الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيف شعارات الاسلاميين (1)

وسيم المغربي

2009 / 9 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يلجأ مشايخ و مريدو حركات الاسلام السياسي الى رفع مقولات وشعارات ، كأنها قوانين علمية او اقوال مقدسة ، لا يمكن نقدها و لا يأتيها الباطل من امامها و لا من خلفها .. هذه المقولات/ الشعارات ، و نظرا لتكرار استعمالها و الترويج لها ، و ايضا لتواجدها في المناهج الدراسية (ذات المنحى الطالباني ) ، و استعمالها من طرف الفقهاء و شيوخ الاسلام السياسي و مريديهم و حتى وسائل الاعلام العامة في غالب بلدان العالم الاسلامي ..فقد اصبحت منتشرة بشكل كبير في لاوعي الناس حتى المتعلمين منهم ، و جعلت منها الايديولوجيا الاسلاموية مسلمات لا يمكن ان تناقش ولا ان تنتقد .... فليس غريبا ان تسمع من مسلمين متعلمين او غير متعلمين ان الاسلام هو الحل ، وان القران دستور المسلمين ، وان الحكم يجب ان يكون لله لا للبشر ... ! و غيرها من المقولات المشهورة التي تلوكها الالسن من الرباط الى جاكرطا كانها قوانين علمية متفق عليها كونيا ... و الاخطر في الامر ان هذه الشعارات اسبغ عليها منظرو الاسلام السياسي صفة القداسة ، حيث عمدوا الى ربطها بالقران و الاسلام والايمان ، و بالتالي فمن عارضها او نقدها فهو عدو للاسلام و كافر و عميل يجوز فيه القتل و تطبيق الحدود الدينية .. ان رفع هكذا شعارات في النهاية، ما هو الا تحايل من الاسلاميين و تهرب من ضرورة طرح برنامج سياسي و مشروع مجتمعي حقيقي لاخراج الشعوب الاسلامية من حالة الازمة التي تعيشها ، ذلك ان اكبر مغالطة يروج لها الاصوليون هي ان الصراع هو بين متدينين و غير متدينين ، بين من مع الدين و من ضده ، و الحقيقة ان الصراع الحقيقي هو بين من مع التوزيع العادل للثروة و السلطة و من ضده ، بين من مع الديمقراطية و المواطنة و من ضدها ،بين من مع السلام و المساواة و العدالة الاجتماعية و من ضدها .

من اهم هذه المقولات / الشعارات التي ترفع بشكل دائم ، و يتم استعمالها من طرف الاسلام السياسي على نطاق واسع ، لايهام الناس و الحصول على تعاطفهم و اصواتهم ، مقولة الاسلام هو الحل .. حيث عمدت جماعة الاخوان المسلمين بمصر مثلا الى رفع هذا الشعار (الاسلام هو الحل) خلال الانتخابات النيابية الاخيرة و كانت النتيجة فوز الاصوليين بمقاعد هامة في مجلس الشعب المصري فاقت الثمانين مقعدا ..
لو ان في الاسلام حلا لما تقاتل الصحابة بينهم مباشرة بعد وفاة الرسول في سقيفة بني ساعدة . حيث تتفق اغلب الرويات التاريخية ان المسلمين في يثرب بايعوا ابا بكر لان العرب لن تقبل بخليفة الا من قريش ، وليس طبقا لاية قرانية او طبقا لحديث نبوي ، بل تم الاستنجاد بالعصبية القبلية لحرمان زعيم الانصار سعد بن عبادة من الحكم ... لو كان في الاسلام حلا لما وقعت الفتنة الكبرى و معركة الجمل و معركة صفين ، و لما تقاتل المبشرون بالجنة بينهم طمعا في السلطة و الثروة .. و نحن نعرف ان هؤلاء الصحابة كانوا اقرب الى الرسول طوال حياته و كانوا يحفظون الوحي و الحديث .... فلم غاب عنهم الحل الذي يوجد في الاسلام يا ترى ؟؟؟
يجمع اغلب المتنورين ان الاسلام دين من عقائد و عبادات و غيبيات و اخلاق و اداب و ليس مشروعا مجتمعيا و لا برنامجا سياسيا ولا نظرية في الاقتصاد او الاجتماع او السياسة ... فمشاكل الناس لا تحل بالايمان بالجنة و النار و الملائكة و البعث ...و المعروف ان الدين (القران و السنة) ما تحدث عن نظام سياسي ولا عن نظام اقتصادي ولا عن دولة و لا عن سياسة ، و قد فضح المثقفون المتنورون امثال الشهيد فرج فودة و علي عبد الرازق و نصر حامد ابو زيد و سيد القمني و غيرهم زيف مقولة الاسلام هو الحل .. و لذلك لم تتوان جماعات الارهاب الديني عن تصفيتهم و تكفيرهم و تهديدهم ، لانهم يضربون اسس ايديولوجية هذه الجماعات في الصميم و يوضحون للناس زيف و كذب شعاراتها .

و من المقولات /الشعارات المشهورة عند جماعات الاسلام السياسي مقولة القران دستور المسلمين .. فما ان يتحدث العقلاني او الحداثي او عالم السياسة عن الدستور وضرورة تصويت الشعب على دستور ديمقراطي للدولة يحظى بقبول الفاعلين السياسيين و يكون قانونا اسمى يرضخ له الجميع ، حتى يتصدى له مشايخ و مريدو الاسلام السياسي محتجين باننا نحن المسلمين لا حاجة لنا الى دساتير غربية-هكذا- لان الله كرمنا بالقران الذي جعله الله دستورنا ...!!
في كل سور القران لم يقل الله عن القران انه دستور ..و كلمة الدستور لا توجد لا في القران ولا في الاحاديث . و الدساتير ظهرت في الدول المدنية الوطنية القومية خاصة بعد الثورة الفرنسية ... و يقصد بالدستور ذاك القانون الاسمى ( الوضعي المكتوب ) المتعاقد عليه بين قوى المجتمع ، ومجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشئون الداخلية والخارجية ..
فهل القران يتحدث مثلا عن برلمان و حكومة و نظام حكم ؟؟ هل القران يتحدث عن انتخابات ؟؟؟ هل القران يتحدث عن اختصاصات الرئيس او الملك او الوزراء ؟؟ ثم ما موقع سورة المسد ويوسف و غيرها من السور التي تحكي قصصا وحكايا بلا فائدة قانونية او سياسية في الدستور؟؟ هل يمكن تصور دولة لها دستور لا يحدد عدد سنوات انتداب ممثلي الشعب بالبرلمان ؟؟ هل يوجد دستور لا يسمي الدولة صاحبة الدستور ؟؟

و يبقى شعار الحاكمية لله اشهر شعارات الاسلام السياسي في العصر الحديث .. هذا الشعار الذي رفعه ابو الاعلى المودودي واعاد الترويج له سيد قطب وغيره من فقهاء الايديولوجيا الاسلاموية ، هو مثال على لا عقلانية و شعبوية خطاب الاسلاميين ... ذلك انه حينما يرفع العقلانيون شعار الحكم للشعب بديلا عن حكم الحزب الوحيد او القبيلة او الجيش او العائلة المالكة ، يلجأ الاسلاميون بنفاق واضح الى رفع شعار الحكم لله ، و ان حكم الشعب فيه تعد على اختصاصات الله ..! فالبشر حسب زعمهم ، ما وجدوا في الحياة الا ليعبدوا الله -هكذا-! طيب لم لا يطبقون هذا القول على انفسهم ويتفرغوا للعبادة و يتركوا امر السياسة ؟؟؟
و البديهي ان الحكم في النهاية ، و مهما اختلفت انظمة الحكم ، لن يؤول الا للبشر.. و الثابت دينيا ان الله لم يوص لانسان ما او لجماعة ما بتمثيله في الارض ، ان اكبر تعد على الله و على الشعوب هو ما تمارسه جماعات الاسلام السياسي حين تعتبر نفسها حزب الله و الوصية الشرعية على دين الله و بالتالي احقيتها في السلطة و لو ضدا على رغبة الشعب .. ان رفع شعار الحاكمية لله يهدف لشرعنة حكم استبدادي اقصائي عنصري ارهابي باسم الدين ، كما حصل في طالبان افغانستان و سودان النميري و( حكومة الله) في ايران .. ان رفع شعار الحاكمية لله ، هو في النهاية ، محاولة لاسباغ صفة القداسة على السلوك السياسي لحكومات الاسلاميين (حكومات الله) و بالتالي فمن عارضها فقد عارض الله ... هل يوجد اكبر من هكذا ديكتاتورية ؟؟؟

و الخطير ان ايمان الناس بهكذا شعارات يؤدي في النهاية الى خلاصة مفادها ان كل شيء قد قيل في القران و الحديث ، و ان كل الحلول موجودة لدينا، و انه لا داعي للتفكير ولا للبحث في العلوم الاخرى ، وان رفع اي شعار اخر مخالف لشعارات الاسلام السياسي كفر و ضلال و بدع ما اتى الله بها من سلطان .. والاخطر ان هذه الشعارات قد اخترقت المجتمعات الاسلامية ، و اسست لتيارات تكفيرية ظلامية اقصائية تهدد الاستقرار الهش للمجتمعات، و النزر القليل من الحريات الموجودة فيها ، و تضرب في العمق قيم الاختلاف و التعدد و التسامح التي هي اساس كل مجتمع حديث .
و النتيجة اننا لازلنا وحدنا بين شعوب المعمور من يجادل في ضرورة الديمقراطية و اهميتها و ضرورة ارساء دول مدنية علمانية حديثة تقوم على احترام التعدد و الايمان بقيم المساواة و العدالة الاجتماعية و الحرية و حقوق الانسان و المواطنة كما هي متعارف عليها كونيا .. النتيجة اننا كما قال ادونيس شعوب في طور الانقراض .














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدين من اجل الدنيا
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 9 / 4 - 21:15 )

حتى ولو سايرناهم في هديانهم هل يمكنهم الإجابة على سؤال:
لمادا عجلة الدول الإسلامية الى الآن تدور في نفس المكان وسط اوحال التخلف والجهل والفقر و و و ؟؟؟؟؟؟
انها اوهام خير امة اخرجت للناس تامر بالظلم من طلوع الفجر الى غروب الشمس
انه الغبن والحقد الدي ينتاب راكب آخر مقطورة قطار الحضارة البشرية
تحياتي للسيد وسيم على مقاله المفند لمزاعم شيوخ الدين من اجل الدنيا


2 - الى السيد اوشهيوض هلشوت
وسيم المغربي ( 2009 / 9 / 5 - 00:28 )
السيد اوشهيوض هلشوت المحترم
صدقني انهم سيجعلون الشعوب المسلمة لا تركب اخر مقطورة في قطار الحضارة
مهمتنا ان نبين للناس زيف خطاباتهم و الخطر الذي يمثلونه
تحياتي لك

اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان