الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن اللادينية في العراق ...

فرات مهدي الحلي

2009 / 9 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1

استمعتُ مرة من خلال تلفزيون البغدادية الى حسن العلوي في حوار نجومي قاصف للمجلس الاعلى و قادته الذين عاثوا بالكرادة كبتا و عنفا و ترهيبا واختصابا لدورها فضلا عن المؤسسات العراقية القائمة هناك كان اخرها مصرف الزوية الكائن في مدخل الكرداة من الجهه الغربية , و كما هو معروف لدى عامة العراقيين ان اهالي الكرادة الكرام اناس ذو بحوبحة معيشية و ثقافة تكفي ان تجعل منهم اناس يبحثون عن الافتخار بانسابهم و احسابهم البغدادية , و لا انسى لهم رقة المعشر و الطيبة التي تتطغى على معاملاتهم و سلوكهم .

العلوي الذي يراوح - في كل مرة - بين الشيعة و السنة و الشيوعية و القومية بداعي الوقوف مع الحق و بأسلوب مقنع للبسطاء و الجاهلين بحقيقة العلاقة بين الهواشم و العراقيين , فالعلولي الذي يترحم على صدام حسين مرة و يذكر جرائم صدام مرة اخرى و يمدح اهالي الاعظمية مرة و يعيب عليهم مرة و هو يعالج في كل مرة ذكرى اخيه هادي العلوي الذي لا يقل عنه تخبطا, على يقين تام بأن الكثير من اهالي بغداد عامة و الكرادة خاصة سيفرحون حين يتجاسر احد من على شاشة التلفزيون على عبد العزيز الحكيم, وهو في نفس الوقت يريد ان يكون قريب من الجميع و حيادي في التشتيم و التعظيم لهذا او ذاك , اقول ان اولاد العلوي المعمم – وان كانا قد ارتديا البنطلون و القميص – قد نشئا بالطريقة المعروفة في العوائل المتدينة في العراق التي تريد ان يكون فلان ابن فلان في الموقع الفلاني و على الصورة التي رسمت لهم من جدهم المكي العربي و الخارجيين عن الطريقة لا يذكر لهم شيء .

عاب العلوي على الحكيم بانه ليس من اهالي الكرادة الاصليين و ان محسن الحكيم - على حد قوله - ليس كراديا و ليس بغداديا بالمرة , انفعل العلوي في نهاية اللقاء و رمى القلم الذي كان يلوح به بوجهه المحاور , و لا اعجب من مثل هذا الفعل , فالعلوي سبق وان قال كلمة حق مفادها ان بغداد لم يحكمها بغداديا منذ ان فجر الاسلام و ان العراق لم يحكمه عراقيا اصليا منذ ذاك التاريخ , و اضيف له ان اهل العراق ذو الاصول السومرية و البابلية و الاشورية و الصابئة و غيرهم صاروا منذ ذاك التاريخ عبيدا في قصورهم التي سلبت ابان الفتوح و الغزوات الاسلامية , فلا ينكر احد ان في العراق ابان ظهور الاسلام كان فيه قصرا مثل قصر الخورنق في الوقت الذي كان يعيش قادة الاسلام في بيوت من الطين و ربما خيم !! فالفرق بين العراقي المتصل بكل حضارات العالم و بين الذي يرعى الغنم في شعب ابي طالب كبير جدا و هو نفس الفرق بين عقيدة القتل و الترهيب و بين مسلة حمورابي و مكتبة اشوربانيبال و اسد بابل و القيثارة و الزقورة و جلجامش .

2

حضارة أوروك التي صارت علكة يلوك بها المتدينون الذين لا يترددون ان يسيئون لها - بعد كل مدحهم فيها - تلك الحضارة التي صارت تزين متاحف العالم المتحضر اليوم في باريس و لندن حيث خصصت في تلك المتاحف الشهيرة الاقسام و القاعات الكبير ليقصدها كل العاشقين للانسانية و الحضارة ليتأملوا ما رسم العراق و ابنائه الفلاحين في شتى الحقب البعيدة , فلا ينكر احد ان العراقيين هم مهندسو الحياة الكريمة و اول من مسك القلم و خط به حروفا من نور اضائت الانسانية و رغم كل ما قلت فيها و اقول يأتي البدو من دعاة "الدين الجديد" وغيرهم ليقولوا في اسد بابل شيئا من الخرافات التي تخرج عن العقل و المنطق بل انها تخرج حتى عن كل الخرافات الدينية من ابراهيم حتى الباب الكبير , و لا يغيب على القارئ مقولات الغزات المسلمين في اهل العراق سبا و شتما و تشهيرا , و لا اريد ان استشهد بمقولة من تلك المقولات فسلاطة لسان المشايخ اولى بذلك فطالما سمعنا عن استياء الخلفاء الراشدين و غير الرشدين و الائمة المعصومين و غير المعصومين او التابعين من اهل العراق , فالعراق و اهله على اراء هؤلاء بلد الغدر و الشقاق و النفاق و اهله مجموعة من الرعاع و هذا الشيء صار ارثا اسلاميا مسجوعا لا يكاد شيخ او سيد - في أي بلد اسلامي - يخطب خطبة في العراق الا يقوله على العلن و يؤكد تلك المقولات بالحجج و البراهين الزائفة و العارية عن المنطق و وفق اساليب التشويه و التزيف التي يمتلكونها بحكم التربية على المناهج و الخطط التي كفلتها لهم طبيعة نشأتهم و تربيتهم منذ نعومة اظافرهم على ما ورثوه عن سلفهم الصالح و سنة نبيهم و ال بيته اصحابه !! , فلا يُنجب الشيخ الا شيخا يسير على نهج ابيه يدرس في الحوزة - او أي مدرسة دينية اخرى - لصبح شيخا يقبل يده – مع الاسف – الطبيب و المهندس و الطيار من الاكاديميين فقد كتب في هويتنا منذ يومنا الاول "مسلم" او "مسيحي" او "يهودي" مع اننا لم نكن نفهم من الاسلام او المسيحية او اليهودية شيئا و لم نحدد موقفنا من الدين الذي اعتنقناه بالوراثة ! بل اننا لا نعرف لما اختير اسمنا ليصبح " احمدا او محمدا او هاديا او عليا او عمرا او حنا او كوركيس او متي او عمانوئيل او لوقا او يحيى " و المصيبة اننا ننشأ في بيوت تقدس المقولات التي نشتم فيها كعراقيين و قبلناها بداعي صواب الاسلام او الدين الفلاني , و لا يتجرأ احد بان يخالف هذه المقولات – حتى بعد بيان زيفها و بطلان حجج مدعيها - خوفا من السلطات و الحاكمين , كما لا يتجرأ احد من العلمانيين برفع دعوة قضائية في المحاكم العراقية لتغير فقرة الدين او العقيدة في هوية الاحوال المدنية الى العلمانية بدلا من الدين الموروث مادام صاحبنا قد بات علمانيا و ليس مسلما او مسيحيا او يهوديا او صابئيا او يزيديا ولو نظرنا على حاكمنا اليوم نراهم يفتخرون بهاشميتهم و مكيتهم و بداوتهم على عراقيتهم و الوطن الجديد الذي صاروا يحملون جنسيته الذي طالما سرق اجدادهم خيراته و اثاره و شردوها كحال العراقيين الاصليين الى اقساع العالم , و رغم انحيزنا للوطن و الفقراء و انحيازهم للنسب و انحيازنا للعقل و انحيازهم للدين و المذهب لا نرى من يعاقب من يتعامل بطائفية و عنصرية في عراقنا الجديد ! بل نرى ان الطائفية تتعمق يوما بعد يوم و يقتل المئات في اتون صراعها و اقتتال مشرعيها .

3

ان حكامنا اليوم يفضلون جنسيتهم الحديثة "الامريكية" او الاوربية" او حتى الايرانية و الامارتية على الجنسية العراقية , فهم غير مرتبطين عاطفيا بهذه الارض التي ربت على ارضها كل شجرة طيبة و كل فقير مناضل في عمله من اجل كرامته و كرامة عائلته , ولا ادعي انا و ملايين من العراقيين عربا و اكرادا ان جدنا الاول حمورابي شخصيا لكنا نعتز بكل مخلص مر بارض العراق و حرص على مصالح شعبه و سلامتهم , و لا نهتم بالماضي اكثر من اهتمامنا بواقعنا و مستقبلنا المجهول وسط الرجعية الدينية التي تحكمنا اليوم , بل ان كثيرا من العراقيين لا يهتمون بما هو بعد الاسم الثلاثي او الرباعي و بما قضت طبيعة الارتبطات بالوظيفة و العمل و الدراسة , لكن هؤلاء العراقيين يقضون حياتهم بين خوفيين الاول هو من الحاكم الهاشمي سلييل النسب و الحسب و بين الخوف على مستقبلهم و مستقبل اهليهم وسط صراع الهاشميين فيما بينهم على الحكم في العراق و لا بأس ان يخدعوا يوما بهذا او ذاك فيعطوه اصواتهم بحكم ما نشئوا عليه من عرف حمل لهم بالوراثة الاسم و الدين و المذهب و العشيرة و جعل منهم اتباعا لاقوال الملالي و حكمهم الجوفاء و اخلاقهم الشحيحة و الحريصة على امتلاك ما هو ليس ملكا لهم .

و رغم ان حرية العقيدة مكفولة وفقا للدستور الذي اقره حكامنا الجدد , الا اننا لا نرى فيه الا حرية للطائفية و الجهل و الامعان في الرجعية فمن بين ما يقر دستورنا المقدس ان حرية الشعائر الدينية مكفولة للجميع المواطنيين و من بينها الشعائر الحسينية , و كأن دستورنا قد كتب لفرق الاسلاميين فقط , ولكن اللادينية العراقية ( شوعية و علمانية و شوعية عمالية ) غير مشمولة في حرية العقيدة و الانتماء و التعبير عن فكرها و تطلعاتها , فكم يحتاج أيه حركة لادينية في العراق من الاحتياطات الامنية و التكتم لاجراء حفل بسيط , و هذا ما شهدناه في بغداد في حفل ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في العام الماضي , رغم ان الحزب الشيوعي العراقي لا يتردد ابدا في مجاملة الاسلاميين بالمناسبات و الاحتفالات الاسلامية في محاولة لشراء صكوك الغفران من الحكيم و الهاشمي و المالكي و غيرهم .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصويب
فرات ( 2009 / 9 / 7 - 19:14 )
الخطأ 1 السطر الثاني : اختصابا , الصواب : اغتصابا


2 - دين أم طاعون
ملحد عربي ( 2012 / 3 / 18 - 17:54 )
التفكير في الموضوع يغيظني كثيراً, ما هذا الدين الذي يحول كل بلد ينزل فيه إلى خراب؟ ثم من هو علي لكي يقول علينا اهل الشقاق و النفاق؟ لم لا يعود إلى صحرائه القاحلة و يرعى الغنم هناك بين أهله من ناكحي الأغنام؟

اخر الافلام

.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف


.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي




.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة