الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوصايا العشر كي تصبح كاتباً إسلامياً

ياسر يونس
(Yasser Younes)

2009 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


للكاتب الإسلامي المعاصر شروطه ومواصفاته وأمامه ميدان واسع من المواضيع المتشعبة التي يمكنه أن يكتب فيها بدءاً من شرح كيفية الاغتسال وحتى الإفتاء في الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا. فلا ضوابط علمية ولا منهج يحكم الأمور فعندنا يمكن لأي إنسان أن يقول أي شىء ويجد له أنصاراً ومؤيدين حتى ولو كان مكانه الطبيعي هو مصحة الأمراض العقلية. والكتابة في أي من هذه المواضيع تعود عليه بالنفع العميم وتدر له دخلاً يزداد كلما ازداد تشبثاً بهذه المواصفات والشروط .

فما هي هذه الشروط؟

أولاً: أن يكون مسلماً وهذه بديهية طبعاً فلا يسمح لغير المسلم بالكتابة في الإسلاميات وإن فعل أصبح عرضة لتهم العمالة والتخوين والاستقواء بالغرب والحصول على أموال مشبوهة، أما إذا كان أجنبياً فسيوصف بالمستشرق المغرض الذي لا هم له ليل نهار إلا الطعن في الإسلام وتشكيك المؤمنين في عقيدتهم.

ثانياً: أن يكون إسلامياً أي أن ينضوي فكرياً أو تنظيمياً تحت لواء جماعة أو مؤسسة من تلك التي تخلط بين الدين والسياسة ولا تفصل بين الدين والدولة وتريد تأسيس دولة دينية إسلامية. فبهذا سيحصل على دعمها الإعلامي وربما المادي أيضاً وقد تفتح أمامه أبواب الانتشار في الفضائيات وما يرتبط بذلك من خير وفير.

ثالثاً: أن يقيم كتابته على الماضي التاريخي ولكن دون أي منهج نقدي بل دون أي منهج على الإطلاق، والهدف هو ترديد نفس العبارات المكررة عن السلف الصالح والفتوحات لا الغزوات مع التشجيع على الاقتضاء بهم في كل شىء وأي شىء حتى في الملبس والمأكل ونمط الحياة، مع التطرق إلى الروايات التي تتحدث عن زهدهم في الحياة ومحبتهم لبعضهم والابتعاد عن الروايات التي تتحدث عن عدد المحظيات التي كانت لديهم والروايات التي تحصي ثرواتهم والروايات التي تروي أخبار تقاتلهم.

رابعاً: أن يؤمن بالشىء ونقيضه على الدوام كأن يجل عبد الله بن مسعود كما يجل الخليفة عثمان بن عفان ويعتقد أن كلاً منهما كان صحابياً جليلاً له دوره في نشر الإسلام مع علمه بالخلاف الذي حدث بينهما عند جمع القرآن وأن عثمان بن عفان أمر بأن يضرب عبد الله بن مسعود حتى كسرت ضلوعه، ولكن لا ينبغي أن يثير ذلك أي تساؤل لديه ولا ينبغي أن يرى فيه أي تناقض، ومثل الخلاف بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان فعليه دائماً أن يجل علياً باعتبار مكانته بين كبار الصحابة كما عليه أن يجل معاوية باعتباره أحد كتبة الوحي وأول خليفة أموي. وذلك دون أن يرى أي تناقض بين هذه الأفعال وإذا اضطره سوء حظه فعليه أن يبحث عن مبررات تعتمد على العاطفة والعبارات اللغوية الفضفاضة، وإذا دعا الأمر فعليه أن يحذر من يثير هذه القضايا بالويل والثبور وأن يخيفه بسيف التكفير كي يلزم حده.

خامساً: أن يغمز من قناة أصحاب الديانات الأخرى إما صراحة وإما تلميحاً مع الادعاء دائماً بأنه يؤمن بجميع الديانات السماوية ورسلها ولكن باعتبار أنه أعلم بهذه الديانات من أهلها حيث إنه يعرف أنهم حادوا عن أصلها السماوي وابتدعوا فيها البدع وضلوا عن سواء السبيل. ولا بأس من أن يشير إلى قضية فلسطين ويبدأ في الندب والنوح كي يخلط الأوراق ويثير عاطفة القارىء فيترك فيه التأثير الذي يريده.

سادساً: الهجوم على العلمانيين باعتبار أن لديه الدليل على خيانتهم وسوء دخيلتهم وأغراضهم التي يعرفها أكثر منهم، وهنا عليه أن ينبه إلى أنهم أخطر من العدو المحارب لأنهم بعيشون في دار الإسلام كطابور خامس ويكيدون له المكائد، ولاضير هنا من سب الشيوعيين أيضا حتى لو كانوا أوشكوا على الانقراض فترديد هذه الأدبيات يجعله يبدو في نظر جمهوره غيورا ًعلى الدين ومطلعاً على جميع أصناف الكفار الذين لا هم لهم إلا إطفاء نور الله.

سابعاً: السخرية على أن يسبقها بوصف من يخالفونه في الرأي بالجهل والغباء فيكتسب بهذا الثقة التي يفتقدها هو أصلاً في نفسه ويوحي لقرائه، وهم من محدودي الثقافة والتعليم غالباُ، بأنه علامة جهبذ ملء السمع والبصر وهم صم بكم عمي لا يفقهون. ولابد له هنا من بعض عبارات الاعتداد بنفسه والإيحاء بأنه يمتلك دائماً الحقيقة المطلقة.

ثامناً: دغدغة مشاعر العوام وذلك باختيار موضوعات تلفت اهتمامهم كالإفتاء في الشؤون الجنسية مثلاً أو الكتابة في الإعجاز العلمي في القرآن والحديث. فهو هكذا سيبدو لهم إما قريباً من مشاكلهم ويمتلك حلولها ولديه ردود على جميع تساؤلاتهم وإما سيبدو لهم عالماً لا يضاهيه أحد من أولئك الكفار المغرضين.

تاسعاً: يجب ألا يتورط في إدانة الإرهابيين فذلك قد يغلق الأبواب التي فتحت أمامه فيخسر بهذا الكثير والكثير، لذا عليه أن يناور في الرد إذا أوقعه سوء حظه أمام سؤال من هذا القبيل والمخرج له هو أن يقول إن الإرهاب "مكروه" ( لاحظ الدلالة الفقهية لكلمة مكروه) ثم يقول إن الأهم هو البحث عن أسباب الإرهاب ويتطرق إلى الحالة في فلسطين والعراق وأفغانستان وما إلى ذلك.

عاشراً: إذا فُتحت أمامه أبواب الظهور في الفضائيات فأمامه خياران أولهما أن يرتدي الزي التقليدي للمشايخ فيكتسب بذلك الإجلال بحكم غرابة الزي الذي يرتديه عن زي العوام ويرسم على وجهه التجهم فيكتسب مهابة أخرى وعليه إذا فعل ذلك أن يتشدد في آرائه ويتقعر في كلامه فهذا سيجمع حوله جمهوراً معيناً.

أما الخيار الثاني فهو أن يرتدي البدلة العادية مثله مثل بقية البشر العاديين، وهنا عليه أن يرسم الابتسامة على وجهه وأن يتبسط في الحديث ويكون متساهلاً في آرائه ولا بأس أيضاً من استخدام الدعابة فكل هذا سيجمع حوله جمهوراً معيناً ايضاً وأغلب الظن أن جمهوره سيكون من الشباب.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مزبوط
جهاد مدني ( 2009 / 9 / 23 - 19:01 )
إنها لوحة كاريكاتير بليغة وأجدت إخراجها وأود أن اضيف جملة صغيرة على الشرط الأول (أولاً: أن يكون مسلماً وهذه بديهية طبعاً فلا يسمح لغير المسلم بالكتابة في الإسلاميات) إنتهى. وهي {وإن سمح له أصلاً فيجب آن يزايد على المسلمين بمراحل وأن يطنب في مدح الأسلام وفي ذم الديانتين الأخرتين, ليقولوا:وشهد شاهد من أهله
أشكرك سيد ياسر يونس بانتظار المزيد
سلام


2 - في الصميم
عبد القادر أنيس ( 2009 / 9 / 23 - 19:24 )
هو فعلا وصف دقيق وممتاز ، لكني أرى أن اختيارك للعدد عشرة قد حد من حريتك في تتبع مواقف هؤلاء.
هناك مثلا مواقفهم من المرأة والديمقراطية وحقوق الإنسان والموقف من الحكومات ومن الغنى والفقر، وغيرها كثير، وفيها يعبرون عن شطارة نادرة في الكر والفر واللف والدوران والالتفاف.
ومع ذلك فقد أبدعت وأمتعت.
تحياتي


3 - تعليق على التعليق
ياسر يونس ( 2009 / 9 / 23 - 19:35 )
شكراً للأستاذ جهاد وتعليقك في محله تماماً
وشكراً للأستاذ عبد القادر وكلامك سليم تماماً ولكن ما رصدته في الوصايا العشر هو بالأحرى آلياتهم أما المضمون فأتناوله في مقالات أخرى مثل سلسلة المتناقضات في التاريخ الإسلامي


4 - معك حق
ناهد ابو سارة ( 2009 / 9 / 23 - 20:54 )
انا اؤيدك فيما سبق ، ولكن اسمح لي ازيد عليه ( المراوغة ) هي اهم شرط يجب ان يتمتع به الكاتب المسلم او الشيخ فالاثنان سيان ،
واضبف بند او شرط اخر وهو ( العلم بكل شيء ) فلا تجد شيخ او كاتب الا ويحدثك عن كل شيء ويحاول اظهار ثقة وداريه بالموضوع ايا كان فلا ترى تخصص هو عالم بكل شيء وقد يجادلك حتى الصباح .
وبند اخر هو ( ادعاء السماحة ) وانه متقبل لغيره ، ويقبل الراي المغاير لرايه لكن الحقيقة غير ذلك البته .
ولك جزيل الشكر
سلام


5 - في الصميم
اوشهيوض هلشوت ( 2009 / 9 / 23 - 21:40 )
اصبت في الصميم يا استاذياسر يونس فقط اود ان اضيف (ان يلجا الى قاموس السب والشتم كلما احس انه محاصر بالأسئلة المحرجة(
تحياتي لك على كشف قواعد اشتغال هؤلاء البشر


6 - شكر و تحية فقط
حبيب ( 2009 / 9 / 24 - 05:29 )
شكر و تحية للاستاذ ياسر يونس اصبت كبد الحقيقة ولم يترك المعلقين قبلى شىء اضيفة


7 - طب
حمورابي ( 2009 / 9 / 24 - 08:25 )
ولا تنسوا اخي الكاتب والاخوان المعلقون الالمام بالطب النبوي وكيف ان بول البعير واجنحة الذبابة وعرق الرسول كانت الادوية الشافية من كل الامراض ولا زالت ,ولذلك تجد ان كل المسلمين بصحة تامة ولا يشكوا اي مرض .تحياتي للجميع .


8 - رد سريع
حمادي بلخشين ( 2009 / 9 / 24 - 14:03 )


أولا لقد استغنت امتنا بوجود امثالكم- للطعن في الإسلام وتشكيك المؤمنين في عقيدتهم- عن جهود كل المستشرقين القدماء و المحدثين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل بين الاسلام والدولة كالفصل بين الاسلام و الاخلاق!!! جرب ايها الكاتب ان تكون شيوعيا يؤمن بالملكية الفردية و بدور الكنيسة في تحديد سياسة الدولة! ثم انظر كيف ستثير ضحك اغبى الشيوعييين...لماذا اذن تريد فرض التناقض على الاسلام، الأنه الحمار القصير و السائب ؟ والوكالة بلا بواب؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لك الحق ايها الكاتب في التشكيك بكل التنظيمات و اللحى المتكلمة من الفضائيات، لأنها لا تستحق اي احترام، خصوصا بعد سقوط الاخوان ودخولهم الفراش الامريكي و اليهودي.... انظر تضامن الاخوان مع المحتل الاريكي في العراق ثم سحقهم كل من وجه لليهود بندقيته اعني حماس التي تمثل كلسون المومس الاخوانية التي قد تعرت تماما بسقوط حماس ـ الكلسون
ــــــــــــــــــــــ

اتفق معك ان خطاب الاسلاميين يخلو من النقد الذاتي بسبب تقديس الاشخاص دون المبادىء .

ــــــــ
رابعا: فعلا، الاسلاميون يؤمنون بالشيء و نقيضه و معاوية و على مثلا، فهم يحترموهما بنفس الدرجة!!! وهذا من ا


9 - تعليق على التعليق
ياسر يونس ( 2009 / 9 / 24 - 20:50 )
إلى السيد بلخشين أولاً أنا لا أتحدث عن الإسلام وإذا كان هذا هو ما فهمته من المقالة فأدعوك إلى قراءتها مجدداً دون انفعال ولا أحكام مسبقة. ثانياً لن أعلق على أسلوبك في الحوار ولا على الألفاظ التي استعملتها . ثالثاً إن ما نقلته نقلته عن كبار كتاب الأثر الإسلامي كالسجستاني والزركشي فيجدر بك لومهم هم لا لومي أنا وبهذا تكون في معضلة وتكون أنت المشكك في كتب الأثر الإسلامي والاختيار لك


10 - كتب الاثر لا تلزمني...مع اعتذاري لو اسات
حمادي بلخشين ( 2009 / 9 / 25 - 06:54 )

كتبت لي
إلى السيد بلخشين أولاً أنا لا أتحدث عن الإسلام وإذا كان هذا هو ما فهمته من المقالة فأدعوك إلى قراءتها مجدداً دون انفعال ولا أحكام مسبقة.

الجواب
انا رددت عليك على ضوء ما كتبته وهو التالي
ثانياً: أن يكون إسلامياً أي أن ينضوي فكرياً أو تنظيمياً تحت لواء جماعة أو
مؤسسة من تلك التي تخلط بين الدين والسياسة ولا تفصل بين الدين والدولة وتريد تأسيس دولة دينية إسلامية
انتهى
وهذا يفهم منه انك من دعاة الفصل بين الدين و الدولة
وان اسأت الفهم فأنا اعتذر
كتبت ايضا
ثالثاً إن ما نقلته نقلته عن كبار كتاب الأثر الإسلامي كالسجستاني والزركشي فيجدر بك لومهم هم لا لومي أنا وبهذا تكون في معضلة وتكون أنت المشكك في كتب الأثر الإسلامي والاختيار لك
انتهى

انا لا الومك بل الوم كتب الاثر الإسلامي و دون ان اقع في معضلة، لأن كل تلك الكتب الهامشية لا تلزمني ولا تلزم اي مسلم عاقل
اما كلمة الموبقات فهي منسوبة الي من نقلت عنهم و ليس الي سيادتك
مع الاعتذار مجددا

اخر الافلام

.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني