الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاماً يا أم سلام!

فيصل لعيبي صاحي

2009 / 9 / 9
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في أربعينية الراحلة سهام علوان حسين

سلاماً ياأختنا الجميلة، ولعنة على المفارقات والظروف التي لم تجعلنا نتواصل معكم، هل ألوم العزيز ياسين أم ألوم نفسي؟
إذن ها أنت في طريقك الى الوطن طيفاً عزيزاً وألوان من المحبة والكفاح في سبيل الناس، سيستقبلك المحبون من كادحي شعبنا لأنهم يعرفون فيك إمتحان الإرادة والثبات على المبدأ ، حتى وإن إختلفت أحياناً مع " بيت المعازيب " .
ستبقى تتردد ذبذبات صوتك في بلاد الشمال كما هي في بغداد، ستعبر أسراب العصافير تلك السهوب حاملةً هموم الغرباء وعذابات المنافي ومواسم الحزن النبيل.
عرفتك كريمة النفس مع زوجك الجميل خليل ياسين ( أبو سلام ) وكم قضينا من الأوقات الحلوة وأنت تتكلمين عن المشاريع والجهود المضنية التي تبذلينها في هذا المنفى ليظهر اسم العراق الحقيقي، العراق الملون والممتلىء خصوبة وعافية في وجوه مبدعيه ونتاجاتهم.
قبل أكثر من عشرة سنوات حطت قدماي الدانمارك بدعوة كريمة من اخ كريم لإقامة معرض لأعمالي في المركز الثقافي( نورآليه) الذي يديره مع طاقمه الدانماركي العزيز( أبو سلام ).
كانت تلك الرحلة مناسبة جميلة لي فقد غمرتني عائلة أبو سلام وأهل الراحلة أم سلام بالكرم العراقي النادر المثال،حماس ونقاشات ورد وبدل وقتها كانت هناك فجوة بين رفاق الحزب وعائلة الفقيدة، والكلمات الملتاعة عن هذه اللحظات لا تُفْهَمْ إلا كونها عتب محبين، ، حاولت تقريب المسافة ففشلت بسبب عناد - عراقي- من نوع خاص مثل عناد الأبن عندما لايريد أن يرى إباه مع انه يتحرق شوقاً لعناقه، لم أضع اللوم على عائلة الفقيدة ، لأني أؤمن بأن الشجرة تستطيع تحمل بعض تصرفات عصافيرها ولهذا عاتبت العزيز
( أبونهران) وقتها معتقداً أنه كادر متقدم، تالي طلع مثلي، كلشي ما كو ومابيده شي، بس صوت وصورة .
أفتتح المعرض وكان جمهور العراقيين مضيئاً ويشع ألقاً ودفأ ُ وضجة الأصدقاء الذين لم التقيهم من سنوات تملاْ المكان ، وفي المعرض عانقت أخي علي ( أبو عقيل ) معلمي الأول في الرسم بعد فراق دام أكثر من ربع قرن وتعرفت على أولاده الذين تركتهم يحبون على أربع ، وكان الفنان طالب غالي ( أبو لنا ) الشفاف يفوح محبة بعد فراق طويل أيضاً ، الفنان المتألق كوكب حمزة الذي كمرك له لوحة من المعرض مباشرة مهدداً ومحلفني بالبصرة الفيحاء بالقول :" رب ال... قضيت عمري بالبصرة ما تكلّي شحصلت ؟ " (أبو سلام )المشغول والفاضي معاً مثل أم العروس ، باقات الورد وابتسامات الناس وحديثهم عن الأعمال، كاظم صالح – الولد الشقي – في مجلتي ، يظهر فجأة أمامي من قنديل علاء الدين ويحدثني عن( نبهان) وما جرى له من هوان ، بعد الرحيل.
قدمني وقتها في الندوة التي نظمها الصديق ( أبو سلام) عن المعرض في (مركز نورآليه ) الثقافي، الفنان الكبير هادي الصقر أستاذي دون معرفته، حيث كنت أتابع اعماله التي كان يرسلها من سجنه الى معارض الرسم السنوية في البصرة ، وكم شدتني تلك المواضيع التي كان يتناولها هذا الفنان المبدع والمجهول من أكثرية فناني العراق الحاليين ، وكنت اتمنى أن أقدمه انا شخصياً بدلاً من تقديمه لي.
الراحل أبو سعيد، بقفشاته ولمزاته التي تفوق حد المزاح الى" النغ " والخبث الرفاقي،مما يجعل البعض يدير وجهه الى الجهة الأخرى وكأنه لم يسمع شيئاً!!






كانت سهرتنا في بيت الفنان طالب غالي وزوجته الكريمة ( أم لنا )، من أجمل السهرات، لكننا وكالعادة " لصناها تالي وكت " بسبب أبنة العنب وكان بطل الفلم كالعادة هو الحزب الشيوعي،" وهي باط وهي بيط "، ولم نخرج من السهرة إلا والحزب منفوش ريشه بالكامل
- أبيتنه ونلعب بيه شلهه غرض بنه الناس – طبعا ، كان النقد مبني على إعتقاد الجميع بضرورة أن يلعب الحزب دوراً اكبر مما يلعبه آنذاك ولا تزال هذه الملاحظة تملك حيويتها مثل سائرتقارير لجان الحزب المركزية !!!
بعد يومين وعلى عادة العراقيين وكرمهم المشهود توقف موكبنا ليلاً للسهر عند الرفيق( أبو نهران )، توسلت وقتها بالعزيز( أبو سلام ) راجياً حضوره معنا ، لكنه عاند – عراقي - ياموعد هاي فرصة وخلينه نصفي القلوب لأن " العدو الطبقي متربص بنا " ، لم تنفع معه كل جنجلوتيات بيانات المكتب السياسي التي كانوا يحفّظونها لنا على اساس تثقيف جماعي، كما لم تنفع معه كراريس لينين إبتداءاً من ( ما العمل ) حتى ( خطوة للأمام خطوتان للوراء ) ، أبد ، لا ولن ولم ولا يمكن ، آخر شي قلت مع روحي : هسه انت جاي تسوي معرض لو حلاّل مشاكل شلّك بهالطلابة ؟ شسوي عفته، وما أن دخلنا البيت إلا والمائدة المستديرة على آخر طراز وفرسانها يحيطونها كإحاطة السوار بالمعصم – عراقيين وعرق وأنت كول - ، وكان أبو فلح سيد الموقف، وينتظر إرتخاء الأعصاب فلمّا دبّ دبيبها ، استلمنا أبو فلح وأخذ دور المسؤول من صدق وخرب علينه الكعدة ، ولو هي طولت للصبح ! وقبل خروجي على عادتي الطايح حظهه والتي أجبرتني عليها ظروف الزواج ،غسلت كل آثار الدمار الشامل الذي حدث ليلة امس ونشفت الصحون والأقداح وكل ما له علاقة بالمزّة والجاجيك وتركت البيت بخفي حنين.
كانت أيامي في بيت الصديق العزيز( أبو سلام )، مليئة بالدولمة والكباب العراقي العريق، ناهيك عن العروق والبامية والبرياني الذي ذكّرني بالبصرة والمطعم الهندي فيها والذي أحمل عنه قصة لو كُتِبَتْ على العيون بالأبر لأصبحت عبرة لمن أعتبر .
أخر الليالي كانت في النادي العراقي الذي إستضافني وأكرمني خير إكرام وكانت ليلة ليلاء، اكتشفت نفسي فيها مطرباً ولم أعلم من قبل ، فقلت : سبحان الذي علّم الإنسان ما لم يعلم !! غنيت وقتها مقطعاً من أغنية ( جددت حبك ليه ) لأم كلثوم- وكان أخي الفنان عبد الإله يرمقني بمحبة لا توصف، غنيت وقتها بدون عزف مصاحب - لأني أخربط عندها وتصير كيويليات مضبوطة – وعند نزولي المسرح وجدت نفسي بين جمع من المحبين والأصدقاء وكم كان الجو مليئاً بالحبور والقفشات والنكات والمقالب الأخوية ... الله متى نعود الى عراقيتنا ونروي من عرقنا العراقي العريق العروق ؟؟؟
يعود الفضل في هذا المقال وتلك الأيام وما دار فيها الى البيت الكريم الذي ضمني وقتها وغمرني بالمحبة والكرم والإخاء، بيت أم سلام وأبو سلام.
كانت هذه الزيارة آخر عهد لي بلقاء الفنان الحسّاس الراحل كمال السّيد وربما تكون الصورة التي ألتقطها لنا الأخ الفنان المسرحي محمد زلال آخر صورة لكمال السيد مع صديق.
لكِ الذكر الطيّب عزيزتنا وفقيدتنا سهام ولك الصبر والذكريات المفعمة بالحب والتفاني في سبيل الناس عزيزنا خليل ياسين .
رفيقك فيصل لعيبي
لندن في 30 تمّوز2009









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من بينهم مشاهير في تيك توك.. عصابة -اغتصاب الأطفال- في لبنان


.. كل الزوايا - سارة حازم: الرئيس السيسي أكد على دعم المرأة الم




.. المشاكل الأيكولوجية والحلول بوجهة نظر علم المرأة فيديو معدل


.. رئيسة الجمعية الدكتورة منجية اللبان




.. ملكة جمال القاهرة.. وسموها جوليت المسرح.. أسرار عن حياة -زين