الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملامح الحقيقية للفكر الديني

جمان حلاّوي

2009 / 9 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ظهر الدين كضرورة إيديولوجية لأغناء حقبة الإقطاع واستجابة لحاجتها لاستعباد الإنسان وشرعنه الرق ..
والرق ظاهرة جاءت حتمية مع اكتشاف الزراعة وبداية استغلال الأرض لإخراج متطلبات الحياة والبقاء من المحاصيل، وكان لابد من وجود أيدي عاملة تقوم بهذا المجهود.
وبتوسع أساليب الزراعة والري وما يتضمنها من حراثة وقلب الأرض ونقل الماء فكان لابد من توفر أيدي عاملة كثيرة تم جمعها عن طريق استغلال أسرى الحروب والمداهمات والاختطاف . وبما أن الأسير والمختطف لا حقوق له كونه داخل قبيلة ثانية لا ينتمي لها بمفهوم الدم السائد أو الانتماء ألسلالي فتحول إلى كائن معلق بين الإنسان والحيوان المدجّن لذا نرى أن الزنوج المخطوفين من افريقيا والذين استعبدهم واستغلهم العباسيون في كسح السباخ واستصلاح الأراضي في القرن التاسع الميلادي كانوا ينامون في زرائب الحيوانات ولا يسمح لهم بالتزاوج الكيفي ويأكلون ما تتناوله الحيوانات بل وصل بهم التعسف بأن لا يسمحوا لهم بالتكلم كالإنسان !!. إذن فالعبد بمفهوم القبيلة البدائية هو كائن حيواني تم تدجينه ليقوم مقام الحيوانات مثل جر النير للحراثة بدل الثور أو إدارة النواعير لرفع الماء من الأنهر المنخفضة بدل الأحصنة والبغال .
وبما إن النص الديني هو نص الأسياد صمم وتمت صياغته لخدمة مصالح السلطة المتمثلة بالأب / الإله الغائب صاحب السطوة التي يمارسها أبناؤه, لذا من الطبيعي أن يكون متضمنا" شرعية الرق ولا جدال على كونه صوت الرب / الغائب العلوي الذي لا يمكنك أن تطاله ، حتى أضحى الرق سمة من سمات المجتمعات المتمدنة توا" من أصلها البدوي كالمجتمع الإسلامي الذي رآى أن الرق جاء منسجما لتطلعاته في المرحلة الجديدة ما بعد البداوة وهو بالتأكيد الاستقرار بعد الفتوحات ، واستغلال الأرض المفتوحة الممتدة شمالا" لتشمل العراق وبلاد الشام وشمال أفريقيا تلك الأراضي الخصبة التي لم يعرف مثلها ابن الصحراء , وكما في الآيات :

• وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا. (سورة النور / آية 33)
• ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ...( سورة البقرة / آية 221 )
• واعلموا أنـّما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ...( سورة الأنفال / آية 41 )

لذا فأن الدين صنيع وقته وظرفه ولابد من إيقافه في زمانه وعدم التطاول على الأزمنة التي بعده والتي حكمتها إيديولوجيات تلائم حاجاتها وتخدم مصالحها حين تحررت فيها البرجوازية الصناعية من رحم الإقطاع نفسه كطبقة ثورية وقتها ، ولتشيخ وتفقد ثوريتها باستغلال الشغيلة وسرقة جهدهم ( كما شرح ذلك بالتفصيل كارل ماركس في فائض القيمة وساعات العمل المسروقة من جهد العامل التي لا أجور عليها بل تذهب إلى جيب المستثمر وصاحب العمل الجشع) لتولد طبقة جديدة أكثر ثورية هي الطبقة العاملة ومن رحم البرجوازية نفسها ..الخ . إذن فلكل زمان طبقته الثورية التي تطالب مستغليها بالانتهاء فقد ولى زمنكم وأفكاركم وإيديولوجيتكم منتهية المفعول ..
لذا فأن الدين ظهر كايدولوجيا لحقبة الإقطاع والأرض . ولا يمكن للنص الديني الاستمرار في كل زمان ومكان .

**********
وخلاصة القول أن في زمن لم يكن فيه العقل البشري قد توصل إلى إدراك الكون المحيط ودواخل الإنسان نفسه , استغل المستغل النص الديني وصاغه لمليء هذا الفراغ ووصفه بالغضب الإلهي بسبب عدم إطاعة المستضعفين لسيدهم (الزعلان !!) عليهم , وانتهت هذه الحقبة من عدم الإدراك والغموض ، و لم يبق هناك حوار للأديان مع بعض أو مع العلمانية في نهجها العلمي الحضاري لان الأديان أساسا" قد ولى زمنها وانطوى مع حقبتها الغابرة التي اندرست وجاءت بعدها حقب وحقب تحمل مفاهيم اندرست هي الأخرى . وهكذا تعلمنا المادية التاريخية أن لا رجعة للزمن إلى الوراء أبدا" فأحداثي الزمن يسير نحو الأمام ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ( كما في فانتازيا جول فيرن الممتعة في آلة الزمن ) ، وليصمت أولياء الدين وليغطوا وجههم خجلا" أمام تقدم العالم والحضارة ونهوض التكنولوجيا التي سبرت أعماق الكون بمركباتها الفضائية وحولت العالم الشاسع إلى قرية صغيرة بتقنية الاتصالات عالية الدقة ، وتقارب الشعوب في منظماتها الإنسانية في معالجة وإنقاذ أي إنسان بحاجة إلى إنقاذ ولو كان في أقاصي الأرض كالصليب الأحمر وأطباء بلا حدود واليونيسيف والفاو والعفو الدولي وحقوق الإنسان وحقوق المرأة..الخ .
أذن أين هي الأديان من هذا كله ؟!
كفى سكوتا" ومداهنة . أقولها وعلى كل منبر أن لا ضرورة للأديان بعد , إنها عبء ثقيل وخطير ومحرض للإرهاب والشرور ويجب أن نزيلها من حياتنا ومن دساتيرنا ..
فقد تحول الدين إلى مؤسسة إرهابية لأنه بأيديولوجيته الدوغمائية الجامدة لايستطيع أن يتفاهم ويتواصل مع رحلة الإنسانية المتطورة قدما" إلى الأمام.وأقصد بذلك الدين الإسلامي حيث أن الأديان الأخرى قد انحسرت وخصوصا المسيحية بعد الثورة الصناعية وتقويض الكنيسة إضافة إلى ثورات التمرد داخل الكنيسة والتي قادها مارتن لوثر وغيرة وأصبحت الكنيسة حاليا موقعا" للنزهة أيام الآحاد لا تتدخل في الشأن الحضاري الثقافي والنهج العلمي التكنولوجي والبحث المعرفي التجريبي لكل مناحي الحياة . أما الدين اليهودي فهو أساسا دين مغلق سري لا ينح نحو التوسع والتبشير وانتهى داخل المعابد المغلقة ( وأتكلم هنا عن الدين اليهودي وليس الصهيونية العالمية ) وبقي الدين الإسلامي على قارعة الطريق ينبح وينازع نافقا" فلم ينحسر كما المسيحية كون سلطة الخليفة والحاكم الشرقي الثيوقراطي الحالي يحمل السلطتين الدينية والدنيوية لا كما المسيحية والتي يحملها البابا أما الدنيوية فهي للملك وبما إن الملك يملك القوة العسكرية والرجال لذا كان سحق الكنيسة سهلا" حين تصدت لسلطة الملك .
وبما إن الفكر الإسلامي قد يبس ولا يمكنه مجاراة التقدم الحضاري الهائل والمتسارع ، وان نصوص الكتاب الإسلامي مشبعة بالوعيد وإباحة دم من لايطيع أولياء الدين وأوصيائهم على الأرض بكل ممارساتهم (من قمع للمرأة وحجبها عن الحياة والتعلم ،والعيش على ذكرى أولياء ماتوا قبل ألف ونيف سنة والبكاء عليهم وتلطيخ الحياة سوادا" ورفع كل أساليب الحضارة عن متناول الناس ).
لذا كان إباحة دم الحضارة والتمدن ضرورة دينية وتشريعا" تؤيده نصوص القرآن من أول الغلاف إلى آخره ( ولا يمكنني كتابة نصوص القرآن المتعلقة بالموضوع في هذه المقالة كون القرآن بمجمله جاء تهديدا ووعيد لمن يفتح فمه ويناقش ما يقول الرب من فانتازيا لاعقلانية ).
وبذا أعطى الفكر الديني الصلاحية لجهلاء القوم و متطرفيه في استغلال نصوصه شرعا" في القيام بأعمالهم وكما نسمع عن بشاعتها والتي دلتنا بكل وضوح إلى أن أيام الفكر الإسلامي المتردي والأديان بالعموم إلى الزوال
جمان حلاّوي/ أميركا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل كان عدلا أن أحن الى السراب والف انثى تحت أقدامي تنام -الس
علي السعيد ( 2009 / 9 / 11 - 23:03 )
شكرا للاخ حلاوي على هذا الموضوع الذي أكل وشرب فينا نحن ابناء هذا المجتمع العربي والاسلامي ,وأود أن أضرب مثلا قريبا منا وبعد ثورة 14 تموز الوطنية , صدر قانون الاصلاح الزراعي بصياغة عقول اساتذتنا ومفكرينا , وعلى قمتهم الاستاذ الراحل ابراهيم كبة , القانون كان يهدف الى تفتيت الملكيات الزراعية الكبيرة وتقييد حركة الاقطاعيين والحد من نفوذهم سياسيا واجتماعيا وتوزيع اراضي الاصلاح الزراعي المستولى عليها للفلاحين الفقراء .وبعكس هذا الاتجاه الحضاري صدرت فتاوى من بعض المراجع الدينية تحذر الفلاحين من مغبة الاستفادة من هذا النظام بل ذهبت الى أبعد من هذا حين اولجت الدين , حين عزفت على وتر الجهل والتخلف , حين حرمت الصلاة على ارض مصادرة من الملاكين والاقطاعيين .أي إصلاح يتم من وراء هذة المللة المدمرة للتحضر والتقدم والبناء ؟ لقد طال الزمن وتمدد بل تراجع اليوم نحو الكارثة عندما استولت تلك الزمر على مقاليد الحكم والتهديم في العراق فدخلنا في عالم لانعرف متى وكيف سيتم الخلاص .اكرر شكري وتقديري للاستاذ حلاوي .


2 - المثل المصري يشرح الحالة
محمد البدري ( 2009 / 9 / 12 - 02:40 )
احييك يا استاذ حلاوي علي هذه المقالة الجريئة. فالدين وسدنته لم يعد كلامهم مقنعا لاحد اللهم الا بشروط منها الجهل او المعرفة الضئيلة مع فقدان للاهلية لدي المتلقين لخطابهم وذلك بسبب ابتعادهم المزمن عن ممارسة السياسة التي تقيم الاعتبار للانسان باعتباره الفاعل الاول ( لحيازته القدرة علي العمل كقيمة عليا) في التاريخ بل وفي الكون باكمله. ولا يمكن شرح هذه االتأجج الديني الحالي الا باستدعاء المثل المصري لمن يصحو فجأة وهوعلي سرير الموت. يقول المثل : إنها حلاوة روح

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي