصر الراهن، وهو مسألة موقف المفكرين أو المثقفين المعاصرين من مسألة النهضة الفكرية ودخول العصر الحديث أو مسألة التقدم الحتمي في مسار هذا العالم الذي ما يزال يقتات ذاته ويعيش على مثاله السابق وكنت قلت على سبيل المثال ، اني اذهب الى القول ان أغالب المثقفين العرب المعاصرين قد أجمعوا دون استثناء الى أن اعادة الاحياء والنهضة تبدأ من حركة الانقطاع التاريخي أي سجن التاريخ داخل فضاءه الذي تحرك فيه سابقا وعدم السماح له بأن يمتد ليحرك المسار الواقعي والموضوعي للمسلمين في العصر الراهن ، ذلك ان تواصل التاريخ بهذا الشكل الصارم والطاغي لا يلغي الحاضر فقط وإنما يمتد الى المستقبل بمعنى أننا أصبحنا نرى المستقبل بعيون الماضي، فالماضي هو العصر الذهبي والمثال الذي يجب أن نسعى الى تكراره، وهنا الطامة الكبرى ، وقلت أن للمثقفين أن يقولوا ذلك وغيره، وما شاءت تصوراتهم ان تبلورة وأفكارهم أن تتبناه ، لكن هذه النظرة يجب أن نتوقف عندها طويلا، وأن نجري معها حسابات كبيرة ومراجعات نقدية مهمة، وأنا في الواقع قدمت واحدة من هذه المراجعات لأن الموضوع كبير وعريض ويحتاج للوقت والجهد وهذا غير متأتي لنا في ظل دأبنا في هذه الحياة المريرة .
وكنت قلت انني استطيع تلخيص موقف اغالب هؤلاء المثقفين على النحو التالي
أنه حدث في بنية المجتمع الاسلامي حركة تطور معرفي وثقافي كان يحكمها ويوجه حركتها النص القرآني الذي لم يراجع أوينقب معرفيا لا في وقت نزوله ولا في الأوقات اللاحقة وظلت الاسقاطات الايمانية والدراسات المبجلة للنص هي ما تفعل أفاعيلها في الوعي والفكر والتي تغذي الروح وتثيل امامها سبل حياتها الممكنة . ثم الحديث ثم الفهم الذي استند الى هذين الأصلين وما بني عليه الى أن وصلنا الى العصر الذي أخذ ينبثق في العقل الذي ساد وتشكل ثم أستقر نهائيا ليبدأ من هنا. ومن هنا أيضا جاءت صياغة المعارف بشكلها الناجز وتأبيدها ، ثم لم تحاول هذه المعرفة فيما بعد تجديد نفسها ولم تتأثر بأية قوى تغييرة تهب عليها لقد توقف الزمن والتاريخ ولم تعرف هذه الثقافة حركة الانقطاع التاريخي ولن تعرفها ابدا .
ثم قلت أني معني هنا بهذا الموقف(الانقطاع التاريخي ) اي عملية فصل التاريخ عن الواقع المعاش بكل تجلياته الممكنة وغير الممكنة ، والمقصود بالتاريخ هنا التراث بأجمعة واثرت أسلئة على سبيل المثال ، كيف يمكن أن تتم عملية الفصل هذه ؟ كيف يمكن أن تحدث ، وكيف يمكن أن نفصل المؤمن أو المسلم عن وجدانه المتشكل والذي يغذى باستمرار من هذا التراث . أننا نتحدث عن مجتمعات لها ايمانها المستقر في وعيها اننا نتحدث عن ممارسات شعائرية طقوسية يومية تصوغ الفكر والوجدان وتفعل افاعيلها في الذات المؤمنة ، كيف يمكن أن ننجز هذا الانقطاع التاريخي وعلى أية شاكلة . اما عملية التحول نحو مسألة استعادة المثال الغربي في تعامله مع الدين المسيحي وعلى هذا النحو المغرق في التجريد في عالم اسلامي ما يزال يعيش في ظلامه وضلاله الحضاري والانساني وعلى هذا الشاكلة فأعتقد أن ذلك بعيد المنال . ،
وكانت دعوتي دائما انه من الممتع والمهم أن نراقب الفروق أو الاختلافات التي أخذت تؤكد ذاتها على نحو مغاير بين مختلف الحساسيات الفكرية المجبولة من قبل نفس المعطيات الروحية والايمانية والثقافية ولكن مع ممارسات سياسية مختلفة بدأت تتمظهر بشكل مختلف تماما . كيف أصبحت هذه المنجزات الفكرية التي تحققت بخصوص مكانةالايمان العقائدي في سياق الحضارة المنجزة التي تنتج فكرا متحاوزا اي يتجاوز الايمان باستمرار. وأما عن تأخر الوضع فيي الدراسات الاسلامية فحدث ولا حرج، فنحن لم نتوصل لحد الان الى مرحلة اعادة التفكير في الايمان العقائدي .
وبالطبع لم نتوصل الى مرحلة اقتراح بدائل فعالة تحل محل نماذج العمل التاريخي .
ثم أشرت الى تصوري الذي يتقاطع مع هذه التنظيرات الخجلة والمستلبة والمغرقة في الوصف أكثر من التحليل ( يمكن مراجعة المقال ) .
وأعود الى استاذنا الأكدي سلام طه الذي نكن له التقدير والاحترام لنجري معه نقاشا من نوع مختلف تماما، وذلك من خلال رده على مقالنا اللا مرجوع عنه في وعي المثقف العربي .
فبداية لا علاقة لرده من قريب أوبعيد بما جاء من أفكار في ثنايا هذا المقال . ولا أعلم السبب. اهي افكار اراد بذرها في حقلنا المتواضع ولسنا أهلا لها.....أم هي ..... . القدرة على استبطان الأفكار والغوص في اتونها والأحتراق بلهيبها مما لا نعلمه ولا ندرية ولا نعرفه . لقد جاء رده من خلال عبارات متناثرة لا رابط بينها، لا علاقة لها من قريب أو بيعد بما رحنا نتحدث عنه هنا . . أن يقول مثلا الرب أصل كل فكرة لأنه الطاقة الأزلية المحركة لكل ظاهر وباطن ما كان وما يكون لأن النقطة المتصلة تشكل الحدث المرأي والله هو هذه النقطة .... ما علاقة ذلك ياصديقي واستاذي في ما نحن نجترحه هنا ؟ ما هذا القول ، والى أي مستوى معرفي يمكن أن نرفعه ؟ وفي داخل اي اطار فكري يمكن أن نموضعه؟ وعلى أية شاكلة يمكن أن نفهمه؟ وما هي النقطة يا صديقي ؟ وما علاقة الرب بها؟ هل الرب نقطة ؟ أي النقطة كما نعرفها نحن أم هي نقطة لا نعلمها. ؟ أم هي نقطة الحلاج؟
ثم يقول وله أن يقول..... اخترع العقل البشري بسذاجته، فكرة الدين ومنح لجوء انساني لفكرة التواصل الزمني النسبي، مع المجال الأزلي المطلق .
هل العقل البشري هو الذي اخترع الدين ؟ ما هذا القول ؟ . نحن نعلم أن فكرة التدين كما تقول أنت دائما انبثقت مع طفولة الانسان الأول أي قبل اكتمال العقل لدى هذا الكائن . فالعقل لم يتشكل بأسمى مظاهرة إلا في وقت متأخر جدا عن الحياة الوحشية التي عاشاها الانسان وامتدت الى الاف السنين الكونية . ثم ما هو العقل حتى في أسمى مظاهره ، هل هو قادر على أن يشكل هذه الظاهرة الدينية وعلى هذا النحو المرعب ؟ هذه قضية بحاجة الى بحث ياعزيزي . أن تشكل الدين إنما جاء نيتجة عوامل كثيرة وكبيرة وعديدة منها التاريخية والاجتماعية والثقافية والكونية والنفسية وتفسير مظاهر الطبيعة ولم يتدخل العقل كما نعرفة الا في عملية الصياغة النهائية لفكرة التدين , خذ على سبيل المثال كيف راحت الأساطير والتي لا علاقة لها بالعقل والعقلانية تشكل الأسس المنهجية للدين الذي استعادها بطريقة أو بأخرى في مسار تطوره الحضاري والانساني . ثم كيف منح العقل البشري لجوء فكرة التواصل الزمني النسبي مع المجال الأولي المطلق . أنا لااستطيع ياعزيزي أن أفهم هذه العبارة القلقة جدا الا اذا وضعتها في سياق آخر . أن العقل البشري يستطيع ان يتمثل الزمني لأنه مجاله العلمي والعملي الذي يتحرك فيه ويستطيع أن يرفعه الى المطلق بعملية التصور والخيال المرهف الحساس فيما يسمى عالم الامتثالات . لعلك ياصديقي تقصد ذلك هنا تنظبط العبارة ويستقيم الفهم .

ثم يتوقف استاذنا سلام طة هنا ويقطع سياق الفكرة تماما ليعيدنا الى الاسلام ، قلنا لا بأس .. فلعل الرجل أراد ان يدلي بدلوه أخيرا ... ولكن كان القادم أشد عجبا حيث قال إن الاسلام هو الخاتم المطلق لهذه الكوميديا الإلهية والكونية .بانغلاقه النصي ( وصرامته الفلسفية) لعله أراد ( صرامته الفكرية والنصية ) ثم يقول الاسلام دين نرجسي لا يقبل بغيره وهذه علة العل ....ثم ينتقل الى موضوع آخر وبعيد تماما .... ما علاقة هذا التحليل الشفيف بموضوع بحثنا هذا ؟ نحن نعلم أن الاسلام هو الدين الخاتم ولكنه لم يكن ذا طابع فلسفي أبدا . وإنما كغيرة من الاديان يتحرك في مجال آخر مختلف تماما عن الفلسفة ومناهجها . ثم يقول أن الاسلام دين نرجسي لا يقبل غيرة ثم يبني على ذلك استنتاجه الخطير في أن ذلك علة العلل . ما هذا ؟ هل الدين اليهودي يقبل غيره من الأديان وهل الدين المسيحي يقبل غيره .
وهكذا جاء رد صديقنا السومري كله ولم نتوقف امام هذه العبارات القصيرة الا لنعطي مثالا عما جاء بهذا الرد أو المقال .....
نحن نتحدث عن مشكلة أخذت ولا تزال تأخذ أبعادا صراعية وتوترات قاتلة على مختلف الجبهات في العالم الاسلامي المعاصر ، إنها مشكلة المثقف التنوري والمثقف الاسلامي والأصولي الاسلامي وهي موقفهم من مشكلة التقدم الحضاري والتاريخي . انها حركتة تصطخب في فضاء هذا العالم ولكنها لن تنتج شياء في مسار التغيير المنشود ذلك أن هذا الصراع انما يدور في زاوية بعيدة جدا وفي مجال لم يحرث فيه من قبل . انها مشكل انزياخ التاريخ من مجاله وتواريه بعيدا وانهاء ضغطه الدائم على الوعي الذي يوجهه بالطريقة التي يشاء .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ الكريم شبر
علي حرب ( 2009 / 9 / 4 - 06:27 )
بداية يجب أن أن تنتبه عزيزي الكاتب الى مشكلة هي غاية في الاهمية وهي أن مسألة الخطاب الثقافي العربي لم يعرف هذا النوع من البحث أي ما يسمى بالأنقطاعي التاريخي لم يحدث ياعزيزي في خطاب المثقفين العرب على على التحديد . كان جل ما ذكروه في تصوري هو ثضية أخرى تماما إنها مسألة الأحياء وهي قضية مختلفة عن ما رحت تؤكد علية في مقالتيك تلك .
أنني أدرك على أية حال من خلال هذه المنهجية التي تتبعها أنك واحد من المثقفين الجيدين الذين يحملون في وعيهم أفكارا ثورية نرجو أن تعمق هذا الافكار الى أقاصيها البعيدة ودعك من هذه الردود التي تضعف منهجيتك في الطرح والتحليل والدراسة فماذا أن يرد عليك شخص ما . يقول ما شاء أن يقول من خلال وعيه وفهمه الذي ربما يكون بسيطا لا يرقى الى أن يفهم هذه الاشكاليات التي تسوقها هنا ثم تنشغل أنت ياستاذنا بهذا الرد عن تلك الدراسات التي ننتظرها بشغف .
أرجوا منك ياعزيزي الكاتب أن ترقى فوق هذه تاتراهات من أي كان وتابع دراساتك التي تثير الوعي وتحرك الوجدان وتثري المعرفة. لنا أن نختلف معك منهجيا ولنا أن نختلف معك فيما تصل اليه منتائج ولنا أن نختلف حتى في طريقة العرض والأسلوب ولكن كل هذا لا يقلل من أهمية افكارك الجريئة
وسأعود اليك في نقاش طويل حول قضية ومشكلة المثقف الع


2 - الى الاستاذ علي حرب
سلام طه ( 2009 / 9 / 4 - 13:03 )
مع احترامي لقلمك ,وانجازك الفكري,لكني اود توضيح حصول التباس ومساجلة مسبقة بيني وبين كاتب السطور قد خفى عن ناظريك, سامنحك حسن النية لجهلك بما كان بيننا مقابل اعتذارك عن تجريحك والذي انت اولى بان ترقى فوق مستواه.... فالتواضع والحلم هو سمة من وسع زاده المعرفي وليس العكس..

اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم