الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من عقائد الإيمان العقلي أو عقيدة التنزيه

تنزيه العقيلي

2009 / 9 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يرسل الله للإنسان رسولا إلا عقله، ولم ينصب له إماما إلا ضميره، ولم ينزل عليه كتابا إلا تجربته، ولم يجعل له دينا إلا الإيمان به وتوحيده وتنزيهه، ولم يشرع له شريعة إلا ما شرع هو وألزم به نفسه، بما يحقق إنسانيته، ولم يأمره إلا بالعدل والإحسان وحسن الخلق، ولم ينهه إلا عن الظلم والإساءة وسوء الخلق، وما الثواب إلا لمن أحسن عملا بقدر ما أحسن، سواء آمن أو كفر، وما العقاب إلا لمن أساء عملا بقدر ما أساء، سواء آمن أو كفر، ومن أهم معايير وزن الأعمال الصالحة منها والسيئة، هما نية، وعقل العامل، ولا يعلم أحد كيف ثواب الله، وكيف عقابه، وما مداهما، إلا هو، ولكن العقل يوجب أن لا يكونا إلا وفقا لموازين العدل المطلق، ويدرك أن رحمة الله وسعت كل شيء، فالثواب فوق الاستحقاق، بما يناسب جوده، والعقاب دون الاستحقاق، بما يناسب عفوه.



وإن في كل إنسان ثمة عناصر جبر، وثمة عناصر اختيار، ولا يضع الله في ميزان جزائه لكل إنسان، إلا عمله ونيته وعناصر الاختيار فيه، ولا يحاسبه على عمل سيئ أفرزته عناصر الجبر فيه، ويعوض من توجه العمل السيئ إليه، دون الأخذ ممن وجهه إليه، إن كان صادرا عنه جبرا لا اختيارا. بل يعوض كل إنسان فاتته فرص لم تتح له، ومتع حرم منها، وأحلام لم تتحقق له، وكوارث حلت به، أو أمراض داهمته، أو حالات عوق نغصت عليه حياته، أو قصر عمر، أو ...، أو ...، مما لا يتحمل مسؤوليته، ومما لحقه من جرائه غبن وحيف. هذه العقيدة ليست تعبيرا عن تعويض يتطلع إليه المحرومون، بل هو من لوازم عدل الله ورحمته ولطفه، والذي هو كله من لوازم كماله وتنزهه عن النقص، والذي أي هذا الكمال والتنزه من لوازم وجوب الوجود، الذي هو من نتائج اعتماد قانون العلية من جهة، واستحالة التسلسل اللانهائي (اللابدائي) للعلل من جهة أخرى، لامتناع انبعاث الوجود مع تسلسل العلل.



ومن عناصر الجبر هي قناعات الإنسان وعقائده، فهي غالبا ليست اختيارية، وما لم يكن اختياريا، فهو جبر بالضرورة، وما كان الإنسان مجبرا عليه، يمتنع عدل الله على أن يوجه إليه عقوبة بسبب قناعاته، فمعظم الناس يرثون دينهم عن آبائهم، أو يعتنقونه على وفق المؤثرات الخارجية من وسطهم الاجتماعي، وكل ذلك لا يكون باختيارهم. بل حتى الذي يختار دينه وعقيدته مستقلا عما ورثه عن آبائه، أو ألفه في بيئته، فهناك عناصر جبر في هذا الاختيار، منها محدودية إدراكاته، والثغرات في تفكيره، وطبيعة الفرص التي أتيحت له، والبيئة التي عاش فيها، والكتب التي قرأها، والأصدقاء الذين تأثر بهم. فالقناعة، صحت، أو أخطأت، أمر غير اختياري، فهي ليست فعلا، حتى تكون اختيارية، بل حالة ذهنية تتفاعل، وتتشكل في عقل صاحبها، حتى لو كانت عبر تأملات ذاتية محضة، ومن غير مؤثرات خارجية. من هنا فالإنسان يجزى بعمله على وفق نيته، وبحدود اختياره، ولا يجزى على عقيدته، إلا بحدود ما يمثل من عناصر تشكّلها اختيارا واعيا محضا.



12/06/2008

25/02/2009

30/09/2009










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هو الحشيش حرام!
ahmed ( 2009 / 9 / 30 - 09:34 )
لماذا لاترى الله الا رحيم وعادل لماذا لايكون جبار ومنتقم على اى استندت؟ على مقايسك الارضية
الم تقول هناك محدودية الادراك وثغرات فى التفكيرلدى الانسان
مثلا انا ارى الله جبار وقاسى مالمانع واستطيع ان ادلل على ذلك وابنى نتائج على هذا التصور
الله ليس كما نشتهى سواء اصبغنا عليه الصفات الحسنة بمقايسنااو التى نعتقد انها سيئة
الله هو الله
وكما عرف عن نفسه عن طريق الرسل (وهو شديد المحال
فلا تتعب نفسك واذهب اشتغلك فى عمل مفيد تقتات منه انت وابناءك
والدنيا وليها الله وعمرك لايكفيك وكلها نسبية
وربنا يهديك ويلهمك السكينة والعافية)


2 - كلام كبير
أمجد ماجد ( 2009 / 9 / 30 - 10:13 )
و منطقي بامتياز

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي