الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الأديان أم تعريتها وتقويضها

جمان حلاّوي

2009 / 9 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن ظهور الدين هو حاجة اقتصادية خلقها الرجل/ الأب ( الذكر ) للهيمنة على الأفراد والقبائل الضعيفة المهزومة واستغلالها في الاقطاعات الزراعية باسم الرب العلوي الغائب صاحب معجزات الكون وتقلبات الطبيعة التي هي فوق طاقة فهم الإنسان البدائي . لذا ظهر الدين وتطور متمركزا" كطبقة متسلطة تتكلم باسم الغائب المتوعد بالنار والجحيم إن لم يقم طبقة أولياء الرب المقربون/ الأبناء باستعباد طبقة الفقراء الخائفين غير المتعلمين القانطين القانعين بمصيرهم وتبلورت الأديان تحت فكرة الغائية أنهم خلقوا ليعبدوا الخالق الغائب ويقبلوا يد ممثله في الأرض وان يعمل مقابل ابخس الأجور و أرذل أوضاع المعيشة أو أن يثور فيصبح تحت جبروت السياط والحرق والصلب والإذلال كما حصل لغاليلو وغيره ممن حاولوا رفع النقاب عن دوغمائية الكنيسة وفانتازيا طروحاتها في تخريب فكر الإنسان وقهر وجوده ، وجبروتها المتسلط في إذلاله ، أو في السلطة الشمولية للخليفة حامل السلطتين الدينية والدنيوية في صلب (الحلاّج ) أو تقويض ثورات المستضعفين ضد السلطة المغلفة باسم الدين لاستعبادهم وسرقة ما يملكوه وهو جهدهم مقابل العيش في الزرائب مع الحيوانات كما حصل مع ثورة الزنج جنوب العراق والقرامطة ، أو ثورة عبيد سبارتاكوس .

إن ظهور الدين هو فعل استغلالي استعبادي بشع لجهد الإنسان والسيطرة عليه مستغلا"بذلك أرهف أحاسيسه البسيطة في خوفه من المجهول وما وراء النجوم التي تملا السماء وكيف جاء ، وما هو الموت .. أسئلة لا أجوبة لها فالعلم لم يتطور بعد ولم يسبر أغوار الكون أو أجزاء الطبيعة المجهرية حتى برزت الثورة الصناعية لتظهر الحقيقة فتصدت لها الكنيسة بأبشع الممارسات إلا وهي محاكم التفتيش سيئة الصيت التي اتهمت قائلي الحقيقة بالهرطقة والسحر ليكون مصيرهم الحرق والخازوق والرمي من فوق أسطح القلاع ..الخ .

واستمر التمرد والتقاطع بين الدين والتقدم العلمي المنهجي الذي فسر الظواهر والوجود بمفهومه التجريبي الشفاف المبني على أسس واضحة متوازنة لا تسمح بمفهوم ( كن فيكون ) ، وخرج مفهوم الديالكتيك على إن الكون هو عبارة عن عناصر متحدة بفعل تناقض السلب والإيجاب متحولة إلى جزيئات متحركة داخل الوجود المتحرك دوما" وبفعل عوامل ضغطية وحرارات ظهر نوع من رد الفعل الذاتي وهو بداية ما يسمى بالحياة ثم ظهور العقد العصبية لهذه الحيوات البدائية ليظهر نوع من التمثيل البدائي والتصدي للفعل الواقع ليكون رد الفعل انتقائيا" للحفاظ على النوع ..وتكونت تراكمات نوعية ظهر فيها تخصص لردود الأفعال وللتكاثر واستغلال المحيط كمستعمرة غذائية واستمرت سلسلة التطورات كما توضح المتحجرات المكتشفة على مدى ملايين السنين من عمر الأرض( والغريب في الأمر أن هذه المعلومات موجودة في الكتب المدرسية درسناها ويدرسها أبناءنا ألان في المدارس , وبالمقابل يقف رجل الدين ويقول أن الله خلق الكون وخلق آدم و إننا مخلوقون من آدم !!وان حواء المسكينة التي لا حول لها أمام سطوة الرجل فمن ضلعه ، بل ضلعه المعوج !! ) لذا فأن الوعي والإدراك والفكر المتطور هو نتاج الطبيعة وليس العكس .. إذ ليس هناك فكرغائي علوي غائب خلق الطبيعة، بل العكس هو الصحيح فالفكر هو نتاج تداخلات عناصر الطبيعة .. الفكر هو نتاج الطبيعة !إن الإله نتاج عقل الإنسان، وان عقل الإنسان نتاج الطبيعة..

إن ظهور المنهج العلمي التجريبي الذي جاء به غاليلو و كوبرنيكوس و نيوتن وداروين ومن ثم كارل ماركس وآينشتين كشف المفهوم الديني الزائف الذي حاول إضعاف الفكر الإنساني وعدم السماح له بالتفكير الصحيح ليبقى حبيس الدوغمائية الدينية في القناعة والقنوط وقبول الغيبيات الساذجة والرضا بالمقسوم من أيدي أولياء الله السارقين لجهده والمتنعمين بالعيش الرغيد ، ولم لا فهم أولياء الله المنزهين المعصومين من الخطأ الذين يبيعون أراضي الجنة بصكوك ويأكلون الخمس وبقبول السلطة الكتاتورية المتهادنة مع الدين أو المندمجة معها كما في سلطة الخليفة إذ بهمها جدا" أن يكون الرعية نائمين قانعين بتقسيم الرب للثروات فالفقير يبقى فقيرا" والغني يزداد غنا" من أن يوقظهم الفكر الحر ليروا بشاعة حكامهم ونذالتهم .

هذا التقاطع العنيف بين الدين الجامد الغائي والعقل المتحرر المنهجي العلماني أدى إلى صراعات ومطاحنات شنتها الحكومات الرجعية التي استفادت من وجود الدين في تمريغ الناس في الأرض وهم قانعون مما أدى إلى قتل وتشريد ونفي الكثير من العقول لكن النتيجة هو انتصار العقل العلمي على الجمود الديني الذي لا يستطيع أن يرتقي إلى مصاف العلم كونه غيبي غائي أو أن يقف أمام عجلة المنهج التجريبي المرتكز إلى أسس معلومة واضحة ملموسة ذات نتائج شفافة حقيقية مطابقة للواقع .

لذا بدأت الأديان بالتشبث بالعلم عن طريق استخراج عبارات من كتبها لا علاقة لها بالمنهج العلمي وبالتالي القيام بتأويلها لمقاربتها مع العلم كمثال ( مثقال ذرة ) والتي ذكرت في القرآن على إنها الذرة المعروفة في المنهج العلمي المتمثل في ذلك الجسيم الذي يتألف من النواة الموجبة مع ما يحيطها من الكترونات سالبة ليتم التناقض السلبي الايجابي على شكل حركة مستديمة .. هذا ضحك على الذقون ، هذا هو قمة الانحطاط الفكري ..

وحينما لم يستطع الفكر الديني إلى الارتقاء بمستوى العلم ولو 0.000001 % من الدرجة
بدأ بأستعمال أساليب الالتفاف والمداهنة والمداراة على أساس أن الدين ضمنيا" متفاهم مع العلم لكن المشكلة كامنة في الصراعات بين الأديان التي تزعزع ثقة الفكر الحر بالدين !! هذه الأساليب اللصوصية الرخيصة التي يتبعها الدين هذه الأيام ، هو أشبه بالمحتضر الذي يرفس رفسته الهزيلة الأخيرة ..
لذا بدأ ت اجتماعات تقارب الأديان لإظهار أن كل شيء يسير على ما يرام مع العالم الحضاري المتمدن ، وان الكل كما السمن على العسل ( كما يقول المثل الشعبي ) ولم يبق شيء سوى بعض الخلافات البسيطة التي سيحلها هذا الاجتماع (إن شاء الله!!) من تقارب الأديان ويعيش العلم مع الحثالة الدينية في وئام وسلام ويتحول المنهج العلمي إلى شعوذة متقبلا" أن(فرعون) شق البحر الأحمر، وان ( محمدا" ) قسم القمر نصفين ، وان (المسيح) قد سار على الماء دون أن يغرق، و أن البشرية جاءت من آدم الملعون من الرب والمقذوف من الجنة بسبب غواية إبليس عن طريق المرأة (الذنب يقع دائما" على رأس المرأة المستضعفة في المجتمعات الغيبية ذات سلطة الفرد / الذكر / الأب / ابن الأب، الأخ!!) ..

ليعلم حاملي لواء هذه الأديان وليسمعوا وليعرفوا أنهم في مزبلة التاريخ إن لم يبحثوا عن لقمة عيش أكثر سترا" .. لقمة شريفة بدل اللصوصية التي كلفت شعوب العالم الكثير و أطعمتهم السم مئات السنين ، وليعلموا أن قافلة العالم المتحرر الرافض لكل العبوديات والروزخونيات والشطحات التكفيرية الرزيلة تسير ولو عوت خلفها الذئاب الجرباء

لابد من تقويض الأديان (وليس حوار الأديان)

يا أيتها السعودية الثيوقراطية راعية حوار الأديان التي استعبدت أبنائها ومازالت تقمعهم وتزجرهم قسرا" للصلاة من خلال ضربهم بالعصي ليغلقوا محالهم ،وان تبني شوارع ومتاجر وجامعات يمنع فيها اختلاط الجنسين وكأن المرأة نشاز في عرفهم( ولم لا مادامت المرأة هي التي أغوت آدم المسكين ورمته إلى قعر الرذيلة !!) .. وتلك بيوت فقراء السعودية المعدمين المقهورين المبنية من الصفيح وجريد النخيل والتي تفتقر إلى ابسط حقوق الإنسان.. هؤلاء السعوديين المنبوذين من قبل السلطة البوليسية السعودية التي لا تعير لهم اهتماما" وسط بهرجة قصور وجواري آل سعود الذين بنوا مجدهم على العمالة و اللصوصية والتذلل أمام الانكليز لقتل أبناء بلدهم والسيطرة على البلاد.
آل سعود الذين تاجروا بالرقيق الأبيض ، تلك هي التقارير في الجرائد الحرة ..آل سعود الذين غسلوا عورات الأجنبي بالتالي يغسلون الكعبة ، يا له من دين رخيص ، يا لها من دولة حامية للدين حين تسترخص الإنسان السعودي الشريف و تسترخص المرأة بأبشع الصور !!!

ويا أسبانيا الملكية التي احتضنت حوار الأديان : اسبانيا (فرانكو) الذي اغتال ( فدريكو غارسيا لوركا - شاعر اسبانيا الحر ) و ذبح أحرار العالم في جيشهم الاممي ضد الدكتاتورية والتسلط ، هاهو قزم فرانكو اليوم يقوم بتقريب الأديان وتحاورها على جثث أحرار العالم من الجيش الاممي ومن أبناء مدينة (جيرنيكا) التي خلدها بيكاسو بلوحته و مازالت معروضة في ساحة مقر الأمم المتحدة تتلامع أمامها عدسات المصورين في اللقاءات الصحفية ، ألا يستحي ملك اسبانيا أن تعرض جرائم عائلته يوميا متمثلة بتلك اللوحة وبالتالي يجمع أولياء الأديان ذوي اللحى النافرة المليئة تبغا" وفتات ولائم حواراتهم ليعلمنا المحبة والتسامح ؟ أية مهزلة هذه..

أقولها بأعلى صوتي وأطالب مثقفي العالم وأحراره بضم صوتهم معي أن لا حوار مع الأديان بل لتعرية الأديان وإظهار مسوخها المتخفية بجلابيبها لاجتثاثها من








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لك جزيل الشكر
فاتن واصل ( 2009 / 9 / 5 - 12:11 )
لا يسعنى إلا أن أتقدم لك بكل الشكر والتقدير على مقالك الرائع وسلسلة المقالات التى سبقته لما فيها من تسلسل وتحليل منطقى كاشفا بهذا التحليل حجم الخديعة الكبرى التى وقع فيها الانسان ولازال من جراء الأديان .. وعدم وعيه بحقيقة أن الانسان هو الذى إخترع الإله وليس العكس .. يستطيبون تصديق أساطير وحواديت قبل النوم بدلا من إعمال العقل والتعمق بالدراسة والفهم يقتنعون بملك على يمين الانسان ويساره كل منهم ممسكا بسجل يدون فيه الأخطاء والحسنات والسيئات .. يؤمنون بعذاب القبر إيمانا لو دل على شئ يدل على أنهم قد خاضوا تجربة الموت من قبل وعلى يقين من حدوث مثل هذه الخرافات .. ينكر كل منهم علمه ويقبل بأن يعيش مزدوج الشخصية يدرس شئ ويصدق شئ آخر .. منتهى الانفصام وفى النهاية يعتلى المشايخ المنابر مدعين أن العلم والدين لا ينفصلان فعلا منتهى النصب والاحتيال ولكن .. العيب على المتلقى وليس عيبا على المرسل .. فى النهاية أستاذنا الفاضل أشكرك من صميم قلبى وانتظر مقالك القادم


2 - تحياتي
شامل عبد العزيز ( 2009 / 9 / 5 - 12:49 )
منذ زمن وانا اتابع ما تكتبه بالرغم من انك مقل فعلاً سيدي وكما جاء في تعليق السيدة فاتن العيب على المتلقي او كما قال الدكتور حجي ليس المشكلة في الدعاة المشكلة في من يصدق هؤلاء تحياتي لك سيدي الفاضل واتمنى لك المزيد


3 - من أول مرة
رعد الحافظ ( 2009 / 9 / 5 - 15:08 )
من أول مرة أقرأ لك ..أشعر بقربي منك ومن أفكارك الرائعة العقلانية
كنت أنا أدعو لعزل الأسلام لأنه آذى أبناء جلدتي ولم يرحمهم
والآن بدعوتك لعزل كل الأديان ,أجد نفسي قريباً جداً ومؤيداً لك بلا حدود
ومادمت , فتحت لنا ثغرة جديدة في جدار الدين بعد إسقاط حجر آخر قديم
لذلك سأتشجع لأكتب مقالة قريباً عن نبذ حتى الزي الأسلامي البائس إبتدأً بالحجاب والنقاب وإنتهاءاً بالدشداشة والغطرة والشروال والعباءة وخصوصاً العمائم بألوانها المختلفة ...وصولاً الى الزبيبة المصطنعة الغبية
سأطارد الزي الأسلامي قليلاً , وأفضحه حتى لو أزعجت روائحه الكريهه بعض الناس..فأنا أشعر حتى الزي مهم جداً في نهضة البشر
بهذه الملابس البائسة في مجتمعاتنا وبمناظرهم الكريهه لن نقوى حتى على التفكير السليم ..أنا أعرف ناس كثيرين يصابون بالبؤس والغثيان عند رؤيتهم
مناظر المشايخ ولبسهم وكلامهم العقيم ومكبرات الصوت الحقيرة التي تنعق ليل نهار بلا أدنى ذوق وتدمر مسامع الاطفال منذ حداثتهم وتقتل برائتهم
سأشكرك عمليا أخي الكاتب بتلك المقالة ولك السلام مقدماً


4 - العقل إله العالم
الحكيم البابلي ( 2009 / 9 / 5 - 20:56 )
السيد جمان حلاوي
مسرور جداً بقراءة مقالك ( القمجي ) هذا ، وهم بحاجة ماسة له ..صدقني
يختصر بعض الشعراء الكثير من الكلام في أبيات قليلة ، وهذه هي حلاوة الشعر وبلاغته ، يقول المعري
هَفَتْ الحنيفةُ والنصارى ما أهتدت *** ويهودُ حارَتْ والمجوس مُضلَلةْ
أثنان أهلُ الأرض ، ذو عقلٍ بلا *** دينٍ ، وآخر دينٌ لا عقل لهْ
كذلك يقول
ولا تحسب مقال الرسل حقاً *** ولكن قولُ زور سطروهْ
وكانَ الناس في عيشٍ رغيدٍ *** فجاءوا بالمحال فكدروهْ
أن النبي الجديد هو ( عقل الأنسان ) وسيكون بحق ..آخر الأنبياء ، لا أكذبهم
تحياتي

اخر الافلام

.. -من غزة| -أبيع غذاء الروح


.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز




.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل