الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشقيري في الحمّامات

محمد أبوعبيد

2009 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعله لم يكن يأتي على الخاطر مثل "الخواطر" التي يقدمها الشاب أحمد الشقيري من اليابان على قناة" إم بي سي" ، نظراً لكونها ذات نكهة دينية ،لكنها جاءت على خلاف التقليد المتبع في البرامج والعظات الدينية المستنسخة عن بعضها البعض، لدرجة أن كل قناة فضائية، حتى الغنائية منها، تخصص برنامجاً دينياً على طول شهر رمضان المبارك ، ومنها ما يواصل بث مثل هذه البرامج بعد انقضاء رمضان.


"خواطر" الشقيري هي في الواقع نقلة مثل سابقاتها الشقيرية في أشهر رمضان ،وذلك لعدة سمات ،منها الطريقة التي يطل بها على المشاهد، والكيفية التي يتحدث بها والتي تبين بلا أدنى ريب، أن البرامج الدينية لم تعد حكراً على رجال الدين بالصورة النمطية التي اعتدناها، ولم تعد تحمل المحتوى النمطى ذاته، ولا الحديث فقط عن تاريخ المسلمين وما يميز هذه الأمة وعن إنجازاتها قبل قرون خلت.
إنه لمن النافع جداً الانتقال من طور الحديث عن الماضي إلى الحاضر تهيئة للمستقبل ،مثل ما يقدمه"خواطر" عن نظام الحياة في اليابان وتطور هذا البلد، وهو التطور الذي لامس حتى الحمامات العامة هناك ، ومقارنتها بما عندنا ونحن أمة "الطهارة". فهناك تشعر ما هو مكنون ومضمون التكنولوجيا التي تُطبّق حتى في الحمامات من أجل راحة مستخدميها، بينما حماماتنا هي لمجرد قضاء الحاجة، وينقصها عشرون حاجة. من هذا المنطلق يشعر المرء بقيمة ما يقدَم للإنسان من خدمات وكل ما فيه راحته، والنتيجة أن يشعر المرء بقيمة الإنسان المنتِج والمستهِلك في آن واحد، ولعل هذا ما ظهر لنا في "خواطر" من خلال لقطة قيام تلاميذ المدارس بتنظيف قاعات الدراسة ،من دون الاعتماد فقط على عاملي النظافة، فأبسط الدروس المستقاة من هذا النهج، هو أن المدارس مثل البيوت وليست مجرد جدران ومقاعد يحصل فيها التلميذ على علامة فحسْب.
الاستشكال الحاصل عندنا يكمن في اعتقاد الكثير منّا أن أي إعجاب ببعض سلوكيات ومناهج أو نظام الآخرين يعني التنكر لقيمنا وتقاليدنا أو التقليل من سماحة ديننا، لذلك وجدنا أنفسنا وراء من سبقونا في عالم الحياة العصرية التي لم تبق التكنولوجيا أيا من مساماتها إلا وقد تغلغلت فيها، وبقينا، نحن، نستنكر طبيعة حياتهم ونهاجمهم في سرائهم وضرائهم، ونتباهى بما لدينا وإذْ بنا نستورد فرشاة الأسنان، وإبرة الخياطة وقلم الرصاص والممحاة، ونفخر باقتناء فخر الصناعات غير العربية. وكان ما أحوجنا للتعلم ممن سبقنا، مثلما من سبقنا تعلم من ماضينا ونقل عِلْمنا وقرأ مؤلفاتنا.
كأنّ بيوت الجهل لنا تُبنى... أقفلنا أبواب العِلم ونِمنا... وتَحَدثنا... وتباهيْنا... وقُلنا...إنّ لنا في العِلم وفي ثورتِه سبباً...عجباً ما كُنّا...عجباً ما صرْنا... فإذا عُرفَتْ أسبابٌ أبطَلت العَجَبا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah