الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقصر الطرق للأستبداد و التخلف

عمرو اسماعيل

2004 / 5 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان الاسلام آخر دين سماوي ورسالة التوحيد التي اخرجت العرب.. ومعهم الكثير من الشعوب التي ارتضت الاسلام دينا لها ومفهوما للحياة.. من ظلمات الشرك بالله والعبودية للأنسان الفاني وكان ثورة علي الظلم والقبلية ودعوة للمساواة والحرية والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تحض علي حرية الأختيار والتفكير وتحمل مسئولية هذا الأختيار ولكن بعض فقهاء السلطة منذ العصور الأولي للأسلام استخدموه وسيلة للسيطرة علي الشعوب عندما ادعوا وروجوا لمقولة ان الاسلام دين ودولة فالحاكم يحكم باسم الله او أنه ظل الله علي الأرض كما ادعي البعض أو أن الفساد الذي لا يردعه القرآن يردعه السلطان .. الي غير هذه المقولات الظالمة التي تجعل الدين سيفا في يد اي حاكم يجز به رقبة اي معارض يرفع صوته مطالبا بالعدل.
ولا أدري ما هو المبرر الشرعي لمقولة ان الاسلام دين و دولة ؟ وما هي الآيات القرآنية التي تدل علي ذلك؟
أن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم عندما توفاه الله لم يوصي بأي طريقة للحكم او الخلافة وترك الأمر شوري بين المسلمين علي الأقل في مفهوم أهل السنة والجماعة .. حتي في اجتماع السقيفة عندما نشب الخلاف بين الأنصار والمهاجرين علي من احق بخلافة سيدنا محمد لم يحتج أي من الطرفين لا بآية قرآنية و لا بحديث نبوي.. وفي الفتنة الكبري عندما كان حيش معاوية علي وشك الانهزام و رفع المصاحف علي اسنة الرماح طالبين الاحتكام الي كتاب الله , قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه جملتيه الشهيرتين ,, كلمة حق يراد بها باطل ,, و ,, القرآن حمال أوجه,, محذرا جيشه أن ينساق الي هذه الخدعة التي كان وراءها داهية عصره عمرو بن العاص .. وماحذر منه علي حدث وأنتم تعرفون باقي القصة التي أدت في النهاية الي استيلاء معاوية بن أبي سفيان علي الحكم وتحويله الي وراثة في بنيه وبني أمية .. ألم يقل مروان بن الحكم عندما آلت أليه الخلافة مخاطيا القرآن هذا آخر عهدي بك وكان صادقا مع نفسه ومع الآخرين لأنه يعرف أن الساسة والدين لا يجتمعان .. أين كان الفقهاء حينئذ .. لقد زينوا لمعاوية وابنه يزيد كل ما يريدان رغبة أو رهبة وقام يزيد بمجازره المعروفة من قتل الحسين رضي الله عنه الي استباحة مدينة الرسول ثلاثة أيام .. فهل هذا من الاسلام في شيء .. هل هذه هي الدولة والدين التي يتحدثون عنها .. لم يخسر احد مثلما خسر الأسلام عندما تم أقحامه في السياسة و مساوئها واصبحنا نطلق علي حكام ظلمة أيديهم ملوثة بدماء المسلمين امراء المؤمنين وخلفاء رسول الله .. ألم يكن مؤسس الدولة العباسية اسمه السفاح من كثرة ما قتل في سبيل تاسيس الدولة العباسية .. ألم يكن مصير المعارضين في كل عصور تاريخنا المديد هو القتل أو النفي أو غياهب السجن لنهاية عمرهم .. فلماذا يا سادة تريدون تلويث الأسلام بمساويء السياسة وقذارتها .. سيقول قائل هذه ممارسات افراد وليس بسبب ان الاسلام دين ودولة وأرد عليهم ان كان كذلك لماذا ادعي كل هؤلاء الحكام وأيدهم الفقهاء انهم يحكمون باسم الاسلام و يطبقون الشريعة ولماذا تناسوا عمدا ان الرسول ترك لنا الأمر شوري بيننا لنختار الحكومة التي تصلح اظروفنا الزمانية والجغرافية وأن الخلافة التي ينادي بها الكثيرون هي أمر استحدث بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم فكيف جعلها البعض هي و الأمامة عمادا للدين.
والحجة التي يستخدمها مدعو امتلاك الحقيقة في أن الأسلام دين و دولة هي الآية 44 من سورة المائدة فتم اقتطاع جزء من سياق الآية,, وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ,, واعتبروا هذا الكلام اكبر دليل علي ان الاسلام دين ودولة رغم أن معني من لم يحكم بما أنزل الله واضح و مقصود به التقاضي و الحكم في الجرائم كما تؤيده سياق و معني الآية التالية 45 و الآيتين فيهما تأكيد أن نفس الأحكام موجودة في التوراة ويحكم بها الأحبار ولم يكن مقصودا بها نظام الحكم أو الخلافة والمقصود بها تطبيق الحدود الشرعية وهذه الآية كان مقصودا بها تطبيق حد الرجم علي الزانية تأكيدا للتوراة ولو كان مقصودا بها الحكم لأصبح من حق أحبار اليهود أن يطلبوا بحكمنا .. أي ملهاة أو مأساة ؟!!
أما المصيبة الأكبر فما يقوله بعض المتعصبين في مواجهة المطالبين بالديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان واليكم مثالا لما قاله أحدهم:

ناسين متناسين .. قاصدا أنصار الديمقراطية.. ان الاسلام دين ودوله وان ما يبحثون عنه من ديمقراطيه وحقوق الانسان وحقوق الحيوان وحقوق الاسرى وحتى الاقصاد والعلوم والطب والتشريح و الفلك والمجرات والنجوم والمعادن 00 كل شىء 00 كل شىء يا ايها الافاضل لم يتركه القرآن الكريم 00 ان القران ومعجزاته لم يترك شيئا ابدا ابدا 00 فقط تدبروا 00 لان الله يخاطب أولى الالباب 00 اما العدل المنشود الذى تبحثون عنه لا هو موجود بأمريكا ولا بريطانيا ولا أى مكان على وجه الارض سوى فى القرآن الكريم وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام .
أي استخفاف بالعقول أكثر من ذلك .. فما هو الداعي أذن لكل تراث الأنسانية من فلسفة وعلم .. ما هو الداعي أذن لأنشاء الجامعات لتدريس العلوم الأنسانية والعلمية والطبية .. كان يكفينا فقط تدريس القرآن والسنة لنكتشف الذرة و قانون النسبية ونكتشف الجديد في الطب كل يوم ونكتشف كل ما وصل اليه الانسان في علم الحاسب الآلي و الأتصالات وأنا لا اتكلم عما وصل اليه الغرب من ديمقراطية و عدل واحترام لحقوق الأنسان علي الأقل داخل مجتمعاتهم.
وأنا أعرف ان احدهم سيرد علي كيف ونحن في عصور الأزدهار الأسلامي كان عندنا ابن سينا والفارابي والجاحظ وابن رشد .. وأقول له ان هذا كما قلت في عصور الأزدهار ولم يصلوا الي القشور التي وصلوا اليها الا بعد ترجمة تراث الأمم السابقة وخاصة علوم اليونان والحضارة الأغريقية و الأهم من ذلك ان معظمهم أن لم يكن كلهم كانوا متهمين في عصرهم وحتي الآن عند السلفية أنهم من الزنادقة لأن معظمهم كانوا من المعتزلة وخاصة ابن سينا ورغم ذلك لم تجد اعتي المجتمعات السلفية اسما في الطب تفتخر به ألا ابن سينا لتطلق اسمه علي مستشفياتها .. كما أن هذا العصر انتهي ولم يعد منذ أكثر من ألف عام عندما تغلب أتباع الجمود من الغزالي الي ابن حنبل وأكثرهم تزمتا ابن تيمية الزعيم الروحي لكل مذاهب التخلف في العصر الحديث .
اما الرد الذي يسخر منا به الغرب ولا أجد له دفعا فهو : أذا كان كل شيء من العلم والطب والفلسفة كما تدعون موجود في القرآن والسنة فلماذا لم تكتشفوا شيئا من هذا العلم الغزير الموجود بين يديكم لتفيدو به البشرية .. حتي آلات القتل التي تستخدمونها في الأرهاب هي صناعة غربية.
ان الاسلام لا يعيق التقدم بل بالعكس والقرآن كتاب هداية وأخلاق .. فهو يحضنا علي التفكير والبحث حتي لو اخطئنا .. المشكلة ان بعض المفاهيم الخاطئة هي التي تجعل التفكير تخريف و أهم هذه المفاهيم الخاطئة هو مفهوم الأسلام دين ودولة و الذي يعتبر الحجر الأساسي لكل جماعات الأسلام السياسي التي تنشر التخلف والعنف والقتل في مجتمعاتنا والتي نجحت في استعداء العالم كله علينا ونجحت في ارهاب واسكات كل الأصوات العاقلة التي تنادي بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان.
أن حرية العقيدة و حرية التعبد دون أرهاب الآخرين هي من أبسط حقوق الأنسان .. ثم يأتي من يقتل باسم العقيدة أو الدين.. أن لم يكن هذا هو الأرهاب فماذا يكون الأرهاب.. أرهاب معنوي و جسدي لا بد أن نتصدي له جميعا أن أردنا أن نكون في يوم من الأيام شعوبا متحضرة.. اللهم احمنا ممن يدعون التحدث باسمك ظلما و عدوانا أما أعداء الشعوب من الحكام او المحتلين فشعوبهم كفيلة بهم.. لنا الله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446


.. 162-An-Nisa




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و