الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مقال:إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا 4

عبد القادر أنيس

2009 / 10 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتب السيد عليوة أحد عشر مقالا تحت هذا العنوان. وقد كتبت أنا ثلاثة مقالات تعقيبية عليه ثم توقفت في انتظار ما ستسفر عنه رحلته في أوربا المسيحية منبت العلمانية، وأخيرا وصل إلى ما كنت أتوقعه عندما قرر أن: العلمانية هي رد فعل على الكنيسية المسيحية ولا داعي لتبنيها في مجتمعاتنا الإسلامية لأن الإسلام نظرية وممارسة لا يستدعي ذلك.
في البداية لابد أن أنبه إلى أن عنوان المقال (إشكاليات العلمانيين.. رشت ممتاز نموذجا) لا علاقة له بما قرأته شخصيا عن رشا ممتاز. فالسيد عليوة ورشا ممتاز، كلاهما في صف واحد لمحاربة العلمانية، الرجل إسلامي يتمترس بالإسلام ويهاجم العلمانية من خارجها والمرأة تتمترس بالعلمانية ولكنها تدافع عن الإسلام بطريقة وأدوات عصرية أفضل منه، ولهذا كان بينهما حديث الطرشان.
مقال اليوم يستند أساسا على مقال السيد عليوة الأخير في الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186389
يقول الكاتب: ( هل للعلمانية في العالم الإسلامي مبرر؟ هل لها ما يسوغها من الأسباب سواء أكان في العقيدة أم الشريعة، في التصور أم في التطبيق؟ ).
ويواصل (وإذا استعرضنا بسرعة خاطفة ما سبق أن تحدثنا عنه سلفا، من قصة العلمانية في أوروبا بأسبابها ودوافعها، فسوف نصل دون جهد إلى نتيجة واضحة هي: أن العلمانية رد فعل خاطئ لدين محرف وأوضاع خاطئة كذلك، وإنها نبات نكد خرج من تربة خبيثة ونتاج سيء لظروف غير طبيعية).
(طبعا أنا كلعماني وملحد،لا أرى الفرق بين الأديان، فهي جميعا بالنسبة إلي صنيعة بشرية، تطورت عبر العصور، وقد وصلت في الشرق الأوسط على يد أخناتون الفرعون المصري إلى توحيد الآلهة في إله واحد بعد تجربة شرك طويلة، وفشلت هذه المحاولة الأولى في مصر ولكنها هاجرت مع موسى المصري برفقة العبرانيين لتفرخ أنبياء آخرهم محمد العربي، لتعود بعد قرون إلى مصر في ثوب الإسلام، (فهي إذن بضاعتهم ردت إليهم ولكنها فرضت نفسها على الناس بالقوة واستبدلت دينا بدين).
ويقول: (فـأوروبا نكبت بالكنيسة وديانتها المحرفة وطغيانها الأعمى، وسارت أحقابا من الدهر تتعثر في ركابها، ثم انتفضت عليها وتمردت على سلطتها، فانتقلت إلى انحراف آخر وسارت في خط مضاد، إلا أنه أعظم خطرا وأسوأ مصيرا). انتهى
الكاتب هنا شأنه شأن رجال الدين المسلمين، يحلو لهم دائما مقارنة الوقائع البشرية عند الآخر بالمثاليات التي يتصورونها عن الدين الإسلامي، وقلما يقارنون واقعا بواقع. وحتى في هذه الحالة فهذه المثاليات لا ترقى لأن تكون أساس دولة محترمة تصون حقوق الإنسان، وسوف نعود إلى هذا فيما بعد)
قبل ذلك دعونا نتساءل: هل كان الواقع الإسلامي يختلف عن الواقع المسيحي من حيث وقعه على الناس، مسيحيين ومسلمين؟ لو صدقنا الكاتب لامتلأت عقولنا وقلوبنا وصدورنا وأفئدتنا وحتى أكبادنا حسدا على ذلك الفردوس الذي عاش فيه المسلمون قرونا طويلة في ظل الخلافة الإسلامية: عدل ومساواة وحرية ومشاركة في الحكم وفي الخيرات والبركات. لكن للأسف هذا الفردوس المفقود هو الذي يحقنه رجال الدين في عقول الناس فيمنعونهم عن التطلع نحو تجارب أخرى عند الآخرين قد تخرجهم من التخلف.
لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.
إن واقع المسلمين لم يكن يختلف عن أي واقع آخر في الأرض. كان واقعا عبوديا إقطاعيا استبداديا تشهد على ذلك كل الحروب والفتن والمحن التي ابتلي بها المسلمون طوال تاريخهم، فانقسموا فرقا وشيعا وطوائف ومذاهب كان الصراع بينها أشد قسوة مقارنة بالصراع مع غير المسلمين. وهنا لا بد أن أروي ما قرأت عن واصل بن عطاء رائد المعتزلة عندما كان مسافرا مع جماعة والتقوا بفرقة من الخوارج كانت تكفر كل المسلمين خارج فرقتهم، وكيف احتال عليهم واصل ونفى إسلامه وإسلام أصحابه وادعي أنهم جماعة من المجوس قصدوا بلاد الإسلام للاستفسار عن هذا الدين، فخلوا سبيلهم. ولو كانوا مسلمين لقضوا جميعا !!!
ويقول الكاتب: (انتقلت (يقصد أوربا) من جاهلية تلبس مسوح الدين إلى جاهلية ترتدي مسوح التقدم والتطور، وهربت من طغيان رجال الدين والإقطاعيين، فوقعت في قبضة الرأسماليين وأعضاء الحزب الشيوعي).
وهنا يبلغ الجحود عند السيد عليوة أوجه:
عندما يتجاهل كل الإنجازات العظيمة التي حققتها الدول العلمانية وعلى رأسها دول أوربا.
وعندما يتجاهل أن هذه البلدان أصبحت قبلة العالم للبشرية ابتداء من طالبي العمل إلى طالبي اللجوء السياسي مرورا بطالبي العلم وطالبي السياحة والعلاج.
وعندما يتجاهل التضحيات الجسيمة التي قدمتها شعوب تلك البلدان في محاربة التخلف والجهل والاستبداد والاضطهاد وشقت طرقا مجهولة غير مطروقة، وكم أخطأت وكم عانت وكل ضلت السبيل، حتى حققت لمواطنيها مناخات الحرية والأمن والمواطنة التي تحسد عليها.
وعندما يخطئ السيد عليوة عندما يواصل عداءه البدائي للشيوعية التي انكسرت شوكتها نتيجة أخطائها، ولكنها مع ذلك كانت صرخة المظلومين وأمل المضطهدين.
وعندما يعادي الرأسمالية بإطلاق، وهي التي أحدثت ثورات في العالم، في الإنتاج الغزيز الذي مكن البسطاء من الغذاء والكساء والعلاج والتنقل والاتصال، وفي إطلاق العنان للعقل البشري ليبدع وينتج وينافس.
وعندما يوصم الحضارة الغربية بالجاهلية بعد ضمنت حقوق الإنسان وضعت حدا لجبروت الحكام ووضعت بين الشعوب مصائرها.

ويقول السيد عليوة: (وذلك الانتقال وهذا الهروب دفعت إليه ظروف تاريخية بيئية نابعة من واقع الحياة الأوروبية خاصة؛ مع العلم بأنه لم يكن ضروريا أن يتخذ رد الفعل الأوروبي تلك الصفة بعينها، وأن مجيئه على هذا الشكل ليس حتميا. أي أنه لم يكن حتما على مجتمع ابتلي بدين محرف أن يخرج عنه ليكون مجتمعاً لا دينيا، بل الافتراض الصحيح هو أن يبحث عن الدين الصحيح). انتهى
هنا الكاتب، وبعيد جدا عن أي تواضع، يدعي أنه أعرف بمصلحة الأوربيين، وأن الملايين من شعوبهم وعلى رأسها مئات الألوف من العلماء في شتى التخصصات لا يعرفون مصلحة بلادهم، عندما أبدعوا العلمانية ودافعوا عنها ولا يزالون يدافعون عنها ضد احتمالات عودة الماضي البغيض، كما اخترعوا مختلف الهيئات والمؤسسات للمراقبة والمتابعة والبحث وتقصي الأخطاء والنقائص وتصحيحها واقتراح الحلول وتجريبها بعيدا عن أي موقف تقديسي لأي جهة أو رأي أو مذهب. أما خطأهم الأكبر فهو أنهم لم يبحثوا عن الدين الصحيح، الذي هو في نظره الإسلام دون أن يتفضل ويبوح به.
لهذا هيا بنا نطلع على الحلول الإسلامية لإخراج البشرية من زيغ العلمانية. مع العلم أن هذه الحلول الوهمية لم تنفع حتى أصحابها الذين عجزوا طويل 14 قرنا ونيف عن تأسيس حكم دستوري يضاهي ذلك الذي أبدعه اليونانيون والرومان الوثنيون قبلهم بألف عام.
وحول مزايا الإسلام مقارنة بالمسيحية:
يقول الكاتب: (فالإسلام ليس فيه شيء من هذا ليس فيه تثليث، بل توحيد خالص وليس فيه كهنوت). وهذا الكلام أبعد ما يكون عن الحقيقة. الإسلام فيه كهنوت، ولم يخل تاريخ الإسلام أبدا من مؤسسات دينية كان لها اليد الطولى في اقتسام مناطق النفوذ على الشعوب مع الحكام. لا تخلو أية دولة من هذه الهيئات، ابتداء من الحاكم الذي يجمع بين يديه السلطة الدينية والدنيوية إلى شيوخ الإسلام إلى المساجد والزوايا الطرقية إلى الحوزات والآيات والولايات. في السعودية وإيران ثيوقراطية خاضعة تماما لرجال الدين، والأهم من هذا وذاك أن الشعوب كانت خاضعة للشريعة الإسلامية التي يسهر على تطبيقها واحترامها رجال الدين المدعومون بصولجان السلاطين.

وهذا الموقف يقود الكاتب إلى التقرير الغريب التالي: ( فالحاكم في الإسلام يختار على أساس البيعة والشورى ومسئولية الحاكم أمام الأمة, وحقّ كل فرد في الرعية أن ينصح الحاكم ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر.. فإن الحاكم في الإسلام مقيَّد غير مطلق, فهناك شريعة تقيده، وضعها له ولغيره رب العباد, ولا يستطيع ولا يملك أن يغيِر من أحكام الله الثابتة شيئا).
فهل يتجاهل السيد عليوة أن الحكم ظل دائما في تاريخ الإسلام استبداديا وراثيا يتناقله الأبناء عن الآباء بينما كان الناس مخيرين بين القبول به أو السيف، كما سن ذلك معاوية. الخلافة الإسلامية كانت تحت رحمة عائلات معروفة: العباسيون، الإمويون، السلاجقة، البويهيون، الأيوبيون، الفاطميون، الخ... وحتى الشيعة ظلوا دائما وما زالوا يعتقدون في أحقية آل البيت في تولي الإمامة.
إن وموقف السيد عليوة يعبر عن موقف عام يشترك فيه كل رجال الدين تقريبا، ولهذا ارتأيت مناقشته في هذه المسألة.
وحتى عندما يفتخرون بقول أول خليفة في الإسلام أبو بكر الصديق في أول خطاب له: (أطيعوني ما أطعت الله فيكم, فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم, إن أحسنت فأعينوني, وإن أسأت فقوموني) فإنهم يتجاهلون أن أبا بكر قال أيضا (الإمامة في قريش) راويا ذلك عن النبي محمد وأبعد بذلك تطلعات الأنصار الذي لولاهم لما انتصر الإسلام، كما يتجاهلون كل الفتن التي نشبت حول الأحقية في السلطة لأن الإسلام لم ينص على أي أسلوب لاختيار الحاكم، فالأول (أبوكر) نصبه عمر، عندما سارع إلى مبايعته بحجة أن الرسول قد أوكل إليه إمامة الصلاة بالناس بعد مرضه الذي مات منه، والثاني (عمر) نصبه أبو بكر، والثالث (عثمان) نصبه خمسة دون سائر الصحابة والرابع نصبه نفسه بحجة أحقيته المطلقة على كل السابقين لأنه من آل البيت، واغتيل ثلاثة، ثم استولى عليها الأميون ألد أعداء الإسلام قبل فتح مكة، بعد أربعين سنة من الهجرة، ثم صار بينهم ملكا عضوضا. فأين وجد الكاتب أن الحاكم في الإسلام كان يختار من قبل الرعية؟
ولا أخال الكاتب يجهل رأي عثمان بن عفان في المسألة حين رفض الاستجابة لمطالبيه بالاستقالة (أما أن أخلع لهم أمرهم ، فما كنت لأخلع سربالاً سربلينه الله)، فهو يرى خلافته إرادة إلهية لا شأن للرعية فيها.
ثم يبلغ التواضع بالكاتب أدنى درجة عندما يقول: (والديمقراطية الغربية قد توصلت إلى أن السيادة للأمة في اختيار الحاكم ومحاسبته وعزله، وذلك كان بعد عشرة (كذا) قرون على التشريعات الإسلامية والتي طبقها النبي- صلى الله عليه وسلم- والمسلمون من بعده، ولذلك فالدولة الإسلامية بالتعبير المعاصر دولة مدنية، وليست حكما ثيوقرطيا, فالاحتكام فيها ليس لأمر غيبي يدعمه الحاكم أو عالم من علماء الدين، فالاحتكام يكون للقرآن والسنة (أي القانون المكتوب)، ومهام رئيس الدولة أكثرها مهام مدنية، كما فصل ذلك الإمام الماوردي في (الأحكام السلطانية) نحو عشر مهام دنيوية..). وقد سبقت نظرية العقد الإسلامية( البيعة) نظرية العقد الاجتماعي التي قال بها جون لوك وجان جاك روسو بعشرات السنين). انتهى
هكذا إذن، فقد فصل الإمام الماوردي في الأمر منذ ما يقرب من عشرة قرون، وعلينا نحن اليوم أن نسمع ونطيع ونضع عقولنا في الثلاجة.
فلنذهب إذن إلى الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" ونر ما يقول هذا العالم الذي قال كلمة الفصل فيما يجب وما لا يجب في الحكم الإسلامي الذي يجعله السيد عليوة مثالا لا يرقى إليه الحكم الحديث وسأعلق بين قوسين على أقوال الماوردي:
يقول الماوردي: (قَالَ (صلعم): { سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلاةٌ فَيَلِيكُمْ الْبَرُّ بِبِرِّهِ , وَيَلِيكُمْ الْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ , فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلِّ مَا وَافَقَ الْحَقَّ , فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ , وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ } . وَالْإِمَامَةُ تَنْعَقِدُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ .
وَالثَّانِي بِعَهْدِ الإمَامِ مِنْ قَبْلُ وَأَمَّا انْعِقَادُ الإمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الإجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا
أَحَدُهُمَا : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْوَيَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَهْلِ الْعَهْدِ , فَلَا يَصِحُّ إلَّا اخْتِيَارُ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَصِحُّ إلَّا تَقْلِيدُ مَنْ عَهِدَ إلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ خِلَافَتِهِ) انتهى
واضح أن الإسلام حسب الماوردي يرى:
أولا: ضرورة طاعة الحاكم برا أو فاجرا (الحديث النبوي)، ولعل هذا هو ما ألهم الفقهاء ليقولوا (ظلم غشوم خير من فتنة تدوم).
ثانيا: يتم اختيار الحاكم من طرف أهل الحل والعقد. فمن هم هؤلاء في نظر الإسلام؟ ومن جعلهم أهل حل وعقد؟ ومن عينهم في هذ المنصب الخطير؟ وما هي شروط وضعهم ومن وضع هذه الشروط، وهل للرعية رأي في ذلك؟ وهل يمكن أن نقارنهم ببرلمانات اليوم؟ هنا نجد أنفسنا أمام صمت مطبق من الناحية الدينية. أما من الناحية الواقعية كما عاشها الناس في تاريخ الإسلام فإن أهل الحل والعقد هم جماعة يختارهم الحاكم من بين الصفة: أعيان، فقهاء، وجهاء، ...، وطبعا من يعينهم فهو بشر (الحاكم) ولا بد أن يأخذ مصالحه ومصالح ذويه بعين الاعتبار ولا بد أن يختار من يطمئن إلى ولائه.
ثالثا: يتم اختيار الحاكم بعهد الإمام، أي بوصية أو تعيين مباشر من الحاكم الحالي لولي عهد. فأين الديمقراطية في هذا الموقف؟
ويقول الماوردي: (وَلَوْ عَهِدَ الْخَلِيفَةُ إلَى اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَرَتَّبَ الْخِلَافَةَ فِيهِمْ فَقَالَ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فَالْخَلِيفَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فَالْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ فُلَانٌ جَازَ وَكَانَتْ الْخِلَافَةُ مُتَنَقِّلَةً إلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا رَتَّبَهَا) انتهى
أي أن الخليفة له الحق شرعا أن يرهن الحكم لعشرات السنين بعد موته مهما طالت أعمار الثلاثة الموصى بهم.
ويقول الماوردي: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ إلَّا مَنْ تَكَامَلَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ الَّتِي يَصِحُّ مَعَهَا تَقْلِيدُهُ وَيَنْفُذُ بِهَا حُكْمُهُ وَهِيَ سَبْعَةٌ : (نذكر ثلاثة شروط منها اختصارا) وهي:
أولا : فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ رَجُلا، (أي أن المرأة مقصية إلى الأبد من حشر أنفها في مسألة تخص الرجال حصرا).
الثَّالِثُ : الْحُرِّيَّةُ , لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ عَنْ وِلَايَةِ نَفْسِهِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ , وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا مَنَعَ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَانْعِقَادِ الْوِلَايَةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ لَمْ تَكْمُلْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَمَنْ رُقَّ بَعْضُهُ (لاحظوا سادتي القراء هذا النظام المثالي الذي يبيح العبودية وحتى العبودية الجزئية (رق بعضه).
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ : الْإِسْلَامُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا }. انتهي
ومعنى هذا الكلام حسب السيد عليوة أن المواطنين من غير المسلمين في بلداننا، هم ناقصو أهلية، مشكوك في ولائهم لوطنهم، محرومون إلى الأبد من أي طموح للمشاركة في حياة بلادهم السياسية.
يتبع












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
شامل عبد العزيز ( 2009 / 10 / 2 - 16:16 )
تحياتي سيدي الكريم . يكتب السيد عليوة من منطلق موروث لا يرى غيره ويستحيل عليه أن يلتفت إلى أية جهة ويتغاضى عن كل ما هو مفيد لمجتمعاتنا ويكتب على طريقة الشارحين هامش على هامش بحيث لا يرى أوربا وكيف قاومت ووصلت إلى ماوصلت إليه بفضل علماءها الأخيار . التاريخ من السقيفة وسوف نترك فترة النبي محمد ولحد الآن هو فترة استبداد وتوريث وظلم وغزو وسلب ونهب بمعنى مختصر بدوية في كل شيء لانها انطلق من الصحراء . لو ذكرنا الحوادث من السقيفة إلى سقوط دولة بني عثمان في 1924 لما توقفنا ونتيجتها قتال صراع من أجل التنعم بالحكم . أي دولة . هل تعلم منذ معاوية اصبح رجل الدين يجلس في المسجد ليتحدث عن الحيض و النفاس للناس دون أن يفتح فمه حول الحاكم والحاكم يرعى شعبه على مزاجه فأي دولة ؟ يتحدث عنها وأي نصوص منقذة للبشرية


2 - تحية للاستاذ الكاتب
رعد الحافظ ( 2009 / 10 / 3 - 01:17 )
أليس مابني على باطل فهو باطل ؟
فلماذا لايعترفون ببطلان نبوة محمد ؟هل مازالوا لم يجدوا له كذبة واحدة ولا زلة ولا جريمة ولا هوس جنسي وما شابه؟
إذن كل كتبهم محرفة وإسرائيليات وضعت لتشويه الأسلام
والتبرير الأغرب الذي سمعتهُ أخيراً من أحدهم هو :أن كل المسلمين الذي يقومون بالسرقة والفساد والقتل اليوم هم مزروعين من الاعداء لتحطيم الأسلام...شايفين العقل والذكاء والحكمة ؟


3 - عودة الحارس الأمين
مصلح المعمار ( 2009 / 10 / 3 - 01:38 )
شكرا جزيلا يااستاذ عبد القادر على هذه الأجابات الرائعه على مقالات السيد عليوة ( ابو الركي الأبيض ) وتحيه لقلمك التنويري القاطع بسيف الحق ، ويبدوا انك يا استاذي تداوم جيدا في الخفارات الليليه لمسك (القجغجيه) فأنك فعلا صمام الأمان لهذا الموقع
مع التقدير


4 - حسرة وألم
Mazin ( 2009 / 10 / 3 - 07:05 )
لك الشكر وآلية التحاور التي بدأت وواصلت بهامع محمد عليوة، وكنت انا قد أجبته بتعليق قصير على مقاله الأول واكتفيت،لأني قد استشففت طبيعة كاتب المقال، ولم يكن هناك داع للأسهاب بالرد عليهي يستطيع الفرد ان يمضي معه على طريق كشف الحقائق التي غابت عن عن بصيرته بل هو شخص يريد فرض مايفتختص بتفكيره هو وحده ولايقبل فيها التحاور والمراجعة..........(يعني قلم بيد الآخرين) وهذا سيكون مضيعة للوقت الثمين الواجبتسخيره لكشف الحقائق التدين.
على كل حال ،أشكرك مرة أخرى وننتظر منك مقالا تنويريا يصب في مصلحة الشعوب النائمة عسى ان تصحو من نومها

تحياتي


5 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 10 / 3 - 07:07 )
الصديق المحترم عبد القادر ، جهدك مشكور ، إختصرت فبلغت ، وأديت أمانة قول الحقيقة ، وليس لوي عنقها . كان بودي سؤال الكاتب المحترم عليوة ، هل الملوك الذين يحكمون العالم العربي الأن أليسو مسلمين هم وأبناءهم السابقين واللاحقين ، بما فيهم الأخ مشعل وتابعة الاخ هنية والي إمارة غزة ..؟ كيف يبرر عملية توارث السلطة وسرقة قوت شعوبهم ..؟ لكن أعتذر له أني لم أستطع إستكمال قراءة معلقاتة على جدران الحوار . وإسمح لي أخي عبد القادر ببعض الملاحظات السريعة . شئ مرعب عندما يحمي النص الديني قانون مدني على سبيل المثال هل يحق لمصري قبطي تولي رئاسة الجمهورية في مصر المحروسة ..؟ رغم أن مصر فيها قدر أو هامش من ( الحريات) الوهمية مقارنة بغيرها من الأنظمة الأخرى . ثم لماذا إنا أنزلناه قرأناً عربياً .. ثم الإدعاء أن الكتاب نزل هدى ورحمة للعالمين، لماذا لا يقال إنا أنزلنا التوارة على بني إسرائيل تواراتاً عبرياً أو إنا أنزلنا الإنجيل إنجيلاً آرامياً سريانياً . السؤال هنا ألا يحمل نص من هذا القبيل في مضمونة لغة فوقية ذات طابع متحيز ..؟ كما ذكرت أخي الكريم الجميع نهل من أخناتون وحضارة ما بين النهرين . شكراً لجهدك الطيب


6 - شكرا
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 4 - 11:43 )
.شكرا لكل من مر وقرأ وعلق
فقط أريد هنا أن أعلق على تدخلات المعقبين بإشراكهم في جولاتي في مواقع الإسلاميين في الإنترنت. أهم ملاحظة يخرج بها المتجول هو أنهم قوم غير قابلين للتطور والتزحزح قيد أنملة عن مواقعهم الدينية القروسطية للتجاوب مع إنجازات الحضارة الإنسانية في السياسة. لاحظوا إجابتهم على شروط الإمامة أي الخلافة أو تولي الحكم:
(ما هي شروط الإمامة؟
وهل يعتبر الملا عمر حفظه الله أميرا للمؤمنين؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد:
شروط الإمامة معروفة، وقد ذكرها العلماء في كتب الفقه، وقسموها إلى قسمين:
أحدهما؛ حال الاختيار والسعة (يعني عندما الأوضاع عادية).
والثاني؛ حال الاضطرار، كمن يتغلب بالقوة ويقبض على صولجان الحكم بالشوكة، وتصبح له المنعة، ولا يمكن إزالته إلا بتفرق الأمة وضرب بعضها ببعض، فالحفاظ على وحدة الأمة وصون الدماء ومنع الفتنة؛ أولى من التمسك بكل شروط الإمامة (فمن يقرر هذه الحالة؟ يا سادة؟)
ففي حال الاختيار:
حيث يكون أهل الحل والعقد هم الذين يختارون الامام، ويبايعونه (لاحظوا كيف ينطبق عليهم المثل الشعبي عندنا: ماءنا في دقيقنا)، في هذه الحالة له أربعة شروط:
أولها؛ أن يكون من قريش من صميمها، من ولد قري

اخر الافلام

.. القوى الوطنية والإسلامية بفلسطين: ندين أى محاولة للنيل من مص


.. طريقة اختيار المرشد الأعلى في إيران.. وصلاحياته




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى


.. وزير الخارجية الأردني تعليقا على اقتحام المسجد الأقصى: يدفع




.. وسط حراسة مشدد.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي يقتحم المسجد ا