الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليق على حكم قضائي

عبد الرحمن بن عمرو

2009 / 10 / 5
المجتمع المدني


سبق للنقيب عبد الرحمن بن عمرو أن رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية بالرباط جاء فيها بأنه تلقى مراسلة محررة بلغة أجنبية ( الفرنسية ) من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فأٍرجعها لهذا الأخير مطالبا بتعريبها لكن الصندوق رفض الاستجابة للطلب ، الشيء الذي دفعه إلى مطالبة المحكمة القضاء على الصندوق ( مرتكب الفعل ) ووزارة التنمية الاجتماعية ( الوصية إذ ذاك على الصندوق ) والدولة المغربية ( المسؤولة عن أخطاء موظفيها ومصالحها الإدارية ) القضاء ، على وجه التضامن بين الثلاثة المذكورين ، بتعويض معين عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابته النقيب المدعى بسبب عدم استعمال اللغة العربية في التواصل معه ...

وبتاريخ 12 شوال 1422 الموافق لـ 28 / 12 / 2001 وتحت عدد 1059 وفي الملف 1040 / 99 ت قضت المحكمة :

في الشكل : بقبول الطلب

وفي الموضوع : بأداء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لفائدة المدعي مبلغ ( 5000 درهم ) كتعويض عن الضرر المعنوي الذي لحقه من جراء رفض الصندوق المدعى عليه مراسلته باللغة العربية ، ورفض باقي المطالب ، وتحميل المدعى عليه الصائر .

وقد خرج الحكم المذكور بالقاعدة الواردة في صدوره وهي :

" إن استعمال الإدارة للغة الفرنسية في مراسلاتها مع المواطنين ، لا يشكل في حد ذاته خرقا للدستور الذي ينص في ديباجته على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد ، إلا أنه عندما يتمسك أحد المخاطبين بتلك المراسلات بضرورة مكاتبته باللغة الرسمية فإن الإدارة تكون ملزمة بالاستجابة لهذا الطلب الذي يجد سنده في ديباجة الدستور ومنشور الوزير الأول عدد 98158 " .

التعليق

بالرغم من كون الحكم المذكور استجاب جزئيا إلى مطالب المدعي ، فإنه ينطوي على العديد من الأخطاء من بينها :

أولا : اعتباره الإدارة غير ملزمة باستعمال اللغة العربية في تواصلها مع المواطنين إلا عندما يتمسك هؤلاء يوجوب استعمالها في التراسل معهم ، مع أن استعمال اللغة العربية من قبل الإدارة وكافة المؤسسات

*********





العمومية هو واجب قانوني في جميع المجالات سواء تعلق الأمر بالمراسلات أو بالتسيير والتصرف داخل الإدارة وفي علاقة هذه بالمواطنين وبالأجانب المقيمين بالمغرب وبباقي الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة ، المغربية منها والأجنبية ، وهو واجب تلقائي لا يتوقف تنفيذه على مطالبة المواطنين الإدارة المغربية بالتعامل معهم بالعربية ...

والسند القانوني لوجوب استعمال اللغة هو الدستور الذي ينص على أن اللغة الرسمية للبلاد هي العربية ، ومن المعلوم ، قانونا وفقها واجتهادا ، بأن جميع مقتضيات الدستور تعتبر من النظام العام ، وأنه يترتب على عدم احترامها بطلان التصرفات والمؤاخذات التأديبية والجنائية والمدنية و في مواجهة المسؤولين والموظفين الذين يخرقونها ...

ومما يؤكد أن مقتضيات الدستور من النظام العام ما جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 81 من الدستور وهي الفقرة التي تنص على أنه : " لا يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستور " .

وإذا كانت الفقرة المذكورة تنص على أنه لا يعتد بالنصوص ، سواء كانت متعلقة بالقانون أو بالمراسيم أو بالقرارات الوزارية ، عندما تكون مخالفة لمقتضيات الدستور فإنه ، من باب أولى وأحق ، ألا يعتد بالتصرفات المتعلقة بتسيير الشأن العام والصادرة من الإدارة والمؤسسات العمومية والتي تكون مخالفة لمقتضيات الدستور والتي من بينها ، على وجه المثال ، استعمال اللغة الأجنبية ضدا على مقتضيات الدستور ...

ثانيا : لم يستجب الحكم إلى طلب التعويض عن الضرر المادي بالرغم من تواضع المبلغ المطلوب ( 20 ألف درهم ) بمبرر أن المدعي لم يثبت الضرر. مع أن الضرر ثابت بقوة القانون ، فالمواطنون ، ومنهم المدعي ، من المفروض أن تكون لهم معرفة بلغتهم الرسمية وهي العربية ، وليس المفروض فيهم أن يدركوا أية لغة أجنبية ، بما فيها الفرنسية ، اللهم إلا إذا اختاروا ذلك ، وهو أمر مستحسن ، عن طواعية وفي إطار ربط الجسور مع الثقافات الأجنبية الأخرى ، وهو أمر يهم على الخصوص المثقفين والباحثين ...

ويترتب عن ذلك أن مراسلة المواطنين بلغة أجنبية يترتب عنها عدم إدراك محتوياتها وعدم

هذا الإدراك ينتج عنه تعطيل ما يجب القيام به إزاء المراسلة وهو ما ينتج عنه الضرر المادي .

هذا ومن ناحية أخرى ، فإن مراسلات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لأرباب العمل ، في الصناعة والتجارة والمهن الحرة ، لا يهم هؤلاء الأرباب ، المنخرطون في الصندوق وحدهم ، وإنما يهم كذلك ، وبصفة أساسية ، مستخدميهم الذين ليس من المفروض فيهم إتقان الفرنسية أو إدراكها بشكل جيد ، ومن حقهم الاطلاع على المراسلة الصادرة عن الصندوق باللغة العربية التي من المفروض معرفتهم لها ، ومن حقهم ، تبعا لذلك أن يطالبوا مشغليهم بترجمتها للعربية ترجمة رسمية بما ينتج عن ذلك من جهد

**********



وضياع الوقت ومصاريف ...

ثالثا : حدد الحكم المذكور التعويض عن الضرر المعنوي في خمسة آلاف درهم ( 5000 درهم ) ، مع أن طلب المدعي في هذا الخصوص كان متواضعا جدا إذا لم يتجاوز مبلغ ثلاثين ألف درهم ( 000 30 د ) ، مع العلم بأن القضاء المغربي سبق له أن قضى في طلبات التعويض عن الضرر المعنوي ، ضد بعض الصحف المغربية ، بمبالغ خيالية وصلت إلى مائة و مائتين وستمائة مليون سنتيم ، مع أن الضرر المعنوي لم يتجاوز إهانة المحكوم لهم بتلك المبالغ الضخمة . وإذا جازت لنا المقارنة في هذا الخصوص أفلا يعتبر إهانة المواطن بمراسلته بلغة أجنبية ، بدل لغته الرسمية ، ،أخطر وضررها المعنوي أكبر من أية إهانة أخرى ؟ !!...

هذا ويظهر أن المحكمة الإدارية بالرباط تراجعت ، إلى حدما ، عن اجتهادها الوارد في الحكم المذكور موضوع تعليقنا : فقد أصدرت حكما أوجبت فيه على الإدارة ، وبصفة تلقائية ، استعمال اللغة العربية . وجاء في القاعدة التي خرجت بها ، ما يلي : " إقدام الوزير الأول على إصدار منشور باللغة الفرنسية يشكل خطأ مرفقيا تسأل الدولة المغربية عن الأضرار المترتبة عنه " ( قضية حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي ضد الدولة المغربية والسيد الوزير الأول إدريس جطو ملف رقم 583 / 7 / 05 – المحكوم في 25 / 10 / 2007 تحت رقم 2100 ) .

ونظرا لأهمية الحيثيات التي خرج بها هذا الحكم ، فإننا ننقلها حرفيا فيما يلي :

" حيث إن تنصيص الدستور المغربي على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد ، ينصرف حتما إلى إلزامية استعمالها في الوثائق الإدارية ذلك أن عنصر الإلزام في القواعد العامة لا يحتاج إلى التصريح به ضمن العبارات المكونة للنصوص الخاصة في حالة القواعد الدستورية بالنظر إلى شمولها وقوتها الملزمة .

" وحيث إن القول بخلاف ذلك والانصراف إلى استعمال لغات أجنبية في الوثائق الإدارية سواء فيما بين الإدارات أو في علاقتها مع المواطنين ، يفرغ القاعدة الدستورية المشار إليها أعلاه من محتواها ، مما يجعلها مرتكبة لخطإ إداري تتحمل مسؤوليته الأضرار الناتجة عنه لذلك فإن إقدام الوزير الأول على إصدار منشور باللغة الفرنسية لتوجيهه إلى أعضاء الحكومة حول الشراكة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني يشكل خطأ مرفقيا من جانبه تسأل عنه الدولة في إطار الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود لما ينطوي عليه من عدم الالتزام بمضمون الدستور وروحه وكذا بمقتضيات المنشور عدد 58 / 9 الصادر عن الوزير الأول بتاريخ 11 / 12 / 1998 باعتباره مجسدا لدرجة الالزام التي تضمنها الدستور " .

النقيب عبد الرحمن بن عمرو










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال


.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا




.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال