الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصمة الأئمة وعدالة الصحابة وقداسة المراجع وعصمة الپاپوات

تنزيه العقيلي

2009 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قلنا فيما يتعلق بالعصمة إنها من ممكنات العقل، وليست لا من واجباته، ولا من ممتنعاته. ولكن الخلل يقع في المبالغة، والغلو في الاعتقاد بها، كما هو الحال مع غلاة الشيعة، ومع معظم السنة الذين يقولون بعصمة الصحابة والخلفاء الراشدين، وينفون إمكان وقوعهم في خطأ، رغم إنهم لا يقولون من حيث المبدأ بعصمتهم، ولكن ضمنا يتعاملون معهم كمعصومين، بحيث يُعَدّ مجرد نقدهم مروقا عن الدين، وفي الوقت الذين يُجوّزون على النبي من مجانبة العصمة، ما لا يجوزون على بعض الخلفاء والصحابة. كما إن غلاة الشيعة يوصمون سائر الشيعة، ممن لا يقولون بقولهم المغالي بمروقهم عن دائرة الولاية لأهل البيت، ثم هم يسلكون نفس سلوك السنة مع المراجع، فيقدسونهم، وينفون عنهم الخطأ، ويعادون من ينتقدهم، أو يخطئهم، رغم عدم إيمانهم من حيث العقيدة بعصمتهم، لأنهم يحصرون العصمة في الإسلام في أربعة عشر معصوما؛ هم النبي، وفاطمة، والأئمة الاثني عشر دون غيرهم، إلا السابقون من الرسل والأنبياء، إذا لم يفضلوهم على سائر الرسل والأنبياء باستثناء نبي الإسلام، بل بعض المغالين قد يفضل عمليا عليا على الرسول، ويفضل فاطمة على أبيها وزوجها وولدها. ولدينا أيضا الكاثوليكية التي تدعي عصمة الپاپا، مما لا يقبله عقل عاقل. والمبالغة في الشخصيات الدينية له شواهد كثيرة، فعيسى يتحول من نبي مرسل، إلى ابن الله، ثم إلى الله نفسه، وعلي بن أبي طالب يغالي به بعض الغلاة، فيعتبرونه هو الله، وهكذا في مسيرة المبالغة في تقديس الشخصيات، من الصالحين، والقديسين، والأولياء، وأئمة المذاهب، وأئمة الطرق الصوفية، بل والقادة الدينيين لأحزاب إسلامية، وتيارات، ولحكومات الإسلام السياسي المعاصر، وغيرهم.



العصمة شيعيا وسنيا وعقليا
لا نريد إعادة بحث مبحث العصمة، ولكن رأيت أن أتناول بشكل إجمالي بعض الفروق بين العصمة عند كل من السنة والشيعة، وموقف العقل الفلسفي من كل من الرؤيتين، ولو إن هناك لدى كل من السنة والشيعة مجموعة رؤى ومدارس ومذاهب في العصمة تتفاوت فيما بينها، مما يجعل بعض الرؤى الشيعية ربما أقرب إلى بعض الرؤى السنية منها إلى رؤى شيعية أخرى، كما يجعل بعض الرؤى السنية ربما أقرب إلى بعض الرؤى الشيعية منها إلى رؤى سنية أخرى.



والعصمة عموما تشمل الصواب والخطأ من جهة، ومن جهة أخرى الحَسِن والقبيح، فالمعصوم لا يخطئ، ولا يأثم. وحيث قلنا أن العصمة نسبية، فعدم الخطأ، وعدم الوقوع في الإثم، أو الإساءة، أو سمها المخالفة الشرعية، أو المفارقة الأخلاقية، نسبيتان، ولكن تمثلان المعلم الواضح في شخصية وسلوك ومسيرة المعصوم. طبعا هذا كله مع فرض وجود أشخاص اختارهم الله اختيارا، واصطفاهم اصطفاءً لمهمة إلهية، رسلا كانوا، أو أنبياء من غير رسالة، أو أئمة منصوص عليهم، أو قديسين، أو صديقين، أو أولياء وأصفياء.



بالنسبة للشيعة، وأعني من الشيعة العقليين المعتدلين في عقائدهم، وليس المغالين، وأعني بالغلو ليس بالضرورة بمعنى القول بإلوهية نبي أو إمام، بل الغلو ما دون ذلك، كالقول بالولاية التكوينية، التي تعني أن لعلم المعصوم من الإحاطة كإحاطة علم الله، ولقدرته على الكون ما لقدرة الله، باستثناء الفرق بأن علم وقدرة الله ذاتيان ومستقلان، بينما علم وقدرة المعصوم تبعيان، أي مستمدان من مشيئة الله سبحانه. أقول بالنسبة للشيعة القائلين بأن النبي والإمام المشترك مع النبي، بصفة كونه منصوصا عليه من الله، وبالتالي فهو معصوم، أنهما معصومان عن الخطأ في القول، لاسيما في التشريع، وعن ارتكاب الذنب، وعن السلوك المعارض للقيم الأخلاقية، فقول الشيعة هذا بالعصمة من الناحية الفلسفية واجب الصواب، لأنه شرط صدق النبوة. لأن الله، إذا تدخل واختار هو بنفسه عز وجل إنسانا لمهمة خطيرة، وهي مهمة إلهية، أي بالتبليغ عن الله، والدعوة إليه، فلا بد من أن يختار أكفأ من ينهض بهذه المهمة، من صدق، وعدل، واستقامة، وشجاعة، وحكمة، وسمو خلق، وذكاء، وإيمان، وتقوى، ذلك لأن وجود هكذا أشخاص ممكن الحدوث، ولأن الله يعلم بأحوال خلقه مسبقا، وبالتالي يعلم بمن هو متصف بتلك الصفات بأعلى مستوياتها البشرية، وثابت عليها، ولأن خطورة المهمة تتطلب مثل هذه الصفات، فعدمها، أي اختيار الله لغير المؤهل لهذه المهمة الخطيرة، يعني، ضمنا وبالضرورة، تشكيكا، إما بعلم الله، وإما بقدرته، وإما بحكمته ولطفه، فيكون عدم تحققها فيمن يدعي النبوة دليلا للشك بصدق دعوى النبوة، ومن ينفيها، فإما لتعصب لمذهب ورثه، وإما لعدم فهم التلازم الفلسفي بين التكليف الإلهي الشخصي للنبي، ووجوب العصمة. ولكن من حيث الواقع ربما تكون رؤية السنة لمدى عصمة النبي هي الأقرب للحقيقة، فهم أخطأوا في تحكيم القواعد العقلية، ولكن لعلهم أصابوا في تشخيص الواقع، فإن كان الأمر كذلك، فقد وقعوا في التناقض، لأن إيمانهم بعدم عصمة النبي، لازم عقلي لإنكار نبوته. ومن أجل الخروج من مأزق التناقض، ليس في هذا الموضوع حصرا، جرى تأسيس مذهب تعطيل العقل في علم الإلهيات. وهذا لا يعني أن العقليين من الشيعة والمعتزلة قد أفلحوا في تأصيل مرجعية العقل، فمذهبهم العقلي ليس عقليا إلا بمقدار المقايسة مع المذهب النقلي أو الوحيوي، كما إن هذا القول لا يعني أن أصحاب مدرسة تعطيل العقل، قد عطلوه كليا، بل منحوا العقل دورا ثانويا جدا، لأن النص، بل وظاهر النص، هو المقدس فوق كل تقديس عندهم، مع إن تقديس النص الديني (النص المقدس)، هو آفة كل الدينيين، وبالتالي كل المسلمين، ولكنه عند الشيعة العقليين، أخف منه عند غلاة الشيعة، وعند أهل الحديث من السنة، ولعله عند المعتزلة أخف منه عند الشيعة.



كتبت في وقت سابق

روجعت في 25/09/2009










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معضله ما بعد الرسول
طيف سلطان الزبيدي ( 2009 / 9 / 27 - 08:01 )
لقد غرق اغلب المفكرين الإسلاميين لإخراج سيناريو كيف يمكن للحياة والرسالة السماوية إن تستمر من بعد موت الرسل وهي تفكير جمعي وفردي يغلب عليه الضياع ودخولهم في متاهات فكريه غير منتجه إلا للفوضى والخلاف وعلى هذا الأساس جعلوا أنفسهم نوابا عن الله في الخروج من معضلة موت الرسل فابتدعت عقولهم مخرجا يلوذون به فمنهم من أضفى القدسية على من استلم السلطة أيا كان وأطلق عليه خليفة إي يخلفه في كل شيء ويكون معصوما عن الأخطاء كما الرسول وأخريين لجئوا إلى التفكير في مخرج أخر وهو إضفاء القدسية على أقرباء الرسول فأضفوا عليه مصف القدسية وكل هذا العمل لم يقم به لا رسول ولا من خلفه بل إن عامة الناس ومن الرعاع والجهلة هم من سار في هذا المسار زوقه وعاظ السلاطين ليصبح حقيقة فالبشر هم من أفتى واخرج الحل لمعضلة الفراغ فأمده البعض ليكون 12 من المعصومين ولا اعرف من عصمهم ما دام ألشيعه أنفسهم يعتقدون إن الله من الممكن إن يعدل إحكامه إي بعد التجربة فهم يؤمنون بالبداء وجاهل من يقول غير ذالك فكيف يخطئون الله وانه من الممكن إن يصحح مسار القدر الذي كتبه ولا يؤمنون بان من صنعوه هم وأضفوا عليه صفة العصمة وامتدت هذه المهاترات الفكرية إلى حد إن من خطاء مرجعا كفر وأول الكافرين هو عالم يعرف انه خطاء ولا يصوب ما اعتقد الناس جه

اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟