الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الحكم الراشد بين الإسلام والعلمانية: قراءة في مقال

عبد القادر أنيس

2009 / 10 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أواصل في هذا المقال قراءة مقال السيد عليوة في الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186389

وكان السيد عليوة قد اعتبر نظرية الماوردي الإسلامية أفضل ما توصل إليه البشر حول الحكم الراشد حتى الآن في قوله: ( قد سبقت نظرية العقد الإسلامية (البيعة) نظرية العقد الاجتماعي التي قال بها جون لوك وجان جاك روسو بعشرات السنين(كذا)).
إن الصورة التي يخرج بها قارئ الأحكام السلطانية للماوردي والتي أشاد بها السيد عليوة، هي صورة بعيدة جدا عن عصرنا، بل هي صورة أقرب إلى الكابوس لو أخذ بها في حياتنا الراهنة، مصطلحات الحرية والمواطنة والمساواة والعدل وحقوق الإنسان غريبة تماما عن الماوردي وكتابه وعصره.
أدعو القارئ إلى التأمل في هذه المصطلحات والتعابير، الوارد في نص الماوردي قبل قراءته: كَافِرٍ – الذِّمِّيِّ - عَبْدٍ - الْغَنِيمَةُ – أَسْرَى – َسَبْيٌ- الْقَتْلُ- الِاسْتِرْقَاقُ- الْفِدَاءُ- الْجِزْيَةِ- بِلُبْسِ الْغِيَارِ وَشَدِّ الزُّنَّارِ- أَنْ يُخْفُوا دَفْنَ مَوْتَاهُمْ- أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ وَلَا يُمْنَعُوا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ وَالْحَمِير- وَيُؤَدَّبُونَ عَلَيْهَا زَجْرًا- وَوَجَبَ إخْرَاجُهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا طَوْعًا أُخْرِجُوا كَرْهًا- لَا يَجْتَمِعُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَان- حُكْمُ الْمُرْتَدِّ يُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ إذَا لَمْ يَتُبْ.

هيا نقرأ الماوردي، وليعذرني القارئ على بعض الإطالة اقتضاها المقام:
يقول: "وَلا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ دَفْعَ زَكَاةِ الْفِطْرِ خَاصَّةً إلَى الذِّمِّيِّ دُونَ الْمُعَاهَدِ وَلا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ذَوِي الْقُرْبَى مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَنْزِيهًا لَهُمْ عَنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ دَفْعَهَا إلَيْهِمْ وَلا يَجُوزُ أَنْ تُدْفَعَ إلَى عَبْدٍ فَأَمَّا الْغَنِيمَةُ فَهِيَ أَكْثَرُ أَقْسَامًا وَأَحْكَامًا لِأَنَّهَا أَصْلٌ تَفَرَّعَ عَنْهُ الْفَيْءُ فَكَانَ حُكْمُهَا أَعَمَّ وَتَشْتَمِلُ عَلَى أَقْسَامٍ : أَسْرَى , وَسَبْيٌ , وَأَرْضِينَ , وَأَمْوَالٌ .
فَأَمَّا الْأَسْرَى فَهُمْ الْمُقَاتِلُونَ مِنْ الْكُفَّارِ إذَا ظَفَرَ الْمُسْلِمُونَ بِأَسْرِهِمْ أَحْيَاءَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِمْ ; فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله إلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ مَنْ اسْتَنَابَهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ فِي أَمْرِ الْجِهَادِ مُخَيَّرٌ فِيهِمْ إذَا أَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : إمَّا الْقَتْلُ , وَإِمَّا الِاسْتِرْقَاقُ , وَإِمَّا الْفِدَاءُ بِمَالٍ أَوْ أَسْرَى , وَإِمَّا الْمَنُّ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ فِدَاءٍ . فَإِنْ أَسْلَمُوا سَقَطَ الْقَتْلُ عَنْهُمْ وَكَانَ عَلَى خِيَارِهِ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ مَالِكٌ : يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : الْقَتْلُ أَوْ الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْمُفَادَاةُ بِالرِّجَالِ دُونَ الْمَالِ , وَلَيْسَ لَهُ الْمَنُّ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ الْقَتْلُ أَوْ الِاسْتِرْقَاقُ وَلَيْسَ لَهُ الْمَنُّ وَلَا الْمُفَادَاةُ بِالْمَالِ ; وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ , قَالَ تَعَالَى : { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا } . وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ شَرْطَانِ : مُسْتَحَقٌّ وَمُسْتَحَبٌّ
أَمَّا الْمُسْتَحَقُّ فَسِتَّةُ شُرُوطٍ
أَحَدُهَا أَنْ لَا يَذْكُرُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى بِطَعْنٍ فِيهِ وَلَا تَحْرِيفٍ لَهُ
وَالثَّانِي أَنْ لَا يَذْكُرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَكْذِيبٍ لَهُ وَلَا ازْدِرَاءٍ . وَالثَّالِثُ : أَنْ لَا يَذْكُرُوا دِينَ الْإِسْلَامِ بِذَمٍّ لَهُ وَلَا قَدْحٍ فِيهِ
وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يُصِيبُوا مُسْلِمَةً بِزِنًا وَلَا بِاسْمِ نِكَاحٍ
وَالْخَامِسُ أَنْ لَا يَفْتِنُوا مُسْلِمًا عَنْ دِينِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُوا لِمَالِهِ وَلَا دِينِهِ
وَالسَّادِسُ أَنْ لَا يُعِينُوا أَهْلَ الْحَرْبِ وَلَا يَوَدُّوا أَغْنِيَاءَهُمْ . فَهَذِهِ السِّتَّةُ حُقُوقٌ مُلْتَزَمَةٌ فَتَلْزَمُهُمْ بِغَيْرِ شَرْطٍ , وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ إشْعَارًا لَهُمْ وَتَأْكِيدًا لِتَغْلِيظِ الْعَهْدِ عَلَيْهِمْ وَيَكُونُ ارْتِكَابُهَا بَعْدَ الشَّرْطِ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ .
وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ فَسِتَّةُ أَشْيَاءَ :
أَحَدُهَا تَغْيِيرُ هَيْئَاتِهِمْ بِلُبْسِ الْغِيَارِ وَشَدِّ الزُّنَّارِ .
وَالثَّانِي : أَنْ لَا يَعْلُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَبْنِيَةِ وَيَكُونُوا إنْ لَمْ يَنْقُصُوا مُسَاوِينَ لَهُمْ وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يُسْمِعُوهُمْ أَصْوَاتَ نَوَاقِيسِهِمْ وَلَا تِلَاوَةَ كُتُبِهِمْ وَلَا قَوْلِهِمْ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيحِ
وَالرَّابِعُ أَنْ لَا يُجَاهِرُوهُمْ بِشُرْبِ خُمُورِهِمْ وَلَا بِإِظْهَارِ صُلْبَانِهِمْ وَخَنَازِيرِهِمْ
وَالْخَامِسُ أَنْ يُخْفُوا دَفْنَ مَوْتَاهُمْ وَلَا يُجَاهِرُوا بِنَدْبٍ عَلَيْهِمْ وَلَا نِيَاحَةٍ
وَالسَّادِسُ أَنْ يُمْنَعُوا مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ عِنَاقًا وَهِجَانًا وَلَا يُمْنَعُوا مِنْ رُكُوبِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ; وَهَذِهِ السِّتَّةُ الْمُسْتَحَبَّةُ لَا تَلْزَمُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ حَتَّى تُشْتَرَطَ فَتَصِيرَ بِالشَّرْطِ مُلْتَزَمَةً وَلَا يَكُونُ ارْتِكَابُهَا بَعْدَ الشَّرْطِ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ , وَلَكِنْ يُؤْخَذْنَ بِهَا إجْبَارًا وَيُؤَدَّبُونَ عَلَيْهَا زَجْرًا , وَلَا يُؤَدَّبُونَ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَيُثْبِتُ الْإِمَامُ مَا اسْتَقَرَّ مِنْ عَقْدِ الصُّلْحِ مَعَهُمْ فِي دَوَاوِينَ الْأَمْصَارِ لِيُؤْخَذُوا بِهِ إذَا تَرَكُوهُ ; فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ صُلْحًا رُبَّمَا خَالَفَ مَا سِوَاهُ
وَإِذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ كَانَ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَيَنْقُضُ بِهِ عَهْدَهُمْ إلَّا أَنْ يَلْحَقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ , وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ جَبْرًا كَالدُّيُونِ
وَإِذَا نَقَضَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَهْدَهُمْ لَمْ يُسْتَبَحْ بِذَلِكَ قَتْلُهُمْ وَلَا غُنْمُ أَمْوَالِهِمْ وَلَا سَبْيُ ذَرَارِيِّهِمْ مَا لَمْ يُقَاتِلُوا وَوَجَبَ إخْرَاجُهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ آمِنِينَ حَتَّى يَلْحَقُوا مَأْمَنَهُمْ مِنْ أَدْنَى بِلَادِ الشِّرْكِ , فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا طَوْعًا أُخْرِجُوا كَرْهًا .
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : { كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ : لَا يَجْتَمِعُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ } . وَأَجْلَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَهْلَ الذِّمَّةِ عَنْ الْحِجَازِ


ثم نواصل قراءة المقال، حيث يقول الكاتب: (وإذا كانت الدول الحديثة تعتز بأنها تلتزم بسيادة القانون أو
الدستور فإن الدولة الإسلامية تلتزم بالشرع, ولا تخرج عنه, وهو القانون الذي يلزمها العمل به والرجوع إليه, وهو قانون لم تضعه هي بل فرض عليها من سلطة أعلى منها، وبالتالي لا تستطيع أن تلغيه أو تجمده إلا إذا خرجت عن طبيعتها وأصبحت دولة غير مسلمة). انتهى.
فهل معنى هذا أن الدولة الإسلامية يجب أن تواصل العمل بشريعة الرق والسبي والذمية والبيعة كما رأيناه للتو مع الماوردي؟ ما رأي السيد عليوة؟

ويقول: (فالدولة الإسلامية دولة (دستورية) أو (شرعية) لها دستور تحتكم إليه, وقانون ترجع إليه, ودستورها يتمثل في المبادئ والأحكام الشرعية التي جاء بها القرآن الكريم, وبينتها السنة النبوية في العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات والعلاقات.. شخصية ومدنية, وجنائية وإدارية، ودستورية ودولية). انتهى
يبدو أن السيد عليوة له تصور آخر لمعنى المصطلحات التالية لا يمت بصلة للمتعارف عليه: شخصية، مدنية، دستورية...
من خلال نص الماوردي والمصطلحات التي أخرجتها من النص نكتشف كيف يمارس عليوة الحجب والانتقاء والغربلة والفرز تجاه الفكر الإسلامي، عند قراءته لموروثه الديني، يشهد على هذا ما أوردناه للماوردي الذي قوّله الكاتب ما لم يقل أصلا بل على الضد تماما. فشتان بين العقد الاجتماعي الذي طوره مفكرو أوربا التقدميون وما تمخض عنه من مواطنة وحقوق إنسان ودولة مدنية وقوانين وضعية وإبعاد الدين عن أي دور في إدارة شؤون الدول، وبين قروسطية الماوردي التي هي أقرب إلى ممارسات الكنيسة المسيحية القروسطية التي يهاجمها الكاتب ويجعلها سببا في التوجه العلماني الأوربي، فهل حلال عليهم حرام علينا؟.

وهل يمكن ألا تكون الدولة الإسلامية التي يدافع عنها الكاتب ومن أجلها كتب أحد عشر مقالا ضد العلمانية إلا دولة دينية ثيوقراطية بامتياز، وإلا ما ذا يعني قوله: (وهي ليست مختارة في الالتزام بهذا الدستور أو القانون, فهذا مقتضى إسلامها ودليل إيمانها ﴿وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ﴾ ( المائدة: من الآية 49))
بالإضافة إلى كون دولته الدينية دولة عنصرية بامتياز (ولعلي لا أخطئ إذا قلت إن هكذا مقال يتناقض تماما مع أهم شروط النشر في هذا الموقع، رغم أني لا أمانع في ذلك، لأني أثق في كون أغلبية مرتاديه راشدين ملقحين majeur et vacciné، كما يقول الفرنسيون، فلنقرأ: (وإذا اختارت الدولة الإسلامية الشريعة كمرجعية قانونية ودستورية، فذاك لأنها دولة تحكم مسلمين).
أي أنه لا مكان فيها لغير المسلمين، وليظل مواطنوها غير المسلمون مبعدين مقصيين مهمشين ذميين (إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها)، بالإضافة إلى تهميش أغلبية المسلمين كما بينه واقع الحال في طول التاريخ الإسلامي وعرضه.
ثم يستنجد الكاتب، بغير حق، بمحمد عبده وينتقي له قولا لا يعبر تعبيرا حقيقيا عن فلسفة عبده الإصلاحية المبكرة. لنقرأ قول عبده كما جاء في المقال: (إن الإسلام لم يعرف تلك السلطة الدينية ... التي عرفتها أوربا ... فليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة، والدعوة إلى الخير، والتنفير عن الشر ... وهي سلطة خولها الله لكل المسلمين، أدناهم وأعلاهم ... والأمة هي التي تولي الحاكم ... وهي صاحبة الحق في السيطرة عليه، وهي تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها، فهو حاكم مدني من جميع الوجوه. ولا يجوز لصحيح النظر أن يخلط الخليفة، عند المسلمين، بما يسميه الإفرنج (ثيوكرتيك)، أي سلطان إلهي ... فليس للخليفة - بل ولا للقاضي، أو المفتي، أو شيخ الإسلام- أدنى سلطة على العقائد وتحرير الأحكام، وكل سلطة تناولها واحد من هؤلاء فهي سلطة مدنية، قدرها الشرع الإسلامي ... فليس في الإسلام سلطة دينية بوجه من الوجوه ... بل إن قلب السلطة الدينية، والإتيان عليها من الأساس، هو أصل من أجَل أصول الإسلام؟!) (الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده جـ1 صـ107). انتهى
لا بد هنا أن نشير إلى أن أقوال محمد عبده لم تأت، يومئذ، في سياق الدفاع عن الدولة الإسلامية كما ينادي بها إسلاميو اليوم، بل جاءت في سياق معاكس تماما، كان الرجل قد تأثر بالنهضة الأوربية التي عايشها في أوربا ولمس مزايا العظيمة وقارنها بتخلف الشرق، وربط ذلك بتمسك الشرق بمفاهيم خاطئة عن الإسلام حسب رأيه، ونادى بأن الإسلام لا يتناقض مع الأخذ بأسباب التمدن الغربية.
وعليه فقد تمحورت كل أفكار عبده حول نظرة تقدمية للدين من منظور ذلك الزمن وكان يعتبر من قبيل الجرأة والتحدي (أن رأى في الدين أصولاً "عبادية اعتقادية وأخرى دنيوية عقلية، ودعا إلى تحصيل الإيمان بالعقل، وتقديم العقل على ظاهر الشرع عند تعارضهما، وإلى الابتعاد عن التكفير والاعتبار بسنن الله، أي بقوانين الطبيعة والمجتمع". وهذه نظرة رشدية خالصة. وكان قد قرر في "رسالة التوحيد" أولوية العقل على التبليغ، مستعيداً بذلك تقليداً معتزلياً شهيراً) وبالتالي فإن الجمع بين الماوردي وعبده لا يستقيم ابدا لأن الأول نصي نقلي مقلد بينما الثاني عكسه تماما.
الإشادة بعده من قبلي هنا لا تعني أنه قد غاب عن بالي محدودية الأفكار النهضوية التي نادي بها عبده ورفيقه الأفغاني، لأنها لم تصل إلى مستوى القطيعة التي أحدثها أنواريو أوربا مع الموروث الكنسي والتي كانت في أصل تحرير المارد الأوربي وإطلاق العنان له ليبلغ ما بلغه.
محمد عبده نادى أيضا بفكرة المستبد العادل، في قوله: (لا ينهض بالشرق إلا مستبد عادل) وقد جربنا ذلك مع ناصر وبومدين وصدام وغيرهم وفشلنا، أما تلميذه رشيد رضا فقط توغل يمينا نحو الوهابية والإخوان المسلمين، ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت إن حركة الإخوان هي النتيجة الحتمية لأفكار النهضة التي بقيت تتراوح في مسالة القطيعة مع التراث الديني المتخلف.
كذلك أرى أن الجمع بين محمد عبده ومحمد الغزالي، لا يسوغه إلا اشتراكهما في اسم محمد. الأول تقدمي بمفهوم عصره، والثاني رجعي بمفهوم عصره أيضا، ولم يكن الوهابيون أغبياء عندما هاجموا الأول وحرضوا ضده ومنعوا أفكاره من التداول، بينما حظي الثاني بحرارة الاستقبال على أعلى مستوى ونال الجوائز وتقلد النياشين في مملكة آل سعود.
لنقرأ قول محمد الغزالي الذي سخر حياته لخدمة الرجعية العربية في السعودية والخليج ومحاربته كل أفكار التقدم:
(يقع في الوهم أن الحكم الديني إذا أقيم فسيكون رجاله هم أنفسهم أولئك الذين نسميهم الآن (رجال الدين) وقد تثبت في الخيال صور لعمائم كبيرة ولحى موفورة وأردية فضفاضة).
وبقية النص الذي استشهد به عليوة لا تتجاوز مستوى الشكل، فحتى عندما لبس الإسلاميون البدلة وربطة العنق وتركوا رأسهم حاسرا وتخلوا عن العمائم وبعضهم عن اللحى، وتوقفوا عن مناقضة الديمقراطية بالشورى ودخلوا الانتخابات، وهي كلها بدع غربية، فإنهم بقوا قروسطيين حتى النخاع.
لنقرأ ما كتبه القرضاوي عن صديقه محمد الغزالي في قضية اغتيال فرج فودة على أيدي الإسلاميين: (واستدعت المحكمة الشيخ الغزالي، وأفتى بجواز أن يقوم أفراد الأمة بإقامة الحدود عند تعطيلها، وإن كان هذا افتياتا على حق السلطة، ولكن ليس عليه عقوبة، وهذا يعني أنه لا يجوز قتل من قتل فرج فودة. فقامت الدنيا ولم تقعد بعد شهادة الشيخ الغزالي، واتُّهم الرجل بألسنة حداد أشحة على الخير مِنْ أناس لم يستقر الإيمان في قلوبهم، فضلا عمن يعادي منهج الإسلام. وذهب وزير إلى بيت الشيخ، وطلب منه أن يصرح أو يكتب مقالا يفسر به موقفه من قضية فرج فودة، لكن الشيخ أصر على موقفه، وعاد الوزير مرة ثانية يلح على الشيخ، فأجابه: أنا لم أكتب مقالا في صحيفة، ولا ألقيت خطبة في جامع، ولا محاضرة في جمعية، ولكني استدعيت للشهادة أمام محكمة، فشهدت بما أعتقد أنه الحق الذي أدين الله به وألقاه عليه، فإذا كان في شهادتي بعض الغموض فلتدعني المحكمة مرة أخرى، وأنا أشرح لها موقفي (الشيخ الغزالي كما عرفته، ص: 271-275، للدكتور يوسف القرضاوي.
رأي الغزالي في المحكمة كان ([ليست هناك عقوبة لقاتل المرتد ولكنه يعاقب على افتئاته على السلطة وليس هناك عقوبة منصوصة عن ذلك الافتئات على حد علمى) ؟! وهذا الكلام يعني البراءة لقاتل فرج فودة، وكان القاتل أميا لا يعرف فودة ولا أفكاره، وكان الأولى محاكمة الغزالي نفسه. لكن لم يحدث، بل سعت الدولة إلى تملقه بزيارة وزيرها. وتكرر الأمر مع سيد القمني، ومع ذلك ترشح الدولة المصرية وزيرها لرئاسة اليونسكو، التي تعني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، بينما أغلب البلدان العربية لا تفعل الشيء الكثير ولا القليل لحماية المنتجين الحقيقيين للتربية والعلوم والثقافة، بل نكاد نقول العكس هو الصحيح.
ثم نقرأ في كتاب الغزالي "حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة":"إن آخر ما أملت فيه الإنسانية من قواعد وضمانات لكرامة الجنس البشري كان من أبجديات الإسلام ، وان إعلان الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان ترديد عادي للوصايا النبيلة التي تلقاها المسلمون عن الإنسان الكبير والرسول الخاتم محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم".
ثم يقول: "ومن العجب أن مبادئ حقوق الإنسان التي طالما صدرها الإسلام للناس يعاد تصديرها إلينا علي أنها كشف إنساني ما عرفناه يوما ولا عشنا به دهرا".
"لقد كان ظهور هذه المبادئ منذ اندلاع الثورة الفرنسية شيئا جديدا في حياة الغرب ، ولكننا كمسلمين نملك منذ أربعة عشر قرنا من الزمان تراثا عامر الخزائن بالمبادئ الرفيعة والمثل العليا"
وحده العقل المسلم بوسعه أن يتعايش مع هذا الخليط من المتناقضات التي حوتها كتبهم من الماوردي إلى القرضاوي والغزالي.
فهل كان حق المفكر المصري المسالم فرج فودة في الحياة شيئا آخر لا يندرج ضمن حقوق الإنسان؟ أم إن الأمر لا يعدو أن يكون عبارة عن خطاب منافق يستخدمه الإسلاميون كطعم لاستغفال الناس والوصول إلى الحكم ثم يعيثون فيها فسادا كما فعل أسلافهم دائما؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
أبو هزاع ( 2009 / 10 / 5 - 13:21 )
أستاذ عبد القادر ليس هناك حل سوى سيادة القانون وجعل قوانين خاصة لتجار الكراهية. مثال فودة والأمي الذي قتله يجب معالجته كما تتم الأمور في أمريكا أي بمحاكمة من أدلج ذلك الأمي ليغتال الدكتور فودة. يجب محاكمة من يتاجر بالكراهية.


2 - الكتابة على خلفية ضغائنية لا تفيد القاريء والواجب ان ينحاز ا
إشعياء المسلم ( 2009 / 10 / 5 - 13:45 )
الحقيقة اننا نصبو الى دولة العدل مهما كان مسماها والكاتب عندما يسعى الى تكريه الناس في دولة الخلافة او الراشده فانما هو يخدم الاستبداد الحالي وكأنه يقول للناس ان الوضع الحالي ارحم بكثير من لو ان الاسلاميين وصلوا لى السلطة ولوان الاسلام حكم الناس

وانا لا اجد في ردود الاستاذ عبدالقادر سوى المماحكات فالاستاذ عليوه يقول اننا قد سبقنا العالم الغربي في معرفة اشياء لم يكن يعرفها وكان غارقا في دياجير الظلمات وحكم الاباطرة والباباوات وهذا صحيح فالحضارة الغربية لم تعرف الديمقراطية ولم تعرف كثير من الاليات وحقوق الانسان الا بعد اتصلت بالمسلمين اما عبر الاندلس وصقلية او عبر الحروب الصليبية التي استمرت قرابة قرن من الزمان
وهو هنا يرد على التيار المستغربالمعجب بالغرب عمال على بطال والغرب لديه لاشك اشياء جميلة ورائعه ولكنه بالمقابل لديه اشياء قبيحة مثل انه هو الذي يحمي الديكتاتوريات الشرقية في منطقتنا ويمكن لها ويرفدها بامضى اسلحة القوة واساليب التعذيب والاستنطاق وحقوق الانسان في الغر ب انتقائية ومواقفه من الانسانية انتقائية والا فاين حقوق الانسان في فلسطين والعراق وافغانستان وكشمير وفي قارة افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية
هناك اتجاه لدى المفكرين المستغربين نحو ازالة اي فضيلة


3 - مناضلوا الصالات والفنادق والانترنت
إشعياء المسلم ( 2009 / 10 / 5 - 14:45 )
الحقيقة ان من قتل فرج فوده تطرفه العلماني وومغالاته وخسته في الخصومة وقد نصحه الحكماءوالعقلاء من فصيلته العلمانية ان يهدي اللعب ويرعوي فقال بصلف انا معايا الحكومة ويبدو ان الحكومة سهلت اغتياله لانها بحاجةالى سبب اضافي من اجل قمع الاسلاميين والاحرار عموما في مصر لقد حول العلمانيين فرج فوده الى شهيد يتباكون على اطلاله ولقد كان فرج فوده رغم رعونته اشجع منهم بينما اكتفوا هم بالوقوف على الارصفة ومراقبة المشهد ولم يدفعوا الفاتورة الجهاد او الكفاح من خلف شاشة الكمبيوتر سهل جدا ومريح للعلمانيين او لنقل ادعياءها ولكن الكفاح الحقيقي هناك على ارض الواقع ووالاشتتباك الحقيقي مع الخصم كما فعل فوده


4 - ستة عقود من الفشل الذريع لشرعة حقوق الانسان
طارق سليمان ( 2009 / 10 / 5 - 16:27 )
عزيزي الكاتب ان عمر حقوق الانسان او ميثاق حقوق الانسان اوالعهد الدولي لحقوق الانسان عمره ستون عاما وقد وصفته مفوضة حقوق الانسان في البرلمان الاوروبي في يوم الاحتفال به بانه ستة عقود من الفشل الذريع ؟!
ومن الواضح الانتقائية الفجة ازاء حقوق الانسان ولذلك يعجب المرء من سكوت الغرب المتمدين والحداثي والعلماني والديمقراطي عن التجاوزات المريعة لحقوق الانسان في اسيا وافريقيا وفي منطقتنا العربية والاسلامية

فلدينا شعب واقع تحت الاحتلال والاضطهاد منذ اكثر من ستين سنة في فلسطين ومع ذلك لم تفعل له انسانية الغرب المتحضر شيئا بل انها غطت على الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني وبررت لها

انها شاركت في حصار هذا الشعب وقمعه وحرمته من ابسط حقوقه في الحياة في وصول الغذاء والدواء اليه ؟!!
وكذا مناطق كثيرة في العالم الثالث تعاني من الاستبداد والفساد وفقدان حقوق الانسان يقف العالم الغربي ازاءها متفرجا غير مبالي الا ما اقتضته مصالحه عندها نراه يتحرك ليس دفاعا عن المحرومين ولكن من اجل مصالحه الخاصة وانانيته
اظن المفكر العلماني يعاني من داء لا دواء له وهو الاستلاب الحضاري وهذه المشاعر الناقمة المتحتقر ل تاريخ وحاضر امته ولكن هل نقد الذات يعني الغاء الذات وسحقها والتماهي في الاخر و


5 - أبو هزاع
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 5 - 16:42 )
أتبنى رأيك تماما في حالة كوننا نعيش في دولة القانون. ولكن للأسف نحن، في عالمنا العربي، لا نعيش في دولة القانون، نحن نعيش في دولة الغاب. ومن أين لنا بها إذا لم نخض معركتنا مع أعدائها من حكام الاستبداد وتجار الكراهية ونهزمهم ونضطرهم إلى قبول الاحتكام إلى دولة القانون فقط
تحياتي على تجاوبك


6 - إلى أشعياء المسلم
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 5 - 16:51 )
يستحيل التحاور مع من يبرر قتل مفكر مسالم مثل فرج فودة ويقف إلى جانب الإرهابيين بالفكر والممارسة


7 - هل انت على استعداد لفاتورة الحلم ؟
طارق سليمان ( 2009 / 10 / 5 - 16:59 )
يا ابو هزاع شتم الذات لا يقدم ولا يؤخر ماهو مقدار مساهمتك في اقرار دولة القانون ماهو النشاط الذي تقوم به في هذا الشأن هل دفعت فاتورة هذا الحلم وهل انت مستعد لدفع فاتورته ؟


8 - إلى طارق سليمان: من يهن يسهل الهوان عليه
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 5 - 17:30 )
مسألة حقوق الإنسان وردت في المقال بشكل هامشي. ولهذا فإن ملاحظاتك حولها تستحق مقالا طويلا، قد أعود إليه يوما ما.
مع ذلك، فأنا أشكر تجاوبك، وأقول: في الغرب ينعم الناس فعلا بحقوق الإنسان طفلا وامرأة ورجل وشيخ وحتى حيوان وبيئة، وهناك قوانين رادعة ضد كل المخالفين وهناك آلاف الجمعيات تسهر على ذلك. يبقى أن تعرف أن ميثاق حقوق الإنسان لا يحتاج لتطبيقه، حتى في الغرب، إلى أخلاق، كما يبدو من مشاعرك نحوه، بل إلى مجتمعات مدنية واقفة ساهرة واعية مناضلة ليل نهار للدفاع عنه. هذا الأمر فهمته المجتمعات الغربية ولم نفهمه نحن، الذين نواصل همجيتنا تجاه بعضنا وننتظر غيرنا ليأتي ويحل مشاكلنا وعندما يفعل نطالبه بعدم التدخل.
في الغرب نزل الحكام من عليائهم وأصبحوا مواطنين ينتقدهم الناس وحتى يشتمونهم ويعودون إليه بصفة دورية مضبوطة لخطب وده والاحتكام إلى رأيه في انتخابات حرة ونزيهة، وأصبحت القوانين وضعية لا قداسة لها، وأصبح الأمر والنهي بين ممثلي الشعب المنتخبين بحرية وديمقراطية، فهل حققنا نحن شيئا مهما قل من هذا القبيل قبل أن ننتقد الغرب؟
ستون عاما ليست بشيء في تاريخ بشري تواصل آلاف السنين، ساده غبن واحتقار وظلم وتوحش. نعم العالم ما زالت تسوده علاقات أنانية، ولكن اللوم الأكبر يقع على النائمين الذين لا


9 - إلى طارق سليمان
أبو هزاع ( 2009 / 10 / 5 - 22:56 )
ليس هناك جلد للذات في كلامي الواضح. على العكس من كلامك فكلامي يقدس الذات لأن كلامي نفسه هو دعاية لإحترام الذات. من قلة إحترام الذات قتل الدكتور فودة. من أجل إحترام الذات الإنسانية علينا وضع قوانين لتحمي الذات وكل من يتعدى على الذات. وأما عن إقرار القانون فقد عملت شخصياً في مجالات تتعلق بذلك شخصياً والقانون وإحترامه هو علامة التقدم. أمثالي يدفعون ثمن التطرف والمتطرفين ولمعلوماتك لن يكون هناك أي ثمن أدفعه، أو يدفعه أمثالي إذا ساد القانون، قانون الحب والعتايش المشترك أما عن قانون الكراهية فهو إلى مزبلة التاريخ.


10 - بدون زعل!!!
باحث عن الحقيقة ( 2009 / 10 / 6 - 06:14 )
كيف تريدون لامة ان تتقدم وهي ترى ان العبودية من صميم دينها؟؟؟.
كيف تريدون لامة ان يحررها الغرب الكافر وهي ترى ان الخروج على الحاكم الظالم كفر بواح حسب عقيدتها ومن يقوم بذالك تتطبق عليه آية المحاربة؟؟؟؟.
كبف تريدون لامة تدعوا لجلاديها بالنصر والعمر المديد ـــ ولا هم لها الا اجترار التاريخ وازلامه كــ معاوية وابنه يزيد وما ادراك ما يزيد وهو المعروف بخبثه والترضي عليهم ــــ بالتقدم والتحرر من العبوديه اذا لم ينبش تاريخهم الاسود وتعريته؟؟؟.
هل العرب والمسلمون ـــ حمل وديع ـــ لا يعملون الا للخير فقط بدون اخذ مصالحهم في الحسبان وتريدون الغرب ان يفعل كما تفعلون؟؟؟
هل كانت الفتوحات الاسلاميه تحريرا لاجل التحرير ام لشيء آخر؟؟؟؟,
هل تعرفون لماذا قتل الدكتور فرج فوده رحمه الله؟؟. لانه كشف المستور
ماذا قال في كتابه القيم -الحقيقة الغائبه-غير الحق؟؟؟.
الم يكن حكام المسلمين بعد الخلفاء الراشدين فسقه ولوطيين وتاريخهم شاهد عليهم
ايها المطالبون بالحكم الاسلامي !! اي نمط من الحكم تريدون؟؟. الحكم الاموي ام العباسي ام المملوكي ام العثماتي ام السعودي ام الولي الفقيه؟؟.
اي من الرموز المقدسة تريدون ان يحكموكم؟؟؟. القرضاوي ام الطنطاوي ام عبد العزيز آل الشيخ ام مهدي عاكف ا


11 - إلى باحث عن الحقيقة
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 6 - 08:47 )
تساؤلاتك كلها في محلها. يبدو أن غالبية شعوبنا تتصرف كالأطفال. الأطفال يخطئون ولا يعترفون أنهم أخطأوا أو يعملون على تغطية أخطائهم أو ينسبون أخطاءهم لغيرهم تماما مثلما يفعل الكثير من مثقفينا حينما يحملون الغرب كل مآسينا.
في الغرب يخطئ الناس، كما تخطئ الحكومات، ولكن أنظمتهم الديمقراطية العلمانية زودتهم بآليات لاكتشاف الأخطاء في حينها وتصحيحها في الوقت المناسب بالسبل الديمقراطية السلمية كأن يغيروا الحكومة أو المسؤول عن الخطأ. أخطاؤهم في حقنا موجودة لكنها مسؤوليتنا، فمن يهن يسهل الهوان عليه.
عندنا ما زلنا لم نتعلم هذه الآليات أو لا نريد أن نتعلمها ونعمل بها أو أننا نرفضها اعتقادا منا أنها تتناقض مع هوياتنا أو تهددها أو أنها تعكر أجواء الخمول والكسل المسيطرة علينا.
شعوب شرق آسيا ما تضيع وقتا طويلا في التفكير في إشكالية التعامل مع الحداثة الأوربية، رغم أنها احتكت بها بعدنا بعشرات السنين. لعل أهم سبب في ذلك يرتبط بعلاقتها بموروثاتنا الروحية المعرقلة وكيف استطاعت تحييدها بسرعة، عكسنا تماما.
لكن يجب أن نعترف أن هذه الآليات من ديمقراطية وحرية ونضال دائم كلها متعبة وشاقة وتتطلب مواطن لا تأخذه سنة ولا نوم، وهذا نفتقده نحن في مجتمعاتنا. عندنا مواطن لا مبال، لا ينخرط في الحركية الاجتم


12 - الأخ طارق سليمان
سيمون خوري ( 2009 / 10 / 6 - 11:58 )
الأخ المحترم طارق سليمان ، شرعة حقوق الإنسان وردت للمرة الأولى في التاريخ على يد حمورابي ، في ظل نظام تعددية الألهه . لاحقاً الفكرة جرى إجهاضها على يد من تبنى فكرة توحيد الألهه في شخصية إله واحد ، وممثله الأرضي . وبإمكانك العودة الى كتب التاريخ للنظر في ذلك . ثانياً هناك فترتين مختلفتين في تاريخ الديانة الإسلامية من حيث طبيعة النصوص وما تضمنته من الآوامر والنواهي ، وهي فترة الإسلام خلال بداياته الاولى في مكة ، وبين المرحلة الثانية عندما إشتد عوده في مدينة يثرب . ولكي لا نحاجج في النصوص بإمكانك العودة ودراسة الفارق بين النصوص بشكل هادئ ، ربما ذلك يشكل عاملاً من عوامل فهم لماذا تغير الخطاب السياسي بين المرحلة المكية ، ومرحلة يثرب ، وتحديداً في القضايا المتعلقة باتباع الديانات الأخرى التي كانت سابقة على ولادة الديانة الإسلامية. ثم ألا يذكرك ( صلح الحديبة ) بصلح ( برست ) بين الألمان والروس ، ثم إنهاء الألمان للاتفاق من جانب واحد ..؟ كما تم إلغاء إتفاقية الحديبة ، عندما قوى ساعد المسلمين . طبعاً هذا سلوك سياسي عبر عنه ميكافيلي في معادلة الغاية والوسيلة وإعتبره فن الحكم . لا أود إطلاق نعت على هذا السلوك السياسي لكن ألا يشابه ما يحدث مع ما يحدث الأن من محاولات صلح منفردة وجانبية بحجة الضرو


13 - سيد اشعياء المسلم سلمت يداك وعقلك
متفرج ( 2009 / 10 / 6 - 18:58 )
يا ليتك تداوم علي الرد والمتابعة فكلماتك علمية ذات شأن
لم اكن قد قراءت مقال عليوة ولذلك بعد ما قرات ماجاء هنا رجعت له. وكالمعتاد وجدت المقال معتدل واثق مما يكتب منظم الفكر منطقي ولذلك كل هذا الهجوم عليه
وكالمعتاد ايضا يتم تلفيق الكلمات وبتر العبارات لتحميل الكلمات معاني غير المقصود بها وكان القراء سذج لا تفهم ما يكتب ومن السهل الضحك عليها والتلاعب بها
مرة اخري شكرا سيد اشعياء


14 - زمرة فكرية معلبة تحتاج الى ان تتنفس هواءا طلقا
طارق سليمان ( 2009 / 10 / 6 - 22:09 )
الحقيقه اننا بصدد كتاب معاندون ومكابرون ولا يتصفون لا بالتواضع ولا بالحلم الذي يجب ان يكون صفة العلماء والكتاب لدينا زمرة فكرية مستلبة اساسا وهي تقتات على بقايا عتاة المتطرفين الحاقدين على الاسلام والعروبة من المستشرقين الغربيين من قساوسة وحاخامات اننا بصدد اناس قد علبوا ادمغتهم ولم يعودوا يتنفسون هواءا نقيا اخرجوا الى الهواء الطلق اطلقوا كميات الاحقاد من صدروكم كميات المسلمات الفكرية المعلبة ناقشوا الفكرة من اكثر من زاوية ومن اكثر من مصدر كما يفعل ساداتكم الغربيون على الاقل ؟!


15 - إلى متفرج
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 6 - 22:35 )
حبذا لو أنك لم تبق متفرجا وانتقدت ما جاء في مقالي من -تلفيق- و-بتر للعبارات لتحميل الكلمات معاني غير المقصود بها-. كما قلت.
نحن بانتظارك: أنا والقراء السذج الذين لا يفهمون ما يكتب.
تحياتي


16 - السيد عبد القادر أنيس - تحياتى
فوزى الفيل ( 2009 / 10 / 6 - 23:09 )
السيد عبد القادر أنيس ، أوافقك تماما على الطرح و الاستدلال و النتائج التى استخلصتها ، و لكن أود لفت النظر الى أنه عبر التاريخ لم نعرف مجنونا أقر بأنه مجنون ، كما أن المريض النفسى دائما ما يلجأ الى ما يعرف بالحيل الدفاعية ( كالاسقاط مثلا ) و لا يعترف أى من هؤلاء بما يعتريه من نقائص إلا لو تعافى من مرضه ، فتجده يقول : كنت مريضا ، نتمنى الشفاء لجميع هؤلاء ( المرضى ) حتى يعلموا أن العالم لا يعاديهم بل يرجو لهم الخير كما يرجو اتقاء شرورهم


17 - إلى السيد طارق سليمان
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 7 - 09:30 )
حاول أن تقرأ مقالي بهدوء ثم قل لي أين الخلل؟ أين الخطأ؟ أين الاستلاب؟ أين التطرف؟ أين التبعية للمستشرقين الحاقدين على إسلامك وعروبتك؟
هكذا سيكون بيننا حوار متمدن.
تحياتي


18 - إلى فوزي الفيل
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 7 - 09:34 )
شكرا على تجاوبك.
يبدو أن طريقة ردود هؤلاء تدعم رأيك. المؤسف أن هؤلاء يمثلون الغالبية بين متعلمينا، وهذا مصدر المأزق الحضاري الذي نعانيه.

اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تستهدف أحد قادة الجماعة الإسلامية في لبنان


.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: نفذنا عمليتين بالاشتراك مع




.. تجربة المحامي المصري ثروت الخرباوي مع تنظيم الإخوان


.. إسرائيل تقصف شرق لبنان.. وتغتال مسؤولاً بـ-الجماعة الإسلامية




.. 118-An-Nisa