الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى استشهاد المناضل الليندي.. وتجدد الماركسية

عبدالرحمن أحمد عثمان

2009 / 9 / 12
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


ان الأفكار الأممية الانسانية لا تموت، بل تظل حية في ضمائر الأمم، بقدر اشتعال وهجها على مر السنين، وتجدد فاعليتها بتقادم الأعوام، واحتفاء طالبي الحرية على وجه البسيطة برحيل أصحابها في أي وقت وكل الأوقات.. وذلك تبجيلا لتضحياتهم الرائعة بالغالي والنفيس، من أجل حريات شعوبهم وأحلام أممهم.. ومثلما تنحني الشعوب لنكران ذوات عظمائها ومناضليها الذين كانت حياتهم حافلة بالأمجاد، مليئة بالانجازات، فسطروها بأعظم ملاحم الفكر والمبدأ، وبأزكى ملاحم الدم والجهد والعرق.. حتى وجد هؤلاء العظماء، سواء في حياتهم أم في مماتهم، مكانتهم كبيرة في قلوب أناس لا يعرفونهم، وفي عقول بشر تفصل أصحابها عن هؤلاء العظماء آلاف الأميال المسافات والشاسعة المساحات.. سوى ارتباطهم بمعاناة الانسانية والبشرية والتحام أفكارهم وانصهار مبادئهم بمكابدة المسحوقين والمضطهدين والمعذبين في الارض.. واتخاذ نضالاتهم وتضحياتهم (همزة وصل) بطالبي الحرية أينما وجدوا وفي أي وقت حلوا ووجِدوا، من أجل النهوض بهم نحو الحرية وصون الكرامة الانسانية وانعتاقهم من براثن القهر السياسي والاجتماعي، وتحريرهم من شرنقة الدونية والتهميش وعبودية العسف والاضطهاد ومظاهر البطش والاستبداد.
وحسبما حقق هؤلاء العظماء والمناضلون أعظم الانتصارات الوطنية والشعبية في حياتهم، فإن اسماءهم ومبادئهم قد دونت في سجل الخالدين.. وهكذا سجل المناضل الماركسي الرئيس التشيللي المنتخب (السلفادور الليندي) مرشح (جبهة الوحدة الوطنية) موقفا وطنيا ومبدئيا وبطوليا، حينما واجه بجانب رفاقه تلك القوة البربرية للانقلاب العسكري التشيللي بقيادة العميل الجنرال اوجستو بينوشيه المدعوم من "السي اي ايه"، بحيث دافع المناضل الليندي ورفاقه عن قصر الرئاسة (قصر لامونيدا) دفاع الابطال المستميتين مواجهين الدبابات والآليات الحربية والعسكرية التي طوقت قصر الرئاسة، يدعمها سلاح الطيران الحربي فترة امتدت الى اكثر من اربع عشرة ساعة متواصلة.. ولكن الرئيس المنتخب ورفاقه واصلوا ببسالة مقاومتهم العنيدة حتى النهاية المشرفة.
ولعل العبارة التاريخية التي اطلقها الرئيس الليندي قبل استشهاده لاتزال ماثلة في ضمير الشعب التشيللي، عندما هتف بأعلى صوته خلال خوض اتون المعركة "لن أغادر قصر الرئاسة ولن أستقيل من منصبي ولسوف أذود بحياتي عن السلطة التي أعطاها لي الشعب".
استشهد المناضل السلفادور الليندي واقفا على قدميه بشموخ.. لأنه استشهد من اجل حريات واهداف شعبه ومكتسبات وانجازات وطنه.. وفي سبيل الحرية والاشتراكية والمبادئ الماركسية.
ومثلما يظل يوم رحيل المناضل الليندي في الحادي عشر من شهر سبتمبر عام 1973م يوما مضيئا في وجدان الشعب التشيللي وفي ذاكرة الوطن.. ماثلا في ضمير الأحزاب الشيوعية في كل مكان.. فإن المبادئ الماركسية او اصول الفلسفة الماركسية قد اخذت تتجدد بتطورها وجدليتها نحو خط بياني تصاعدي، لكونها قائمة على (المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية).. ومن ثم الخروج من كبوتها بعد ان اسيء استخدامها.. حتى برزت معالمها ومفاهيمها في ارضية الكثير من دول امريكا اللاتينية، في كل من تشيللي وفنزويلا وبوليفيا والبرازيل ونيكاراجوا.. والعديد من الدول العربية كالسودان والجزائر ومصر والاردن ولبنان التي نهضت فيها الاحزاب الشيوعية.. لتحقق هذه الاحزاب الشيوعية بالتالي حلم المناضل الراحل الحاضر (السلفادور الليندي) في دائرة الضوء.. الذي كان يطمح إلى تحقيقها إلى حيز الواقع والوجود، بعد ستة وثلاثين عاما مضت بعد استشهاده.. وتجدد هذه الاحزاب العهد المبدئي، بتجديد نظرية الاشتراكية العلمية (أصول الفلسفة الماركسية) في مختلف دول امريكا اللاتينية.. على غرار الوهج التاريخي والفاعلية الجماهيرية اللذين برزت حقائقهما وتداعياتهما على ارضية الواقع المجتمعي الملموس لتشيللي، منذ بدايات نضالات المناضل السلفادور الليندي ما بين الصفوف الطلابية عام 1931م زعيما، ونضالاته الحزبية خلال الحزب الشيوعي التشيللي أمينا عاما للحزب، وبالتالي فوزه في الانتخابات الرئاسية في 4 سبتمبر عام 1971م حينما أوصلته اصوات الناخبين وإرادة الشعب التشيللي الى سدة الرئاسة رئيسا لتشيللي.
طوبى لمن أضاء باستشهاده في يوم الحادي عشر من شهر سبتمبر بأحرف من نور.. وهنيئا لمن حمل راية الأممية الثورية وأصول الفلسفة الماركسية خفاقة في بلوغها عنان السماء، حتى الرمق الأخير من حياته.. وسلام عليك ايها المناضل الماركسي الأصيل الذي عاش قائدا حكيما في اوساط شعبه وداخل طبقاته واستشهد بطلا مغوارا من اجل مبادئه.. ورحل واقفا على قدميه بشموخ العظماء الذين غيروا وجه العالم نحو النهضة العلمية والانسانية.. ونحو بناء المجتمعات البشرية القائمة على الحرية والديمقراطية والاشتراكية ومبدأ العدالة والمساواة.
رحلت ايها القائد الأممي السلفادور الليندي، لكنك ظللت حيا بمبادئك.. بحسب ما تظل واقفا على قدميك.. مثلما اوصى به (دانتون) احد قادة وفلاسفة فرنسا عبر وصيته قبل رحيله بـ "أن يدفن في قبره عموديا".. طبقا لمقولته التاريخية الشهيرة "حتى في مماتي أريد أن أكون واقفا".
وهكذا رحل المناضل السلفادور الليندي واقفا على قدميه كواحد من عظماء الانسانية وعباقرة الأمم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة