الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطن بلا عصافير

سهام فوزي

2009 / 9 / 9
الادب والفن


في مدينة بعيده ولا يزورها غرباء ،كان سكان المدينة يتفنون في اصطياد العصافير التي تمر بسماء المدينة وحبسها في اقفاص حديديه بجوار نوافذ بيوت المدينة ،كان السكان يتفاخرون بقدرتهم علي اصطياد اكبر عدد من تلك العصافير وبانهم يقدمون لها افضل الحبوب واغلي الأقفاص وبذلك فان العصافير في مدينتهم اسعد من عصافير العالم اجمع ولم ينتبه سكان المدينة الي ان العصافير في مدينتهم خرساء لا تغرد فهم لم يخرجوا من مدينتهم ولم يروا سوي العصافير التي يمتلكونها في بيوتهم
وفي صباح احد الأيام استيقظ السكان علي صوت عذب وتغريد طير يملا القلب بالفرحة والسرور ،فاستغربوا من اين جاء هذا العصفور ولماذا هو مختلف عن الآخرين ولذلك اجتمعوا ليقرروا حقيقة هذا العصفور وكيفية التعامل معه ،واستغرق نقاشهم ساعات عديده قبل ان ياتي شيخ طاعن يسكن في اطراف المدينة واخبرهم بان هذا العصفور هو عصفور ولد داخل بيته ولكن الشيخ قرر ان يطلقه ويدعه يسكن الطبيعه كي يري الفرق بين العصافير التي عرفوها والعصافير التي تعيش في الفضاء
ارتاح سكان المدينة لهذا التبرير واطمئن بالهم ان هذا العصفور ليس عصفور غريب وبالتالي لا خوف منه ان يكون حاملا لامراض تفسد عليهم عصافيرهم وتجعلها تسقط صريعة المرض ولهذا تركوه وكل واحد منهم يحلم بامتلاك هذا العصفور المغرد حتي يستاثر وحده بهذا الصوت العذب ،لكن العصفور الذكي الذي ذاق طعم حياة الاقفاص وحياة السموات الرحبة كان يخطط لامر اخر ،كان يخطط لثورة يكون قائدها ،ثورة تجعل اخوانه العصافير يتمتعون بذات الحرية التي يتمتع هو بها حتي تمتلا المدينة تغريدا والحانا جميلة ،كان يحلم بثورة تجعل الاجيال الجديده من العصافير لا تختبر فترة الاسر والحبس في الاقفاص
وبهدوء بدا العصفور ينطلق من الصباح الباكر كي يمر علي بيوت المدينة بيتا بيتا ،ويستعرض حريته امام غيره من الطيور ويغرد امامهم ويخاطبهم بلغة مجهولة لا يعرفها سواهم وشيئا فشيئا بدات العصافير الحبيسة تنتبه لحالها وتقارنه بحال العصفور الحبيس وتتساءل ما طعم الحرية وتصبو نفسها لكي تكون مثل هذا الطائر المحلق في السماء، وشيئا فشيئا بدا السكان ينتبهون بان هناك امر جديد قد اصاب عصافيرهم فلقد هزلت تلك العصافير وفقدت شهيتها للاكل او اللعب داخل اقفاصها ،كما ان العصافير الكبيرة باتت لا تهتم لحال صغارها نتيجة للحزن الساكن في اعماقها وهذا ما استدعي اجتماعا جديدا من السكان في محاولة لانقاذ عصافيرهم التي تزين بيوتهم ،وغرقوا من جديد في نقاش مطول خرجوا منه بنتيجة واحده ان العصفور الجديد هو السبب في ما آل اليه حال طيورهم ولذلك يجب القضاء عليه إما بقتله أو باصطياده وحبسه في قفص كغيره من العصافير ووضعت الخطط والخطط البديلة لاصطياد العصفور وتم الإتفاق علي بدء التنفيذ الفوري وبدا السكان في محاولة اصياد العصفور الطليق .
سمعت العصافير الحبيسة بخطة سكان المدينة وقرروا دونما اتفاق مسبق ان ينبهوا العصفور الطليق لما يخطط له ،ولا ول مرة سمع السكان تغريد العصافير ينطلق من بيوتهم وعلي الرغم من انه كان تغريدا حزينا يدمي القلب والروح الا ان السكان لم يتاثروا به واستمروا في تنفيذ مخططهم ولكن التغريد الحزين كان كافيا لينبه العصفور لما يحاك له فبدا العصفور ياخذ حذره ويطير علي ارتفاعات شاهقه ويزور اصدقائه ليلا او في الفجر مما اثار السكان عليه فقرروا ان يحرموه من الطعام ووضعوا الحراس في الحقول والبيادر واستطاعوا ان يمنعوا الطعام عن العصفور الصغير ومع ذلك بقي العصفور يطير ويقبل العيش علي الفتات علي ان يقبل بالاسر حتي وان كان في اقفاص ذهبيه ،وغضب السكان مجددا فصمود العصفور الهب الحماسة في نفوس العصافير الاخري وزاد من ثورتهم فبدؤا يضربون اقفاصهم باجنحتهم وهو ما يحدث لاول مرة وقرر السكان ان يقصوا اجنحة عصافيرهم خوفا من ان تتمكن من الهرب ،كما قرروا ان يمنعوا العصفور من الوصول الي الماء ولذلك وضع الحرس علي مصادر المياه في المدينة حتي لا يستطيع العصفور ان يشرب خاصة وانه لا يستطيع بسبب منع الطعام عنه ان يطير الي اماكن ابعد من مدينته ،كما وضع السكان الحراس علي نوافذ وشرفات المدينة وزودوهم بالسلاح خوفا من الحوار اليومي بين عصافيرهم والعصفور الطليق وبقي الوضع هكذا لمدة اسبوع لم يحتمل بعدها العصفور الحرمان اكثر من الطعام والشراب وشعر بان الموت ات لا شك فيه فطار الي وسط المدينة حيث يمكن ان تراه كل العصافير الحبيسة وهناك هوي من اعلي ليسقط ميتا .
بعد موت العصفور شعر السكان بالراحة وتجمعوا في وسط المدينة للاحتفال وغاب عنهم ان يراقبوا طيورهم التي تمكن بعضها علي الرغم من قصر جناحيه ان يطير هاربا وتاركا المدينة بغير رجعة ،بينما امتنعت العصافير الباقية في الاسر عن الطعام والشراب فماتت في اقفاصها وبقيت المدينة وطن بلا عصافير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت اجمل عصفورة
علاء اوسو ( 2009 / 9 / 10 - 15:31 )
قصة رائعة واسلوب اروع نعم ايتها الاخت فكل الاصوات الجميلة والافكار الجمبلة وكل الاشياء الجميلة حتى الوجوه الجميلة واللوحات الجميلة في واقع قبيح هي سجينة قفص القبح والكره لاننا يشر لا نستطيع تذوق الجمال ونحارب المتعة ونقطع راس الموهبة ونلقيه في سجل شهداء الموهبة وحب الحياة وكل ذلك ليبقى التراث حيا فينا ليبقى الواقع منفعة للقديم وباي اسلوب حياتي كان وبموت كل تلك العصافير الجميلة سنعيد الحضارة التي كنا نفتخر بها ايام الرسول ربما بها نواجه الانترنت وحضارات الاخرين باذن الله تعالى واخيرا تقبلي مروري وتحياتي



2 - اشكرك
سهام فوزي ( 2009 / 9 / 10 - 17:45 )
اشكرك استاذ علاء علي مرورك وتعليقك وبانتظار مرورك وتعليقاتك الدائمة
مغ خالص شكري وتقديري

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي