الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمضان وإعادة جدولة الشهوة

محمد بوزكَو

2009 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا اعرف بالضبط متى يوم العيد.. الأحد المقبل أم الاثنين..؟ بلا شك سيخبرنا الهلال ما قرر الإله.. لكن العيد آت لا محالة، ناقص يوم، زائد يوم لا يهم... المهم هو، كيف مر شهر من الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الشمس إلى غروبها...؟
الحقيقة، ليس هناك إمساك وإنما فقط تأجيل فعل الاستمتاع بشهوتي الأكل والشرب وشهوة الجماع إلى حين أذان المغرب... ففي المغرب، كما عند باقي الأقطار المسلمة، بمجرد سماع الآذان تبدأ معركة الشراهة... في ظرف وجيز يفترس فيه بنو آدم المسلمين سوبير ماركيتات بكاملها كانتقام جماعي لمجاعة جماعية قبل أن يذهبوا للمسجد لاستنهاض الخشوع واستنفار خلايا الإيمان المعطلة... ليخلدوا بعد حين للفراش وفي يدهم شيء ما منتصب القامة يبحثون به في تفان عن مكان للتزحلق... في انتظار إمساك يوم جديد.. انه ببساطة، شهر لإعادة جدولة الشهوة..
هكذا يبدو لي شهر رمضان، شهر يؤثر على ملامح الصائم، تتغير حركاته وتتذبذب تصرفاته حد التناقض... تكثر فيه الصلاة وترتفع فيه أيضا حالات الشجار، تحترق فيه السيئات كما تحترق الأعصاب... لغة الدين تمتزج بلغة الشارع... ترتيل هنا وهناك تقتيل، دعاء هناك وهنا عراك... قيام هنا للصلاة وجلوس هناك لألعاب الطاولة...
هو أيضا شهر لاحتراف الانتظار... انتظار آذان المغرب، انتظار انتهاء صلاة التراويح، انتظار السحور، والانتظار الكبير... انتظار هلال العيد... للعودة للأصل...
هو ذا رمضان، قاعة انتظار كبيرة وصدمة منتظمة لرتابة الزمن تحدث ارتجاجات في جهاز المناعة لدى المسلم لقياس مدى قدرته على التحايل لهزم التحمل...
وبذلك، يتحول رمضان من شهر للعبادة لشهر للتحايل... لا تأكل نهارا لكنك تتحايل على نظام الأكل ليلا... لا تشرب خمرا لكنك تتحايل بتدخين الحشيش والمعجون والنفحة... لا تستمتع مع زوجتك أو صديقتك نهارا فتتحايل لتفعل ذلك في آخر لحظات قبل صلاة الفجر...
شهر رمضان في الأصل شهر للعبادة والغفران... الإكثار من الصلاة والدعاء... لكن واقع الحال شيء آخر... مع هذا الكم الهائل من القنوات، قنوات صرف النظر، ينصرف الإنسان بنفسه عن التقرب لله للتقرب للشاشة عبر الريموت كونترول، ليستمتع بشهوة استهلاك هذا السيل من الإفرازات الذهنية والإبداعية المرسلة عبر شاشات التلفاز المسطحة.. اِلْجي، فيليبس، سامسونكَ... سلسلة من الأنواع التلفزية لتتبع سلسلة من البرامج؛ هذا مسلسل وذلك برنامج وتلك مقابلة وذاك شيخ وداعية... القنوات نفسها تعيد جدولة برامجها بما يتناسب والمناسبة... تقل فيه كليبات العري لتحل محلها كليبات الأمداح.. تكثر فيه الدراما لمواساة المعدة...
والآن، ونحن على مشارف يوم العيد، يبدأ التسخين للعودة لسالف الطباع، تُبردُ البيرة في المحلات وتنظف الأكواب ذات العنق الطويل لاستقبال النبيذ وتفتح صفحة جديدة لكتابة المعاصي في انتظار رمضان قادم من أجل الاستغفار ومحو سيئات الأفعال...
ويبقى السؤال...
لماذا نفرح بعيد الفطر، نلبس جديد الأثواب، ونتزين...؟
أنفرح لأننا صمنا وذكرنا الله وخشعنا ونحن نقيم الليل؟
أم نفرح لأننا ودعنا شهرا من الجوع والمعاناة والنفاق مع الذات؟؟؟
الله والذات أعلم.
على كل حال... عيد سعيد..










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس